من مظاهر التراحم والتعاطف ( 17)
- المجموعة: الحديث الرمضاني 1437 هـ
- 05 تموز/يوليو 2016
- اسرة التحرير
- الزيارات: 18393
الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 5-7-2016: من مظاهر التراحم والتعاطف التزاور وصلة الأرحام والإحسان وقضاء الحوائج والاهتمام بأمور المسلمين.من أهم وأفضل الطرق والأساليب الإجتماعية التي يتقرب الإنسان من خلالها الى الله سبحانه وتعالى في شهر الله وفي أيام العيد هو التواصل والتراحم والتعاطف مع الإخوان والأقرباء والمؤمنين وزيارتهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم والإهتمام بأمورهم وشؤونهم
وغير ذلك من الأساليب التي تجلب المحبة وتعزز المودة والصفاء بين المؤمنين في أيام العيد.
وقد تحدثت بالأمس عن التراحم والتعاطف بشكل عام وأتحدث اليوم بمناسبة إقتراب العيد عن بعض مظاهر التراحم والتعاطف التي ينبغي أن نمارسها في أيام العيد وفي سائر أيام السنة.
من أبرز مظاهر التراحم والتعاطف :
1-التزاور وصلة الأرحام: فالإسلام أكد على التواصل وعدم القطيعة بين الأقارب والمؤمنين بشكل عام, لكنه شدد على صلة الأرحام والأقرباء أكثر من غيرهم, وحذر بشدة من قطعها أو التكاسل والتهاون في الالتزام بها، حيث اعتبر القرآن الذين يصلون أرحامهم ولا يهجرونهم لحقد أو حسد أو كراهية أو عداوة, من الذين يخشون ربهم ويتقونه ويخافون سوء الحساب ووعدهم بحسن العاقبة وسلامة المصير, يقول تعالى: )والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار( بينما القرآن اعتبر من يمارس القطيعة والعداوة لأقربائه من الذين يستحقون اللعنة وسوء العاقبة . يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }الرعد25
والحدّ الأدنى من صلة الرحم في ظلّ حياتنا اليومية المليئة بالعمل وتزاحم المشاغل، هو التحيّة والسلام، والتزاور ولو في المناسبات والأعياد, فقد روي عن الإمام عليّ (عليه السلام) انه قال: "صلوا أرحامكم ولو بالتسليم، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾".
وعَنِ الإمام الْحَسَنِ (ع) ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَ):" حَدَّثَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ اللَّهَ أَهْبَطَ إِلَى الأَرْضِ مَلَكًا, فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الْمَلَكُ يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ وقف عليه رَجُلٍ يُنَادِي لصاحب الدَّارِ, فَقَالَ الْمَلَكُ لِلرَّجُلِ : مَا جَاءَ بِكَ إِلَى هَذِهِ الدَّارِ ؟ فَقَالَ : أَخٌ لِي مُسْلِمٌ زُرْتُهُ فِي اللَّهِ ، قَالَ له الملك: مَا جَاءَ بِكَ إِلا ذَاكَ ؟ قَالَ : وآللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلا ذَلِكَ : فقَالَ الْمَلَكُ : فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَيَقُولُ : وَجَبَتْ لَكَ الْجَنَّةُ, لإن الله عزوجل يقول: وأَيُّمَا مُسْلِمٍ زَارَ مُسْلِمًا فَلَيْسَ إِيَّاهُ يَزُورُ بَلْ إِيَّايَ يَزُورُ ، وَثَوَابُهُ عَلَيَّ الْجَنَّةُ " .
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم:( ألا اُخبركم برجالكم من أهل الجنّة؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: النبي, والصديق, والشهيد, والوليد, والرجل الذي يزور أخاه في ناحية المصر, لا يزوره إلا في الله عزّ وجلّ.
وكما أنّ قطيعة الرحم لها آثار سلبيّة دنيويّة وأخرويّة كذلك لصلة الرحم آثار إيجابيّة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ القوم ليكونون فجرة ولا يكونون بررة، فيصلون أرحامهم فتُنمى أموالهم وتطول أعمارهم، فكيف إذا كانوا أبراراً بررة).
ويقول الإمام الكاظم عليه السلام: "صلة الأرحام تُزكّي الأعمال، وتدفع البلوى، وتُنمي الأموال، وتُنسئ له في عمره، وتوسّع في رزقه، وتُحبّبه في أهل بيته، فليتقّ الله وليصل رحمه".
2-الإحسان الى المؤمنين: لا سيما الى الوالدين والأقرباء والأرحام ومواساتهم واسداء المعروف لهم.
يقول تعالى : وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. الإسراء:23-24.
3 - السعي في قضاء حوائج المؤمنين:
ومن مظاهر التعاطف السعي في قضاء حوائج الناس وتفريج الكرب عنهم، فعن أبي الحسن (عليه السلام) يقول: "من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنّما هي رحمة من الله تبارك وتعالى ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله، وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة.. "
بل إنّ السّاعين في قضاء حوائج المؤمنين هم من الآمنين والمسرورين يوم القيامة، قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة، ومن أدخل على مؤمن سروراً فرّح الله قلبه يوم القيامة ".
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) قال: "من نفّس عن مؤمن كربة نفّس الله عنه كُرَب الآخرة وخرج من قبره وهو ثَلِج الفؤاد، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة، ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم.
4- الاهتمام بأمور المؤمنين والنصيحة لهم:
لقد شدّد الإسلام كثيراً على مسألة الاهتمام بأمور المسلمين، وتتبُّع شؤونهم الاجتماعية والسياسية وغيرها، والعمل على تقديم النصيحة والمشورة لهم قدر المستطاع.
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم".
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "عليك بالنُّصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه".
والحمد لله رب العالمين