التسامح مبدأ إنساني
- المجموعة: 2017
- 29 أيلول/سبتمبر 2017
- اسرة التحرير
- الزيارات: 787
التسامح هو مبدأ أخلاقي وإنساني وهو العفو عند المقدرة والتجاوز عن أخطاء الآخرين واساءاتهم ووضع الأعذار لهم، والنظر إلى إيجابياتهم وحسناتهم بدلاً من التركيز على عيوبهم وأخطائهم، وقد أمرنا الله بالعفو والتسامح باعتبارهما من مفردات الرحمة ومن أهم القيم الاخلاقية والانسانية الحميدة والجميلة
خلاصة الخطبة
أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن كل الانجازات والانتصارات التي يحققها محور المقاومة في المنطقة هي لمصلحة لبنان وتنعكس ايجابا على لبنان لا سيما الانجازات العسكرية والأمنية التي حققها الجيش والمقاومة في مواجهة الإرهاب التكفيري على الحدود الشرقية مع سوريا.
ولفت : الى أن هذه الإنجازات جعلت بلدنا أكثر امنا واستقرارا وتحصينا من الإختراقات، داعياً: الى أن تستتبع بانجازات على صعيد معالجة ملف النازحين وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي والمعيشي.
وقال: لبنان معني بمعالجة ملف النازحين في أسرع وقت لأن التأخير ليس في مصلحة لا النازحين ولا اللبنانيين.
وشدد: على أن الحكومة معنية اليوم واكثر من اي وقت مضى، لا سيما في ظل ألجواء التوافقية التي يعيشها البلد، بمعالجة الملفات التي تتصل بحياة الناس وحقوقهم وحاجاتهم بروح وطنية مسؤولة، بعيدا عن المناكفات والمحاصصات والمصالح الانتخابية والفئوية والكيد السياسي.
ورأى الشيخ دعموش: أن قانون العقوبات المالية الذي يحضر فيالكونغرس الأميركييستهدف لبنان قبل أن يستهدف حزب الله، ويراد منه إخافة اللبنانيين، وهو يأتي في سياق الضغط على المجتمع اللبناني ليتخلى عن احتضان المقاومة والتمسك بخيارها في مواجهة اسرائيل والارهاب التكفيري، ولكن هؤلاء جربوا في الماضي تدبير المؤامرات وفرض العقوبات وشن الحملات السياسية والإعلامية للإيقاع بين الدولة وبين المقاومة والفصل بين المقاومة وبين أهلها وشعبها، ومارسوا الكثير من الضغوط لإبعاد الشعب اللبناني عن المقاومة وفشلوا.. بينما أزداد حضور المقاومة شعبيا وسياسيا، واليوم نقول لهم: لا العقوبات ولا أي كيد أخر يمكن أن يثنينا عن التمسك بالمقاومة ومواجهة الأخطار التي يمكن ان تفرض على لبنان والشعب اللبناني لإخضاعه وإذلاله، فمن لديه الحسين ولديه مقاومة ومجاهدون وشعب وفيّ يتمسك ب(هيهات منا الذلة) لا يمكن أن يخضع أو يرضى بالذل مهما بلغت التحديات والتهديدات.
نص الخطبة
( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
يتعرض الإنسان في حياته أحيانا للإساءات،والعديد من المواقف المحرجة والمشكلات التي تحصل بينه وبين أشخاص آخرين قد يكونون أقاربه أو أصدقائه أو غير ذلك، وهذا ما يدفعه إلى التشاجر معهم، وقد يضطر إلى مقاطعتهم في كثير من الأحيان، وينتج عن ذلك عدد كبير من الآثار السيئة حيث أن كثرة المشالكل والخلافات في حياة الإنسان تجعله متوترا وعصبيا،و انفعاليا وتفقده التركيز، وتقضي على الكثير من العلاقات الطيبة التي تجمع بينه، ومن هنا تأتي أهمية العفو و التسامح ..
