الشائعات المدمرة وكيفية مواجهتها
- المجموعة: 2014
- 31 كانون2/يناير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 4557
أن أول ما يجب فعله تجاه الشائعات هو:عدم المساهمة في إشاعتها وترويجها وعدم إساءة الظن بالآخرين والامتناع عن هتك أعراضهم ونشر أسرارهم وضرورة رد الشائعات ذات الطابع الامني الى الجهات والأجهزة المعنية لأنهم الأقدر على كيفية التعامل معها
فاعتبر: أن الشائعات والأخبار المزيفة والمغرضة التي تنتشر بين الناس هي من جملة الاخطار التي تواجه المجتمع وهي سبب للكثير من الفتن والقلاقل والاضطرابات والجرائم التي تحصل في المجتمع ، بل سبب في خرابه وتدميره وتفكك علاقاته.
وأشار الى أن أخطرالشائعات وأشدها فتكاً في المجتمع نوعان:
الاول: الشائعات المتعلّقة بأعراض الناس ومسائل الشرف وحياة الناس الخاصة.
والثاني: الشائعات التي تتعلق بأمن الناس وسلامهم واستقرارهم..
وأكد ان الشائعات من النوع الاول حرام وغير جائزة سواء استهدفت فردا او جماعة او جهة او حزبا لانها من مصاديق إشاعة الفاحشة التي توعد الله عليها بالعذاب في الدنيا والآخرة بقوله تعالى:
[إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون] ـ النور/ 91.
وقال الشيخ دعموش: إن الشائعات التي تمس العرض والشرف غالبا ما يكون الهدف منها الحط من كرامة الإنسان والنيل من سمعته، بسبب عداوة أو حسد أو تنافس شخصي أو سياسي أو من أجل الانتقام مثلاً وتصفية الحسابات مع أشخاص معينين أو جماعة معينة.
وأضاف: ان بعض الناس شغلهم الشاغل التفتيش عن أسرار الناس وعيوبهم وسلبياتهم ،
لأجل فضحهم والتشهير بهم معتبرا ذلك أمر في غاية الخطورة، وهو مخالف لما أمر الله به من ستر العيوب وكتمان الاسرار.
كما أكد:ان الشائعات من النوع الثاني المتعلقة بأمن الناس واستقرارهم هي التي يحرص الأعداء على نشرها في المجتمع لتخويف الناس وإحداث البلبلة في صفوفهم أو لإضعافهم وإحباطهم والضغط عليهم .
وقال: إن العدو الإسرائيلي استخدم حرب الشائعات وحرب الدعاية وحرب الأعصاب والحرب النفسية ضد المقاومة منذ انطلاقتها بهدف التهويل والتخويف. وأن التكفيريين والارهابيين اليوم قد يستخدمون نفس هذه الحرب لتخويف الناس في الضاحية وغيرها .
وحذر الشيخ دعموش: من الانسياق وراء الشائعات معتبرا أن أول ما يجب فعله تجاه الشائعات هو:
أولا: عدم المساهمة في إشاعتها وترويجها.
وثانيا: عدم إساءة الظن بالآخرين والامتناع عن هتك أعراضهم ونشر أسرارهم.
وثالثاً: ضرورة رد الشائعات ذات الطابع الامني الى الجهات والأجهزة المعنية لأنهم الأقدر على كيفية التعامل معها بدلاً من إذاعتها وتخويف الناس بها وهذا ما أمر الله بهبقوله تعالى:
[وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً] ـ النساء / 83.
ورابعاًً: عدم الخوف من الشائعات وتفويت الفرصة على العدو والوقوف بثبات وشجاعة في مواجهة حالات التخويف والتهويل.كما قال تعالى:
[الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله ومفضلٍ لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم، إنما ذلكم الشيطان يُخوِّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين].
