الصدق في العمل السياسي
- المجموعة: 2016
- 04 تشرين2/نوفمبر 2016
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1788
الصدق مطلوب في العمل السياسي وفي المواقف والالتزامات والوعود السياسية, مع الأسف في لبنان كما في معظم دول العالم العمل السياسي في الغالب يقوم على الكذب وعدم الوفاء ويفتقد الى الصدق والاخلاق , هناك قطيعة بين الأخلاق والسياسة لبنان
خلاصة الخطبة
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة : أن الصدق مطلوب في العمل السياسي وفي المواقف والالتزامات والوعود السياسية كما هو مطلوب في غيرها.
وقال: مع الأسف في لبنان كما في معظم دول العالم العمل السياسي في الغالب يقوم على الكذب وعدم الوفاء ويفتقد الى الصدق والاخلاق . مضيفاً: أن هناك قطيعة بين الأخلاق والسياسة في لبنان , ومعظم السياسيين يكذبون على بعضهم وعلى الجمهور وحتى على أنفسهم, ويقولون ما لا يفعلون ويعلنون غير ما يضمرون ولا يفون بالتزاماتهم .. والدليل هو الوقائع السياسية والمواقف السياسية لبعض السياسيين التي نواكبها ونسمعها في كل يوم في لبنان وفي غير لبنان.
واعتبر: أن حزب الله شكل حالة مغايرة ومختلفة في تجربته السياسية, فحزب الله يعتبر ان العمل السياسي لا ينفصل عن الدين والأخلاق ومنظومة القيم, السياسة عند حزب الله فيها دين وأخلاق والتزام ووفاء وصدق وثبات للوصول إلى الهدف، فنحن لا نغش أحداً ولا نخادع أحداً ولا نكذب على أحد ولا نخون أحداً, ومن نضع يدنا بيده لا ننزعها ما دامت يده بيدنا، هكذا كنا منذ البداية وهكذا بقينا ولا زلنا , فقد اعتمد الحزب منذ نشوئه على الصدق واستند في كل مواقفه السياسية وغير السياسية الى القيم الأخلاقية, وأثبت أن بالإمكان الوصول الى الأهداف وتحقيق المصلحة السياسية والمصالح الوطنية بالإلتزام بالضوابط الأخلاقية والقيمية.
وقال: انطلاقا من هذه الروحية كانت علاقتنا مع حلفائنا قائمة على الصدق وعلى الوفاء بالإلتزمات والوعود , وكان الإصرار على الإستمرار بترشيح العماد ميشال عون للرئاسة, وثبتنا على هذا الإلتزام برغم كل المحاولات التي جرت لزعزعة موقفنا . وشدد: على أن هذا الثبات والصدق في الموقف كان له الدور الاساسي في انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ووصول مرشحنا العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية, وهذا انتصار للقيم والأخلاق كما هو انتصار للبنان.
وأشار: الى أنه وفي ظل المناخ الايجابي الذي أشاعه انتخاب الرئيس, والأجواء المرافقة لتأليف الحكومة, فان اللبنانيين يتطلعون الى تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تتمثل فيها كل القوى السياسة الاساسية في البلد, والى عهد يسود فيه التفاهم والتعاون بين كل اللبنانيين, ويكون قادراً على تحقيق انجازات ملموسة, ومعالجة الأزمات المعيشية والحياتية, وحماية البلد من التحديات المحيطة به, والحفاظ على أمنه واستقراره ومستقبله ومستقبل شعبه وأبناءه.
