مكانة الإمام الرضا (ع) وكراماته
- المجموعة: 2013
- 20 أيلول/سبتمبر 2013
- اسرة التحرير
- الزيارات: 12482
كان الإمام الرضا (ع) الإمام المعصوم الذي خصه الله بكرامات كثيرة, فهو بإذن من الله وبقدرة الله وبإمداد من الله سبحانه استطاع أن يشفي الكثير من المرضى والعمي, وأن ينزل الله بدعائه المطر والخير.
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش: تراجع العدوان على سوريا هو نجاح لكل القوى الداعمة للاستقلال الوطني والسيادة والمقاومة في لبنان والمنطقة.
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن لغة التهديد والوعيد والتهويل التي سادت خلال الأسابيع الماضية تراجعت وتراجعت معها احتمالات العدوان الأمريكي على سوريا.
وقال: إذا كان الأمريكي لم يسقط الخيار العسكري نهائياً حتى الآن من حساباته, فلأنه يريد أن يبقى الخيار العسكري سيفاً مسلطاً في لعبة التفاوض المفتوح بينه وبين الروسي, كما يريد التعويض عن التوازن المفقود ميدانياً في سوريا, حيث لا زالت الكفة الميدانية تميل لمصلحة النظام وحلفائه, والحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه بعد التراجع وحالة الإرباك التي وقع فيها.
واعتبر: أن تراجع احتمالات العدوان هو نجاح يُسجّل لروسيا وإيران وسوريا ولكل القوى الرافضة لمشروع الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة, وهو نجاح لكل القوى الداعمة للاستقلال الوطني والسيادة والمقاومة في لبنان والمنطقة.
ودعى: الذين كانوا يراهنون على الضربة الى إعادة النظر في مقارباتهم وتحليلاتهم السياسية، حيث لم يجنوا من رهاناتهم سوى الخيبة والإحباط واليأس والهزيمة.
وخاطب فريق 14أذار قائلاً: لقد ناشد بعضكم الغزاة وتوسلتم إليهم للتدخل العسكري في سوريا ولضرب سوريا توهماً منكم بتغيير موازين القوى في لبنان لمصلحتكم ولمصلحة عودتكم إلى الاستفراد والاستئثار بالسلطة, وهذا لم يحصل, وخسرتم رهاناتكم من جديد, وستخسرون كل رهان يعتمد على الخارج ولا يستند إلى مصلحة الوطن, وإلى الثوابت الوطنية, وإلى مصلحة أهل الوطن وأبنائه.
نص الخطبة
قبل يومين التقينا بذكرى ولادة الإمام علي بن موسى الرضا (ع) وهو الإمام الثامن من أئمة أهل البيت(ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
فقد ولد الإمام (ع) في الحادي عشر من شهر ذي القعدة من سنة 148هـ، وعاش خمساً وخمسين سنة, قضى منها خمساً وثلاثين سنة في رعاية أبيه الإمام موسى الكاظم (ع) وعايش خلالها معاناة أبيه (ع) الذي قضى فترات طويلة يتنقل فيها من سجن إلى سجن, وعاش بعد أبيه عشرين سنة كانت حافلة بالعطاء والتضحيات والجهاد.
لقد جمع الإمام الرضا (ع) في شخصيته كل الخصال الشريفة وكل القيم النبيلة وكل الأخلاق الإنسانية الحسنة.
ينقل بعض الرواة المعاصرين له وهو إبراهيم بن العباس فيما يرتبط بأخلاقه وسلوكه فيقول: ما رأيت أبا الحسن الرضا (ع) جفا أحداً بكلامه قط، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس قط، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط، ولا رأيته تفل قط، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان ضحكه التبسم، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتى البواب والسائس.
ولهذا السلوك ولغيره استحق إمامنا المدح والثناء والتقدير والاحترام, واعترف حتى خصومه بفضله ومكانته وعظيم شأنه ومنزلته.
فقد قال المأمون العباسي لوزيره الفضل بن سهل: ما أعلم أحداً أفضل من أبي الحسن علي بن موسى الرضا على وجه الأرض.
وقال عبد السلام بن صالح الهروي المعروف بأبي الصلت وهو من العلماء الكبار الذين لازموا الإمام لفترة طويلة: ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا, ولا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي.
حتى المؤرخ الذهبي المعروف بمخالفته لمنهج أهل البيت (ع) لم يتمكن عند الحديث عن الإمام الرضا (ع) من إخفاء فضله.. فقد قال عنه: وكان سيد بني هاشم في زمانه وأحلمهم وأنبلهم.
