حوار مع جريدة العهد الاسبوعية حول موضوع "اسبوع المسجد"
- المجموعة: مقابلات وحوارات
- 08 كانون1/ديسمبر 1999
- اسرة التحرير
- الزيارات: 8582
إن المسجد هو أحد المؤسسات المهمة التي لها دور كبير في حياة الأمة، وفي تعبئة الناس إيمانياً وروحيا وأخلاقياً وسياسيا وجهاديا، ولذلك نرى أن بناء المسجد كان أول عمل قام به النبي (ص) بعد الهجرة إلى المدينة على مستوى بناء مؤسسات الدولة والمجتمع الإسلاميين، ولم يكن المسجد في عهد رسول الله (ص) مجرد مكان للعبادة فقط ، بل كان مكانا للعبادة ومركزا للتعليم والتوجيه والإرشاد والتعبئة العقيدية والروحية والجهادية، ومقرا للحكم والإدارة . كما أنه في خلافة أمير المؤمنين (ع) شكل المسجد منطلقا يدير منه الإمام (ع) شؤون الأمة وكان منبرا للخطب التوجيهية، ومحلاً لطرح قضايا وهموم المسلمين
1. تم الإعلان عن مشروع المسجد، باختيار آخر اسبوع من أسابيع شهر شعبان اسبوعا للمسجد، ترى كيف تبلورت هذه الفكرة، وإلام ترمي، ولماذا التوقيت؟
2. هل يعني ذلك أن المسجد لم يكن يؤدي دوره؟ فما الجديد في المشروع؟
3. هل يقتصر العمل على المساجد التي يرعاها الحزب أو أن هناك تنسيقا مع بقية المساجد؟
4. في التفصيلات، تفصيلات المشروع وكيف سيتم تحديد الانشطة، أقسامها، مساحتها، كوادرها؟!
5. كان المسجد بمثابة جامعة علمية من خلال حلقات درس (زمن الإمام الباقر (ع) والصادق (ع) في مسجد رسول الله (ص) هل من استلهام لتلك التقاليد وما هو مصداق دعوة الإمام الخميني لتوحيد الحوزة والجامعة في هذا الصدد.
6. سمعنا أن ثمة فكرة إطلاق السنة القادمة لمشروع المسجد، ما هي هذه المشاريع؟
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال -1-:
الحقيقة أن هذه الفكرة تبلورت لدينا منذ أكثر من سنة، وكنا نود الإعلان عنها في شهر شعبان من السنة الماضية، إلا أن بعض الظروف حالت دون الإعلان عن ذلك رسميا، ولكن مع ذلك فإن الوحدة الثقافية المركزية في حزب الله قامت في السنة الماضية ببعض الأنشطة التي ساهمت في إيجاد جو مسجدي مميز، وبرز ذلك خلال شهر رمضان الماضي حيث كان الإقبال على المساجد كبيراً خاصة في ليالي الإحياء. أما هذه السنة فقد رأينا أن يبادر حزب الله إلى الإعلان رسميا عن تخصيص الأسبوع الأخير من شهر شعبان المعظم اسبوعاً للمسجد في لبنان وقد تم ذلك من قبل الأمين العام لحزب الله سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله في اللقاء الهام الذي تم قبل اسبوع والذي جمع حشدا كبيرا من العلماء والهيئات العلمائية وأئمة المساجد والمبلغين والمهتمين بالشأن الثقافي والديني في لبنان.
وأنا اعتقد أنه من الطبيعي بل من الضروري أن يبادر حزب الله إلى اتخاذ خطوات من هذا النوع تعزز حالة التدين والالتزام الديني في لبنان، لأن حزب الله أساساً وبالدرجة الأولى حركة إيمانية جهادية فهو ليس معنياً بالوضع الديني والشأن الثقافي فحسب بل يعتبر أن تعزيز الالتزام الديني والأخلاقي بين الناس ونشر القيم الإلهية والإنسانية في المجتمع ورفع المستوى الثقافي ومستوى الوعي لدى الناس جزء من رسالته التي يعمل لها بشكل يومي.
