محاضرة بعنوان التقوى القيت في قاعة معهد المعارف الحكمية في حارة حريك
- المجموعة: محاضرات
- 23 أيلول/سبتمبر 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 6120
لا نريد من خلال الحديث عن فلسفة التقوى، أن ندخل في بحث فلسفي أو عرفاني عميق حول هذه القيمة الأخلاقية والإنسانية التي أراد الله سبحانه لكل المؤمنين بل لكل الناس أن تكون ملكة فيهم تنعكس آثارها ونتائجها على حركة الإنسان وسلوكه وأخلاقه ومواقفه وعلاقاته وعلى مختلف جوانب حياته.
ما نريد الحديث عنه هنا هو مفهوم التقوى، مقوماتها، طبيعتها، ميزاتها، فضلها، وآثارها ونتائجها، بغية أن نربي انفسنا عليها.
بداية لا شك في أن أهم الأشياء بعد الاعتقاد بالمبدأ والمعاد وسائر الأصول والمباني العقيدية هو التقوى، تقوى الله عز وجل، فهي المثل الأعلى للحياة في الإسلام وعند الإمام أمير المؤمنين ومولى المتقين علي بن ابي طالب (ع) الذي نعيش ذكرى شهادته في هذه الأيام.
فقد أشار القرآن الكريم إلى التقوى مرات عديدة حتى بلغت هذه الكلمة ومشتقاتها أكثر من مائتين. وقلَّ أن ترد سورة في القرآن لم يرد فيها الأمر بالتقوى، تقوى الله عز وجل، وقل أن ترد خطبة أو كلام في نهج البلاغة لم يرد فيه الأمر بالتقوى ، بل نستطيع أن نقول أنه ليس هناك كتاب معتبر بعد كتاب الله يركز فيه على التقوى أكثر من نهج البلاغة،وليس هناك في نهج البلاغة مفهوم أو معنى أو قيمة من القيم الأخلاقية والإنسانية اعتنى بها الإمام (ع) أكثر من التقوى.
مفهوم التقوى:
فما هي التقوى؟
يفترض الكثيرون أن التقوى تعني: الحذر والاحتراز والبعد والاجتناب أي اجتناب المعصية والابتعاد عنها. فهي إذاً سلوك عملي سلبي وكلما كان الاجتناب أكثر والحذر أشد كانت التقوى أكمل!
وعلى هذا التفسير تكون التقوى:
أولاً: امرا منتزعا عن السيرة العملية والسلوك الإنساني.
ثانيا: هي سيرة عملية سلبية لا إيجابية.
ثالثاً: كلما كانت سلبيتها أكثر كلما كانت التقوى أكمل.
ولذلك نرى أن بعض المتظاهرين بالتقوى يحذرون التدخل في أي عمل ويجتنبون كل رطب وجامد وحار وبارد حرصا على سلامة تقواهم.
ولا شك أن الحذر والاجتناب هو من أصول الحياة للإنسان العاقل المتزن، فإن الحياة لا تخلو عن مقارنة بين السلب والإيجاب، والنفي والإثبات، والفعل والترك، والإقدام والإحجام.
بل لا يصل الإنسان إلى الإيجاب إلا عن طريق السلب، ولا إلى الإثبات إلا بعد النفي، وليست كلمة التوحيد: لا إله إلا الله إلا كلمة جامعة بين النفي والإثبات، ولا يمكن إثبات التوحيد إلا بعد نفي ما سوى الله تعالى.
ولذلك ترى أن الإيمان والكفر مقترنان، والطاعة والعصيان متلازمان أي أن كل طاعة تتضمن معصية، وكل إيمان يشتمل على كفر، " ... فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى".
ولكن...
أولاً: إن مفاهيم البعد والنفي والعصيان والكفر لا تصح إلا للعبور إلى اضدادها، ولا تصح إلا أن تكون مقدمات للارتباط بما يقابلها من مفاهيم وقيم.
ولذلك فلا بد أن يكون للابتعاد والاجتناب المفيد حدود وأهداف. فالسيرة العملية السلبية بلا حدود ولا قيود ولا أهداف، ليست مقدسة ولا هي محمودة العواقب.
