الأربعاء, 27 11 2024

آخر تحديث: الأحد, 15 أيلول 2024 12am

المقالات
كلمة في اربعين الشهيد نعيم فرحات في بيت شاما البقاعية 15-9-2024

كلمة في اربعين الشهيد نعيم فرحات في بيت شاما البقاعية 15-9-2024

الشيخ دعموش خلال الحفل التكريمي للشهيد السعيد المجاهد على طريق القدس نعيم علي فرحات...

خطبة الجمعة 13-9-2024 – سيرة الهجرة النبوية

خطبة الجمعة 13-9-2024 – سيرة الهجرة النبوية

  الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 13-9-2024: من يتخلّى عن غزة والضفة شريك في الجريمة...

كلمة في اسبوع الاستاذ نايف علي مرعي 8-9-2024

كلمة في اسبوع الاستاذ نايف علي مرعي 8-9-2024

الشيخ دعموش خلال حفل تأبيني 8-9-2024: المقاومة لن تقبل بتغيير قواعد الاشتباك وكسر...

كلمة في اسبوع الشهيد علي عمرو في المعيصرة 11-8-2024

كلمة في اسبوع الشهيد علي عمرو في المعيصرة 11-8-2024

الشيخ دعموش من المعيصرة 11-8-2024: المقاومة مصمِّمة على ردٍ ميدانيٍ مؤلم ورادع. شدَّد...

كلمة في المجلس العاشورائي في مجمع المجتبى 16-7-2024

كلمة في المجلس العاشورائي في مجمع المجتبى 16-7-2024

الشيخ دعموش من باحة المجتبى 16-7-2024: مجاهدونا يصنعون بحضورهم وتضحياتهم في المعركة...

كلمة في المجلس العاشورائي في القماطية 16-7-2024

كلمة في المجلس العاشورائي في القماطية 16-7-2024

كلمة في المجلس العاشورائي في بلدة القماطية في جبل لبنان الشيخ دعموش من...

كلمة في المجلس العاشورائي في الاوزاعي 15-7-2024

كلمة في المجلس العاشورائي في الاوزاعي 15-7-2024

الشيخ دعموش من الاوزاعي15-7-2024 : نتنياهو يصرُّ على مواصلة العدوان وتعنته لن يوصله إلا...

كلمة في المجلسين العاشورائيين في بريتال وبدنايل 14-7-2024

كلمة في المجلسين العاشورائيين في بريتال وبدنايل 14-7-2024

الشيخ دعموش من بريتال وبدنايل14-7-2024 : أي حرب على لبنان ستصنع فيها المقاومة للكيان...

كلمة في المجلس العاشورائي في الشهابية 13-7-2024

كلمة في المجلس العاشورائي في الشهابية 13-7-2024

الشيخ دعموش من الشهابية 13-7-2024: المقاومة اليوم في أعلى درجات الجهوزية على كلّ...

