ندوة افتراضية حول القدس 8-5-2021
- المجموعة: ندوات
- 08 أيار 2021
- اسرة التحرير
- الزيارات: 6116
بمناسبة يوم القدس العالمي اقام مركز نشر آثار الامام الخامنئي في مدينة مشهد ندوة افتراضية عبر السكايب حول القدس في فكر الامام الخامنئي(دام ظله)
شارك فيها الاستاذ في جامعة طهران والخبير في شؤون الشرق الاوسط الدكتور فؤاد ايزدي، ونائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش حيث القى الكلمة التالية:
نص الكلمة
سأتناول في هذه المداخلة تحليل بعض ما جاء في الكلمة التي القاها بالامس سماحة الامام القائد السيد علي الخامنئي(دام ظله) بمناسبة يوم القدس العالمي والتي تعتبر من الكلمات المهمة التي تؤكد التزام الجمهورية الاسلامية في ايران بالقضية الفلسطينية وبالقدس، من زاوية كونها مسألة عقائدية وليست مسألة تكتيكية او سياسية، هي قضية عقائدية ايمانية وحق مطلق لا يمكن ان يتبدل او يتغير بمرور الزمن.
لقد حدد سماحة الامام القائد(دام ظله) في كلمته بالامس مجموعة من الحقائق المتعلقة بالقدس والكيان الصهيوني ومستقبله في المنطقة.
أولا: أكد ان نشوء هذا الكيان كان نتيجة انقسام وضعف وتراخي عربي واسلامي من جهة، وتواطأ اوروبي وغربي من جهة اخرى، وان المنطق الذي قام على اساسه الكيان الصهيوني هو منطق واهي وهزيل وفي غاية السخافة، لانه منطق لا يستند الى حق او قانون.
ثانيا: ان اسرائيل ليست دولة وانما هي قاعدة ارهابية، وأن “الصهاينة منذ البداية حوَّلوا فلسطين المغتصبة إلى قاعدة للإرهاب” وهذه حقيقة ساطعة تتجلى في الممارسات الاسرائيلية في داخل فلسطين المحتلة وفي خارجها، فالشعوب ودول المنطقة وبعض الدول الاخرى عانت من الارهاب الاسرائيلي خلال كل السعقود الماضية والى الآن، ابتداءا من شن حروب واعتداءات، الى احتلال اجزاء واسعة من الاراضي العربية كما في مصر وسوريا لبنان، وصولا الى القيام بعمليات اغتيال لقادة وزعماء وارتكاب العديد من المجازر الوحشية في الداخل الفلسطيني وفي الخارج، حيث ان هذا الكيان قام على المجازر والقتل والتدمير والتخريب والاستيلاء غير القانوني على الاراضي والممتلكات .
ثالثا: إن مواجهة الكيان الصهيوني، هي مواجهة ضد الظلم، وجهاد وكفاح ونضال ضد الإرهاب، ومسؤولية مواجهة الظلم والارهاب والاحتلال هي مسؤولية عامّة. هي ليست مسؤولية الشعب الفلسطيني وحده، هي مسؤولية الحكومات والشعوب العربية والاسلامية، والجميع في هذه المنطقة يجب ان يتحمّل المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الاقصى، نعم محورَ المواجهة والمعركة، ومن يجب ان يتحمل المسؤولية بالدرجة الاولى، هم الفلسطينيّون أنفسهم، وهم يقومون بواجبهم ومسؤولياتهم، لكن يبقى على بقية الدول والشعوب ان تقوم بواجباتها في اطار هذه المواجهة وهذه المعركة.
ومن هنا فان سماحة الامام القائد اعتبر في كلمته بالامس ان هناك “عاملين مُهمّين يرسمان المستقبل:
الأول والأهم: تواصل المقاومة داخل فلسطين، وتعزيز وتقوية مسار العمل الجهادي والاستشهادي.
والثاني: الدعم العالمي للفلسطينيين من قبل الحكومات والشعوب المسلمة في أرجاء العالم”.
اليوم هناك محور مقاومة جاد وصادق وحقيقي، لم يمرّ مثله في العقود الماضية، وفي مقدمه الجمهورية الاسلامية في ايران، يقف خلف الشعب الفلسطيني وخلف القضية الفلسطينية، ليدعمها ويساندها ويمدها بكل اسباب القوة والثبات والصمود وصنع الانتصارات.