إن المسجد هو أحد المؤسسات المهمة التي لها دور كبير في حياة الأمة، وفي تعبئة الناس إيمانياً وروحيا وأخلاقياً وسياسيا وجهاديا، ولذلك نرى أن بناء المسجد كان أول عمل قام به النبي (ص) بعد الهجرة إلى المدينة على مستوى بناء مؤسسات الدولة والمجتمع الإسلاميين، ولم يكن المسجد في عهد رسول الله (ص) مجرد مكان للعبادة فقط ، بل كان مكانا للعبادة ومركزا للتعليم والتوجيه والإرشاد والتعبئة العقيدية والروحية والجهادية، ومقرا للحكم والإدارة . كما أنه في خلافة أمير المؤمنين (ع) شكل المسجد منطلقا يدير منه الإمام (ع) شؤون الأمة وكان منبرا للخطب التوجيهية، ومحلاً لطرح قضايا وهموم المسلمين، كما أن الأئمة المعصومين (ع) اتخذوا من المسجد أداة حيوية للتواصل مع الأمة وتعميق معالم الدين واحكامه وقيمه في العقول والقلوب من خلال عملهم العلمي والتبليغي في المساجد، وهكذا تحول المسجد إلى أحد أهم المؤسسات التي تساهم بشكل فاعل في بناء وصياغة الشخصية الرسالية على كافة المستويات الفكرية والجهادية وغيرها، وتأكيدا على ضرورة ارتباط الأمة بالمساجد وإحيائها بالعبادة والصلاة والدعاء والذكر والثقافة وجعلها محورا في عملية استقطاب الناس إلى طاعة الله. لأجل ذلك وغيره رأينا من المناسب جدا أن نخصص الأسبوع الأخير من شعبان المعظم كأسبوع للمسجد في لبنان لا ليتحول العمل المسجدي إلى فعل موسمي سنوي بل لأجل أن يتحول هذا الاسبوع إلى محطة للتخطيط والعمل على تفعيل دور المساجد وإحيائها بمختلف البرامج الروحية والثقافية على مدار السنة، وفرصة لحث الناس على الحضور والتواجد في المساجد للصلاة فيه والاستفادة من عطائه. كما أن الفكرة ترمي إلى إيجاد تفاهم أكبر مع أئمة المساجد والمبلغين من أجل التعاون لخدمة الإسلام.
- أما لماذا التوقيت في الأسبوع الأخير من شعبان؟
- التوقيت خضع لاعتبار أن الأسبوع الأخير من شعبان المعظم هو الأسبوع الذي يتقدم شهر رمضان المبارك هذا الشهر الذي يتوجه فيه الناس إلى الله بصيامهم وقيامهم، واعتقد أن اسبوع المسجد قبل شهر رمضان مباشرة يوفر الفرصة من أجل إعداد الناس نفسيا وعمليا لاستقبال شهر رمضان هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون مناسبة لتنظيم المساجد وتنظيفها وإعدادها وتهيئة البرامج لاستقبال المؤمنين الوافدين على المساجد في شهر رمضان حيث يتوجه الناس خلال الشهر المبارك إلى بيوت الله فتشهد إقبالاً كبيرا من أجل إحياء لياليه المباركة والاستزادة من عطاءاته وبركاته.
جواب وسؤال -2-:
ليس بالضرورة أن يعني ذلك أن المساجد لا تقوم بدورها، لأنه قد يكون المقصود من تخصيص اسبوع للمسجد هو تكريم بيوت الله وتعظيمها وإبراز أهميتها والتأكيد على دورها وتعزيز هذا الدور، وهذا يشبه إلى حد ما الأيام التي تجعل في السنة لتكريم بعض الأشخاص كيوم المعلم مثلا أو يوم العمال أو ما شاكل ذلك، ويراد من خلال ذلك التكريم وتقدير الجهود التي يبذلها المعلم أو العمال في الحياة.
وهنا عندما نجعل للمسجد اسبوعا في السنة فهذا يعني من بعض الجوانب تعظيم هذه الأماكن العبادية التي تقوم بدور هام في حياة الأمة من جهة، ومن جهة أخرى فإننا بذلك نؤكد أهمية الدور الذي تؤديه هذه المراكز المقدسة ونبرز أهميتها لنستزيد من عطاءاتها الروحية والتربوية، ونوجد جوا للتأكيد على ضرورة تفاعل الأمة مع مساجدها بالحضور فيها وارتيادها بشكل دائم واداء الصلاة فيها وغير ذلك.
ومع ذلك فإنني اعتبر أن هناك حالة من التراخي والغفلة عن المساجد في مجتمعنا بشكل عام، فنحن لا نشهد حضور الناس بالشكل المطلوب في المساجد سوى في بعض المناسبات كالأعياد مثلا، مع أن هناك تأكيدا وحثا بالغا في الروايات على التوجه نحو المساجد وارتيادها والمكوث والصلاة فيها في كل الظروف والأحوال ليساهم المسجد بالمهمة التربوية العظيمة. بل في بعض الروايات لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، وفي رواية أخرى: عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض، ومن اتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه وكتب من زواره، فاكثروا فيها من الصلاة والدعاء، وصلوا في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة.
