محاضرة حول صلح الامام الحسن(ع) في بلدة كيفون بتاريخ 15/ شهر رمضان/ 1418 هـ.
- المجموعة: محاضرات
- 14 كانون2/يناير 1998
- اسرة التحرير
- الزيارات: 6807
لقد كان الحسن احب الناس الى النبي بل لقد بلغ من حبه له ولأخيه الحسين انه كان يقطع خطبته في المسجد وينزل عن المنبر ليحتضنهما .وكان المسلمون يرون رسول الله كيف يهتم بالحسن ويحتضنه ويصبر عليه وحين كان يصعد وهو بسن الطفولة على ظهر النبي وهو ساجد في الصلاة كان يطيل السجود الى درجة ان المسلمين كانوا يظنون ان الوحي ينزل عليه فيقولون له : يا رسول الله هل نزل عليك الوحي؟ فيقول لهم :لا، ولكني احببت ان لا ازعج ابني حتى ينزل من تلقاء نفسه عن ظهري.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
في هذه الأيام المباركة نلتقي بذكرى ولادة الإمام الثاني من ائمة اهل البيت (ع) الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهو الإمام المجتبى الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام الذي ولد في حياة جده الرسول الأكرم (ص) في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة النبوية .
ولا بد لنا ان نقف أمام هذه الذكرى المجيدة لنتعرف على موقع الحسن في الاسلام والعقيدة ،ولنتعرف على فضله وخطه وبعض مواقفه وسيرته من أجل ان نعيش الالتزام بامامته والاقتداء بشخصيته والارتباط بنهجه والاستفادة العملية من مواعظه وكلماته.
ولاننا لا نستطيع الاحاطة بكل سيرته في مثل هذا الحديث المختصر فانني اقتصر على اثارة وتحليل بعض المواقف والجوانب المتعلقة بحياته في ثلاث نقاط:
في النقطة الأولى : نطلع على بعض المواقف التي اطلقها رسول الله (ص) تجاه الحسن (ع)والتي تبين مكانة وموقع ومنزلة الحسن (ع) في الاسلام والعقيدة.
في النقطة الثانية :نحلل الحدث السياسي الأبرز في المرحلة التي تولى فيها الحسن (ع) الخلافة وهو صلحه مع معاوية.
وفي النقطة الثالثة : نذكر بعضاً من سيرته وكلماته من اجل الاستفادة العملية منها .
اما النقطة الأولى : فان المعروف ان الإمام الحسن (ع)عاش في ظل جده المصطفى (ص)سبع سنوات ،وفي هذه السنوات السبع كانت هناك علاقة حميمة بين الرسول وبين الحسن تجاوزت حدود العلاقة العائلية والعلاقة العاطفية التي تربط الأب بأبنه والجد بحفيده.
كان النبي (ص) يرعى تربية الحسن رعاية مميزة وخاصة ،فكان يغذيه بادابه ومعارفه ، ويعطيه من علومه واخلاقه وحكمه علماً واخلاقاً وحكمة ويربي فيه المؤهلات الكافية لأن تجله جديراً بدور قيادي على مستوى الأمة في المستقبل .
فالتاريخ ينقل لنا عن الإمام الحسن أنه كان يحضر مجلس رسول الله وهو ابن سبع سنين فيسمع الوحي بعد ان يبينه رسول الله للناس فيحفظه فياتي إلى أمه فيلقي اليها ما حفظه وكان كلما دخل عليها علي (ع) وجد عندها علماً بالتنزيل وهي لم تكن حاضرة في المسجد فيسألها علي(ع) عن ذلك فتقول: من ولدك الحسن.
تقول الرواية :ذات يوم تخفى علي(ع) في الدار ليسمع ولده الحسن كيف يحدث أمه بالتنزيل وكان الحسن قد دخل الدار وقد سمع الوحي ،فاراد ان يلقيه اليها كالعادة فارتج عليه (اي صعب عليه الكلام)وشعر بالرهبة فتعجبت أمه من ذلك : فقال لا تعجبي يا اماه فان كبيراً يسمعني واستماعه قد اوقفني فخرج علي (ع) وقبله اعتزازاً به.
