الامام العسكري(ع) والسلوك الرسالي
- المجموعة: 2014
- 07 شباط/فبراير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2597
الإمام العسكري (ع) كان حريصاً على أن يكون شيعته وأتباعه في قمة الإيمان والتقوى والورع والصدق والأمانة والأخلاق الحسنة والتعامل الإيجابي حتى مع الذين يختلفون معهم في العقيدة أو الفكر أو المذهب أو التوجه السياسي.
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش: إيران انتصرت على التحديات وتحولت إلى قوة إقليمية نافذة.
استهل سماحة الشيخ علي دعموش خطبة الجمعة من على منبر مجمع السيدة زينب (ع) في حارة حريك بالتبريك للمسلمين بمناسبة ولادة الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (ع) الإمام الحسن العسكري (ع) التي تصادف في الثامن من شهر ربيع الأول وذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران.
واعتبر: أن الإمام العسكري (ع) كان على جانب عظيم من سمو الأخلاق وجميل الصفات التي ورثها عن آبائه (ع) وعن جده المصطفى (ص) الذي كان قمة في الرحمة والعفاف والنبل والتسامح والعفو والجود والكرم.
وأضاف: لقد روي أن الخليفة العباسي سجنه عند رجل يدعى صالح بن وصيف فوكل به رجلين من الأشرار بهدف إيذائه والتضييق عليه داخل السجن، إلا أنهما سرعان ما أصبحا بفعل معاشرة الإمام (ع) لهما من الصلحاء الأبرار فقال لهما صالح بن وصيف: ما شأنكما في هذا الرجل؟
قالا: ما نقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا ودخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.
وأكد الشيخ دعموش: أن من يلجأ إلى الله ويرتبط به ويستمد القوة والقدرة والعزم والإرادة منه وحده، تهابه الملوك والطغاة والجبابرة والمستكبرون. ففي الحديث: "أن المؤمن يخشع له كل شيء، وإن من يخاف الله يخاف منه كل شيء حتى هوام الأرض وسباعها وطيور السماء".
وأشار: إلى أن الإمام العسكري (ع) كان حريصاً على أن يكون شيعته وأتباعه في قمة الإيمان والتقوى والورع والصدق والأمانة والأخلاق الحسنة والتعامل الإيجابي حتى مع الذين يختلفون معهم في العقيدة أو الفكر أو المذهب أو التوجه السياسي.
كما كان (ع) حريصاً أن يكون شيعته في قمة الصبر والثبات والتحمل والصمود عندما يواجهون ضغوط الحياة والتحديات والإساءات والأذى.وهذا ما يظهر بوضوح في وصاياه وتوجيهاته لأتباعه، التي أكد فيها على العديد من القيم والصفات الأخلاقية والسلوكية..
واعتبر الشيخ دعموش: أن السلوك الرسالي الرفيع الذي أوصى الإمام (ع) به هو ما يجب أن نسير عليه أفراداً وجماعات وحركات وأحزاباً ودولاً تنتمي إلى مدرسة أهل البيت (ع).
وقال: إن المسار الذي رسمه أهل البيت (ع) وخصوصاً فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع بقية المذاهب والفرق الإسلامية اعتمدته الجمهورية الإسلامية في إيران منذ انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) حيث كان من أهم خصائصها التي امتازت بها على بقية الثورات في العالم.
1 ـ إنها قضت على نظام دكتاتوري مستبد كان مناهضاً للإسلام وجاءت بنظام إسلامي إلى الحكم ينفتح على جميع المسلمين في العالم ويدعو إلى الوحدة والتقارب والتعاون بين المسلمين ويعمل بجدية على هذا المسار.
2 ـ إنها منحت الشعب الإيراني استقلالاً حقيقياً وشاملاً وقضت على التبعية التي كان يعاني منها، كما أنها قضت على سياسة القمع والاضطهاد والذل والمهانة التي كان ينتهجها الشاه في ظل النظام الديكتاتوري ومنحت الشعب الإيراني الحرية والعزة الوطنية والمكانة التي تليق بتاريخه وحضارته العريفة.
3 ـ أخرجت الشعب الإيراني من حالة الضعف والعجز وعقدة النقص إلى حالة الثقة بالنفس والشعور بالقدرة على تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات العلمية والصناعية والاقتصادية والسياسية والدفاعية وغيرها.
وأضاف: ان من أهم عناصر القوة في الجمهورية الإسلامية اليوم هو التقدم العلمي في المجالات المختلفة وليس في مجال الطاقة النووية فقط، فهناك تقدم في علوم الفضاء والطيران والعلوم الطبية والأدورية وتقنيات الأحياء والنانو والخلايا الجزعية والاستنساخ وغيرها وقد صنفت إيران من قبل مراكز علمية دولية في المرتبة العلمية الأولى في المنطقة وفي المرتبة السابعة عشر في العالم.
