الإسراف والتبذير
- المجموعة: 2021
- 18 حزيران/يونيو 2021
- اسرة التحرير
- الزيارات: 110
لقد نهى الله عن الاسراف والتبذير في العديد من الايات وحذر من تداعياتهما الخطيرة على الفرد والمجتمع فقال تعالى عن الاسراف: ﴿ ... وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ).
وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾
وقال عَزَّ و جَلَّ عن التبذير: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ .
والفرق بين الاسراف والتبذيرهو أن الاسراف يُطلق على تجاوز الحد في الانفاق و الصرف، اي الصرف زيادة على مقدار الحاجة ، لأن الحد المسموح به في الصرف والانفاق هو ما ترتفع به الحاجة، فيكون الزائد إسرافاً، و أما التبذير فهو الصرف في غير الوجهة الصحيح، اي الإنفاق فيما لا ينبغي.
ولا شك ان النهي عن الاسراف والتبذير يتأكد في الظروف التي يعيش فيها الناس ضائقة معيشية واقتصادية حيث يصبح المطلوب الاقتصاد في الصرف وترشيد النفقات والاقتصار على موارد الحاجة والضروريات تحسبا للأسوء .
وهناك مظاهر عديدة للإسراف والتبذير: فهناك الاسراف في الطعام والشراب، والاسراف في الملبس والمسكن، والاسراف في شراء السيارات والهواتف والإسراف في إهدار الطاقات، كالماء والكهرباء والبنزين، الإسراف في حفلات الزواج، والاسراف في الكلام والثرثرة وإضاعة الأوقات وهناك مظاهر للاسراف المعنوي كالاسراف في المدح أو الذم، والاسراف في نقد الآخرين، أو تزكية الذات، والاسراف في السهر والنوم وما شاكل ذلك .
ومثل هذه الظواهر شائعة في مجتمعنا ، ويقع فيها او في بعضها كل الطبقات والشرائح الاجتماعية والطائفية والحزبية ، ولا يكاد ينجو منها الا القليل من الناس .
اليوم وبالرغم من الازمة المالية والمعيشية نجد الكثيرمن مظاهر البذخ والترف والاسراف والتبذير في مجتمعنا وكأننا لسنا في ازمة .
البذخ في شراء السيارات الفاخرة واخر موديلات الهواتف النقالة والبذخ في الطعام والشراب والملابس وكثرة التردد الى المطاعم والمقاهي بحيث نجد حتى في هذه الظروف الصعبة التي يمربها الناس في لبنان نجد المطاعم والمقاهي مملوئة بالرواد.
المطلوب ان يتوازن الانسان في حاجاته وفي مصارفاته وفي طريقة ادارته لشؤونه، فالاسلام أمر بالتوسط والاعتدال، فلا تُغلُّ الأيدي إلى الأعناق بخُلاً وتقتيرًا، ولا تُبسط كلَّ البسط إسرافًا وتبذيرًا: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) الإسراء: 29 (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما)ً الفرقان: 67.
وفي الازمات المعيشية ومع ازدياد نسبة الفقر والحاجة لدى الناس يصبح ترشيد الانفاق والابتعاد عن الاسراف اكثر مطلوبية ، ويجب ان يراعي الانسان واقع الناس فلا يصح حتى لو كان مقتدرا ماليا ان يعيش فوق الناس، فبعض المقتدرين مترفون في الوقت الذي يعاني الناس من الحاجة والفاقة مما يزيد من معاناتهم.
الميسورون والذين يتقاضون رواتب عالية، او من لديهم ادخار مالي وفير، مطالبون بمراعاة مشاعر الناس في هذه الظروف الصعبة والابتعاد عن كل مظاهر البذخ والاسراف ، ومن يتقاضى رواتب بالدولار ويمثل قدوة للناس وهو محط انظارهم ، عليه ان يكون اكثر حذرا من الوقوع في مظاهر البذخ والاسراف من غيره حتى لا يجلب كلام الناس عليه وعلى من يمثل.