ثانياً: إن مفهوم التقوى في الإسلام حسبما يستفاد من الآيات والنصوص المروية في نهج البلاغة وغيره لا يرادف كلمة الحذر حسب المفهوم المنطقي للترادف فإن التقوى كما في بعض الأحاديث وفي نهج البلاغة قيمة إيجابية لا سلبية قيمة مثبتة لا منفية، فليس معنى التقوى اجتناب المعصية، بل هي عبارة عن قوة روحية،وقدرة داخلية نفسانية تتولد للإنسان من التمرين العملي المستمر الذي يحصل من الحذر المقبول من الذنوب والمعاصي.
فالحذر المقبول والمنطقي يكون مقدمة للحصول على هذه الحالة الروحية والملكة النفسانية التي تجعل النفس الإنسانية قادرة على طاعة الأوامر والتكاليف الإلهية وامتثالها وقادرة على مقاومة رغبات النفس وأهوائها وشهواتها غير المشروعة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الاجتناب والحذر والابتعاد هي من لوازم حالة التقوى ونتائجها.
إن هذه الحالة الروحية النفسانية، تهب النفس قوة وقدرة ونشاطاً وتصونها وتحفظها من الانحراف والضلال والوقوع في المحرمات. ومن لم يمتلك في شخصيته هذه الحالة الروحية، هذه القدرة والقوة، هذه الملكة ملكة التقوى، فلا بد إذا أراد أن يحفظ نفسه من المعصية من أن يبعد نفسه عن اسبابها. وحيث أن البيئة الاجتماعية مليئة بأسباب المعاصي والضلال فلا بد له من أن يختار الانزواء التام عن المجتمع.
وعلى هذا: فلا بد إما أن نكون اتقياء وحينئذ يجب علينا أن نبتعدعن البيئة الاجتماعية بصورة مطلقة أو أن نرد المجتمع فنودع التقوى إطلاقاً، هذا هو مؤدى التفسير الأول بمعنى الحذر والاجتناب والابتعاد، وعلى هذا كلما كان الشخص أكثر إنزواءً وعزلة عن المجتمع كلما كان أكمل في التقوى وأجمع.
وأما على التفسير الثاني فإنه إذا حصلت الروح الإنسانية على ملكة التقوى فلا يضطر صاحبها إلى ترك المجتمع والاعتزال، إذ هو حينئذ يستطيع أن يحفظ نفسه من خلال هذه القوة الروحية من دون أن يخرجها عن المجتمع، فمن كانت تقواه بالمعنى الأول، كان كمن يأوي إلى جبل ليعصمه من المرض المعدي في البلد. أما من كانت تقواه بالمعنى الثاني الصحيح كان كمن يقي نفسه من المرض المعدي بالتلقيح ضده، فلا يضطر إلى أن يخرج من البلد أو يجتنب الناس، بل يسعى إلى مساعدة المرضى كي ينقذهم مما هم فيه من الألم المضني.
والخلاصة: التقوى في التفسير الصحيح هي قوة معنوية وروحية تحصل على أثر التمرين والممارسة، ولها آثار ونتائج ولوازم، ومن لوازمها الحذر من المعاصي واجتناب الذنوب.
واعتقد أن هذا التفسير ينسجم إلى حد كبير مع المعنى اللغوي للتقوى، حيث اخذت التقوى من مادة الوقاية وهي بمعنى الحفظ والصون.
قال الفيومي في المصباح المنير: وقاه الله السوء يقيه ووقاية: حفظه إلى أن قال: واتقيت الله اتقاءً، والتقية والتقوى: اسم منه، والتاء مبدلة من واو، والأصل: وقوى من وقيت. لكنه أُبدل ولزمت التاء في تصاريف الكلمة.
المصباح المنير ص 669
وفي القاموس المحيط: وقاه وقياً ووقاية وواقية:صانه إلى أن قال: والأسم التقوى. القاموس المحيط ج 4 ص 401
وقال الراغب في مفرداته: الوقاية،حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، والتقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف. مفردات الراغب ص 530
كما أن هذا التفسير يتناسب مع المعنى الاصطلاحي للتقوى الذي ذكره العلماء والمفكرون. ففي مفردات الراغب: التقوى هي ملكة نفسانية تصد النفس عن الوقوع في الخطأ والذنوب وصارت في عرف الشرع:حفظ النفس عما يؤثم. المفردات: ص 530/531
وقال المولى صالح المازندراني: وفي العرف صيانة النفس عما يضرها في الآخرة، وقصرها على ما ينفعها فيها.
