آية الولاية نص قرآني في إمامة علي(ع)
- المجموعة: 2014
- 17 تشرين1/أكتوير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2385
عندما نتحدث عن آية الولاية أو عن الغدير أو عن قضية الإمامة بشكل عام, فنحن لا نريد الحديث عن هذه القضايا من أجل إثارة الخلاف بين المسلمين , وإنما من أجل تركيز الوعي وتثبيت العقيدة وتحصين الأجيال فكرياً وثقافياً في مواجهة الشبهات والتشويهات والأضاليل التي تطرح حول هذه المسائل.
خلاصة الخطبة:
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة:على أن أعداء الأمة دعموا التيارات التكفيرية في بعض دول المنطقة وصنعوا داعش والنصرة وغيرهما من الجماعات الارهابية, من أجل الإيقاع بين المسلمين, وزرع الفتنة والعداوة, وإثارة الحروب الطائفية والمذهبية, ومواجهة إيران وسوريا والعراق وحزب الله.
وقال: يجب تعطيل هذه الأهداف والتنبه - في هذا السياق- الى ما قد يروج له الأعداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة,عبر الواتس آب والفيس بوك واليوتوب وتويتر وغيرها, من مشاهد وممارسات اجرامية, أومجالس للسب والشتم واللعن وتناول الرموز والمقامات الدينية, أو مقاطع من خطب تحريضية لبعض المشايخ . فقد نتناقل نحن هذه الأمور عبر تلك الوسائل ونساهم بشكل غير مباشر ومن غير قصد في تحقيق أهداف العدو الرامية الى تعزيز الإنقسامات بين المسلمين, وتحريض هذا الفريق ضد ذاك الفريق, وإثارة العصبيات الطائفية والمذهبية, أو نساهم بصورة غير مباشرة في الترويج للجماعات الإرهابية ووممارساتها الإجرامية بما يؤدي الى إخافة الناس .
وأضاف: لذلك لا ينبغي تداول ونقل ونشر هذا النوع من المشاهد والاحداث وكلمات التحريض وغير ذلك عبر وسائل التواصل الحديثة, ويجب المبادرة فوراً الى حذف كل ما من شأنه ان يثير الفتنة أو يؤدي الى الترويج للجماعات االتكفيرية الارهابية.
واعتبر: ان الجماعات التكفيرية الإرهابية كانت معدة لتكون أداة ووسيلة أمريكية للفتنة وضرب المقاومة, واليوم عندما خرجت هذه الجماعات عن المسار المحدد لها بدأوا بمحاربتها. إلا أن من يتابع الطريقة التي يحارب فيها الأمريكي وحلفاؤها داعش يكتشف بسرعة أن هذه المواجهة غير حقيقية وهي لا ترتقي إلى مستوى الدعم الذي كانت توفره الولايات المتحدة وحلفاؤها لهذه الجماعات في المراحل السابقة.
وشدد:على ان العمليات العسكرية ضد داعش في العراق وسوريا هي عمليات استعراضية وغير مؤثرة حتى الآن ، وهذا يجعلنا نتمسك أكثر بالفهم الذي يقول إن الهدف من التحالف والعمليات العسكرية التي يقودها الأمريكي في المنطقة هو السيطرة والهيمنة على المنطقة وليس محاربة الإرهاب, والعودة الى المنطقة لحماية مصالحه وليس لحماية الشعوب, فأمريكا هي صانعة الإرهاب في العالم وهي من جاء به الى المنطقة, ولا يمكن ان نطمئن او نثق بجديتها في محاربة الارهاب .
نص الخطبة:
في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة نلتقي بذكرى تصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بخاتمه وهو راكع في صلاته.
ونظراً لأهمية هذه الذكرى، وأهمية هذا العمل الإنساني والأخلاقي وقيمته وأبعاده ودلالاته , فقد خلّده القرآن الكريم وأنزل الله فيه آية الولاية فقال تعالى: [إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتولًّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون] المائدة الآية 55 ـ 56.
وهذه الآية تعتبر من أوضح النصوص القرآنية التي تدل على ولاية وإمامة علي بن أبي طالب (ع) للمسلمين وذلك لعدة أسباب:
أولاً: كثرة الروايات الواردة من الفريقين السنّة والشيعة الدالة على أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (ع) عندما تصدّق بخاتمه في مسجد رسول الله (ص) وهو راكع في صلاته. وقد نقل هذه الروايات الكثير من الصحابة من أمثال: عبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر وأنس بن مالك , وعتيبة بن حكيم , وجابر بن عبد الله , وأبو ذر الغفاري وغيرهم والطريف أن البعض نقل 24 حديثاً من طرق أهل السنة بينما اكتفى بنقل 19 حديثاً من طرق الشيعة.