فأن هذا النص يدل على ان الحسن (ع) كان يتغذى من رسول الله روحانية واخلاقاً وعلماً حتى وهو في هذا السن الطفولي.
وكانت هذه السنوات السبع التي عاشها الحسن في رعاية وتربية النبي على قلتها كافية لأن تجعل من الحسن صورة مصغرة عن شخصية رسول الله حتى اصبح جديراً بذلك الوسام الذي منحه اياه رسول الله عندما قال له : اشبهت خلقي وخُلُقي.
ولم يكن هذا الموقف هو الموقف الوحيد من رسول الله تجاه الحسن لقد اطلق رسول الله مواقف عديدة تجاه الحسن تعبر عن عمق مكانة هذا الإمام في الاسلام وفي العقيدة.
وهناك عشرات النصوص المروية التي عكست مواقف متنوعة عن رسول الله في حق الحسن وفي حق اخيه الحسين اللذين لم يكن يفصل النبي بينهما في الرعاية والفضل والمحبة .
فقد كان يقول (ص)فيما رواه المسلمون على اختلاف طوائفهم عنه: الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة .
وكان يقول وهو يشير اليهما :اللهم اني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما وابغض من يبغضهما .
ويصرح في موقف اخر : الحسن والحسين إمامان قاما او قعدا .
ويشير اليهما فيقول : انتما الإمامان ولأمكما الشفاعة.
وهكذا كان يقول عن الحسن : هو سيد شباب اهل الجنة وحجة الله على الأمة امره امري وقوله قولي من تبعه فانه مني ومن عصاه فانه ليس مني.
وفي موقف اخر ينقله لنا انس بن مالك يقول: دخل الحسن على النبي فاردت ان ابعده عنه فقال (ص) ويحك يا انس دع ابني وثمرة فؤادي فان من اذاى هذا آذاني ومن آذاني فقد آذى الله.
وهكذا كان يقول (ص):لو كان العقل رجلاً لكان الحسن .
لقد كان الحسن احب الناس الى النبي بل لقد بلغ من حبه له ولأخيه الحسين انه كان يقطع خطبته في المسجد وينزل عن المنبر ليحتضنهما .
وكان المسلمون يرون رسول الله كيف يهتم بالحسن ويحتضنه ويصبر عليه وحين كان يصعد وهو بسن الطفولة على ظهر النبي وهو ساجد في الصلاة كان يطيل السجود الى درجة ان المسلمين كانوا يظنون ان الوحي ينزل عليه فيقولون له : يا رسول الله هل نزل عليك الوحي؟ فيقول لهم :لا، ولكني احببت ان لا ازعج ابني حتى ينزل من تلقاء نفسه عن ظهري.
هذا السلوك من النبي (ص) تجاه الحسن والحسين وهذا التكريم الرسالي لهما،وتلك المواقف الكبيرة بحقهما لم تكن ناتجة عن القرابة النسبية والعائلية التي تربط الرسول بالحسن والحسين ولا عن مصالح واهواء شخصية من النبي (ص)،لأن رسول الله لم يكن ينطلق في سلوكه وفي مواقفه من منطلقات عاطفية ولا من منطلق المصالح والاهواء الشخصية ،وانما كان (ص) ينطلق في ذلك كله من اجل دين الله ورسالة الله ويتحرك دائماً بالاتجاه الذي يخدم هذا الدين وحاضر ومستقبل هذه الرسالة.
إن اظهار هذه المواقف بشكل علني وفي الوسط الإسلامي العام وأمام الملأ العام وحتى من على المنبر احياناً، كان له هدف اسمى وابعد من الارتباط العاطفي ،واظهار المحبة والمودة فقط.
هذه المواقف كان لها مؤشرات ودلالات بعيدة المدى ترتبط بمستقبل هذا الدين وهذه الأمة بعد رسول الله.