نص الخطبة
يقول الله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. التوبة:119
من القيم الأخلاقية الإسلامية الصِّدق، وهو ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية، والمجتمع بأمس الحاجة إلى هذا الخلق في التعامل بين أفراده, ولعل أهم معيار لسلامة ورقي مجتمع من المجتمعات البشرية هو صدق أفراده , صدقهم في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم ومعاملاتهم وتجاراتهم وبيعهم وشرائهم، وصدقهم في مواقفهم ووعودهم والتزاماتهم وتعهداتهم, وفي المقابل أكبر أزمة يمكن أن يعاني منها الناس في تعاملهم هي انتشار الكذب بينهم, الكذب في الأحاسيس والمشاعر, والكذب في النيات والأقوال ونقل الأخبار, والكذب في الأعمال والمعاملات وغيرها. لان المجتمع الذي ينعدم فيه الصدق وينتشر فيه الكذب يفقد الثقة بين أبنائه, واذا فقد المجتمع الثقة تفكك وتشتت.
الصدق هو من مرتكزات الأمن الإجتماعي والإستقرار الإجتماعي, فإذا انعدم الصدق وشاع محله الكذب, لن يكون المجتمع آمناً مطمئناً ومستقراً على المستويين النفسي والإجتماعي.
إن العلاقات الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة وصدقها، ولولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم العلاقات والروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعاً قائماً على الكذب لندرك حجم التفكك والتمزق الذي يمكن أن يصيبه، وانعدام التعاون والتماسك والتلاحم الذي يمكن أن يسود بين أفراده.
كيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟
كيف يتم الوثوق بنقل الأخبار والأحداث والوقائع وكتابة التاريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟
كيف يتم الوثوق بالوعود والعهود والالتزامات الاجتماعية والتجارية والسياسية وغيرها اذا لم يكن الصدق أساس التعامل بين الناس؟
كيف يتم الوثوق بالدعاوى والشهادات ودلائل الإثبات في المقاضاة، إذا غاب الصدق وحل محله الكذب والافتراء والإدعاءات المزورة ؟...
كيف يهنأ المجتمع اذا انتشر فيه المكر والغدر والكذب والإحتيال والخديعة, وحل الكذب محل الصدق, والخيانة محل الامانة, والنكس بالوعود محل الوفاء ؟.
لو ساد الصدق في العالم لانسدت أبواب الفساد والمنكرات, فلا غش ولا احتيال ولا سرقة ولا عدوان ولا خيانة ولا بغي ولا نميمة ولا قطيعة ولا انتقام ولا منكرات, فلو كان الصدق سجية وطبعاً وملكة في الانسان بحيث يمتنع منه صدور الكذب, كان من المستحيل صدور الأعمال السيئة منه.
جاء رجل الى النبي (ص) فأسلم على يديه وقال له: أنا ارتكب ثلاثة أمور : السرقة، وشرب الخمر ، والكذب، وأنا لا أقدر على ترك الثلاثة دفعة واحدة فأيتهن شئت تركت لك يا رسول الله ؟
فقال له النبي(ص) : اترك الكذب ففيه كفاية.
فخرج مسروراً بذلك, ولما توجه على عادته الى سرقة أموال الناس فكّر في أنه لو سئل عن ذلك بماذا يجيب؟ فان صدق في قوله قطعت يده, لأن حد السرقة قطع الأصابع, وإن كذب فقد خالف عهده مع النبي(ص), فرجع من حيث جاء ولم يسرق, في اليوم التالي أراد أن يشرب الخمر, فلما وضع الكأس أمامه وهمَّ بشرب الخمر فكر في أنه لو سئل عن ذلك ماذا سيقول؟ فإن صدق جلد, وإن كذب وقال لم أشرب فقد خالف عهده مع النبي(ص) فامتنع عن شرب الخمر.
ولما اصبح رجع الى النبي(ص) فقال: يا رسول الله, لقد منعتني من الثلاثة حيث منعتني من الكذب, وقص عليه ما كان من أمره, فوعظه النبي(ص) حتى ثبت الايمان في قلبه وأصبح من خيار الصحابة.
اذن الصدق يمنع من ارتكاب سائر المنكرات والموبقات والمحرمات عندما يلتزم الإنسان به بشكل أمين.
ولذلك كله نرى كل هذا التشديد والتركيز في القرآن الكريم وفي الروايات ولدى الأنبياء والرسل والأئمة (ع) على ضرورة التحلي بالصدق، والإبتعاد عن الكذب.