فالتسامح هو مبدأ أخلاقي وإنساني وهو العفو عند المقدرة والتجاوز عن أخطاء الآخرين واساءاتهم ووضع الأعذار لهم، والنظر إلى إيجابياتهم وحسناتهم بدلاً من التركيز على عيوبهم وأخطائهم، وقد أمرنا الله بالعفو والتسامح باعتبارهما من مفردات الرحمة ومن أهم القيم الاخلاقية والانسانية الحميدة والجميلة، و قد جاءت الكثير من الآيات القرآنية ،و الأحاديث النبوية الشريفة التي تحدثنا عن أهمية العفو و التسامح ،و فضلهما ،ونتائج هذا السلوك وآثاره وانعكاساته الإيجابية على الحياة الإجتماعية للناس فهو سلوك يغرس المحبة في نفوس الناس ، ويقرب الناس من بعضهم ويقضي على العديد من المشكلات التي تنشأ بين الناس ويعزز حالة الإلفة والحميمية بينهم ، وهذا ما أشار اليه قوله تعالى في كتابه العزيز : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ).
التسامح والعفو يزيد قدرة من قدرة الانسان على ضبط نفسه والتحكم بمزاجه ،و التخلص من الرغبة في الإنتقام ،ويساعد على الإبتعاد عن الحقد والكراهية والبغضاء والفوز بمحبة الآخرين وتقديرهم، وهو دليل على قوة الشخصية وليس على ضعفها كما يظن البعض .
وأيضا التسامح يجعل الانسان ينالالفوز بمغفرة الله سبحانه، وتعالى ومحبته وجنته، والفوز بالعزة يوم القيامة، كما قال تعالى: ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ،و في آية آخرى : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ).
وفي الحديث عن النبي( ص): ( ثلاثٌ – والذي نفسي بيدِه – إن كنتُ لَحالفًا عليهِن: لا يَنقُصُ مالٌ من صدقةٍ؛ فتصدَّقوا، ولا يَعفو عبدٌ عن مَظلمةٍ، إلا زادَه اللهُ بِها عزًّا يومَ القيامةِ، ولا يفتَحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ، إلا فتحَ اللهُ عليهِ بابَ فقرٍ ) .
ولأجل ذلك كان التسامح صفة ملازمة لرسول الله(ص) بل هو من خصال كل الأنبياء والرسل والعظماء على مر التاريخ وفي مقدمهم محمد بن عبد الله(ص)الذي تسامح مع أشد الناس عداوة له وقال لهم أذهبوا فأنتم الطلقاء، وابتعد في العديد من المواقف والمحطات عن الإنتقام ومؤاخذة الآخرين بسيئاتهم أو مواجهة عنفهم بالعنف وإساءاتهم بالإساءة ، فعفى عمن ظلمه واخرجه من دياره ووصفه بالجنون والسحر، وأعاق حركته في الدعوة الى الله وكان ذلك من موقع رحمته ورأفته وسمو أخلاقه وإنسانيته كما قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )
وعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "أمرني ربّي بمداراة الناس، كما أمرني بأداء الفرائض"
وعندما واجهته قريش بالقسوة والعنف ولم تترك وسيلة من وسائل التعذيب والإهانة والإفتراء إلا واستخدموها في وجهه كان دعاؤه: ( اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون)
وروى عبدالله بن مسعود قال: رايت رجالا من قريش يضربون رسول الله وقد أدموا وجهه الشريف وكان يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون.
وبهذا السلوك الإنساني الرفيع سبق نبينا كل المواثيق وشرعة حقوق الإنسان وكل المؤتمرات العالمية التي عقدت لتأكيد مبدأ التسامح وأهميته في التعايش بين الشعوب.
ولذلك المطلوب من الانسان المؤمن ان يقتدي برسول الله(ص) وان يترجم هذا المبدأ في سلوكه وتصرفاته وعلاقاته وطريقة تعاطيه مع خصومه وعامة الناس .
فعن الامام الصادق في وصيته لصاحبه عبد الله بن جندب قال: يَا ابْنَ جُنْدَبٍ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ سَبَّكَ وَأَنْصِفْ مَنْ خَاصَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ كَمَا أَنَّكَ تُحِبُّ أَنْ يُعْفَى عَنْكَ فَاعْتَبِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكَ أَلَا تَرَى أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ وَأَنَّ مَطَرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الصَّالِحِينَ وَالْخَاطِئِينَ).
صل من قطعك: مع ان الصلة تكون لمن تواصل معك ولم يقاطعك ، اما من يقاطع ك فغالبا ما تقاطعه ولا تتواصل معه .. لكن الامام يريدك ان تتواصل مع من قطعك سواء كان من الأقارب أو الأباعد لتبتكشف عن سمو اخلاقك واخلاق الاسلام ولتبنال رحمة الله من خلال هذا السلوك الأخلاقي.
عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: سمعته يقول: "إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم يُنادي منادٍ: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كُنّا نصل من قطعنا ونُعطي من حرمنا ونعفو عمّن ظلمنا، قال: فقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنّة".
وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ: اي ان ترد الاساءة بالإحسان.فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ سَبَّكَ:فعن النبي : لا تسبوا الناس فتكسبوا العداوة بينهم
وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ: الصبر على اذى الاخرين والعفو عمن ظلمك قمة الأخلاق والتقوى(وأن تعفوا أقرب للتقوى) (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
هذا كله على المستوى الشخصي وعندما ينفع العفو والتسامح في ردع الظالم عن الظلم، اما العدوان والقتل والتدمير الذي الذي يقوم به الأعداء ويصر عليه الأعداء ولا يستجيبون للمبادرات فلا ينفع في ردعهم الا القوة .. مثل العدو الصهيوني والاحتلال الاسرائيلي فإنه لا ينفع معه الا القوة، وكذلك الارهاب التكفيري.
اليوم أن كل الانجازات والانتصارات التي يحققها محور المقاومة في المنطقة هي لمصلحة لبنان وتنعكس ايجابا على لبنان لا سيما الانجازات العسكرية والأمنية التي حققها الجيش والمقاومة في مواجهة الإرهاب التكفيري على الحدود الشرقية مع سوريا.
ولفت : الى أن هذه الإنجازات جعلت بلدنا أكثر امنا واستقرارا وتحصينا من الإختراقات، داعياً: الى أن تستتبع بانجازات على صعيد معالجة ملف النازحين وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي والمعيشي.
وقال: لبنان معني بمعالجة ملف النازحين في أسرع وقت لأن التأخير ليس في مصلحة لا النازحين ولا اللبنانيين.
وشدد: على أن الحكومة معنية اليوم واكثر من اي وقت مضى، لا سيما في ظل الأجواء التوافقية التي يعيشها البلد، بمعالجة الملفات التي تتصل بحياة الناس وحقوقهم وحاجاتهم بروح وطنية مسؤولة، بعيدا عن المناكفات والمحاصصات والمصالح الانتخابية والفئوية والكيد السياسي.
أما قانون العقوبات المالية الذي يُحضّر فيالكونغرس الأميركيفهو يستهدف لبنان قبل أن يستهدف حزب الله، ويراد منه إخافة اللبنانيين وترهيبهم، وهو يأتي في سياق الضغط على المجتمع اللبناني ليتخلى عن احتضان المقاومة والتمسك بخيارها في مواجهة اسرائيل والارهاب التكفيري، ولكن هؤلاء جربوا في الماضي تدبير المؤامرات وفرض العقوبات وشن الحملات السياسية والإعلامية لتشويه صورة المقاومة، وللإيقاع بين الدولة وبين المقاومة، والفصل بين المقاومة وبين أهلها وشعبها، ومارسوا الكثير من الضغوط لإبعاد الشعب اللبناني عن المقاومة وفشلوا.. بينما أزداد حضور المقاومة شعبيا وسياسيا، وتعاظمت قدراتها وتراكمت خبراتها. واليوم نقول لهم: لا العقوبات ولا أي كيد أخر يمكن أن يثنينا عن التمسك بالمقاومة ومواجهة الأخطار التي يمكن ان تفرض على لبنان وعلى الشعب اللبناني لإخضاعه وإذلاله، فمن لديه الحسين ولديه مقاومة ومجاهدون وشعب وفيّ يتمسك بنهج الحسين وب(هيهات منا الذلة) لا يمكن أن يخضع أو يرضى بالذل مهما بلغت التحديات والتهديدات.