وختم الشيخ دعموش بالقول: نحن مجتمع ومقاومة نزداد قناعة بصوابية وصحة خياراتنا عندما نرى هؤلاء الارهابيين كيف انهم يدخلون الى بلدنا ليضربوا سلامه وامنه واستقراره واهله الابرياء،ونزداد يقيناً بأن مشروعهم سيفشل وينكسر وينهزم أمام وعي وارادة أهلنا وصبرهم وثباتهم.
نص الخطبة:
بسم الله الرحمان الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
[إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون] ـ النور/ 91.
ويقول تعالى في آيات اخرى:
[الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله ومفضلٍ لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم، إنما ذلكم الشيطان يُخوِّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين] ـ آل عمران/ 173 ـ 175.
من المفاسد والأخطار التي تواجه المجتمع، خطر الشائعات والأخبار المزيفة والمغرضة التي تنتشر في المجتمع، والتي تعتبر سبباً للكثير من الفتن والقلاقل والاضطرابات والجرائم ، وسبباً أيضاً في خراب المجتمع وتدميره وتفكك علاقاته.
والشائعة أوالإشاعة: هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع، ويتم التداول فيها بين عامة الناس من دون التأكد من صحتها.
والشائعات غالباً ما تكون أخباراً شيقة ومثيرة لفضول الناس وملفتة وموضع اهتمام الناس، ولكنها تفتقر إلى المصدر الموثوق وإلى الدليل على صحتها، بينما الناس يتناقلونها على أنها حقائق ثابتة، وعندما تسأل ناقل الخبر أو ناقل الإشاعة عن المصدر؟ يقول: هكذا سمعت /هكذا قالوا/ سمعت الناس يتحدثون بذلك/ أو قرأت الخبر في الجريدة أو في المجلة/ أو سمعت من وسائل الإعلام من الراديو من التلفاز/ او هكذا جاء في خبر عاجل/ أو جاءني بالواتس آب أو بالفايسبوك الخ...
هذه هي الشائعات.. وبهذه الطريقة يتعامل الناس عادة مع الأخبار والشائعات المتداول فيها.
والشائعات على أنواع: أخطرها وأشدها فتكاً في المجتمع تلك التي تتعلّق بأعراض الناس ومسائل الشرف والحياة الخاصة، أو تلك التي تتعلق بأمن الناس وسلامهم واستقرارهم..
أما الشائعات التي تتعلق بأعراض الناس وبالشرف فهي من قبيل اتهام فلان أو فلانة بالزنى، بالفاحشة، وإشاعة ذلك بين الناس/ وقذف المحصنات/ وكشف أسرار الناس ودخائل الناس والحديث عن عيوبهم عن ذنوبهم عن أعمالهم عن منكراتهم وسيئاتهم وتارة يكون الحديث عن فرد بهدف التشهير به ،وأخرى عن عائلة وأسرة بأكملها بهدف النيل من سمعتها، وثالثة عن جهة عن حزب بهدف النيل من صورته.. وكل ذلك حرام وغير جائز حتى ولو كان صحيحاً ومؤكداً.
وفي هذا يقول الله تعالى: [إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة].
والفاحشة هنا ليست القضايا المتعلقة بالعرض والشرف فقط، بل كل عمل سيء وقبيح ومنكر.
وهذا يعني ان أي عمل قبيح ومنكر من أي نوع كان فإنه تحرم إشاعته، لأن إشاعة المنكر قد تشجع ضعاف الايمان على ارتكاب المنكرات واستسهال فعل المنكرات وتفتح شهية الآخرين على ذلك.
وفي قذف المحصنات يقول تعالى: [والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون] ـ النور/ 4.