الهدف من هذه المواقف هو :
اولاً:الفات الامة الى ما ينتظر هذا الوليد الجديد الإمام الحسن من دور قيادي هام على صعيد تحمل مسؤولية هداية ورعاية وقيادة هذه الأمة ، واعداد الناس نفسياً ووجدانياً لقبول امامة الحسن والحسين وسائر الأئمة بعده، واظهار احقية الحسن واهل بيته في خلافة النبي وقيادة الامة الاسلامية من بعده.
ثانياً: اراد النبي (ص)من خلال هذه المواقف إيجاد المناخ النفسي الملائم لدى الأمة من اجل ان لا تستسلم امام محاولات الابتزاز لحقها المشروع في الاحتفاظ بقيادتها الالهية التي فرضها الله لها،او على الاقل ان لا تتأثر بعمليات التشويه التي قد تتعرض لها القيادة الرسالية الشرعية بعد رسول الله .
ثالثاً: ان تلك المواقف التي اطلقها رسول الله بحق الحسن والحسين تعني ان النبي قد بث في الحسنين من العلوم والمعارف والحكم والاخلاق،وربى فيهما المؤهلات الكافية التي تجعلهما جديرين بمقام الخلافة والقيادة بعده.
رابعاً: ان هذه المواقف تشير الى انه يجب ان يكون ارتباطنا بالحسن والحسين وبسائر ائمة اهل البيت عليهم السلام ارتباطاً عقيدياً وارتباطاً فكرياً وليس مجرد ارتباط عاطفي او نفسي او قلبي، ان يكون ارتباطنا بهم ارتباط الولاء لهم وارتباط القيادة وارتباط الطاعة وارتباط الاتباع وارتباط العمل والسلوك .ان يكونوا لنا قدوة واسوة نهتدي بهم ونستلهم منهم قضايا العقيدة والتشريع والاخلاق وكل المعاني السامية التي عاشوا من اجلها وضحوا واستشهدوا في سبيلها.
النقطة الثانية : ان الإمام الحسن تولى الخلافة بعد استشهاد ابيه امير المؤمنين في سنة 40 للهجرة وكان أبرز ما في هذه المرحلة على المستوى السياسي هو توقيع الحسن على وثيقة الصلح مع معاوية بعد صراع طويل بدأ منذ ان تمرد معاوية في عهد خلافة امير المؤمنين على الشريعة الاسلامية وبعد ان انتهج معاوية سياسة الارهاب والقتل والتعذيب والتشريد والتجويع بحق المسلمين .
هذه الوثيقة وثيقة الصلح والهدنة والمسالمة ،تخلى بموجبها الإمام الحسن (ع)عن خيار المواجهة والحرب والجهاد الذي بدأ في حياة ابيه في حرب صفين وتم التوقيع على ان يكون الحكم لمعاوية ما دام حياً وفق شروط اشترطها الإمام الحسن (ع) على معاوية وتم التوقيع عليها من قبله.
بنود الصلح:
منها ان يعمل معاوية بكتاب الله وسنة رسوله وبسيرة الخلفاء والصالحين .
منها ان يكون الحكم بعد معاوية للحسن وإلا فلأخيه الحسين .
منها ان يترك سب امير المؤمنين وان لا يذكر علياً الا بخير .
ومنها ان لا يطلق الحسن تسمية امير المؤمنين على معاوية وان لا يقيم عنده شهادة .
ومنها ان يكون جميع الناس آمنون اينما كانوا من ارض الله وان لا يلاحق معاوية احداً بسوابقه وان يكون شيعة علي آمنين وان لا يتعرض لاحد منهم بسوء وان يوصل الى كل ذي حق حقه.
هذه اهم بنود الوثيقة التي وقع معاوية عليها وعاهد الله على الوفاء والالتزام بها .
وهنا قد نتساءل ما هي الاسباب التي دفعت بالحسن الى مثل هذا الصلح؟؟
بالتأكيد لم يتخد الإمام الحسن هذا الموقف لانه لم يكن يملك الشجاعة وروح التضحية ولم يكن رجل موقف والحقيقة ان من يسمح لنفسه ان يتصور ذلك يقع في خطأ كبير.
فنحن نعرف بأن الإمام شارك في حرب صفين ضد معاوية مع ابيه امير المؤمنين وكانت له مواقف تعبر عن منتهى الشجاعة.
