الشائعة أخطر من كورونا
- المجموعة: 2020
- 26 حزيران/يونيو 2020
- اسرة التحرير
- الزيارات: 784
الاشاعة هي الترويج لخبر مختلق وزائف لا أساس له في الواقع، أو المبالغة في نشر خبر مغرض ليس فيه سوى جانب ضئيل من الحقيقة ، بهدف التأثير النفسي والعملي في الرأي العام، ومن اجل تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية او أمنية او غير ذلك.
الشائعات والأخبار المزيفة والمغرضة التي تنتشر بين الناس هي من جملة الاخطار التي تواجه المجتمع، وهي سبب للكثير من الفتن والقلاقل والاضطرابات والجرائم والفوضى التي تحصل في المجتمع ، بل سبب في خرابه وتدميره وتفكك علاقاته.
واليوم وفي عصرالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، نتعرض يومياً لكمّ هائل من المعلومات والأخبار المزيفة والمغرضة التي تفتقر الى الدقة، وقد يكون الهدف منها إثارة الناس وتحريضهم على السلطة او على هذا الفريق او ذاك الفريق لاهداف سياسية وغير سياسية.
اليوم يكفي ان ينتشر على الواتسآب او على الفايسبوك او على تويتر خبرا في لبنان مثلا عن ارتفاع سعر الدولار، او عن رفع الدعم عن المواد الاساسية، او عن انقطاع البنزين او المازوت، او عن نية هذه المجموعة بالهجوم على تلك المجموعة، او عن ان انصار هذا الفريق او ذاك شتموا زعيم الفريق الآخر او او او.. حتى يخرج الناس الى الشارع ويقطعوا الطرقات ويعتدوا على الاملاك العامة والخاصة ويثيروا الاحقاد والعصبيات والفتنة بين الطوائف والمذاهب والاحزاب ويوتروا كل الاجواء في البلد!! ولذلك فان بث الشائعات وخصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي أخطر من وباء كورونا، لانه بالوقاية والالتزام بالاجراءات يمكن منع انتشار كورونا والسيطرة عليه والخروج منه بأقل الخسائر، لكن اذا وقعت الفتنة نتيجة اشاعة من هنا او خبر كاذب من هناك.. هل نستطيع ان نخرج منها بأقل الخسائر ام انها ستقضي على السلم الاهلي وتدمر البلد.
إن أخطر الشائعات وأشدها فتكاً في المجتمع هي الشائعات التي تنتشر بسرعة هائلة عبر وسائل التواصل وتستهدف أعراض الناس او أمن الناس وسلمهم الأهلي، وهذا النوع من الاشاعات لا ينبغي ان يصدقها الرأى العام ويبني عليها لانها قاتلة ومدمرة.
فالشائعات المتعلّقة بأعراض الناس ومسائل الشرف وحياة الناس الخاصة، والمساهمة في بثها ونشرها، حرام شرعاً، سواء استهدفت فردا او جماعة او جهة او حزبا، لانها من مصاديق إشاعة الفاحشة التي توعد الله عليها بالعذاب في الدنيا والآخرة.
يقول الله تعالى:[إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون] ـ النور/ 91.
والشائعات التي تمس العرض والشرف غالبا ما يكون الهدف منها الحط من كرامة الإنسان والنيل من سمعته، بسبب عداوة أو حسد أو تنافس شخصي أو سياسي أو من أجل الانتقام مثلاً وتصفية الحسابات مع أشخاص معينين أو جماعة معينة.
بعض الناس شغلهم الشاغل التفتيش عن أسرار الناس وعيوبهم وسلبياتهم ، ونقلها ونشرها، لأجل فضحهم والتشهير بهم ، وهذا أمر في غاية الخطورة، وهو مخالف لما أمر الله به من ستر العيوب وكتمان الاسرار.
اما الشائعات التي تتعلق بأمن الناس وأمن بلدهم واستقراره وسلمه الاهلي، فهي اشد خطورة، وهناك جهات وجماعات داخلية وخارجية تعمل على نشر مثل هذه الشائعات والأكاذيب في المجتمع، بهدف تأليب الرأي العام، وإحداث الفوضى، وضرب السلم الاهلي، وتحقيق اهداف سياسية معينة، كالشائعات التي تتعلق بامور الناس اليومية ومعيشتهم ، وهناك اشاعات الهدف منها تخويف الناس واضعافهم واحباطهم، كالشائعات التي تتحدث عن حرب اسرائيلية على لبنان في الصيف مثلا، او عن حشود عسكرية اسرائيلية على الحدود او ما شاكل ذلك.
ولذلك الانسياق وراء الشائعات وتصديقها والبناء عليها هي امور في غاية الخطورة ، وأول ما يجب فعله تجاه الشائعات من اي نوع كانت هو:
أولا: عدم المساهمة في نشرها وترويجها، بل العمل على تكذيبها ورفضها وعدم المبالاة بها وعدم ترتيب أي أثر عليها .
يقول تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) الإسراء/ 36
ويقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) الحجرات / 6
وثانيا: عدم إساءة الظن بالآخرين، والامتناع عن هتك أعراضهم ونشر أسرارهم.
وثالثاً: ضرورة رد الشائعات ذات الطابع الامني الى الجهات والأجهزة المعنية، لأنهم الأقدر على كيفية التعامل معها بدلاً من إذاعتها وتخويف الناس بها، وهذا ما أمر الله به بقوله تعالى: [وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً] ـ النساء / 83.
ورابعاً: عدم الخوف من الشائعات وتفويت الفرصة على الاعداء والوقوف بثبات وشجاعة في مواجهة حرب الدعاية والحرب النفسية والتخويف والتهويل، كما قال تعالى:[الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله ومفضلٍ لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم، إنما ذلكم الشيطان يُخوِّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين].
اليوم اميركا ومن معها يخوضون حربا دعائية ونفسية لتخويف اللبنانيين، ويفرضون حصارا اقتصاديا وماليا على لبنان، لتجريد لبنان من قوته ومقاومته، وإجباره على الاستسلام للشروط الامريكية والإسرائيليّة ..
وفي مواجهة هذه الحرب لا مجال للتردد او المساومة، فإما الصمود والثبات والمقاومة والبحث عن توفير إمكانيات الصمود وكسر الحصار وإحباط أهداف هذه الحرب من خلال التوجه شرقاً، أو الرضوخ والخضوع والاستسلام والعودة بلبنان إلى زمن الضعف والوهن الذي كانت فيه اسرائيل تعتدي على لبنان واللبنانيين وتفرض معادلاتها عليهم من دون رادع .
نحن مجتمع ومقاومة نزداد قناعة بصوابية وصحة خياراتنا عندما نرى اصرار اميركا وحلفائها على استهدافنا واستهداف بلدنا، ونزداد يقيناً بأن حربهم الاقتصادية والمالية ستفشل كما فشلت حروبهم السياسية والعسكرية، وسينكسر الحصار ويسقط أمام وعي وارادة أهلنا وصبرهم وثباتهم.