  • كلمة في اربعين الشهيد نعيم فرحات في بيت شاما البقاعية 15-9-2024

    كلمة في اربعين الشهيد نعيم فرحات في بيت شاما البقاعية 15-9-2024

  • خطبة الجمعة 13-9-2024 – سيرة الهجرة النبوية

    خطبة الجمعة 13-9-2024 – سيرة الهجرة النبوية

  • كلمة في اسبوع الاستاذ نايف علي مرعي 8-9-2024

    كلمة في اسبوع الاستاذ نايف علي مرعي 8-9-2024

  • كلمة في اسبوع الشهيد علي عمرو في المعيصرة 11-8-2024

    كلمة في اسبوع الشهيد علي عمرو في المعيصرة 11-8-2024

  • كلمة في المجلس العاشورائي في مجمع المجتبى 16-7-2024

    كلمة في المجلس العاشورائي في مجمع المجتبى 16-7-2024

  • كلمة في المجلس العاشورائي في القماطية 16-7-2024

    كلمة في المجلس العاشورائي في القماطية 16-7-2024

  • كلمة في المجلس العاشورائي في الاوزاعي 15-7-2024

    كلمة في المجلس العاشورائي في الاوزاعي 15-7-2024

  • كلمة في المجلسين العاشورائيين في بريتال وبدنايل 14-7-2024

    كلمة في المجلسين العاشورائيين في بريتال وبدنايل 14-7-2024

  • كلمة في المجلس العاشورائي في الشهابية 13-7-2024

    كلمة في المجلس العاشورائي في الشهابية 13-7-2024

 
NEWS-BAR
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 13-9-2024: من يتخلّى عن غزة والضفة شريك في الجريمة والقتل. الشيخ دعموش: التخلّي عن القضية الفلسطينية وعدم مساندة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة، هو أعظم خيانة للقضية وللأمة ومقدساتها. الشيخ دعموش: صمت الأنظمة إزاء إصرار رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو على مواصلة جرائمه في غزة والضفة، يجعلها شريكة في الجريمة. الشيخ دعموش: جبهات المساندة من لبنان إلى اليمن والعراق وسورية وإيران، مستمرة طالما العدوان مستمر. الشيخ دعموش: العدو فشل بالرغم من التدمير والقتل والمجازر في تحقيق أهدافه، ولم يتمكن من تبديد الخوف والقلق لدى الصهاينة من تكرار ما جرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر. الشيخ دعموش: ستبقى هذه المقاومة حاضرة، ولن يتمكن العدو من القضاء عليها، لأنها حق، والحق يعلى ولا يعلى عليه، ولا يمكن لاحد القضاء على الحق والمقاومة. الشيخ دعموش: المقاومة في لبنان كانت السبّاقة في مساندة غزة، واستطاعت أن تفرض معادلات جديدة على العدو، وأظهرت العجز الإسرائيلي عن حماية مواقعه ومستوطناته. الشيخ دعموش: تمادي العدو في الاغتيالات وقتل المدنيين وتوسيع دائرة القصف على القرى والبلدات في الجنوب، لن يعيد المستوطنين الى منازلهم، ولن يخرج نتنياهو من مأزقه. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 6-9-2024: الطريق الوحيد لإيقاف العدوان هو الضغط على العدو في الميدان. الشيخ دعموش: العدو الصهيوني لديه أطماع حقيقة في كل فلسطين وفي المنطقة، والهدف الحقيقي والاستراتيجي هو إحكام السيطرة على كل فلسطين التاريخية. الشيخ دعموش: أهم المؤشرات السياسية التي تدل على الأطماع "الإسرائيلية" في فلسطين: ما ذكره الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أحد خطاباته الانتخابية مؤخرًا من أن مساحة "إسرائيل" تبدو صغيرة على الخارطة. الشيخ دعموش: مشروع نتنياهو وحلفائه في الحكومة هو تحويل كامل فلسطين إلى دولة يهودية وطرد أهلها، ولذلك سيواصل حربه على غزة والضفة لتنفيذ هذا المشروع. الشيخ دعموش: الأميركي شريك مع نتنياهو وداعم مطلق للعدوان "الإسرائيلي" على غزة ولبنان، وملتزم بأمن "إسرائيل". الشيخ دعموش: من المستبعد أن يرضخ نتنياهو لأي ضغوط داخلية أو خارجية، بل سيواصل عدوانه على غزة والضفة ولبنان، وليس أمامنا في محور المقاومة سوى الصمود ومواصلة جبهات الاسناد.

الإساءة للرَّسول (ص) إهانة للمقدسات

يقول الله تعالى ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

 الاية تتحدث عن مجموعة من الحقائق التي تتعلق برسول الله محمد بن عبد الله ودوره ومهمته الرسالية من جهة، ومكانة الذين آمنوا به واتبعوه ونصروه في مختلف المواقع من جهة اخرى، ولذلك فإن حديثنا في هذه الآية سيتمحور حول هاتين النقطتين: حول الدور الرسالي للنبي(ص). وحول مكانة الذين آمنوا به.

 ولأن المجال لا يتسع للحديث عن هاتين النقطتين هنا، ساقتصر على الكلام في النقطة الاولى، واترك الكلام في النقطة الثانية الى الحديث المقبل ان شاء الله تعالى.

اما الكلام في النقطة الاولى، اي الدور الرسالي للنبي(ص) الذي اشارت اليه الآية فيتلخص بالتالي:

اولا: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ) .

