بنو إسرائيل والإفساد في الأرض
- المجموعة: 2014
- 25 تموز/يوليو 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2491
ان الله سبحانه وتعالى اخبر واعلم بني اسرائيل في الكتاب الذي انزله على نبيهم وهو التوراة انهم سيرتكبون فسادين كبيريين يقود كل منهما الى الطغيان والعدوان والاحتلال والاستكبار في الارض، وان الله سينتقم منهم في الدنيا قبل الاخرة فيسلط عليهم بعد كل افساد واحتلال عباداً لنا مؤمنين وصادقين ورجالا اشداء اولى بأس شديد يذلونهم بالقتل والاسر ويذيقونهم جزاء فسادهم واستكبارهم ويجبرونهم على دفع ثمن اعتداءاتهم واحتلالهم للارض والمقدسات غالياً.
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 25-7-2014: ما يقوم به العدو الصهيوني في غزة يؤكد الطبيعة الهمجية والوحشية لهذا العدو حيث يتماهى مع الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تزرع المنطقة قتلا ًوتدميراً.
بسم الله الرحمان الرحيم
[وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً،فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً, ثم رددنا لكم الكرَّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً, إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا,عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا].
في هذ الآيات يخبر الله قبل أكثر من الف واربعمائة وأربعين سنة عما يقوم به بنو إسرائيل في المستقبل من إفساد وعلو كبير وعما سيجري عليهم.
والمعنى الاجمالي لهذه الايات:ان الله سبحانه وتعالى اخبر واعلم بني اسرائيل في الكتاب الذي انزله على نبيهم وهو التوراة انهم سيرتكبون فسادين كبيريين يقود كل منهما الى الطغيان والعدوان والاحتلال والاستكبار في الارض، وان الله سينتقم منهم في الدنيا قبل الاخرة فيسلط عليهم بعد كل افساد واحتلال عباداً لنا مؤمنين وصادقين ورجالا اشداء اولى بأس شديد يذلونهم بالقتل والاسر ويذيقونهم جزاء فسادهم واستكبارهم ويجبرونهم على دفع ثمن اعتداءاتهم واحتلالهم للارض والمقدسات غالياً.
وهذا الإخبار هو اخبار غيبي يدخل في جملة إخبارات القرآن الغيبية..هو اخبار غيبي من الله ليبين للناس إحدى الآيات الكبرى التي تدل على صحة ما جاء في القرآن وعلى أنه وحي إلهي ومعجزة خالدة.
هذا الخبر الغيبي هو دليل على صحة الإسلام ,وصدق النبي (ص) ,وحقانية القرآن.
هذا الخبر يُفهمُ الناس أن عليهم أن لا يصابوا باليأس والإحباط وهم يواجهون الجبروت الإسرائيلي والإفساد الإسرائيلي في الأرض والقتل والمجازر والتدمير الذي يرتكبه الاسرائيلي بحق الناس الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.
هذا الخبر يُفهمُ الناس أن عليهم أن لا يتأثروا بكل هذا العدوان والطغيان والاستكبار والعتو والإرهاب والوحشية الإسرائيلية، وأن لا يرعبهم ولا يخيفهم جبروتهم العسكري والأمني والسياسي والإعلامي وكل أشكال الظلم والطغيان الذي يمارسونه.
هذا الإخبار هو دليل حسي ملموس على صحة القرآن, وصدق القرآن وأنه وحي إلهي, لأنه خبر صدر عند نزول القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة وأربعين سنة وسيتحقق وسنعاين ونشاهد ويشاهد العالم كله تحققه وصدقه.
هذا الخبر والإخبار يعنينا بالصميم نحن العرب والمسلمين الذين نعيش في هذه المنطقة, لأنه يكشف عن أن هؤلاء الإسرائيليين (بني إسرائيل) سوف يكونون برغم جهود النبي موسى (ع) ومعه سائر الأنبياء الذين ارسلهم الله إليهم لهدايتهم, وبرغم كل ما توفر لهم من نعم وخيرات وألطاف، وما شاهدوه من كرامات ومعجزات.. برغم كل ذلك سوف يكونون في قمة الفساد والإرهاب ولم ولن يقلعوا عن غيهم وطغيانهم وفسادهم وإفسادهم ولم ينتفعوا بهداية الأنبياء ودعوة الرسالات, بل سيصرون على التمرد والإفساد والاحتلال، وسيبقون في المستقبل وحتى يتحقق وعد الله فيهم على هذا الحال, رواد فساد وإفساد وإرهاب وعلو واستكبار, وهواة قتل ومجازر وتخريب وتدمير.