فقد أمرنا الله تعالى بالصدق وأراد للمؤمنين جميعاً أن يكونوا صادقين فقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ التوبة: 119.
واعتبر الصدق من صفاته سبحانه وتعالى, حيث قال: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ﴾. ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾. ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾.
وهو من صفات الأنبياء والرسل جميعاً وصولاً الى نبينا محمد الذي كان معروفاً ومشهوراً بالصدق والأمانة .
وقد قال الله عزّ وجلّ:(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾النجم: 2 - 4.
ويقول تعالى: ﴿ وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾الزمر: 33.
وفي حديث بالغ الأهمّيّة عن الإمام الصادق (عليه السلام) يُستفاد منه بشكل واضح أنّ الوصول إلى المقامات السامية حتّى للأئمّة المعصومين (عليهم السلام) إنما يكون بصدق الحديث وأداء الأمانة، حيث يقول (عليه السلام) لأحد أصحابه: "اُنظُر مـا بَلَغَ بِهِ علي(ع) عِندَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَالزَمهُ, فَإنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) إِنّما بَلَغَ مـا بَلَغَ عِندَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بِصدقِ الحَدِيثِ وَأداءِ الأمـانَةِ
الصدق يجب أن يكون هو الصفة السائدة والمشاعة بين الناس، بين الأسر، بين الجيران، في البيوت والمدارس والجامعات والمؤسسات، في الشوارع والمتاجر والأسواق. في كل مكان، ومع كل إنسان.
كثير من الناس ينبهرون بالغرب لأن الغربيين بزعمهم صادقون فيما بينهم..ويتعاملون بالصدق مع الآخرين!!نحن يجب أن نكون أكثر صدقاً بل عنوانا ونموذجاً للصادقين, لأنه لا يوجد دين ولا تراث إنساني دعى الى الصدق وأكد عليه بالحجم الذي أكد عليه الإسلام والقرآن.
-الصدق مطلوب وواجب داخل الاسرة, الزوج يجب أن يكون صادقاً مع زوجته وأولاده, والزوجة مع زوجها وأولادها, فاذا وجد الصدق في البيت تحققت إيجابيتان: الأولى: تعززت الثقة والثانية: نشأ الاطفال صادقين.
ولذلك يجب ان نرفق بالأولاد عندما يخطئون, لأن الاسلوب القاصي والعنفي الذي يستخدمه الاباء عند صدور الخطأ من أولادهم قد يُلجىء الأولاد الى الكذب من أجل التخلص من العقاب, وهذا يجعل الأولاد يعتادون على الكذب ويرتاحون له خصوصاً عندما يظنون انهم استطاعوا خداع الاخرين والظهور بالبراءة أمامهم عن طريق الكذب.
يجب على الآباء والأمهات وكافة المربين أن يغرسوا فضيلة الصدق في نفوس الأطفال، حتى يشبوا عليها ويعتادوا عليها، حتى تصبح جزءاً من شخصيتهم وسلوكهم في أقوالهم وأحوالهم كلها.
فقد روى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا، وَرَسُولُ اللَّهِ (ص) قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) « وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟» قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) « أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ ».
كم من الأمهات يكذبن على أبنائهن؟! وكم من الآباء يكذبون على أبنائهم؟! وما علموا أنهم بذلك يغرسون خلق الكذب في نفوس أبنائهم. فأين الآباء والأمهات من تربية أبنائهم على الصدق؟ والسير بهم في طريق الصادقين؟.
-والصدق مطلوب وواجب أيضاً في المعاملات المالية والتجارية وعند البيع والشراء, وعند إبرام سائر العقود التي يتداولها الناس, فاذا لم يكن هناك صدق في المعاملات والبيع والشراء وانتشر الكذب والخداع والإحتيال واللعب بمصالح الناس يختل النظام الإجتماعي العام للناس وتتوقف المعاملات وتنعدم الثقة .