إن مشكلتنا أننا لا نلتفت غالبا إلى القيمة التربوية للمساجد ولذلك تجد الناس لا يهتمون بالحضور فيها وقد أشار الإمام القائد في بعض كلماته إلى هذه المشكلة حيث يقول: " يجب أن نكون هناك في المساجد حتى نؤسس قاعدة لقدوم الناس، ولا يكفي الإعلان والتبليغ.
واعتقد أن علاج هذه الحالة هو أن نعي الدور الذي يلعه المسجد في صياغة شخصيتنا الإيمانية والاجتماعية وغيرها، فإن الحضور في المساجد يعمق ارتباطنا بالله حيث يعيش الإنسان في رحاب الله وفي بيته الأجواء الروحية العالية ، ويقوي من جهة أخرى، روح الجماعة فيمتحن العلاقات بين المؤمنين لأن المسجد أفضل وسيلة لشيوع الصداقات بين الناس وللتعارف ولتقوية أواصر الأخوة والمحبة والمودة، كما أن الحضور في المساجد سببا للاستفادة وللارتباط القوي بالدين وأحكامه ومفاهيمه حيث تقام في المسجد حلقات العلم والتوجيه وتبث فيه الخطب والمحاضرات فيستفيد الإنسان فيه لحياته ولآخرته.
ولذلك فقد ورد عن أمير المؤمنين (ع): من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً من الله، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، او سمع كلمة تدل على هدى، او يترك ذنبا خشية او حياء.
وفي المسجد ايضا يعيش الانسان المناسبات الاسلامية والمحطات التاريخية للامة.
ولذلك كله فان اسبوع المسجد جاء ليؤكد على هذا الدور للمساجد ، وليربط الامة بهذه الاماكن العبادية المقدسة لتساهم بالمهمة التربوية العظيمة.
جواب سؤال -3-
لا ليس الأمر مقتصرا على المساجد التي يرعاها حزب الله، نحن أطلقنا المشروع ليكون عاما وشاملا لكل المساجد في لبنان، وعندما ندعو إلى إحياء المساجد وتفعيل دورها أو عندما نحث الناس على ارتياد المساجد والصلاة فيها، لا ندعوهم من أجل الحضور في مساجد خاصة ترعاها هذه الجهة أو تلك وإنما ندعو الناس لارتياد مختلف المساجد في كل لبنان لأن كل المساجد هي بيوت الله،ولذلك فقد وجهنا دعوات إلى معظم أئمة المساجد في لبنان للتفاعل مع الفكرة، كما أننا نسقنا الفكرة مع المركز الإسلامي للتبليغ ومع بعض الهيئات العلمائية الفاعلة في لبنان من اجل إيجاد جو مسجدي عام في لبنان
جواب سؤال -4-
هناك مجموعة من الأنشطة التي قمنا بها خلال الأسبوع وهناك انشطة أخرى على مدار السنة، الأنشطةالتي قمنا بها خلال الأسبوع بعضها كان إعلاميا، والبعض الآخر كان عمليا، على المستوى الإعلامي شاركت إذاعة النور وتلفزيون المنار ببث فلاشات على مدار الأسبوع من أحاديث المعصومين (ع) وكلمات الإمام الخميني والإمام القائد حول المساجد وفضل الصلاة فيها، كما بثت فلاشات تتحدث عن أهم المساجد الإسلامية في لبنان وفي العالم. وحوارات حول دور المسجد في نهضة الشعوب المسلمة وانتفاضتها على الظلم والاحتلال. أما على المستوى العملي فقد تم تنظيم دروس قرآنية ودورات في تجويد القرآن في المساجد كافة في مختلف المناطق وقد بدأت الدورات منذ النصف من شهر شعبان وتستمر حتى نهاية شهر رمضان. كما تم التواصل مع مختلف المدارس الإسلامية حيث تم تخصيص حصة تدريسية في هذه المدارس حول أهمية المساجد والصلاة جماعة فيها، وقد اعدت الوحدة الثقافية المركزية متناً خاصاً للمدرسين لهذه الغاية، كما أنه تم تنظيم حملات لتنظيف بعض المساجد خلال الأسبوع وتزيينها استقبالا لشهر رمضان.
هذا على مستوى الاسبوع نفسه، أما على مستوى الأنشطة التي رصدت لتكون على مدار السنة، فأهمها القيام بتشكيل لجان خاصة في القطاعات في مختلف المناطق. المناطق تهتم بشؤون المسجد وتفعيل دوره على مدار السنة، وتشكيل لجنة لرصد الأماكن التي تحتاج إلى مسجد والسعي لدى أهل الخير لبناء المساجد في تلك الأماكن.وغير ذلك من الأنشطة. ونحن لا ندعي بأن هذه الأنشطة كافية ولكن نعتبرها خطوة متواضعة على طريق إيفاء المساجد حقها.