شرح أصول الكافي: ج 8، ص 160
وفي النصوص والأحاديث وخاصة في نصوص نهج البلاغة شواهد كثيرة على هذا المعنى أيضاً : يقول أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة: "....ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات حجزته التقوى عن تقحم الشبهات ألا وإن الخطايا خيلٌ شمسٌ حمل عليها أهلها وخُلِعت لُجامها ، فتفحمت بهم في النار ألا وإن التقوى مطايا ذلك حُمل عليها أهلها وأعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة"
نهج البلاغة:خ16
فقد وصف الإمام (ع) التقوى في خطبته هذه بأنها حالة روحية معنوية من آثارها ضبط النفس وامتلاك ازمتها، فهي حالة تحجز عن اقتحام الشبهات. وصفة نفسانية توجب حجز النفس عن المعصية والشبهة، لا انها نفس الحجز والاجتناب.
ويستفاد من النص أيضا. أن من لوازم اتباع الهوى وترك التقوى هو انعدام الشخصية وضعف النفس أمام الأهواء والشهوات، وان فاقد التقوى حينئذ يكون كراكب ضعيف لا إرادة له في تسيير مركبه، بل المركب هو الذي يسير حيث يشاء ويهوى. وإن من لوازم التقوى قوة الإرادة وامتلاك الشخصية المختارة، كراكب ماهر على فرس مدرب يسير به في الاتجاه الذي يختاره بكل قوة واقتدار، فيطيعه الفرس بكل يسر وسهولة.
وفي نص آخر يقول (ع): "عباد الله، إن تقوى الله حمت اولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى اسهرت لياليهم وأظمئت هواجرهم" نهج البلاغة: خ114
ففي هذه الكلمة جعل الإمام (ع) الحذر من الحرام والخوف من الله، واجتناب المحرمات من آثار ولوازم التقوى لا عين التقوى. فالتقوى حالة يكون الحذر من الحرام من لوازمه وآثاره.
وعلى هذا الأساس فليست التقوى هي نفس الحذر، ولا نفس الخوف من الله، ولا اجتناب المعاصي والمحرمات، بل قوة روحية توحي بهذه الأموروتستتبعها.
وإن شئت قلت: ملكة نفسانية توجب قدرة النفس على امتثال الواجبات وترك المحرمات. وهنا استعرض بقية الموضوعات التي شملها هذا البحث ضمن النقاط التالية.
النقطة الأولى: متعلق التقوى:
إن متعلق التقوى حسب الآيات الواردة في هذا المجال مختلفة، فبعضها يدل على أنه هو الله سبحانه وتعالى كقوله تعالى: (واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) البقرة/ 194
وبعضها الأخر يدل على أنه هو يوم القيامة كقوله تعالى:(أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) الزمر/24 وكقوله تعالى: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) البقرة /28.
وبعضها يدل على أنه هو الجحيم والنار كقوله تعالى (واتقوا النار التي اعدت للكافرين). ولكن الواقع أن جميع هذه الأمور تعود إلى شيء واحد في الحقيقة، ان الوقاية من يوم القيامة أو من النار إنما ترجع إلى الوقاية والحذر من الله سبحانه وتعالى، إذ هو الذي يحاسب عباده يوم القيامة ويؤاخذهم ويعاقبهم ، وبعبارة أخرى: التقوى إما مستندة إلى المتعلق الاصلي، أو مستندة إلى الوسائط التي ترجع إلى الله سبحانه في نهاية المطاف.
النقطة الثانية: منشأ التقوى وسببها:
فإن المستفاد من بعض الأحاديث إنه الخوف الحاصل من المعرفة بالله واليوم الآخر، فإن من عرف الله سبحانه حق معرفته خاف من مخالفته، وكيفية الخوف قلة وكثرة ترتبط بكيفية المعرفة، إذ درجات المعرفة مختلفة، فكلما زادت المعرفة زاد الخوف وكلما قلت المعرفة قل الخوف.
