الدين المعاملة الدين الاخلاق(1)
- المجموعة: الحديث الرمضاني 1437 هـ
- 07 حزيران/يونيو 2016
- اسرة التحرير
- الزيارات: 3516
الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 7-6-2016: المعيار الصحيح في التدين ليس العبادة فقط بل المعاملة والاخلاق والصدق والامانة .بارك سماحة الشيخ علي دعموش في الحديث الرمضاني اليومي الأول: لجميع المسلمين والمؤمنين حلول شهر رمضان المبارك ونسأل الله أن يجعله شهر خير وبركة ورحمة وان يتقبل فيه أعمالكم وطاعاتكم.
وقال: أود في هذا الشهر المبارك وفي الفرص المتاحة بين الصلاتين أن اتحدث حول أخلاق المجتمع وأصول التعامل والتعاطي بين المتدينين حيث تكثر السلبيات والثغرات في طريقة تعاطي المؤمنين فيما بينهم.
ربما يركز الكثير من المتدينين في مجتمعاتنا على الجانب العبادي من الدين, على الصلاة الصوم والحج وقراءة القران وغير ذلك.. فيعتبرون المتدين هو الذي يؤدي هذه العبادات.
أما الجانب الأخلاقي والسلوكي من الدين أو جانب المعاملات من الدين فالاهتمام به من قبل المتدينين غالباً ما يكون ضعيفاً.
وهذا ناشىء من الفهم السائد للدين في مجتمعنا من ان المعيار والمقياس في التدين والاستقامة هو العبادة.
بينما المعيار الصحيح في التدين ليس العبادة فقط بل المعاملة والاخلاق والصدق والامانة .
بل إن الهدف من العبادات والغاية منها أخلاقي, بأن ينعكس أثرها علىأعمال الإنسان وتصرفاته وسلوكه وأدائه وطريقة تعاطيه مع الآخرين.
فالهدف من الصلاة مثلا أنها تنهى عن الفحشاء و المنكر.} وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (العنكبوت: 45)
الزكاةكذلك فالغاية منها تذكية النفس }خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَ} (التوبة: 103)، فمع أن حقيقة الزكاة إحسان للناس ومواساتهم فهي كذلك تهذب النفس وتزكيها من الأخلاق السيئة, لأن الإنسان بدفعه الصدقة للفقير يكشف عن سمو إنساني وإحساس بهموم الآخرين ومشاكلهم وحاجاتهم,فالصدقة تطهر النفس وتدفعها للمزيد من العطاء والشعور بحاجات الناس وتحسس آلامهم.
الصيام كذلك حيث إن الهدف منه هو التقوى التي تعني التقيد بأحكام الله وتشريعاته }ُكتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183) فالمقصد والهدف هو تقوى الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ولذلك من لم يؤثر صيامه في نفسه وأخلاقِه مع الناس لم يحقق هدف الصوم.
المتدين وصاحب الدين ليس هو الذي يصلي ويصوم ويحج ويقوم بالعبادات فقط، صاحب الدين والمتدين هو: الصادق الذي يصلي، الأمين الذي يصلي، العادل الذي يصلي، الرحيم الذي يصلي، المتواضع الذي يصلي وهكذا..
عن الامام الصادق عليه السلام: لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده فإنّ ذلك شئ اعتاده فلو تركه استوحش لذلك ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.
وعنه عليه السلام أيضاً قال: لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم فإنّ الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة.
فالدين هو استقامة، وأمانة، وصدق، وعفة، ورحمة، وعدل، وإنصاف، وتواضع، ومراعاة حقوق الآخرين، وكل هذه القيم الأخلاقية.
فمن كان يصلي ويصوم ولكنه ليس مستقيما ولا يتعامل باخلاق مع الناس ويكذب ويشتم ويحتال ويسيء الأمانة ولا يؤدي حقوق الناس فهو مفلس, مفلس من الدين والتدين, ويأتي يوم القيامة مفلساً.
ففي الحديث عن النبي(ص): أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ فقالوا: المفْلسُ فينا من لا درهم له, ولا متاع, فقال: إن المفْلسَ مَنْ يأتي يوم القيامة؛ بصلاة, وصيام, وزكاة، ويأتي قد شَتَمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ أُخِذَ من خطاياهم؛ فطُرِحَتْ عليه، ثم يُطْرَحُ في النار.
قد يكثر الإنسان من الصلاة والصوم والمستحبات وقراءة القران والدعاء وخصوصا في شهر رمضان الذي يضاعف الله فيه الحسنات والأجر والثواب ويبارك في آثار الأعمال ونتائجها ولكنه عندما يخرج الى الشارع أو الى السوق أو الى العمل يتعاطى بلا أخلاق مع الناس يكذب يغش يحتال يتعدى على حقوق الآخرين.. اذن ما قيمة كل الأعمال التي يقوم بها؟ ما قيمة الصلاة وقراءة القرآن اذا لم تتجسد الصلاة وآيات القرآن في أعمال الإنسان ومواقفه وعلاقاته وخطواته في الحياة .
قصة: "ورد أن أمير المؤمنين عليه السلام وصاحبه كميل سمعا في الليل رجلا يتلو قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ﴾ بصوت شجيّ، فاستحسن كميل ذلك في باطنه، وأعجبه حال الرجل، ولم يقل شيئا، فالتفت عليه السلام إليه وقال: "يا كميل لا يعجبك طنطنة الرجل، إنه من أهل النار، وسأنبّؤك فيما بعد".
وبعد مدة طويلة وقعت معركة النهروان التي واجه فيها علي(ع) الخوارج حيث قتل معظم الخوارج في هذه المعركة، فمرّ أمير المؤمنين عليه السلام على قتلاهم، ووضع رأس سيفه على أحدهم وقال لكميل: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ...﴾ فقبّل كميل قدمي علي عليه السلام واستغفر الله.