وقد أكد الله في هذه الآيات على حصول هذا الأمر (الإفسادين والعلو الكبير) بكل تفاصيله في أكثر من ستين مؤكداً.. والسبب في كل هذه التأكيدات هو أن الله يريد أن يقول بأن هذا الأمر حتمي وهو واقع لا محالة وهو غير قابل للتشكيك او الشبهة, وأنه مهما تظاهر الإسرائيليون بالبراءة والمسكنة, ومهما برروا أفعالهم وممارساتهم, وانهم إنما يفعلون ما يفعلونه دفاعاً عن النفس .. فلا ينبغي أن نتأثر أو نشكك أو يتأثر العالم ويشكك بحجم إرهابهم ووحشيتهم وفسادهم واستكبارهم, فهؤلاء قمة الفساد والإرهاب والاستكبار وإن تظاهروا بغير ذلك.. وإن تظاهروا بسياسة ضربني وبكى وسبقني واشتكى كما يفعلون دائماً في مجلس الأمن وفي المؤسسات الدولية وأمام دول العالم...
وفي هذه الآيات العديد من الحقائق اذكر بعضها باختصار:
أولاً: المقصود من الإفساد : (لتفسدن في الأرض مرتين) كل أنواع وأشكال الإفساد, فهم يفسدون عقول الناس، ودينهم، وأخلاقهم، وقيمهم، وأبناءهم ومدارسهم وجامعاتهم وأمنهم واستقرارهم وممتلكاتهم ومزروعاتهم وكل شيء يقدرون عليه, فإن اطلاق كلمة الافساد (لتفسدن) من دون تقييدها بإفساد معين يدل على أن المقصود هو المعنى الأوسع.
ثانياً: إن إفساد بني إسرائيل سوف لن يقتصر على الأرض التي يتواجدون فيها ويعيشون عليها وهي أرض فلسطين فقط، وإنما إفسادهم سيطال الأرض كلها , فلسطين وغيرها, وذلك استناداً إلى إطلاق كلمة الأرض في قوله تعالى: [لتفسدن في الأرض] التي توحي بأن إفسادهم سيشمل الأرض والعالم كله.
يفسدون الشعوب والحكومات والأنظمة والمؤسسات.
يفسدون عندما يحيكون المؤامرات، ويثيرون الفتن والحروب بين الشعوب والطوائف والمذاهب.
يفسدون عندما يُسخّرون أدوات وجماعات ترفع شعارات براقة لإثارة الفتنة وتمزيق الأمة.
يفسدون عندما يجندون عملاء ومرتزقة لهم للتجسس وللقيام بعمليات إغتيال وقتل لشخصيات ولرموز معينة.
يفسدون عندما يحرفون القيم والمفاهيم ويشوهون الحقائق والقناعات لدى الناس.
يفسدون عندما يستخدمون بعض الجماعات لإفساد المجتمعات بالمخدرات وإشاعة الدعارة والفاحشة، وإفساد أخلاق الناس بالشهوات والأهواء.
يفسدون عندما يمزقون الناس والشعوب بالعداوات والحروب والعصبيات.
يفسدون عندما يمكنون الأشرار من التحكم بمصائر الشعوب.
وكل هذه الأشكال من الفساد والإفساد مارسته إسرائيل وتمارسه في فلسطين وفي خارج فلسطين وعلى امتداد العالم, تمارسه في دول عربية وفي دول إسلامية وفي دول العالم حتى المتحالفة معها, حتى أمريكا وأوروبا لم تسلما من فساد وإفساد إسرائيل.
ولذلك في كل فترة يكتشف العالم جواسيس لإسرائيل حتى في الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها, وبين الحين والآخر نسمع عن عمليات تهريب أموال وترويج مخدرات وجرائم واغتيالات تحصل في العالم ثم نكتشف ويكتشف العالم أن الإسرائليين أو أدوات إسرائيلية هي التي تقف وراء ذلك.
فالفساد والإفساد الإسرائيلي في العالم بلا حدود..وإسرائيل تمارسه على كل صعيد وفي مختلف المجالات وفي كل العالم حتى في الدول الحليفة والداعمة لهم .
ثالثاً: العلو الكبير [ولتعلن علواً كبيرا) هو الهيمنة والسيطرة والنفوذ الذي يؤدي إلى إستضعاف الآخرين واستعبادهم واذلالهم واهانتهم واضطهادهم وقهرهم وظلمهم.
العلو الذي يهيمن على كل شيء ويسيطر على إرادات الآخرين ويتفرد بالتصرف في أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم وأشياءهم من دون قانون ولا ضابطة وإنما انسياقاً مع الشهوات والأهداف والمصالح واللآمال والطموحات, تماماً كفرعون ومن هم على شاكلة فرعون.
[إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم] ـ القصص/ 4.