وقد تجاوز عدد الكتب التي ذكرت هذه الأحاديث الثلاثين كتاباً كلها من تأليف علماء أهل السنة منهم الطبري في كتابه ذخائر العقبى وصحيح النسائي وتفسير فتح القدير وتفسير الدر المنثور وغيرهم.
وقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن الإمام الباقر (ع) عندما سُئل عن تفسير هذه الآية قال: إن جماعة من اليهود أسلموا وجاؤوا إلى النبي (ص) وقالوا له: يا نبي الله، إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟
فأنزل الله هذه الآية: [إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون].
فقال رسول الله (ص): قوموا، فقاموا وأتوا المسجد، فإذا سائل خارج من المسجد، فسأله رسول الله (ص): يا سائل، هل أعطاك أحد شيئاً؟
قال: نعم, هذا الخاتم.
قال: من أعطاكه؟
قال: أعطانيه ذاك الرجل الذي يصلي (وكان علي (ع) هو الذي يصلي).
قال: على أي حال أعطاك؟
قال: كان راكعاً.
فكبر النبي (ص) وكبر أهل المسجد.
فقال النبي (ص): علي وليكم بعدي، فقالوا: رضينا بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبعلي بن أبي طالب ولياً.
فأنزل الله عز وجل: [ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون]. إن هذه الآية هي آية خاصة وليست عامة، خاصة لأنها تتحدث عن شخصية محددة هي علي بن أبي طالب وليس عن عموم المؤمنين، وخاصة أيضاً لأنها تتحدث عن قضية معينة حصلت معه في المسجد هي قضية تصدقه بخاتمه في الصلاة وهو راكع.
وهذه القضية كانت واضحة الى درجة ان حسان بن ثابت الشاعر المعروف الذي هو من أصحاب النبي (ص) جاء بمضمون آية الولاية في قالب شعري حيث يقول في حق علي (ع):
فأنت الذي اعطيت اذ كنت راكعاً زكاة فدتك النفس يا خير راكع
فـأنــزل فـيــك الله خـيـر ولايـــة وبينها في مـحـكـمـات الشرائع
ثانياً: إن كلمة إنما التي تفيد الحصر تدل على حصر الولاية في ثلاث هم: الله ورسوله والذين آمنوا الذين أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وهم في حالة الركوع في الصلاة.
وكلمة الذين آمنوا وإن جاءت بصيغة الجمع إلا أن المقصود بها مفرد وواحد وليس كل مؤمن، بدليل أن الآية قيدت الذين آمنوا بعدة قيود، (الذين آمنوا: الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وهذه التقييدات تدل بشكل واضح على أن المقصود من الذين آمنوا شخصية معينة محددة وليس عموم المؤمنين، وهذه الشخصية دلت الروايات على أنها علي بن أبي طالب(ع) الذي كان يقيم الصلاة في المسجد وقد تصدّق بخاتمه وهو في حال الركوع.
واستعمال صيغة الجمع في المفرد وليس في العموم أمر شائع في كتب الأدب العربي، وقد تم التعبير في القرآن عن المفرد بصيغة الجمع في أكثر من آية.
ورد هذا التعبير في آية المباهلة حيث يقول تعالى: [فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين] فقد وردت كلمة نساءنا بصيغة الجمع مع أن المقصود بها كما دلت الروايات فاطمة الزهراء (ع)، وكذلك كلمة (أنفسنا) فهي بصيغة الجمع مع أنه لم يحضر من الرجال في واقعة المباهلة مع النبي (ص) غير علي (ع).
وورد التعبير عن المفرد بصيغة الجمع في قوله تعالى : [الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً] مع أن الذي قال ذلك في معركة أحد هو نعيم بن مسعود الذي لم يكن إلا واحداً.
وورد هذا التعبير أيضاً في آيات أخرى في سورة الممتحنة، والبقرة، والمنافقون وغيرها..
والسبب في التعبير بصيغة الجمع عن الشخص الواحد في القرآن الكريم هو: أما لأجل بيان أهمية الشخص ودوره، وأما لتقديره وزيادة احترامه وتعظيمه.
وقد ورد في كثير من الآيات الحديث عن الله الواحد الأحد بضمير الجمع وذلك تعظيماً له جل شأنه.
ثالثاً: إن كلمة الولي هذه في الآية لا تعني الناصر والمحب والمعين كما يقول البعض، لأن الولاية بمعنى المحب والناصر لا تنحصر فيمن يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، بل تشمل كل المسلمين، فكل المسلمين يجب ان يحب بعضهم بعضاً وان ينصر بعضهم بعضاً حتى أولئك الذين لا زكاة عليهم أو لا يملكون شيئاً أساساً ليؤدوا زكاته أو ليتصدقوا به.