والمعروفُ هو كلُّ القيمِ الروحية والنفسية والاخلاقية والاجتماعية والانسانية  التي تنسجم مع فطرةَ الإنسان، فالمعروفُ ليس صلاة وصوما وزكاة وحجا ودعاءا وعبادة فقط، بل هو عبادة، وخلق رفيع، وسلوك حسن، وصفات حميدة وسجايا كريمة، المعروفُ هو الاحسان للآخرين والتعامل الصادق مع الناس، والنيات الحسنة والمشاعرُ الطيبة، هو كل عمل صالح يرفع من مستوى الناس، ويصلح شأنهم، ويحقق آمالهم ومصالحهم، ويخفف من الامهم وهمومهم ومعاناتهم.

يقول تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ).

 اما المنكر فهو كلُّ ما يستقبحه الشرع والعقل البشري والفطرة الانسانية، فالمنكرُ هو البغيُ والعدوان والظلمُ والاستبدادُ والفساد والاستئثارُ بمقدَّراتِ الناسِ وسرقة حقوقِهم، وتضييع مصالحهم، وهو الشر كله والمعاصي كلها ، والكيدُ والمكرُ والخديعةُ والفتنُ والاحقاد والضغائنُ والحسدُ والنميمة والغيبة والكذب والقذفُ والفواحشُ والرذائلُ وكل الصفات الدنيئة.

 يقول تعالى﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من اعظم الوظائف والمهام الرسالية الملقاة على عاتق الانبياء والرسل، وقد قام نبينا محمد(ص) بهذه المهمة بكل عزم وثبات وصبر في اصعب الظروف واقسى المراحل، حين كانت تسيطر على العالم الخرافات والسخافات واختلاف الديانات والاتجاهات، وقدم من اجل ذلك التضحيات وتحمل الاساءات وكل اشكال الاذى حتى قال(صلى الله عليه و آله) : "ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت به" .

وقد تحلى النبي(ص) بكل معروف امر به وابتعد عن كل منكر نهى عنه فطبق ذلك على نفسه اولا وبلغ القمة في تحليه بالفضائل وابتعاده عن الرذائل منذ نشأته الأولى حتى النهاية ، حيث استحق لاجلها ذلك الوسام الالهي الرفيع عندما خاطبه الله سبحانه بقوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

فهو(ص) يأمر اتباعه بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويلتزم هو بذلك على اكمل وجه.

وينبغي لكل مسلم مؤمن أن يقتدي بنبيه ويتأسى به ، بان يكون آمراً بالمعروف ناهيا عن المنكر قدر استطاعته وان يلتزم في حياته بذلك. (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب/ 22]. خصوصاً في هذا الزمان الذي عاد فيه الناس إلى جاهليتهم الأولى فشاع فيهم المنكر بكل أنواعه وقل المعروف بكل أشكاله.

 ثانيا: تحليل الطيبات وتحريم الخبائث، (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) فهو يحل لهم كل ما ترغب به الطبائع الانسانية السليمة، وكل ما تستطيبه النفس، ويستحسنه العقل، ويأمر به الشرع ويبيحه ولا يمنع منه، من الآكل والشرب والعلاقات الزوجية والانسانية وكسب المال وغير ذلك.

والطيباتُ ليست حِكرًا على فرد او فئة اوطبقةٍ او جماعة معينة، بل هي لكلِّ الناس على اختلاف أعراقهم وأجناسِهم ومواقعِهم، هذا هو معنى أنَّ رسولَ الله يُحِلُّ لهمُ الطيبات.

اما الخبائثَ التي يحرمها عليهم فهي كل ما تستقذرُه النفوس وتمجُّه الطبائعُ القويمة، وتستقبحه العقول السليمة، وينهى عنه الشرع ويحذر منه من طعام وشراب كالميتة، والدم المسفوح، ولحم الخنزير والخمر، ومن مال ومعاملات وما يؤخذ بغير حق كالربا، والرشوة ، والسرقة، والخيانة، والغصب، والسحت وغير ذلك.

