صلاة الجماعة وتنمية الحس الاجتماعي
- المجموعة: 2015
- 13 آذار/مارس 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 654
صلاة الجماعة تعمق الروابط والعلاقات الاجتماعية بين المؤمنين, لأنه في الجماعة يتعرف المؤمنون على بعضهم البعض, وتكون فرصة للتلاقي والتعاون والتشاور والاهتمام بقضايا بعضهم البعض من خلال اطلاعهم على اوضاع بعضهم البعض وهموم بعضهم البعض, لأن المسجد كما هو محراب للعبادة فهو مكان أيضاً للتواصل والتلاقي والاجتماع والهداية واكتساب العلم والمعرفة.
خلاصة الخطبة:
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الجماعات التكفيرية التي تدعي الاسلام هي أكثر من أساء للإسلام ولرسالة المساجد وللمجتمع الاسلامي, وذلك من خلال سلوكهم الوحشي واللاإنساني.
حيث قتلوا ودمروا وخربوا وأثاروا الخوف والرعب في نفوس الناس, واحتلوا بعض المدن وارتكبوا فيها المجازر والفظائع كما حصل في الموصل وصلاح الدين والرقة وغيرها من المدن العراقية والسورية.. وحاولوا عن طريق التخويف والارهاب ان يصوروا انفسهم أقوياء وانه ليس بامكان أحد أن يلحق بهم الهزيمة .. ولكن بعد الذي حصل في كوباني ودرعا والقنيطرة وقبل ذلك في حمص وحلب وبعد الذي يحصل اليوم في تكريت وفي صلاح الدين انكشف أن هذه الجماعات هشة وضعيفة وعاجزة وهي أوهن مما يتصوره العالم.
وقال: ما يجري في العراق هو بداية سقوط هذه الفزاعة التي تسمى داعش والتي دعمها الغرب لتكون اداة في تفتيت هذه المنطقة وإثارة الفتنة بين شعوبها.
واعتبر: أن شعوب ودول المنطقة هي الاقدر على مواجهة التكفيرين والحاق الهزيمة بهم, وهم ليسوا بحاجة الى اميركا وحلفائها.
ورأى: أن الولايات المتحدة الاميركية تستخدم فزاعة داعش من اجل العودة العسكرية المباشرة الى العراق, وبناء قواعد عسكرية في هذا البلد, والضغط عليه لاقامة واقع سياسي وفق توازنات جديدة.
وختم بالقول: التجربة التي تحصل في محافظة صلاح الدين وتكريت تؤكد أن هزيمة هؤلاء ليست مستحيلة اذا توافرت الارادة الجدية وتكاتفت كل القوى والفئات الشعبية لقتالهم ومواجهتهم ..
نص الخطبة:
يقول الله سبحانه وتعالى: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
في زحمة الإنشغال والإنهماك بالأمور المادية وبالمصالح والشهوات والرغبات الدنيوية تشتد حاجة الانسان الى تنمية الجانب الروحي والمعنوي في شخصيته, والى تعزيز وتأكيد وتأصيل القيم في حياته حتى لا يصبح الانسان أسيراً لشهواته وأهوائه ورغباته.
وكلما ازدادت انشغالات الانسان المادية وانغمس اكثر في مصالح الدنيا, كلما اصبح الانسان بحاجة اكثر الى تطوير وتنمية الجانب الروحي في شخصيتهحتى لا تسيطر الشهوات والنزعات المادية على حياته.
وقد فرض الاسلام الكثير من العبادات والبرامج الروحية التي تجعل الانسان في اتصال دائم مع ربه سبحانه وتعالى يستمد منه الثقة والثبات والصمود في مواجهة المشاكل والازمات والاهواء والشهوات, وينال بالاعتماد عليه الرحمة والطمأنينة والاستقرار ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ).