والمطلوب أن يزداد محور المقاومة تماسكاً، وأن يستعد ويتحضّر وتشتدّ قوّته أكثر لأنّه هو من يصنع المستقبل في هذه المنطقة .
رابعا: الدعوة الى التكامل بين الدول الاسلامية، وأن يكون محور هذا التكامل هو القضية الفلسطينية، فقد اعتبر الامام القائد(دام ظله) أن “موازين القوى تغيرت اليوم لصالح العالم الإسلامي، نتيجة ما يعانيه الغرب من خلل بنيوي واداري واخلاقي وفشل وضعف على اكثر من صعيد. وفي المقابل نجد نمو قوى المقاومة في معظم البلدان الإسلامية وتصاعد قدراتها وتوجه الشعوب الإسلامية نحو الالتزام بالتعاليم الاسلامية كل ذلك مؤشرات مباركة تبشر بمستقبل افضل.
التفاف المسلمين حول محور القدس الشريف وتعاونهم وتكاملهم على طريق استعادتها، يمثل تحديا وكابوسا للعدوّ الصهيوني وحماته الأمريكيين والأوروبيين، وليس مشروع “صفقة القرن” الفاشل ومشروع التطبيع الذي تقوم به بعض البلدان العربية مع العدو الصهيوني، الا محاولة متخبطة للفرار من ذلك التحدي والكابوس، ومحاولة خبيثة لضرب اي مسعى للتكامل بين الدول الاسلامية والتفافها حول القدس والقضية الفلسطينية .
خامسا: التطبيع مع الصهاينة لن يجدي العدو نفعا، لان التطبيع لن يحمي اسرائيل من الزوال ولن يضمن لها مستقبلا في المنطقة.
فالعدو أقام علاقات مع مع اكبر دولة عربية وهي مصر، ومع دول عربية اخرى، ولكن ذلك لم بجديه نفعا، وهو اليوم أكثر ضعفاً وأكثر تصدُّعاً. فهل ستجديه اقامة علاقاتِ مع عددٍ من الحكوماتِ الضعيفةِ والحقيرة والرجعية التي هي اساسا خارج دائرة الصراع ولم تخض اي معركة مع هذا العدو؟؟ بالأكيد لا، كما ان تلك الدول لن تحصل من اسرائيل سوى على الفساد والخراب وانعدام الاخلاق ونهب الخيرات والهيمنة على الثقافة والاعلام والاقتصاد والتجارة وغير ذلك.
سادسا: اكد الامام(دام ظله) “إنّ الأمل في النصر اليوم هو أكثر من اي وقت مضى، لان موازينُ القوى تغيّرت بقوّة لصالح المقاومة والفلسطينينن. والهزائم المتلاحقة للعدو في لبنان وفلسطين والأزمات العميقة في داخل الكيان الصهيوني، الأزمات الاجتماعية، الأزمات السياسية، الأزمات الأخلاقية جعلت هذا الكيان ينتقل من ضعف الى ضعف، يوما بعد يوم، وكثيرون من الخبراء الصهاينة بدؤوا يتحدثون عن قلقهم على بقاء هذا الكيان في ظلّ هذه الأزمات العميقة…
“اليوم الكيان الصهيوني مأزوم، ومن علامات ذلك: الازمة السياسية الداخلية وعدم القدرة على تشكيل حكومة بسبب مشاكل نتانياهو”، وهناك اليوم مشكلة قيادة حقيقية في اسرائيل، وهذا من علامات الضعف والوهن والافول ،بينما في المقابل الشباب الفلسطيني ومحور المقاومة يزداد ايمانا بالله وبالقضية وويزداد عزما وارادة وتصميما على المضي بهذا الطريق، طريق المقاومة، وهو يقوى ويتعزز يوما بعد يوم وسنة بعد سنة.
ولذلك هذا الكيان في معرض الزوال، ونحن الان على طريق النصر، والعدَّ التنازليَ لانهيارِ كيانِ العدو مستمر ٌولن يتوقف على حد تعبير الامام القائد(دام ظله).
الزوال هو وعد قراني سماوي الهي ولا خلف لوعد الله.
هذا الوعد صدر عند نزول القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة وأربعين سنة.