اليوم نتيجة انتشار الكذب في المعاملات وعدم الصدق في الوعود يفقد الكثيرون زبائنهم ومصداقيتهم, وبالتالي يفقدون مصالحم لأن الناس تتجنب التعامل معهم .
اليوم هناك الكثير من الخلافات التجارية والمالية التي تقع بين الناس ناشئة عن عدم الصدق, لان الناس لم تصدق في تعاملاتها مع بعضها.
-والصدق مطلوب وواجب أيضاً في نقل الأخبار؛ سواء كان الناقل شخصاً أو وسيلة إعلامية, مجلة, جريدة, إذاعة, تلفزيون, أنترنت, أو وسائل إتصال حديثة, وهذا يتطلب من الناقل التثبت فيما يقال واجتناب الظنون والأوهام والإشاعات والأقاويل والخبريات التي ترمى هنا وهناك، والحذر من التحدث بكل ما يسمع ونشر كل ما يكتب وينقل خصوصاً عبر وسائل التواصل الإجتماعي ولا سيما عبر الفايس بوك والواتس أب. فعن رَسُولُ اللَّهِ (ص) كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.
-والصدق مطلوب في العمل السياسي وفي المواقف والالتزامات والوعود السياسية,
مع الأسف في لبنان كما في معظم دول العالم العمل السياسي في الغالب يقوم على الكذب وعدم الوفاء ويفتقد الى الصدق والاخلاق , هناك قطيعة بين الأخلاق والسياسة لبنان , ومعظم السياسيين يكذبون على بعضهم وعلى الجمهور وحتى على أنفسهم, ويقولون ما لا يفعلون ويعلنون غير ما يضمرون ولا يفون بالتزاماتهم .. والدليل هو الوقائع السياسية والمواقف السياسية لبعض السياسيين التي نواكبها ونسمعها في كل يوم في لبنان وفي غير لبنان, ولكن حزب الله شكل حالة مغايرة ومختلفة في تجربته السياسية, فحزب الله يعتبر ان العمل السياسي لا ينفصل عن الدين والأخلاق ومنظومة القيم, السياسة عند حزب الله فيها دين وأخلاق والتزام ووفاء وصدق وثبات للوصول إلى الهدف، فنحن لا نغش أحداً ولا نخادع أحداً ولا نكذب على أحد ولا نخون أحداً, ومن نضع يدنا بيده لا ننزعها ما دامت يده بيدنا، هكذا كنا منذ البداية وهكذا بقينا ولا زلنا , فقد اعتمد الحزب منذ نشوئه على الصدق واستند في كل مواقفه السياسية وغير السياسية الى القيم الأخلاقية, وأثبت أن بالإمكان الوصول الى الأهداف وتحقيق المصلحة السياسية والمصالح الوطنية بالإلتزام بالضوابط الأخلاقية والقيمية.
وانطلاقا من هذه الروحية كانت علاقتنا مع حلفائنا قائمة على الصدق وعلى الوفاء بالإلتزمات والوعود , وكان الإصرار على الإستمرار بترشيح العماد ميشال عون للرئاسة, وثبتنا على هذا الإلتزام برغم كل المحاولات التي جرت لزعزعة موقفنا .
هذا الثبات والصدق في الموقف كان له الدور الاساسي في انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ووصول مرشحنا العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية, وهذا انتصار للقيم والأخلاق كما هو انتصار للبنان.
اليوم وفي ظل المناخ الايجابي الذي أشاعه انتخاب الرئيس, والأجواء المرافقة لتأليف الحكومة, فان اللبنانيين يتطلعون الى تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تتمثل فيها كل القوى السياسة الاساسية في البلد, والى عهد يسود فيه التفاهم والتعاون بين كل اللبنانيين ويكون قادراً على تحقيق انجازات ملموسة, ومعالجة الأزمات المعيشية والحياتية, وحماية البلد من التحديات المحيطة به, والحفاظ على أمنه واستقراره ومستقبله ومستقبل شعبه وأبناءه .
والحمد لله رب العالمين