وقال الشيخ دعموش: إن إيران استطاعت بفعل القيادة الحكيمة للإمام الخامنئي (دام ظله) وتماسك النظام والتفاف الشعب حوله أن تنتصر على التحديات والحصار والعقوبات وأن تتحول إلى قوة إقليمية نافذة في المنطقة تصدر إليها العلم والتكنولوجيا وتساهم في تطويرها في الوقت الذي تعمل فيه بعض الدول العربية الغنية بالنفط والمال على تصدير الإرهاب والإرهابيين والسيارات المفخخة والخراب والدمار إلى العراق وسوريا ولبنان ودول المنطقة.
وأضاف: إن إصدار إحدى الدول لقوانين تجرم من يشارك من مواطنيها في الحرب الدائرة في سوريا ما هو إلا محاولة لتلميع صورة هذه الدولة بعدما انكشف للعالم بأنها هي من يصدر الإرهاب والإرهابيين إلى دول المنطقة وهي من يدعم ويساند الجماعات المسلحة على قتل الأبرياء في العراق وسوريا ولبنان..
وختم أن هذه المحاولة لن تجدي نفعاً في تلميع صورة هذه الدولة ما لم تمتنع بالفعل عن دعم الإرهابيين وتساهم في الحل السياسي للأزمة السورية بدل إعاقة الجهود المبذولة للحل.
نص الخطبة:
بسم الله الرحمن الرحيم
في هذه الأيام نلتقي بذكرى ولادة الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (ع) وهو الإمام الحسن العسكري (ع) الذي ولد في الثامن من ربيع الثاني في المدينة المنورة سنة 232هـ ,وكانت كنيته: أبو محمد ومن ألقابه: الزكي والعسكري.
لقد كان إمامنا على جانب عظيم من سمو الأخلاق وجميل الصفات، كان يقابل الصديق والخصم بمكارم أخلاقه وجميل صفاته.
كانت أخلاقه كأخلاق جده المصطفى (ص) الذي كان في قمة الرحمة والعفاف والنبل والتسامح والعفو والجود والكرم.
كان الإمام العسكري (ع) على صغر سنة مقدماً على العلماء والزعماء، ومعظماً عند سائر الناس..
كان عالماً عارفاً نبيهاً منذ صغره، كما كان شديد الخوف من الله برغم صغره. فقد رآه بهلول يوماً ـ وهو صبي ـ يبكي والصبيان يلعبون من حوله، فظن أنه يتحسر على ما بأيديهم، فقال له: اشتري لك ما تلعب به؟ فقال الإمام: ما للعب خلقنا، فقال له: إذن فلماذا خلقنا؟ قال (ع): للعلم والعبادة فقال: من أين لك ذلك؟ فقال (ع): من قوله تعالى: [أفحسبتهم أنما خلقناكم عبثاً وانكم إلينا لا ترجعون] قال بهلول: فقلت يا بني أرك حكيماً فعظني وأوجز، فأنشأ الإمام يقول:
أرى الدنيا تجهز بانطلاق مشمرة على قدم وساق
فلا الدنيا بباقية لحي ولا حي على الدنيا بباق
كأن الموت والحدثان فيها إلى نفس الفتى فرسا سباق
فيا مغرور بالدنيا رويداً ومنها خذ لنفسك بالوثاق
فلما أتم الإمام (ع) موعظته خرَّ مغشياً عليه، فلما أفاق قال له بهلول: ما نزل بك وأنت صغير ولا ذنب لك؟
فقال (ع): إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم.
وروي أن الخليفة العباسي سجنه عند رجل يدعى صالح بن وصيف فوكل به رجلين من الأشرار بهدف إيذائه والتضييق عليه داخل السجن، إلا أنهما سرعان ما أصبحا بفعل معاشرة الإمام (ع) من الصلحاء الأبرار، فقال لهما صالح بن وصيف: ما شأنكما في هذا الرجل؟ قالا: ما نقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا ودخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.
أسير لا يملك حولاً ولا قوة ينظر إلى آسره وجلاده فيرتعد خوفاً وفزعاً.. ما سرّ ذلك؟ إنها الإمامة والولاية وهيبة الإمام (ع).
وهكذا فإن من يلجأ إلى الله ويتوجه إلى الله ويرتبط بالله ويستمد القدرة والقوة والإرادة والعزم من الله سبحانه، تهابه الملوك والجبابرة والطغاة والمستكبرون.
ففي الحديث: (إن المؤمن يخشع له كل شيء، وإن من يخاف الله يخاف منه كل شيء حتى هوام الأرض وسباعها وطيور السماء).
هذا جانب من جوانب أخلاق الإمام (ع) وعبادته وحياته.
وفي جانب آخر كان الإمام حريصاً على أن يكون شيعته وأتباعه في قمة الإيمان والتقوى والورع والأخلاق الحسنة والتعامل الإيجابي حتى مع الذين يختلفون معهم في العقيدة أو الفكر أو المذهب أو التوجه السياسي.