إذن: رسوخ تلك الحالة في النفس ناشئة عن الخوف الحاصل من المعرفة بالله عز وجل ويشهد بذلك قوله عليه السلام " التقوى: ما ينفجر من عين المعرفة بالله."
النقطة الثالثة: مراتب التقوى:
وللتقوى مراتب ودرجات، بحسب لوازمها وآثارها، فأدناها هوترك المحرمات وفعل الواجبات، واعلى منه درجة هو ترك المكروهات وفعل المستحبات واعلى منه درجة هو الوصول إلى درجات اليقين والرضا والتسليم بجميع تقديرات الله سبحانه وتعالى.
ومن هنا نرى أن الإمام الصادق (ع) يقسم التقوى إلى ثلاث مراتب حيث يقول (ع):
التقوى على ثلاثة أوجه: تقوى بالله في الله: وهو ترك الحلال فضلا عن الشبهة وهو تقوى خاص الخاص ، وتقوى من الله : وهو ترك الشبهات فضلا عن الحرام. وهوتقوى الخاص، وتقوى من خوف النار والعقاب: وهو ترك الحرام وهو تقوى العام.
البحار: ج،70 ص 295 ج 41
النقطة الرابعة:
إن التقوى هي الملاك الوحيد للفضيلة، والشرف والكمال، وإن كل عمل يصدر من غير تقوى لا فضيلة فيه بل لا قيمة له كما يشهد لذلك قوله تعالى: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خير أم مَّن أسس بنيانه على شفا جرف هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين)
التوبة /109
وقوله تعالى: (لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه)
التوبة /108
وقوله عليه السلام: والمتقي محبوب عند كل فريق، وفيه جماع كل خير ورشد، وهوميزان كل علم وحكمة، وأساس كل طاعة مقبولة، والتقوى ما ينفجر من عين المعرفة بالله يحتاج إليه كل فن من العلم
البحار/ج70 ص294
النقطة الخامسة: آثارالتقوى ونتائجها:
فإن للتقوى نتائج مهمة أشار إليها القرآن الكريم كما أشار إليها نهج البلاغة، وإن من أهم آثار التقوى أثران مهمان وكبيران:
احدهما: البصيرة النيرة والرؤية الواضحة، فإن المستفاد من الآيات والأحاديث، إن التقوى تمنح الإنسان بصيرة سديدة يستطيع من خلالها التمييز وتشخيص المصالح الواقعية.
يقول تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً
الانفال/29
ويقول سبحانه: واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم البقرة /282
ويقول أمير المؤمنين (ع) : فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم وبصر عمى افئدتكم. نهج البلاغة /خ 198
وقال رسول الله (ص): جاهدوا انفسكم على أهوائكم تحل قلوبكم الحكمة
البحار: ج70 ص 59
فإن ظاهر هذه الآيات والأحاديث وأمثالها، أن التقوى تمنح العقل الإنساني بصيرة، وتقوي قدرته على الإدراك والتمييز، والعقل هو رسول الحق، كما في الحديث، وقد جعلت هذه الرسالة على عاتقه وهو قادر على القيام بها إذا لم تثر الأهواء والغرائز المشاكل أمامه، فالاهواء والرغبات والشهوات اعداء العقل وهي لا تدعه يؤدي مهمته وتكاليفه في تبليغ الحق وإيصال رسالة إلى الناس.
فقد ورد في الحديث عن علي (ع) : الهوى عدو العقل
غرر الحكم ج1 ص 13
وعن علي (ع) :من لم يملك شهوته لم يملك عقله غرر الحكم ص 702
وعن علي (ع): العجب يفسد العقل غرر الحكم ص 26
إذاً مع الأهواء والشهوات والمعاصي يصبح العقل غير قادر على التمييز والإدراك والقيام بمهمته الرسالية وحينما تحيط به من جميع الجهات كالضباب الغليظ وتنطفئ نوره وتمنعه من إدراك الواقعيات، إذ كيف يمكن لصاحب الشهوة أن يدرك مصالحه الواقعية وأن يقف في وجه غرائزه المسيطرة؟ وكيف يمكن للمغرور أن يرى عيوب نفسه حتى يسعى لإصلاحها؟
والأمر نفسه ينطبق على سائر الصفات الذميمة والمحرمات مثل الغضب، الحسد، الطمع، الحقد، حب المال، حب الدنيا الخ....