هذا الوعد يعرفه الصهاينة وهو موجود في كتبهم وفي نبوءاتهم، ويذكره على السنتهم أيضاً بعض كبارهم وخبرائهم وحاخاماتهم، الاسرائيليون يعرفون أنّ كيانهم ليس له مستقبل وأنه في معرض الزوال، وان عمره قصير، ولذلك ليس امامهم سوىترك الأرض التي احتلوها “لأهلها الحقيقيين، وليعودوا من حيث أتوا، وإلا ستتم إعادتهم بأي شكل من الأشكال، بالقوة أو بغير القوة. هذه الأرض هي للشعب الفلسطيني، هي لشعوب هذه المنطقة على اختلاف انتماءاتها الدينية والايمانية والعقائدية،هي للمسلمين والمسيحيين واليهود، لكن هذه الأرض ليست لإسرائيل ولا للصهاينة ولا للمستعمرين والمحتلين والمستوطنين الآتين من كل أنحاء العالم.”
على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة أن لا يقعوا تحت تأثير وضغط العدوان والطغيان والاستكبار والعتو والإرهاب الإسرائيلي، وان لا يستسلموا لاسرائيل وكأنها قدر واقع ، وان لا ييأسوا وهم يواجهون الجبروت الإسرائيلي والإرهاب الإسرائيلي في القدس وفي المسجد الاقصى ، وأن لا يرعبهم ولا يخيفهم جبروتهم العسكري والأمني والسياسي والإعلامي وكل الإرهاب الذي يمارسونه بحق الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ ، لان اسرائيل مهما علت وتجبرت فهي الى زوال.
النصر في هذه المعركة هو لمحور المقاومة وللمقاومين الشرفاء، الذين لم يتخلوا ولن يتخلوا عن القضية والارض والمقدسات.
اليوم ومع تمادي الصهاينة في اعتداءاتهم على الشعب الفلسطيني وعلى القدس، وآخرها الاعتداء على حي الشيخ جراح في القدس الشرقية،وعلى المسجد الاقصى بالامس فان الطريق الوحيد المتاح أمام الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة للحفاظ على الحقوق ولاستعادة القدس وفلسطين والمسجد الاقصى هو طريق الصمود والثبات والمقاومة.
وأياً تكن الظروف والأوضاع الصعبة التي تعيشها الامة، فإن ذلك لا يسوّغ التسليم للعدو والاعتراف بشرعيته والقبول به والتطبيع معه وإقامة علاقات طبيعية مع كيان لا يزال يعتدي في كل يوم على شعب أعزل.
اليوم الهدف الحقيقي والأهم والأساسي من التطبيع مع اسرائيل ومن الحملة التي تقودها بعض الانظمة الرجعية في المنطقة ضد ايران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، هو تصفية القضية الفلسطينية، ودفع الشعوب للتخلي عن هذه القضية، لكننا نحن وأنتم وكل الأحرار لن نتخلى عن هذه القضية .
وعلى الانظمة الخليجية وكل أدوات أميركا وإسرائيل في المنطقة أن ييأسوا من إمكانية أن تتخلى شعوبنا وحركاتنا وقوانا الحية عن فلسطين وعن القدس وعن شعب فلسطين، وعن المقاومة مهما فعلتم، ومهما تآمرتم .
المنطقة اليوم تشهد تغيرات وانجازات لمحور المقاومة، ومحور المقاومة يتقدم في المنطقة بثبات وباتت القدس أقرب الينا من اي وقت مضى، اما المحور الاخر فهو في حالة ارتباك وتخبط وبدأ يتضعضع ويتراجع، فليس هناك من خيار أمامه بعد فشل العقوبات والحصار وسياسة الضغوط القصوى وفشل سياسة المكابرة التي انتهجتها بعض دول الخليج مع جيرانها، سوى الرجوع الى الاتفاق النووي مع ايران ورفع العقوبات، والعودة الى الحوار والى حسن الجوار مع ايران، والتخلي عن المكابرة ومنطق العجرفة، وانهاء العدوان الظالم على اليمن، والذهاب نحو الحل السياسي مع سوريا.
اليوم كل الوقائع السياسية والميدانية تؤشر الى تراجع المشروع الأمريكي الإسرائيلي السعودي التكفيري في المنطقة ، بينما في المقابل مشروع محور المقاومة بدأ يحصد ثمار ثباته وتضحياته وهو في تقدم مستمر ولديه تصميم على مواصلة المعركة حتى الحاق الهزيمة الكاملة بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي وأدواته في المنطقة.