يقول تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

و يقول تعالى: " قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث

وقال سبحانه: " قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق " (

ومن المعلوم أن الذي احل الطيبات وأباحها، وحرم الخبائث وحذر منها، هو الله عز وجل، لانه هو المشرع، وإنما نسب التحليل والتحريم ووضع الاصر للنبي(صلى الله عليه و آله) في الاية،  باعتبار انه المبلغ لهذا التشريع الإلهي الذي جاء به من عند الله عن طريق الوحي المنزل عليه، وهو المبين لمصاديق الطيبات والخبائث ومصاديق وضع الإصر بتفصيل كامل وشامل.

ثالثا: رفع الاغلال والمشاق والصعاب والضغوط، (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ).

فالنبي (ص) جاء ليحرَّر البشريةَ من الضيق والضغوط والقيود والأغلالِ التي كانت تكبِّلُها، جاء ليحرِّرها من ظلمِ واستبدادِ الجبابرة والطغاة والمستكبرين الذين كانوا يهيمنون على الواقع، ويستعبدون الناس، ويتحكمون بمصالحهم ومقدراتهم، وقد قام النبي(ص) بذلك، فحرَّر الجزيرةَ العربية من الطغاة والجبابرة العرب، وأخرج اليهود منها بعدما خانوا تعهداتهم وأخلوا بالتزاماتهم واعتدوا على المسلمين، وأسقط دولتي كسرا وقيصر، وهما اعظم امبرطوريتين آنذاك، وأقام دولة الاسلام، دولة العدل والانسان.

يقول تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

كما انه رفع عنهم المشاق والصعاب التي كانت موجودة في بعض الفرائض والتكاليف لا سيما في الشرائع السابقة.

 يقول تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ).

 وقال: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).

 وقال رسول الله(ص): بعثت بالحنيفية السهلة السمحة.

 وقال(ص): ما بعثت بالرهبانية الشاقة ولكن بالحنيفية السمحة.

هذه هي المفاهيم والقيم والاخلاق التي جاء بها رسول الله (ص) للبشرية، وهذه المبادىء لم يفرضها النبي(ص) على الواقع الانساني بالقوة والقهر والعنف وحد السيف كما يظن البعض، لم يستخدم النبي اي وسيلة عنفية لفرض الاسلام، وانما اعتمد وسائل الاقناع في تبليغ الرسالة، وهو ما تعبر عنه الآيةُ الشريفة من سورة النّحل﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.

فكان الدليل والبرهانُ والإقناعُ والحكمةُ هي الوسائل التي اعتمدها في ايصال الرسالة وقيمها الى عقول الناس، وكانت الموعظةُ الحسنة المصحوبة بالرفق والرحمة والشفقة والحرص والرأفة هي الاسلوب الذي اتبعه لإيصال الهدى الى قلوبهم، وكان الحوار والنقاش الهادىء الذي يستبطن احترام الاخرين ومعتقداتهم والأديان، هي الوسيلة التي اتَّخذها ليحرير العقول ويبدد الشبهاتِ والضلال الذي تراكم على مر الزمان.

 يقول تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.

ويقول سبحانه: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).

فكان خلقُه الرحمةَ والرفقَ واللينَ والإشفاقَ والعفوَ والمشورةَ والتقديرَ والاحترام للعقول.

هذا الرسول الذي حمل كل هذه المبادىء والمفاهيم والقيم وامتلك كل هذه الصفات والفضائل في شخصيته، والذي تحول بفعل طهارة ذاته وعظمة شخصيته وأخلاقه وسموه الانساني الى أعظم مخلوق على وجه الارض، لا يصح وصفه بالعنفِ والإرهابِ وظلمِ المرأةِ والشذوذ، ولا يحق لاحد الاستهزاء به والسخرية منه والاساءة اليه، كما تفعل بعض الصف الغربية من خلال الرسوم الريكاتورية الساخرة والمهينة التي تنشرها بحقه.

إن قيام صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية بإعادةِ نشرِ رسومِ مسيئةِ، بغطاءٍ سياسيٍ رسمي هذهِ المرةِ من الرئيس الفرنسي الذي ادرج هذه الاساءة تحت عنوان حرية التعبير هو عمل أحمق جرّ الى ردود أفعال ليست في مصلحة فرنسا وعلاقاتها مع العالم الاسلامي.

إن الدافعَ لهذه الإساءاتِ ليس مجردُ الاستهزاء والاستفزاز لمشاعر المسلمين.