وهذا العلو لا يتكرر مرتين كما يتكرر الإفساد مرتين وإنما هو علو واحد متواصل يبدأ من حين شروعهم بالإفساد الأول وإلى أن ينتهي الإفساد الثاني.
رابعاً: إن العباد الذين يبعثهم الله لمواجهة بني إسرائيل فيطهرون الأرض من رجسهم [فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً] هم أهل قم ومن سار على نهجهم.
روى أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) جالساً إذ قرأ هذه الآية [[فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً] فقلنا: جعلنا فداك من هؤلاء؟1
فقال ثلاث مرات: هم والله أهل قم.
وقد قال الإمام (ع) هذا الكلام قبل قيام إسرائيل في فلسطين بحوالى ألف وماءتي سنة.
أهل قم بما لهم من رمزية دينية وصفة دينية,وبما يمثلون من شريحة مؤمنة صادقة ومخلصة بكل امتدادتها, هم من يقودون اليوم حملة الدفاع عن فلسطين وشعب فلسطين ويدعون إلى إخراج المحتلين منها، وهم من أشد الناس حرصاً على تطهير فلسطين والقدس من رجس بني إسرائيل وهم يبذلون ويقدمون كل الدعم والمساندة والإمكانات للشعب الفلسطيني ولفصائل المقاومة في فلسطين من أجل تحرير فلسطين والقدس, وهم يتحملون في سبيل ذلك الكثير من الضيم والحصار والعقوبات والعداوات، ويواجهون على هذا الطريق الكثير من الكيد والتواطؤ والتآمر.
لقد كان الإمام الخميني (قده) أول من خصص يوماً للقدس وأعلن هذا اليوم,يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان،يوماً عالمياً للقدس, واعتبره أنه: يوم الإسلام.. يوم حياة الإسلام.. يوم امتياز الحق عن الباطل.. يوم امتياز المنافقين عن المستكبرين.. ويوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين.
وانطلاقاً من هذا فإن القدس وفلسطين في فهم الإمام الخميني قده هي قضية الإسلام قضية حق في مقابل باطل وقضية المستضعفين في مواجهة الطغاة والمستكبرين ,هي قضية مبدئية تتجاوز الأشخاص والجماعات والفئات والحركات والأحزاب والشعوب لتكون قضية التزام بالإسلام والحق والمقدسات ولتكون قضية أمة بأكملها.
ولذلك لا يجوز أن نربط قضية فلسطين والقدس وما يجري على الشعب الفلسطيني من قبل الصهاينة بموقف بعض الفلسطينيين مما يجري في المنطقة.
لا يجوز أن نحمل أخطاء بعض الفلسطينيين للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني, عندما يخطىء البعض فهو وحده يتحمل مسؤولية خطئه ولا نحمل القضية أخطاء الآخرين , فنغير ونبدل موقفنا من فلسطين لأن بعضاً من أهل فلسطين غيّر وبدل مواقفه من قضايا وأحداث في المنطقة.
نحن لن نبدل طريقنا مهما بدل الآخرون ومهما كانت الظروف والأوضاع.. لن نحيد عن طريق فلسطين ولن نبدل تبديلاً.. طالما هناك احتلال وطالما هناك عدوان وطالما هناك تدنيس للمقدسات وطالما هناك مذبحة جارية بحق الشعب الفلسطيني فنحن الى جانب فلسطين والشعب الفلسطيني المسلم المظلوم والى جانب المقاومة في فلسطين.
ما يقوم به العدو الصهيوني في غزة من جرائم ومذابح بحق أهل غزة يؤكد: الطبيعة الهمجية والوحشية لهذا العدو حيث يتماهى هنا مع الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تزرع المنطقة قتلا ًوتدميراً وفوضى.
هذه المذابح تأتي بعد فشل العدو عسكرياً وأمنياً واستخبارياً , وعجزه عن تحقيق أي إنجاز ميداني, وتأتي أيضاً نتيجة خسائره وإرباكه، فهو يلجأ إلى القصف التدميري لإيجاد توازن معنوي.
لقد أدرك العدو أن زمن الفرار أمام دباباته وآلته العسكرية قد ولى إلى غير رجعة، لأن هذا الزمن هو زمن المقاومة وزمن المقاومين الذين لا يمكن للعدو الصهيوني أن يكسر إرادتهم وعزمهم على المواجهة حتى تحقيق النصر,هذا الزمن هو الزمن الذي تكسر فيه المقاومة إرادة العدو والعدوان وتُسقط اسطورته التي لا تقهر كما اسقطت اسطورته المقاومة الاسلامية في لبنان في مثل هذه الايام من تموز 2006 وتسقط اليوم أمام المقاومة في غزة.
والحمد لله رب العالمين