ومن أجمل ما قيل في الإمام الرضا (ع) ما قاله الشاعر المعروف أبو نواس عندما عوتب على عدم مدحه (ع) قال:
قيل لي أنت أوحد الناس طراً في فنون من المقال النبيه
لك من جوهر الكلام نظام يثمر الدرّ في يدي مجتنيه
فلماذا تركت مدح ابن موسى والخصال التي تجمعن فيه
قلت لا أهتدي لمدح إمام كان جبريل خادماً لأبيه
لقد كان الإمام الرضا (ع) الإمام المعصوم الذي خصه الله بكرامات كثيرة, فهو بإذن من الله وبقدرة الله وبإمداد من الله سبحانه استطاع أن يشفي الكثير من المرضى والعمي, وأن ينزل الله بدعائه المطر والخير.
وهناك الكثير من القصص التي رويت في هذا المجال عن علماء وثقاة ومؤمنين في حياة الإمام وبعد شهادة الإمام وفي الأزمنة القريبة والبعيدة وفي زماننا..
من تلك القصص: أن شاباً أصابه مرض في عينيه وفجأة فقد بصره, فجال به أهله أمهر الأطباء في إيران ثم انتقلوا به إلى اوروبا, إلى أسبانيا والنمسا وبريطانيا, وأجمع الأطباء في كل هذه البلدان على أنه لا يمكن إعادة النور إلى عينيه.
يقول الشاب: في إحدى الليالي وأنا راقد في المستشفى وقد فقدت الأمل فنهضت وصليت كثيراً ثم قلت: يا علي بن موسى الرضا أشهدك أني كنت أتوسل إليك في المهمات, وأكثر من زيارتك وأنت قضيت لي الكثير من الحاجات, فأنا الآن أرى نفسي كأني واقف بباب حرمك أتوسل إليك أن تهب الشفاء لعيني, قلت هذا, ثم نمت لساعات طويلة ورأيت في المنام الإمام وقد وقف بجانبي وفي يده لوحة كتب عليها سطور خضراء تتوهج نوراً فأعطاني اللوحة فقال: إقرأ, فشرعت بالقراءة, ثم استيقظت فوجدت عيني قد عادت إلى حالتها الطبيعية وهي تبصر بشكل كامل.
وظهرت كراماته (ع) في الاستسقاء وأنزال المطر من السماء.. فقد روي: أن الرضا (ع) لما جعله المأمون العباسي وليّ عهده والخليفة من بعده, امتعض بعض المقربين من الخليفة والمتعصبين له وقالوا: أنظروا إلى الذي جاءنا من علي بن موسى الرضا وليُّ عهدنا.. فحبس الله عز وجل عليهم المطر عقاباً لهم، واشتد الجفاء إلى الحد الذي عظم الأمر على المأمون, فقال المأمون للإمام الرضا (ع): لو دعوت الله أن يمطر للناس, فقال الإمام(ع): أفعل إن شاء الله, فقال المأمون: ومتى تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة فقال الإمام(ع): يوم الاثنين فإن رسول الله (ص) أتاني في منامي ومعه أمير المؤمنين (ع) وقال: يا بني انتظر يوم الاثنين وابرز إلى الصحراء واستسق فإن الله عز وجل سيسقيهم, وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون كي يزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك.
فلما كان يوم الاثنين خرج الإمام (ع) إلى الصحراء وخرج الناس ينظرون، فصعد الإمام(ع) المنبر وقال: اللهم يا رب إنك عظّمت حقنا أهل البيت، وتوسلوا بنا كما أمرت، وأملوا فضلك ورحمتك، وتوقعوا أحسانك ونعمتك, فاسقهم سقياً نافعاً عاماً غير رائث ولا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى مستقرهم ومنازلهم.
قال: فوالذي بعث محمداً (ص) بالحق نبياً لقد هبت الرياح والغيوم, فقال الرضا (ع): على رسلكم أيها الناس فليس هذا الغيم لكم وإنما هي لبلد كذا, فمضت السحابة وعبرت حتى جاءت عشر سحائب وعبرت وهو يقول إنما هي لكذا, ثم أقبلت سحابة جارية فقال الإمام(ع): أيها الناس هذه بعثها الله لكم فاشكروا الله على فضله, وقوموا إلى منازلكم فإنها ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا مقاركم ومنازلكم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله وجلاله.
فلما انصرف الناس وأصبحوا بالقرب من منازلهم جاءت السماء بوابل من مطر، فملأت الأودية والحياض والفلوات وبدأ الناس يقولون هنيئاً لولد رسول الله (ص) كنز آيات الله.
هذه الكرامات ليست بعيدة ولا مستغربة ولا مستهجنة من أهل البيت (ع).
فأولاً: هي تصدر منهم بقدرة الله وبقوة الله، والكرامات على أيديهم تكشف عن عظمة الله وجلاله وقدرته.