فالمتابعُ لتصريحاتِ قادةِ الغربِ وسياساتِه تجاه الاسلام والجاليات الاسلامية في الغرب وتجاه المسلمين في العالم الاسلامي منذ ان صدرَ الفيلمُ الهولنديُ الأولُ المسيءُ للقرآنِ عام 2004م وحتى الان، لا يبقى لديه أدنى شك في أن هذه الإساءاتِ هي جزءٌ من حملةٍ اوروبية غربيةٍ تستهدف الإسلامِ ومفاهيمه وأحكامِهِ كما تستهدف بعض الدول الاسلامية على جميعِ المستويات: السياسيةِ والعسكريةِ والثقافيةِ والإعلاميةِ، وهي تريد تحقيقَ أمرين:

الأولُ: تطويع الجاليات الاسلامية والقضاءُ على هُويةِ المسلمين في الغرب، وترويعِهم وإخضاعِهم، بغية دمجِهم وتذويبِهم في حضارةِ الغربِ وقيمِهِ واسلوبه في الحياة.

كما تستهدفُ تشويهَ صورةِ الإسلامِ والنبيِ الاكرم(ص) والقرآنِ الكريم، لتنفيرِ الشعوبِ الاوربية والغربيةِ منه، ولمنعِ انتشارِ الإسلامِ في اوروبا، بعدما بداء الاسلام بالتمدد سريعا بين الاوروبيين لا سيما في فرنسا.

والثاني : يهدفُ إلى تأجيج الأحقادِ في المجتمعاتِ الاوروبية ضد المسلمين لحملِها على الالتفافِ حولَ حكامها في سياساتهم الداخلية والخارجية، وكسبِ التأييدِ الشعبيِ للسياساتِ والحروبِ الاستعمارية التي تخوضُها بعض دولُ الغرب ضد دول وشعوب المنطقة، لا سيما في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها.

اما تبرير الاساءة للنبي(ص) بانه من حرية التعبير فهو تبرير مزيف وواهن، ففي أوروبا يعتبر الرئيس الفرنسي وبعض المسؤولين الاوروبين  نشر رسوم تسيء للرسول (ص) حرية تعبير يكفلها القانون، بينما نفس هؤلاء المسؤولين يعتبرون مجرد التشكيك في الهولكوست ومناقشة حقيقة أحداث وأرقام جرائم النازية ضد اليهود، جريمة بالقانون وتعرض أصحابها للمحاكمة وربما خسارة وظائفهم، كما حصل مع الباحث الأكاديمي الفرنسي روجيه جارودي، الذي لم تشفع له مكانته العلمية الرفيعة.

اللافت أكثر أنه في فرنسا تستطيع أن تشتم النبي وتطعن بالمسيح وموسى وجميع الرسل والديانات والمقدساتعلى اعتبار ان ذلك من حرية التعبير بينما اذا شتمت الرئيس شارل ديغول تجرم وتعاقب بالقانون وتسقط كل عناوين الدموقراطية والحرية التي يدعونهاوهذا تناقض ونفاق عجيب غريب لا يستطيع الغرب نفسه حتى تبريره.

وحرية التعبير على المستوى الأخلاقي والعقلاني في القوانين الاوروبية والغربية ليست مطلقة، لانها تؤدي الى الفوضى والتسيب فهناك العديد من الحالات التي تقمع فيها الحريات في الغرب  نتيجة ما ينتج عنها من ضرر كدعوات العنف والتحريض على القتل وتأييد النازية والفاشية وما شاكل وبالتالي لا لا يستطيع احد اي عاقل التسليم بالحريّة المطلقة التي لا حدود لها ، لانه لا بدّ أن تقف هذه الحرية عند الحد الذي يتعارض مع حرية الاخرين وحقوقهم ومشاعرهم ومعتقداتهم ومقدساتهم.

فالاساءة للنبي(ص) والمقدسات ليست حرية، بل هي إهانة موصوفة للمسلمين واعتداء سافر على رموزهم ومقدساتهم، واضفاء الغطاء السياسي والرسمي على هذه الاساءة المشينة من قبل الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون هي حماقة عنصرية وسياسية، والاصرار عليها لن يخدم فرنسا ولن يكون في مصلحة ماكرون ومستقبله السياسي.والحمد لله رب العالمين.