فقد كان يبادر في صفين ليحمل على صفوف اهل الشام بكل بسالة وكان عندما يراه امير المؤمنين يقول لمن حوله:امسكوا عني هذا الغلام لا يهدني (اي يهلكني) فإنني أنفس (اي أبخل) بهذين (يعني الحسن والحسين) لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله.
فالحسن كان يملك شجاعة الجهاد كما كان يملكها الحسين .
الا ان الظروف التي احاطت بالحسن وواقع شعبه الذي اصيب باخلاقه وعقيدته وسلوكه وحجم الضغوط الداخلية والخارجية والشعور بخطورة الموقف على مسيرة الحركة الرسالية وابناء هذه الحركة كل هذه الامور اضطرت الإمام الحسن للقبول باتفاقية الهدنة والصلح بينه وبين معاوية كخيار وحيد للحفاظ على ابناء الحركة الرسالية الأصيلة.
الظروف والضغوط التي دفعت الحسن لمصالحة معاوية هي:
ان عامة الناس انذاك كانت قد ملت الحرب نتيجة الحروب المتتالية في عهد امير المؤمنين ،فقد مرت على الناس في عهد علي خمس سنين لم يضعوا فيها سلاحهم فقد انتقلوا من حرب الجمل الى حرب صفين الى حرب النهروان بحيث ان هذه الحروب المتتالية جعلتهم يكرهون القتال ويميلون الى السلم والراحة .
وحتى في زمن امير المؤمنين فقد تثاقلوا عن الاستجابة لعلي حين دعاهم للخروج الى صفين مرة ثانية في اواخر حياته الشريفة.
وقد عبر الإمام علي (ع) عن حالة التململ من الحرب التي كان يعيشها الناس انذاك احسن تعبير عندما قال في بعض خطبه:
لقد سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة عوضا وبالذل من العز خلفا اذا دعوتكم الى جهاد عدوكم دارت اعينكم كأنكم من الموت في غمرة ومن الذهول في سكرة.
وفي موضع اخر يقول (ع): ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءاً فمنهم الآتي كرهاً ومنهم المعتل كاذباً ومنهم القاعد خاذلاً واسأل الله ان يجعل منهم فرجاً عاجلاً ، والله لولا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة لاحببت ان لا ابقى مع هؤلاء يوماً واحداً ولا التقي بهم ابداً.
لقد كانت هذه حالة الناس في عهد علي فلما استشهد علي (ع) وتولى الحسن الخلافة برزت هذه الظاهرة ظاهرة التقاعس عن القتال والجهاد على اشدها خاصة عندما دعاهم الحسن للتجهيز لحرب معاوية فإن الاستجابة كانت بطيئة جداً.
وبالرغم من ان الامام الحسن قد استطاع بعد محاولات استنهاض كبيرة ان يجهز جيشا ضخماً لحرب معاوية إلا ان هذا الجيش كان جيشاً مهزوماً قبل ان يواجه العدو بسبب التيارات والاحزاب المتعددة التي كانت تتجاذب هذا الجيش فقد كان فيه جماعة من رؤساء القبائل الذين لا يهمهم الا الحصول على المال والسلطان والموقع كعمر بن سعد وقيس بن الاشعث وغيرهما وهؤلاء استطاع معاوية اغرائهم بالمال والجاه فوعدوه بان يسلموه الحسن حياً او ميتاً.
وكان في الجيش حزب الخوارج وهم الذين يريدون حرب معاوية باية وسيلة وهؤلاء انفسهم كانوا يحملون حقداً بالغاً على الإمام الحسن بسبب حرب النهروان التي خاضها علي (ع) ضدهم.