وثانياً: فإن الله جعل لأهل البيت (ع) منزلة خاصة عنده, فقد اختارهم واصطفاهم وفضلهم على الخلائق وجعل الولاية والإمامة لهم، فصدور الكرامات منهم هو من أجل تعزيز الإيمان بهم وبولايتهم وإمامتهم, فهم الأدلاء على الله والهداة الى الله, وهم سفينة النجاة وحبل الله المدود بيننا وبنه سبحانه وتعالى.
أحياناً أمام المشككين والضالين والمنكرين لفضلهم يكون الموقف بحاجة الى إظهار كراماتهم من أجل صد المشككين وتثبيت إيمان المؤمنين, وإظهار كراماتهم وفضلهم ومكانتهم.
أحياناً إظهار الكرامات على أيديهم (ع) يكون لتثبيت حقهم وإمامتهم، لأن إظهار الكرامة في بعض الأحيان يكون من أجل أمر الدين وإثبات قيمة من قيم الدين ومفهوم من مفاهيم الدين.
ونحن في هذا الموقف نريد أيضاً أن نتعلم من كلمات الإمام وتوجيهاته وإرشاداته لنهتدي بهديه في حاضرنا ومستقبلنا.
يقول (ع): لا يتم عقل امرئ حتى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشر منه مأمول، ويستكثر قليل الخير من غيره، ويستقّلّ كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج, ولا يمل من طلب العلم طول دهره، والفقر في الله أحب إليه من الغنى، والذل في الله أحب إليه من العز مع عدوه، والخمول أشهى إليه من الشهرة, والعاشرة: أن لايرى أحداً إلا قال هو خير مني وأتقى.
ويقول في بعض كلماته أيضاً: إن الله عز وجل أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة:
أمر بالصلاة والزكاة فمن صلى ولم يزك لم تقبل منه صلاته، وأمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله عز وجل، وأمر باتقاء الله عز وجل وصلة الرحم فمن لم يصل رحمه لم يتق الله تعالى.
صلة الرحم تجعل الأسرة متماسكة, وتماسك الأسرة يؤدي إلى تماسك المجتمع, وعندما يكون المجتمع متماسكاً وقوياً يمكنه مواجهة التحديات التي يفرضها الأعداء والمتربصون.
لقد تراجعت لغة التهديد والوعيد والتهويل التي سادت خلال الأسابيع الماضية, وتراجعت احتمالات العدوان الأمريكي على سوريا.
وإذا كان الأمريكي لم يسقط الخيار العسكري نهائياً حتى الآن من حساباته, فلأنه يريد أن يبقى الخيار العسكري سيفاً مسلطاً في لعبة التفاوض المفتوح بينه وبين الروسي, لأن الأمريكي يأمل أن يحقق من خلال المفاوضات حول الملف الكيميائي السوري أقصى المكاسب وأن يصل إلى قمة أهدافه.
كذلك فإن الاحتفاظ بالخيار العسكري من قبل الأمريكي هو بمثابة تعويض نوعي عن التوازن المفقود ميدانياً في سوريا, حيث لا زالت الكفة الميدانية تميل لمصلحة النظام وحلفائه.
كذلك فإن الإبقاء على التلويح بالخيار العسكري هو محاولة من الأمريكي للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه بعد التراجع عن الضربة وحالة الإرباك التي وقع فيها الأميركي, حيث بدا ضعيفاً ومتردداً وعاجزاً خلال الأسابيع الماضية.
وفي كل الأحوال فإن تراجع احتمالات العدوان والحرب هو نجاح يُسجّل لروسيا وإيران وسوريا ولكل القوى الرافضة لمشروع الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة, هو نجاح لكل القوى الداعمة للاستقلال الوطني والسيادة والمقاومة في لبنان والمنطقة.
ما حصل يفرض على أولئك الذين كانوا يراهنون على الضربة إعادة النظر في مقارباتهم وتحليلاتهم السياسية، فلطالما راهنتم على التدخل الخارجي ولم تجنوا سوى الخيبة والإحباط واليأس والهزيمة.
لقد ناشد بعضكم الغزاة وتوسلتم إليهم للتدخل العسكري في سوريا ولضرب سوريا, توهماً منكم بتغيير موازين القوى في لبنان لمصلحتكم ولمصلحة عودتكم إلى الاستفراد والاستئثار بالسلطة, وهذا لم يحصل, وخسرتم رهاناتكم من جديد, وستخسرون كل رهان يعتمد على الخارج ولا يستند إلى مصلحة الوطن, وإلى الثوابت الوطنية, وإلى مصلحة أهل الوطن وأبنائه.
والحمد لله رب العالمين