كما كان (ع) حريصاً أن يكون شيعته في قمة الصبر والثبات والتحمل والصمود عندما يواجهون ضغوط الحياة والتحديات والإساءات والأذى. وهذا ما يظهر بوضوح في وصاياه وتوجيهاته فقد جاء في احدى وصاياه لشيعته: "أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله)... صلّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسُن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي، فيسرّني ذلك. اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً... جرّوا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، فإنه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله، وتطهير من الله، لا يدعيه غيرنا إلا كذّاب. أكثروا ذكر الله وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي (ص) فإن الصلاة على رسول الله (ص) عشر حسنات. احفظوا ما أوصيتكم به وأستودعكم الله واقرأ عليكم السلام.
هذا السلوك الإسلامي الرسالي الرفيع هو ما يجب أن نسير عليه أفراداً وجماعات وحركات وأحزاباً ودولاً تنتمي إلى مدرسة أهل البيت(ع).
هذا المسار وخاصة فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع بقية الفرق والمذاهب الإسلامية هو ما سارت عليه الجمهورية الإسلامية في إيران التي نعيش هذه الأيام ذكرى انتصار ثورتها المباركة بقيادة الإمام روح الله الموسوي الخميني (قدس سره)..
هذه الثورة المباركة التي كان من أهم خصائصها التي امتازت بها على بقية الثورات الشعبية في العالم هي:
1 ـ إنها قضت على نظام دكتاتوري مستبد كان مناهضاً للإسلام وجاءت بنظام إسلامي إلى الحكم ينفتح على جميع المسلمين في العالم ويدعو إلى الوحدة والتقارب والتعاون بين المسلمين ويعمل بجدية على هذا المسار.
2 ـ الثورة الإسلامية محت وقضت على التبعية التي كان يعاني منها الشعب الإيراني على امتداد سنوات طويلة، حيث وصلت التبعية للغرب وللدول الكبرى إلى أبشع وأفظع صورها في عهد الشاه، جاءت الثورة الإسلامية لتمنح الشعب الإيراني استقلالاً حقيقياً شاملاً.
3 ـ قضت على سياسة القمع والاضطهاد والذل والمهانة التي عانى منها الشعب الإيراني في ظل النظام الدكتاتوري ومنحته الحرية والعزة الوطنية والمكانة التي تليق بتاريخه وحضارته العريفة.
4 ـ أخرجت الشعب الإيراني من حالة الضعف والعجز وعقدة النقص إلى حالة الثقة بالذات والشعور بالقدرة، القدرة على تحقيق الإنجازات في مختلف الميادين والمجالات العلمية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها.
ولذلك اليوم من أهم عناصر القوة في الجمهورية الإسلامية:
أولاً: التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أحرزته إيران في المجالات المختلفة لأن العلم أساس التقدم لأي شعب ولأي بلد، فقد ورد في الحديث: العلم سلطان، أي العلم اقتدار فكل من تتوفر لديه القدرة والاقتدار يستطيع أن يصل إلى أهدافه وآماله وطموحاته.
لقد استطاع العالم المستكبر أن يفرض قوته وهيمنته على العالم بفعل العلم والتكنولوجية وأن يتقدم في المجالات المختلفة بفعل العلم.
اليوم تقدم إيران العلمي في مجال الطاقة النووية جعل إيران محط أنظار العالم كله.
لكن التقدم العلمي في إيران لم يقتصر على الطاقة النووية فقط هناك تقدم في علوم الفضاء والطيران والعلوم الطبية والأدوية وتقنيات الاحياء والنانو والخلايا الجذعية والاستنساخ وصناعة الحواسيب العملاقة وتقنيات الأشكال الجديدة من الطاقة..
في سنة 2011 صنفت إيران من قبل مراكز علمية عالمية في المرتبة العلمية الأولى في المنطقة و17 في العالم.
ثانياً:من نقاط قوة إيران اليوم أيضاً أنها استطاعت بفضل القيادة الحكيمة للإمام الخامنئي (حفظه الله) وبفعل تماسك النظام والتفاف الشعب حوله وحول القيادة أن تنتصر على كل التحديات والحصار والعقوبات، وأن تتحول إلى قوة إقليمية نافذة في هذه المنطقة.. وهي باتت تصدر العلم والتكنولوجية إلى دول المنطقة وتساهم في تطويرها.. في الوقت الذي تصدر بعض الدول العربية الغنية بالنفط والمال الإرهاب والإرهابيين والسيارات المفخخة والخراب والدمار إلى دول هذه المنطقة، إلى العراق وسوريا ولبنان وغيرها.
إن إصدار إحدى الدول لقوانين تُجرم من يشارك من مواطنيها في القتال في سوريا ما هو إلا محاولة لتلميع صورة هذه الدولة بعد أن انكشف أمرها للعالم كله بأنها هي من يدعم ويساند ويسلح ويصدر الإرهابيين إلى سوريا والعراق ودول المنطقة.
وهذه المحاولة لن تجدي نفعاً في تلميع صورتها ما لم تمتنع عن دعم الإرهابيين بالفعل، وتساهم في الحل السياسي في سوريا بدل إعاقة الجهود المبذولة للحل..