وفي مقدمة هذه العبادات الروحية تأتي الصلاة, فهي فريضة اوجبها الله في اليوم خمس مرات كي يرتبط الانسان من خلالها بربه فيدعوه ويناجيه ويحدثه ويمجده ويطهر بها نفسه من الموبقات والشهوات والسيئات والذنوب.
ولذلك شبه رسول الله (ص) الصلاة بالنهر الجاري الذي اذا اغتسل فيه الانسان كل يوم خمس مرات فانه يحصل على نظافة جسده ولا يبقى عليه شيء من الاوساخ, وكذلك الصلاة فإن الانسان اذا صلى خمس مرات في اليوم طهرت نفسه من الذنوب والمعاصي ولم يبق عليه شيء منها.
فقد روى الامام الباقر (ع) عن رسول الله (ص) انه قال: لو كان على دار احدكم نهر فاغتسل فيه في كل يوم خمس مرات أكان يبقى في جسده من الدَرَنّ شيء؟ قالوا: لا, قال: فإن مثل الصلاة كمثل النهر الجاري كلما صلى صلاة كفرت ما بينهما من الذنوب.
ولكي يؤدي الانسان هذه الصلاة بشكلها الكامل وبحيوية ونشاط فقد شرع الله اداءها جماعة, بل اكدت الروايات على استحباب تأديتها جماعة, وأن أداء الصلاة جماعة يجعل ثوابها أعظم وفضلها أكبر وأجرها مضاعفاً.
فقد روي عن رسول الله (ص) أنه قال: الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة.
وعنه (ص): صلاة الرجل في جماعة خير من صلاته في بيته أربعين سنة, قيل: يا رسول الله صلاة يوم! فقال (ص): صلاة واحدة. أي أن كل صلاة واحدة جماعة خير من صلاة أربعين سنة فُرادة.
وعنه (ص): من حافظ على الجماعة حيث ما كان, مرَّ على الصراط كالبرق الخاطف اللامع, في اول زمرة مع السابقين,ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر, وكان له بكل يوم وليلة يحافظ عليها ثواب شهيد.
وعن الامام الصادق (ع) عن آبائه (ع) عن رسول الله (ص): من مشى الى مسجد يطلب فيه صلاة الجماعة كان له بكل خطوة يخطوها سبعين الف حسنة.
وعنه (ع) أيضاً: إن الله ليستحي من عبده اذا صلى في جماعة ثم سأل حاجته أن ينصرف حتى يقضيها.
ولصلاة الجماعة فوائد كثيرة:
فهي تعزز الحالة الايمانية في المجتمع, فعندما يحضر المسلمون في المسجد ويصلون مع بعضهم البعض جماعة فان ذلك يُعدّ مظهراً من مظاهر التدين والالتزام الديني في المجتمع, وهو يدفع الاخرين ويشجعهم على الصلاة واداء هذه الفريضة المهمة.
وصلاة الجماعة تعمق الروابط والعلاقات الاجتماعية بين المؤمنين, لأنه في الجماعة يتعرف المؤمنون على بعضهم البعض, وتكون فرصة للتلاقي والتعاون والتشاور والاهتمام بقضايا بعضهم البعض من خلال اطلاعهم على اوضاع بعضهم البعض وهموم بعضهم البعض, لأن المسجد كما هو محراب للعبادة فهو مكان أيضاً للتواصل والتلاقي والاجتماع والهداية واكتساب العلم والمعرفة.
كما أن صلاة الجماعة تزيل الفوارق بين المؤمنين, وتجعلهم يشعرون بالمساواة,وأنه لا فرق بين كبيرهم وصغيرهم وبين عالمهم وجاهلهم وبين الزعيم والانسان العادي.. فحينما يقف هؤلاء بجانب بعضهم البعض خلف امام واحد فان ذلك يشعرهم بالمساواة وعدم وجود تمييز بينهم, وهذا امر يعزز المودة والمحبة بين المؤمنين.