وفي آية اخرى يقول تعالى: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون] النور/ 23
في التاريخ حصل مثل هذا حتى مع النبي (ص) فيما عرف بحديث الإفك، أو شائعة الإفك ، حيث اتهم البعض زوجة النبي (ص) مارية القبطية بأن رجلاً يتردد عليها وقالوا: إن إبراهيم ابن النبي (ص) من ذلك الرجل فنزل القرآن في تبرئة مارية من هذه الفاحشة، واعتبر أن ما أشيع هو إفك وكذب وافتراء عظيم، بهدف النيل من شخصية النبي (ص) ومكانته وسمعته.
وهكذا فإن الشائعات التي التي تمس عرض الإنسان وشرف الإنسان الهدف منها الحط من كرامة الإنسان بسبب عداوة أو حسد أو تنافس شخصي أو سياسي أو غير ذلك أو من أجل الانتقام مثلاً أو تصفية الحساب مع أشخاص معنيين أو إزالة الثقة بشخصيات أو رموز او جهات معينة.
بعض الناس يفتشون عن أسرار الناس وعيوبهم وسلبياتهم فقط لأجل فضحهم والتشهير بهم وتعييرهم وإذاعة اسرارهم ،وهذا أمر في غاية الخطورة وهو حرام.
وفي ذلك يقول النبي (ص) في الحديث: من أحصى على أخيه المؤمن عيباً ليشينه به ويهدم مروته فقد تبوأ مقعده من النار.
وفي حديث آخر: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجلُ الرجلَ على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوماً ما.
وأما الشائعات التي تتعلق بأمن الناس وباستقرارهم فهي من قبيل الشائعات والأخبار المزيفة والمبالغ فيها التي يحرص الأعداء على نشرها في المجتمع وبين الناس من أجل تخويفهم وإحداث القلق والبلبلة في صفوفهم أو لإضعافهم وإحباطهم والضغط عليهم.
فمثلاً في تاريخ الإسلام وفي إحدى المعارك أشاع العدو والمنافقون أن تحالفاً عظيماً تكوّن في مواجهة الإسلام والمسلمين، وروجوا أن جيوش المشركين واليهود وغيرهم احتشدوا وزحفوا جميعاً لغزو المسلمين، وكان الهدف من هذه الشائعة إخافة المسلمين وبث الرعب في قلوبهم وإضعاف معنوياتهم وشل إرادتهم عن القتال.. والضغط عليهم حتى يستسلموا ويتراجعوا وينهزموا.
وفي ذلك يقول الله تعالى: [الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل].
وقد حصلت مثل هذه الشائعات التي تستهدف المعنويات والإرادة والعزم ضد المقاومة الإسلامية في لبنان، حيث استخدم العدو الإسرائيلي حرب الدعاية وحرب الأعصاب والحرب النفسية وحرب الشائعات ضد المقاومة منذ انطلاقتها وذلك عندما كان يبث العدو: بأن الجيش الإسرائيلي جيش لا يقهر، أو من خلال التسريبات التي كان يطلقها العدو عن سياسة الأرض المحروقة التي سينتهجها في الجنوب ، أو من خلال البيانات التحذيرية التي كانت تطلب من السكان إخلاء القرى والبلدات في الجنوب والبقاع الغربي.. وغير ذلك.
واليوم قد تستخدم نفس هذه الحرب من قبل التكفيريين والارهابيين لتخويف الناس في الضاحية وغيرها بالسيارات المفخخة والانتحاريين، حيث تنتشر كل يوم شائعات كثيرة في هذا المجال.. حول سيارات مفخخة وحول سيناريوهات أمنية معينة.
والسؤال كيف ينبغي التعاطي مع كل هذا النوع من الشائعات سواء كانت في المجال الاجتماعي أو في المجال الأمني؟
ماذا يجب على الإنسان المؤمن أن يفعل إذا وصله خبر أو شائعة أو إشاعة معينة في أي مجال كانت؟؟
الحقيقة أن هناك شيئاً أساسياً يجب الالتفات اليه وهو: أن الاسلام حذر من ان يكون الإنسان المؤمن قوالاً.. أي أن يكون كثير الكلام فيما لا يعنيه أو أن يكون كثير الحديث بشؤون الناس وأحوالهم وأوضاعهم الخاصة.