لذلك تعتبر التقوى بما أنها قوة روحية يستطيع الإنسان من خلالها امتثال الواجبات ودفع المحرمات من أفضل عوامل البصيرة التي تزيد في قدرة الإنسان على معرفة واجباته وتكاليفه.
ولا بد من الالفات هنا إلى أن التقوى موجبة لزيادة البصيرة في العقل العملي وفي تشخيص وتمييز الواجب أو بحسب المصطلح في معرفة الواجبات من المحرمات داخل العقل النظري وفي إدراك الحقائق.
فهذا لا يعني أن غير المتقي ليس قادرا على إدراك المسائل الرياضية والطبيعية وغيرها، وإن كنا نعتقد بأن للتقوى تأثيرا أيضا على حدة الوعي والفهم والإدراك بنحو من الانحاء. هذا كله في الأثر الأول من آثار التقوى.
وأما الأثر الثاني فهو القدرة على حل المشكلات والخروج من الازمات، فإن من أهم آثار ونتائج التقوى أنها تعطي الإنسان هذه القدرة على التغلب على المشاكل ومصاعب الحياة.
ويقول سبحانه (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) الطلاق /4
وقال أمير المؤمنين (ع): فمن اخذ بالتقوى غربت عنه الشدائد بعد دنوها واحلولت له الأمور بعد مرارتها، وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها، واسهلت له الصعاب بعد انصابها) نهج البلاغة/ خ80
إذاً التقوى تساعد الإنسان في حل المشكلات وذلك لأن أكثر المصائب والشدائد والأزمات التي تجعل حياة الإنسان مرة معلولة للصفات السيئة والأهواء والرغبات النفسية وغلبت وساوس الشيطان.
أغلب المشاكل العائلية مثلاً: تنشأ من الزوج أو الزوجة أوكليهما معا نتيجة لعدم سيطرتهما على أهوائهما النفسية.
الأخلاق الفاسدة، الحسد، الحقد حب الانتقام التعصب حب الذات الغرور الطمع التكبر حب الدنيا حب الزعامة والجاه الخ .... هذه الأمور هي التي تسبب الهم والغصة للإنسان فتحول حياته السعيدة إلى حياة مرة.
وأفضل شيء يمكنه منع وقوع هذه الأمور هو التقوى والسيطرة على النفس وضبطها وصيانتها ولذلك نجد أن المتقي حقا لا يعاني من هذه الأزمات أصلاً، يستمر في حياته بقلب مطمئن ونفس نورانية يجهز في حياته زاد آخرته.
حب الدنيا مصدر كل المشاكل في الحياة، أما المتقي فليس متعلق في الدنيا وما فيها حتى يتألم لفقدانها.
وبالإضافة إلى كل ذلك فإن التقوى وثيقة تضمن للإنسان نوعا من الأمن من الزلل والانحراف والفتن.
ولكن يجب على الإنسان أن لا يغفل لحظة عن حماية التقوى وصيانتها، فإن التقوى وإن كانت واقية للإنسان في مواجهة تحديات الشيطان ورغبات النفس إلا أنه مع ذلك على الإنسان أن يكون واقيا وحافظا لها وهذا ليس من الدور المحال بل هو من نوع المحافظة والحماية المتقابلة بين الإنسان والثياب إذ أن الإنسان يحافظ عليها من التمزق والسرقة، وهي تحافظ على الإنسان من الحر والبرد والبأس وغير ذلك.
وقد أشار امير المؤمنين(ع) إلى هذا الدور الذي ينتظرنا جميعا تجاه التقوى، فقال (ع) : .... ايقظوا بها نومكم واقطعوا بها يومكم واشعروها قلوبكم وارحضوا بها ذنوبكم ... ألا فصونوها وتصوّنوا بها .... نهج البلاغة /خ 189
وقال (ع): (أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم والموجب على الله حقكم وأن تستعينوا عليها بالله وتستعينوا بها على الله) نهج البلاغة خ/189
وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.