كذلك فان صلاة الجماعة تربي الانسان على النظام والانضباط والتقيد بالوقت, فحينما يأتي الانسان الى المسجد ليصلي جماعة فانه يتدرب على أداء الصلاة في اول وقتها, ويتقيد بالالتزام بالوقت المحدد, كما أنه يتعود على النظام من خلال أداء الصلاة خلف الامام بشكل منتظم وفي صفوف متراصة.
كما ان صلاة الجماعة تنمي الحس الاجتماعي لدى الانسان, فيشعر الانسان بالانتماء الى مجتمع متدين ومرتبط بالله.
والحث على الجماعة والتشجيع عليها ليس خاصاً بالرجال بل هو للرجال والنساء, لأنه من الثابت تاريخياً ان المرأة كانت تشارك في صلاة الجماعة في مسجد النبي (ص) وكانت تستمع الى خطبة رسول الله (ص) وارشاداته, وصلاتها في المسجد افضل من صلاتها في بيتها اذا كانت تحافظ على عفتها وسترها وحجابها وعدم اختلااطها بالرجال, كما هو الحال اليوم حيث يخصص للنساء مكان خاص في المسجد للصلاة فيه بعيداً عن الرجال, أما الأحاديث التي تفيد أفضلية الصلاة في البيت بالنسبة للمرأة وأن مسجد المرأة بيتها, فهي محمولة على ما إذا كان مجيء المرأة الى المسجد للجماعة يتنافى مع سترها عفتها ويستوجب اختلاطها بالرجال .
وبالرغم من كل هذا الثواب والأجر العظيم لصلاة الجماعة والفوائد والآثار الايجابية المترتبة عليها, نجد الكثيرين لا يقبلون عليها ولا يشاركون فيها.
من المؤسف أن نجد بعض مساجدنا شبه فارغة .. والإقبال على الجماعة فيها ضعيفاً أو خجولاً.
هناك الكثيرون لا يشاركون في صلوات الجماعة في المساجد, والبعض اذا حضر الى المسجد يصلي فرادى ولا يصلي جماعة, وهذا لا قيمة لصلاته .. بل إن صلاته تكون باطلة اذااستوجب ذلك هتك حرمة الامام والتوهين به, وهذا هو الرأي الفقهي لسماحة الإمام القائد(دام ظله) ولكثير من المراجع العظام.
وقد ورد عن الامام الباقر (ع)أنه قال: من ترك الجماعة رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له.
ترك الصلاة جماعة يكشف عن عدم الاهتمام بالدين وتعاليمه. فمن يترك الجماعة فمن لا يهتم بالدين وتعاليمه ولا يهتم بالحصول على الثواب الجزيل والأجر الكبير فانه يترك الجماعة ولا يبالي بها, أما من يهتم بتعاليم الدين ويدرك قيمة الجماعة وأهميتها وثوابها لا يمكن أن يتركها أو يتأخر عنها.
صلاة الجماعة هي مؤشر ومقياس لمدى التزام واهتمام المسلمين بالدين وبمقتضيات الايمان.
هناك قسم من الناس لا يصلي جماعة بسبب الكسل, يستعظم الذهاب الى المسجد للصلاة جماعة, ويستثقل ذلك, لأنها تأخذ جزءاً من وقته فيعتبر ان الصلاة في البيت أسهل وأيسر من الصلاة جماعة في المسجد.
البعض يأتي الى المسجد ولكنه يصلي فرادى في نفس الوقت الذي تقام فيه الجماعة, لأنه مستعجل ومنهمك بأشغاله وأعماله, ويخاف أن يفوته شيء من مصالحه, فيستعجل بالصلاة فرادى من أجل كسب الوقت! مع أن الوقت الذي تستغرقه صلاة الجماعة ضئيل وقليل, وقد يصرف الانسان أضعاف ذلك الوقت على أمور قد تكون تافهة في الجلسات والسهرات الفارغة.