بعض الناس شغلهم الشاغل أن يتناولوا أسرار الناس وعيوبهم أن يتداولوا بأخبار الناس، أن يتحدثوا بكل ما يسمعونه.. بكل ما يطرق آذانهم من دون تحقق ومن دون تثبت.ز
الله عز وجل يقول: [ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً] ـ الإسراء 36.
أي لا تنقل خبراً إلا بعد التثبت من صحته سواء كان قولاً يقال أو رواية تروى لأنك ستسأل عن ذلك يوم القيام عن ذلك.
النبي (ص) ينهانا عن كثرة الكلام وعن القيل والقال لأنه يؤدي الى كشف أسرار الناس واغتيابهم والكذب والنميمة وغيرها من الموبقات الأخلاقية.
يقول النبي (ص): إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وأضاعة الحال وكثرة السؤال.
وفي حديث آخر عنه (ص) : كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
إذن أول شيء يجب على الإنسان المؤمن أن يفعله إذا سمع خبراً هو عدم إشاعته وعدم نقله وعدم التداول به لأنه قد يكون كذباً.
ثانياً: أن يشعر بمخافة الله ورقابته، فلا يسيء الظن بالآخرين ولا يهتك أعراضهم ولا يساهم في نشر ما يتعلق بحياتهم الخاصة وأسرارهم.
ثالثاً: أن لا يصدق ما ينقل إليه وخاصة إذا جاء الخبر من فاسق لا يتقي الله وبالأخص إذا كان المستهدف بالخبر مؤمناً.
فالله تعالى يقول: [يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينو أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين].
جاء رجل إلى الإمام الكاظم (ع) وقال له: لقد نقل لي أحدهم عملاً نسبه لشخص، وقد نفى الشخص أن يكون قد عمل ذلك العمل حين سألته عنه وقد كان الناقل ثقة فماذا أفعل؟ فقال الإمام (ع): كذب سمعك وبصرك عن أخيك، وإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك أخوك قولاً آخر فصدقه وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به وتهدم مروته فتكون من الذين قال الله عز وجل عنهم [إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة.
ورابعاً: أن نرد الشائعات والأخبار التي يراد منها تخويف الناس والمتعلقة بالقضايا الأمنية إلى المعنيين إلى الأجهزة المعنية والجهات المعنية لأنهم الأقدر على كيفية التعامل مع أخبار من هذا النوع، فمن كان عنده خبر حول أمر يمكن أن يعرض الناس لخطر، عليه أن يوصل الخبر إلى الجهات المعنية ليبحثوا عن صحته ودقته وليتخذوا الإجراءات اللازمة لمواجهة الخطر بدل أن نذيع الخبر وننشره ونخوف الناس ونرعبهم وهذا ما أمر الله به بقوله تعالى:
[وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً] ـ النساء / 83.
خامساً وأخيراً: عدم الخوف من الشائعات وتفويت الفرصة على العدو والوقوف بثبات وشجاعة تجاه كل حالات التثبيط والتخويف ، والخوف من الله وحده.
[الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم، إنما ذلكم الشيطان يُخوِّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين].
نحن قوم لا نخاف إلا الله، نحن قوم نزداد ايماناً وثقة بالله عندما نواجه الأعداء والمتربصين بنا ، نحن مجتمع ومقاومة نزداد قناعة بصوابية وصحة خياراتنا عندما نرى هؤلاء الارهابيين كيف انهم يدخلون الى بلدنا ليضربوا سلامه وامنه واستقراره واهله الابرياء،ونزداد صلابة في مواجهتهم ويقيناً بأن مشروعهم الى زوال وأنه سيفشل وينكسر وينهزم أمام وعي وارادة وصلابة وصبر أهلنا وشعبنا.
والحمد لله رب العالمين