ولذلك فإن كلمة ولي في هذه الآية تعني ولاية الأمر,أي من يملك أمر المسلمين ويحق له أن يقودهم ويتزعمهم ويتصرف بأمورهم وشؤونهم ويأمرهم وينهاهم، من بيده القرار, من يحدد المسؤوليات والواجبات والتكاليف، من يسهر على مصالح الأمة ويعمل على تحقيقها ويقود الأمة نحو الوحدة والعزة , ولذلك جاءت ولاية[الذين آمنوا..] مع ولاية الله وولاية النبي (ص) حيث جاءت الولايات الثلاث في جملة واحدة.
وعندما نتحدث عن آية الولاية أو عن الغدير أو عن قضية الإمامة بشكل عام, فنحن لا نريد الحديث عن هذه القضايا من أجل إثارة الخلاف بين المسلمين , وإنما من أجل تركيز الوعي وتثبيت العقيدة وتحصين الأجيال فكرياً وثقافياً في مواجهة الشبهات والتشويهات والأضاليل التي تطرح حول هذه المسائل.
فنحن حجتنا في قضية الولاية والإمامة قوية وحاسمة، لكنها كما قال الإمام الخامنئي (دام ظله): لا يجب أن تترك أثراً على الحياة العامة للمسلمين، وعلى تكاتفهم وتعاضدهم وتآخيهم.
نحن بحاجة إلى هذا الفهم وإلى هذا الأساس، أساس الولاية, لأنه يجمع المسلمين ويوحدهم ويقويهم, ويبعدهم عن التشتت والضياع والانقسام، يبعدهم عن تكفير بعضهم بعضاً، يبعدهم عن الضعف والوهن والعجز أمام التحديات والاستحقاقات الكبيرة، لأن العدو يريد لهذه الأمة أن تبقى منقسمة وضعيفة, يقتل بعضها بعضاً, ويكفّر بعضها بعضاً، ولذلك دعموا التيارات التكفيرية في بعض دول المنطقة وصنعوا داعش والنصرة وغيرهما من الجماعات الارهابية من أجل الإيقاع بين المسلمين, وزرع الفتنة والعداوة, وإثارة الحروب الطائفية والمذهبية, ومواجهة إيران وسوريا والعراق وحزب الله.
ونحن يجب أن نعطل هذه الأهداف ..ولذلك يجب - في هذا السياق- أن ننتبه الى ما قد يروج له الأعداء عبر وسائل التواصل الحديثة ,عبر الواتس آب والفيس بوك واليوتوب وتويتر وغيرها من مشاهد وممارسات اجرامية, أومجالس للسب والشتم واللعن وتناول الرموز والمقامات الدينية, أو مقاطع من خطب تحريضية لبعض المشايخ, فقد نتناقل نحن هذه الأمور عبر تلك الوسائل ونساهم بشكل غير مباشر في تحقيق أهداف العدو الرامية الى تعزيز الإنقسامات بين المسلمين, وتحريض هذا الفريق ضد ذاك الفريق, وإثارة العصبيات الطائفية والمذهبية, أو نساهم بصورة غير مباشرة في الترويج للجماعات الإرهابية ووممارساتها الإجرامية بما يؤدي الى إخافة الناس .
الجماعات التكفيرية الإرهابية كانت معدة لتكون أداة ووسيلة أمريكية للفتنة وضرب المقاومة, واليوم عندما خرجت هذه الجماعات عن المسار المحدد لها بدأوا بمحاربتها. إلا أن من يتابع الطريقة التي يحارب فيها الأمريكي وحلفاؤها داعش يكتشف بسرعة أن هذه المواجهة غير حقيقية وهي لا ترتقي إلى مستوى الدعم الذي كانت توفره الولايات المتحدة وحلفاؤها لهذه الجماعات في المراحل السابقة، هي عمليات استعراضية وغير مؤثرة حتى الآن ، وهذا يجعلنا نتمسك أكثر بالفهم الذي يقول إن الهدف من التحالف والعمليات العسكرية التي يقودها الأمريكي في المنطقة هو السيطرة والهيمنة على المنطقة وليس محاربة الإرهاب, والعودة الى المنطقة لحماية مصالحه وليس لحماية الشعوب, فأمريكا هي صانعة الإرهاب في العالم وهي من جاء بالإرهاب والجماعات الإرهابية الى المنطقة, ولا يمكن ان نطمئن او نثق بجديتها في محاربة الارهاب .
والحمد لله رب العالمين