البعض قد لا يشارك في الجماعة لأنه لا يجد من يشجعه على ذلك من اصدقائه ورفاقه, ولذلك يجب ان يساهم الجميع في التشجيع على أداء الصلاة جماعة في المساجد, ويمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج والحث على المشاركة في صلوات الجماعة, يمكن الاستفادة من الرسائل القصيرة والواتسآب والفايسبوك في دعوة الاصدقاء والاقرباء للمشاركة في صلاة الجماعة.
على كل فرد منا أن يشجع اقربائه واصدقائه ويدعوهم الى ارتياد المساجد والصلاة فيها جماعة.
على الشباب أن يقوموا بحملة اعلامية عبر وسائل التواصل للترويج لصلاة الجماعة,وكل هذا هو مصداق من مصاديق الدعوة الى الله والارشاد نحو الخير والامر بالمعروف.
ومساجدنا اليوم تربي الناس على الايمان والتقوى والطاعة, وتعلم الناس المحبة والمودة واحترام الآخرين واحترام رموزهم ومقدساتهم.
مساجدنا تربي الناس على الوحدة والتعايش والتلاقي حتى مع الذين نختلف معهم في العقيدة او في المذهب او في الإنتماء السياسي.
رسالة المساجد هي المحبة والاحسان والرحمة بالاخرين, لا التباغض واثارة الاحقاد والدعوة الى التقاتل والتناحر.
اليوم الجماعات التكفيرية التي تدعي الاسلام هي أكثر من أساء للإسلام ولرسالة المساجد وللمجتمع الاسلامي, وذلك من خلال سلوكهم الوحشي واللاإنساني , حيث قتلوا ودمروا وخربوا واثاروا الخوف والرعب في نفوس الناس, واحتلوا بعض المدن وارتكبوا فيها المجازر والفظائع كما حصل في الموصل وفي صلاح الدين وفي الرقة وفي غيرها من المدن العراقية والسورية.. وحاولوا عن طريق التخويف والارهاب ان يصوروا انفسهم اقوياء وانه ليس بامكان احد ان يلحق بهم الهزيمة .. ولكن بعد الذي حصل في كوباني السورية وفي درعا والقنيطرة وقبل ذلك في حمص وحلب وبعد الذي يحصل اليوم في تكريت وفي صلاح الدين انكشف ان هذه الجماعات هشة وضعيفة وعاجزة وهي أوهن مما يتصوره العالم .. خصوصا اذا توقف الدعم عنها وانسلخت عن البيئة الحاضنة التي تتلطى خلفها.
ما يجري في العراق هو بداية سقوط هذه الفزاعة التي تسمى داعش والتي دعمها الغرب لتكون اداة في تفتيت هذه المنطقة وإثارة الفتنة بين شعوبها.
ما حصل في العراق في الايام الاخيرة اثبت: أن شعوب المنطقة ودول المنطقة هي الاقدر على مواجهة التكفيرين والحاق الهزيمة بهم, وهم ليسوا بحاجة الى اميركا التي بدل ان تقوم بضرب الارهاب تضرب الجيش العراقي كما حصل بالامس حيث سقط العديد من الشهداء في صفوف الجيش العراقي بغارة لقوات التحالف.
الولايات المتحدة الاميركية ليست ضد الارهاب ولا ضد داعش ولا ضد هذه الجماعات التكفيرية الارهابية لأنها هي من صنعها ودعمها , لكنها تستخدم هذه الفزاعة من اجل العودة العسكرية المباشرة الى العراق, وبناء قواعد عسكرية في هذا البلد, والضغط عليه لاقامة واقع سياسي وفق توازنات جديدة.
التجربة التي تحصل في صلاح الدين وتكريت تؤكد ان هزيمة هؤلاء ليست مستحيلة اذا توافرت الارادة الجدية وتكاتفت كل القوى والفئات الشعبية لقتالهم ومواجهتهم ..
والحمد لله رب العالمين