وكان في الجيش هذا جماعة من الطامعين الذين يطمعون في الحصول على المكاسب والغنائم وكان شعار هؤلاء (من اعطانا الدراهم قاتلنا معه) وكان فيه من اولئك الذين لم يفهموا اهداف الحسن ولا اهداف المعركة وانما كانوا يعتبرون ان الحسن ومعاوية بمستوى واحد كل منهما يريد الحصول على الحكم، وكان في الجيش امثال عبيد الله بن عباس الذي جعله الحسن قائدا على اثنا عشر الف جندي فارتكب خيانة كبرى حيث اشتراه معاوية بمئة الف دينار فقفز فوق القرابة والقيم والضمير والوجدان وتسلل الى معسكر معاوية في الليل ومعه ثمانية الاف جندي ففتح بذلك باب الفتنة والخيانة امام الطامعين واصحاب النفوس الضعيفة فتوالت الخيانات في الجيش.
يضاف الى كل ذلك الحوادث القاسية التي عاشها الحسن (ع) مع هذا الجيش بسبب :
1-خيانة رؤوس القبائل وبعض الجماعات السياسية واتصالهم بمعاوية .
2-الاشاعات الكاذبة التي اشاعها عملاء معاوية داخل صفوف الجيش بان الإمام قد صالح معاوية مما اوقع الجيش في اختلاف كبير حيث اندفع بعض الجنود نحو موقع الإمام فنهبوا امتعته واعتدوا عليه وجرحوه ولو كان لدى زعماء القبائل ايمان بالهدف لقاموا بحماية الإمام من الاعتداء الا انهم لم يفعلوا.
3-رشوات معاوية التي كان يوزعها على بعض الجماعات في الجيش لانتمائهم الى صفه .
4-دعوة معاوية الى الصلح وحقن الدماء مما جعل البسطاء يضعفون عن القتال.
امام هذا الواقع السيء رأى الإمام الحسن ان المجتمع عاجز عن مواجهة معاوية والانتصار عليه وراى ان الحرب والمواجهة ستكلفه القضاء على المخلصين من ابناء الحركة الرسالية ومن اتباعه بينما يستمتع معاوية بنصر حاسم، عند ذلك اختار الصلح كخيار وحيد للحفاظ على رسالته واتباعه.
ولذلك فهو يقول عن بعض اسباب صلحه لمعاوية : (اني خشيت ان يجتث المسلمون عن وجه الأرض فاردت ان يكون للدين ناعٍ.)
اما النقطة الثالثة فاننا نريد ان ننظر الى صورة موجزة عن سيرة الحسن الذاتية كما يصفه لنا ابن اخيه الإمام زين العابدين (ع)
يقول الإمام زين العابدين (ع) عن خصائص الحسن : كان اعبد الناس في زمانه واهدهم وافضلهم كان اذا حج حج ماشيا وربما مشى حافيا، وكان اذا ذكر الموت بكى واذا ذكر القبر بكى واذا ذكر البعث والنشور بكى واذا ذكر الممر على الصراط بكى واذا ذكر العرض على الله شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان اذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل، وكان اذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار ، وكان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل (يا ايها الذين امنوا )الاقال لبيك اللهم لبيك ولم ير في شيء من احواله الا ذاكرا الله سبحانه.
وكان(ع) الحليم الذي يضبط نفسه عند الاستفزاز، كان الحلم منهجا وسلوكا واخلاقا له .
ولذلك يروى انه لما استشهد الحسن (ع) اخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره فقال له الحسين (ع) تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعه الغيظ؟ فقال مروان: نعم، كنت افعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال.
هذه صفة الحسن وهي صفة اهل البيت ونحن عندما نتذكر الامام الحسن ونتذكر اهل البيت فاننا نريد ان نجدد التزامنا بهم وبأمامتهم وبخطهم وبكل ما نصحونا وعلمونا لان ذلك معنى ان نكون معهم .
وقد سأله بعض الناس عن رأيه في السياسة فقال (ع):هي ان تراعي حقوق الله وحقوق الاحياء وحقوق الاموات.فاما حقوق الله : فاداء ما طلب والاجتناب عما نهى، واما حقوق الاحياء : فهي ان تقوم بواجبك نحو اخوانك ولا تتأخر عن خدمة امتك ، وان تخلص لولي الأمر ما اخلص لامته، واما حقوق الاموات : فهي ان تذكر خيراتهم وتتغاضى عن مساوئهم فان لهم ربا يحاسبهم .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين