ضغوط وتحديات الشباب والحياة
- المجموعة: 2014
- 24 كانون2/يناير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2943
إن الحياة الدنيا محفوفة بالضغوط والتحديات ضغوط البيئة والوضع الاجتماعي والمعيشي والأمني وضغوط العمل والحاجة والفقر والاحتياجات العائلية والشخصية، وأن على الإنسان عندما يتعرض لضغوط من أي نوع أن يواجه ذلك بمسؤولية ووعي
خلاصة الخطبة:
تناول سماحة الشيخ علي دعموش إمام مجمع السيدة زينب (ع) في خطبة الجمعة الحديث عن الضغوط والتحديات التي يتعرض لها الإنسان في حياته وخاصة جيل الشباب فأشار إلى أنه لم يمر على الأجيال طوال تاريخ البشرية ما يواجهه جيل اليوم وخاصة جيل الشباب من هجمة فساد وإفساد تستهدف العقول والقلوب وكل شيء وتعتمد كل الوسائل والأساليب والمؤثرات الإعلامية والثقافية والتجارية من أجل حرف الناس وإضلالهم وإبعادهم عن القيم والأخلاق والدين.
واعتبر أن هناك من يقود حرباً ناعمة للتأثير في معتقدات الشباب وأفكارهم وسلوكهم وأن إسرائيل وأمريكا يناسبهما أن يكون الناس وخصوصاً في هذه المنطقة فاسدين أو متقاتلين ليتمكنوا من أن يحكموا المنطقة والعالم.
وقال الشيخ دعموش: إن الحياة الدنيا محفوفة بالضغوط والتحديات ضغوط البيئة والوضع الاجتماعي والمعيشي والأمني وضغوط العمل والحاجة والفقر والاحتياجات العائلية والشخصية، وأن على الإنسان عندما يتعرض لضغوط من أي نوع أن يواجه ذلك بمسؤولية ووعي، وأن يلجأ إلى الله ويتحلى بالصبر والثبات، وأن يتمسك بقيم الدين وأحكامه لأن الدين يعطينا حتى في أشد الظروف الطمأنينة وهدوء النفس والاستقرار والسكينة والأمل والثقة.
[ألا بذكر الله تطمئن القلوب]
وأكد: أن المسؤولية في هذه المرحلة التي نتعرض فيها لضغوط أمنية وتهديدات من قبل التكفيريين هي أن نصبر ونتحمل الآلام ونتعاطى بمسؤولية ووعي وحكمة وهدوء..
واعتبر أنه لا يجوز أن نساهم بأدائنا في تخويف الناس وتوتيرهم كما لا يجوز عند كل خبرية أن نشعل الفايسبوك والوتس آب وكل وسائل التواصل لنساهم في إطلاق الشائعات بما يؤدي إلى حرق أعصاب الناس وإشاعة القلق والخوف بينهم.
وقال: وقفنا خلال كل السنوات الماضية بكل ثبات وقوة في مواجهة العدو الصهيوني ولم يستطع كل جبروت الصهاينة وإرهابهم ووحشيتهم أن ينال منا أو من عزمنا وإرادتنا وأن الذين يفجرون في مناطقنا اليوم حفنة من القتلة هم أعجز من أن ينالوا منا ومن أهلنا الصابرين والعاقبة للمتقين.
نص الخطبة:
بسم الله الرحمن الرحيم
[قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً] ـ الكهف/ 103 ـ 104.
الحياة الدنيا محفوفة بالكثير من التحديات والضغوط.
فكل ما يحيط بالإنسان، كل ما هو حول الإنسان يضغط عليه، البيئة، الوضع الاجتماعي، الوضع المعيشي، ضغوط العمل، الفقر، الحاجة، المرض، عدم قدرة الإنسان على تلبية احتياجات أسرته وعائلته أو حتى احتياجاته الشخصية.
من الضغوط الكبيرة أيضاً ما يحيط بنا من فساد وانحلال أخلاقي وسلوكي.
هناك هجمة فساد وإفساد لا مثيل لها.
على مر التاريخ عمل الشياطين، شياطين الجن والإنس على نشر الفساد وإفساد البشر، ليمنعوهم من الاستقامة ومن الوصول إلى الله، وليحموا عروشهم. الشياطين روجوا للفساد ليمنعوا الناس من الوصول إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة، والطغاة والمستكبرون سوّقوا للفساد وألهوا الناس بالفساد ليحموا عروشهم، ولكن لم يمر على الأجيال طوال التاريخ، تاريخ البشرية، ما يواجهه جيل اليوم وخاصة جيل الشباب من هجمة فساد وإفساد، بالصورة، وبالصوت، بالمكتوب بالمقروء، في الشارع، في البيت، في الوظيفة ومحل العمل...
هناك هجمة فساد وإفساد تستهدف العقول والقلوب والحواس وكل شيء وتعتمد كل الوسائل والأساليب والمؤثرات الإعلامية والثقافية والتجارية من أجل حرف الناس وإضلالهم وإبعادهم عن القيم والأخلاق والدين.
[ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون] ـ الروم/ 41.
هناك هجمة قوية على هذا الصعيد وهي بالتأكيد ليست عفوية. هناك من يخطط ويبرمج ويدير عملية الإفساد الواسعة في العالم. هناك من يقود حرباً ناعمة للتأثير في معتقدات الناس وثقافتهم وسلوكهم، هناك من يريد للعالم أن يكون فاسداً وغير إنساني وغير أخلاقي، هناك من لا يريد للناس أن يكونوا عقلانيين بل أن يكونوا شهوانيين. إسرائيل وأمريكا يناسبهما أن يكون الناس وخصوصاً في هذه المنطقة فاسدين ومستغرقين في شهواتهم وملذاتهم، أو متقاتلين ومتناحرين فيما بينهم، ليتمكنوا من أن يحكموا العالم والمنطقة لأنه حينئذٍ لن يكون أمامهم مجتمعات واعية وعاقلة وذات إرادة، لن يكون أمامهم أناس ودول تعني لهم الكرامة والحرية والسيادة والشرف والآخرة شيئاً على الإطلاق.
عندما ندقق النظر في بعض الدول أو المجتمعات المحافظة أو المناطق الإسلامية التي تنتشر فيها ظواهر فاسدة سنجد أن وراء هذه الظواهر جهات صهيونية هي التي تزرع الفساد أو الكراهية أو تحرض الناس على بعضهم.
عندما يتعرض الإنسان لضغوط معيشية فقر حاجة الخ.. أو اجتماعية مشاكل عائلية الخ.. أو سياسية انقسامات الخ.. أو أمنية تهديدات تفجيرات الخ.. أو موجات فساد، كيف يتصرف؟ كيف يتعامل مع ذلك؟ كيف يواجه؟
البعض يفر من الشيطان إلى الشيطان، ومن الفساد إلى الفساد.
البعض يستسلم لحالات الفساد فيصبح فاسداً.
البعض يلجأ إلى إدمان المخدرات، إلى شرب الخمر، إلى لعب القمار، إلى النوادي الليلية الفاسدة.
البعض يهرب من مسؤولياته تجاه عائلته وأسرته ومجتمعه ولا يبالي لهم، البعض يُقدم على الانتحار.
البعض يلجأ إلى القتل والجريمة والعصابات والمافيات والسرقة.
البعض وتحت تأثير الضغوط الأمنية والتهديدات الأمنية وحالة الخوف والقلق التي يعيشها بنشر الخوف ويبدأ بإطلاق الشائعات المخيفة ويوتر الأجواء، اللجوء إلى هذا النوع من المعالجات في الحقيقة يزيد في تدمير المجتمع والعائلة وهو أشبه بمن يرمي على النار وقوداً لتزداد اشتعالاً بدل أن يرمي على النار ماءً ليطفئها.
معالجة ضغوط الحياة لا يكون بالهروب من المسؤولية أو باللجواء إلى الأعمال الفاسدة. ليس الحل أن تهرب إلى المخدرات أو إلى الخمر أو إلى الانتحار..
بعض المساكين يتصور أنه عندما يلجأ إلى الانتحار يرتاج!
من قال إنه يرتاح؟
إن كل ما يمكن أن يعيشه الإنسان من آلام وأحزان وضغوط في هذه الدنيا لا يُقاس ولا يساوي شيئاً أمام عذاب الله وسخطه وغضبه، لأن الموضوع لا ينتهي بالدنيا بل هناك الآخرة.
هناك حيث يقف الإنسان بين يدي الله طويلاً ليسأله عن حياته وسلوكه وأقواله ومواقفه وأدائه، ماذا فعل؟ ماذا قال؟ كيف عاش؟ كيف واجه التحديات؟ كيف كانت علاقته مع عائلته مع مجتمعه في السلم في الحرب؟
[قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً].
عندما يتعرض الإنسان لضغوط من أي نوع، لقلق، لخوف، لتهديدات أمنية، لمآسي وآلام، لمشاكل وأزمات ومصاعب من أي نوع، عليه أن يواجه ذلك بمسؤولية وأن يتعاطى بمسؤولية ووعي.
عليه أن يلجأ إلى الله أن يتحلى بالصبر والثبات، أن يذكر الله ويعود إلى الدين والقيم الروحية والدينية، عليه أن يتمسك بتعاليم الدين وأحكام الدين. أهم ما في الدين أنه يعطينا حتى في أشد الظروف والأوضاع الصعبة الطمأنينة وهدوء النفس والاستقرار والسكينة والأمل والثقة والرجاء [ألا بذكر الله تطمئن القلوب].
أياً تكن المآسي والأحزان والمعاناة التي نعيشها بسبب ظروف شخصية أو اجتماعية أو معيشية أو أمنية أو سياسية أو تهديدات خوف قلق وغير ذلك عندما يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى عندما تذكر الله عندما تجلس بين يديه، تستطيع أن تشكو إليه كل آلامك ومعاناتك وأحزانك، وأن تستمد منه العون والقدرة والقوة لأنه العالم القادر الغني الجواد وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.
يقول تعالى: [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون] ـ البقرة/ 186.
وعن النبي (ص): لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لم يهلك مع الدعاء أحد وليسأل أحدُكم ربه حتى يسألهُ شسعَ نعله إذا انقطع، واسألوا الله من فضله فإنه يحب أن يُسأل، وما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعةُ رحم إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، واما أن يدخرها له في الآخرة، واما أن يكف عنه من الشر مثلها.
عندما تدعو الله، عندما تلجأ إلى الله، هذا اللجوء أُولى نتائجه السريعة الهدوء والطمأنينة والسكينة والاستقرار.
مهما فتشتم في علم النفس التربوي والاجتماعي ولدى أطباء النفس وغيرهم لن تجدوا هذا العلاج عند أحد ولكنكم ستجدون هذا العلاج عند محمد بن عبد الله (ص) وفي آيات كتاب الله الذي يقول: [ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون]. المسؤولية في هذه المرحلة التي نتعرض فيها لضغوط أمنية وتهديدات من قبل عصابات القتل والإجرام والانتحاريين التكفيريين هي أن نلجأ إلى الله، أن نعرف أن أمامنا آمالاً كبيرة نحن قادرون على تحقيقها، واننا قادرون على تجاوز هذه المرحلة كما تجاوزنا الكثير من المراحل الصعبة عندما تحلينا بالصبر والثبات وتحملنا الآلام والمعاناة.
علينا أن نستعين بثقافتنا وقيمنا لنكون من أصحاب النفوس المطمئنة الواثقة الشجاعة، ونحن قادرون على تجاوز كل هذه الأخطار إذا تحملنا المسؤولية إذا تعاطينا مع هذه الأحداث بمسؤولية ووعي وحكمة وهدوء.
لا يجوز بأدائنا أن نساهم في تخويف الناس وتوتير الناس، لا يجوز عند كل خبرية أن نشعل الفايسبوك والوتس آب وكل وسائل التواصل لنساهم في إطلاق الشائعات والخبريات غير الدقيقة بما يؤدي إلى حرق أعصاب الناس وإشاعة القلق والخوف بين الناس.
يجب أن نتعاطى بمسؤولية وبوعي، وأن لا نصدق الكثير مما قد يشاع، لأن العدو قد يطلق بعض الشائعات كحرب نفسية من أجل إحباط الناس وإخافة الناس وتوتير الناس وتعطيل مصالح الناس، هذا ما يريده الأعداء.
نحن كنا ويجب ان نبقى من أهل الوعي والصبر والشجاعة، وقفنا خلال كل السنوات الماضية في مواجهة العدو الصهيوني بكل ثبات وقوة ولم يستطع كل جبروت الصهاينة وإرهابهم ووحشيتهم أن ينال منا أو من عزمنا وإرادتنا، فهؤلاء اليوم الذين يفجرون في مناطقنا حفنة من القتلة والعصابات المجرمة هم أعجز من أن ينالوا منا ومن أهلنا الصابرين الأوفياء لكن علينا أن نتحمل ونصبر والعاقبة للمتقين.
والحمد لله رب العالمين