الامام الرضا(ع) قمة التواضع
- المجموعة: 2019
- 19 تموز/يوليو 2019
- اسرة التحرير
- الزيارات: 190
وكان الإمام الرضا (عليه السلام) قمة في التواضع، فقد كان إذا جلس على مائدة، أجلس عليها مماليكه، حتى السّائس والبوّاب، فقد روى أبو الصلت الهروي عن رجل من أهل بلخ قوله: (كنت مع الإمام الرضا (عليه السلام) في سفره إلى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال: مَهْ، إن الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال )).
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 19-7-2019:الموازنة عنصر اساسي لضبطالوضع الماليلكن لا ينبغي ان تتضمن ضرائب جديدة.
شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن الموازنة هي عنصر اساسي لضبطالوضع الماليلكن لا ينبغي ان تتضمن اي بند بفرض ضرائب جديدة تطال الطبقات الفقيرة والعادية.
واشار الى ان حزب الله ومن خلال نواب كتلة الوفاء للمقاومة بذل جهودا كبيرة خلال المناقشات لمنع تمرير بنود من هذا النوع كبند 2% على السلع المستوردة وغيره من البنود، ولا يمكن ان يوافق عليها. معتبرا: ان التصويت في المجلس النيابي هو مسؤولية وطنية يتحملها النواب امام الله وامام الناس، ولذلك نأمل ان لا يقر النواب بنودا مجحفة بحق الموظفين والمتقاعدين وذوي الدخل المحدود او بنودا تزيد من الأعباء التي يتحملها المواطنون ، وان يرأفوا بالناس ومصالحهم.
نص الخطبة
قبل ايام التقينا بذكرى ولادة ثامن ائمة اهل البيت(ع) وهوالامام علي بن موسى الرضا(ع) الذي ولد في الحادي عشر من ذي القعدة من سنة 148 هجرية.
وأود في هذه المناسبة ان اتحدث عن سمو اخلاقه وسلوكه الايماني والانساني وبعض وصاياه لنتعلم منه كيف ينبغي ان تكون اخلاقنا وسلوكنا مع الآخرين.
وأخلاق الإمام الرضا (عليه السّلام)، مستمدة من أخلاق جده رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الذي كان على خلق عظيم، فقد استطاع (صلّى الله عليه وآله) بسموّ أخلاقه، أن ينقذ الناس من ظلمات الجاهلية والضياع وان يستقطبها الى الاسلام والايمان، وقد حمل الإمام الرضا (عليه السّلام) أخلاق جده، فكانت اخلاقه من أهم صفاته وميزاته التي لا يجاريه فيها احد من العلماء والوجهاء والزعماء.
فقد تحدث إبراهيم بن العباس عن مكارم أخلاقه، فيقول: "ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرّضا (عليه السّلام)؛ ما جفا أحداً قطّ – اي ما قاطع احدا من الناس لا ممن كان يتفق معهم ولا ممن يختلف معهم بل كان يتواصل مع الجميع ويقابلهم بالبشر والابتسامة- ولا قطع على أحد كلامه- اي أنه لم يقطع على أيّ أحد كلامه وحديثه، وإنما يتركه حتى يستوفي حديثه فاذا انتهى تكلم- ولا ردّ أحداً عن حاجة- كان يعطي من سأله ان كان قادرا على ذلك ويقضي حاجات الآخرين ان طلبوا منه قضاء حاجة- وما مدّ رجليه بين جليسه، ولا اتّكأ قبله - من معالي أخلاقه أنه لم يمدّ رجليه بين جليسه ولا يتكأ في قباله، وإنما يجلس متأدّبًا- ولا شتم مواليه ومماليكه - فلم يشتم أيّ أحد من مماليكه ومواليه، وإن أساؤوا إليه- ولا قهقه في ضحكة- بحيث يعلو ضحكه وانما كان ضحكه التبسم كما كان رسول الله(ص)-، وكان يجلس على مائدته ومماليكه ومواليه - فلم يتكبر او يترفّع على مواليه ومماليكه بان يستنكف عن اجلاس خدمه على مائدته بل كان يجلس معهم على مائدة الطّعام- قليل النّوم باللّيل، يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى آخرها، كثير المعروف والصدقة، وأكثر ذلك في الليالي المظلمة."اي أنه كان كثير العبادة، وكان ينفق لياليه بالصلاة وتلاوة كتاب الله، وكان كثير المعروف والصّدقة على الفقراء، وكان أكثر ما يتصدّق عليهم في اللّيالي المظلمة لئلا يعرفه أحد.
ومن سموّ أخلاقه ، أنّه بالرغم من مكانته وعلو مقامه وبالرغم من انه كان وليا للعهد حيث تقلد ولاية العهد في زمن المأمون وهي أرقى منصب في الدّولة بعد الخلافة، لم يأمر أحداً من مواليه وخدمه في الكثير من شؤونه، وإنما كان يقوم بذاته في خدمة نفسه، ويقول الرواة: إن الامام احتاج ذات مرة الذهاب إلى الحمام، فكره أن يأمر أحداً من خدمه بتهيئة الحمام له، فمضى إلى حمام عام في البلد، وكان الناس يقصدون الحمامات العامة للإغتسال، ولم يكن صاحب الحمام يحتمل أنّ يأتي وليّ العهد إلى الحمام العام في السوق ليستحم فيه، لان حمامات الملوك واصحاب المناصب الرفيعة موجودة في بيوتهم وقصورهم.
فبينما الامام في مكان من الحمام، إذ دخل عليه جندي فأزال الامام من مكانه وجلس في موضعه، وأمره أن يصبّ الماء على رأسه، ففعل الإمام ذلك، فاذا برجل دخل الحمام وكان يعرف الإمام، فصاح بالجنديّ: هلكت، أتستخدم ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ فتفاجىء الجنديّ، ووقع على الإمام يقبّل أقدامه، ويقول له معتذراً: يا بن رسول الله! هلا عصيتني إذ أمرتك؟
فتبسّم الإمام في وجهه وقال له برفق ولطف: "إنّها لمثوبة، وما أردت أن أعصيك فيما أثاب عليه" .
وكان الإمام الرضا (عليه السلام) قمة في التواضع، فقد كان إذا جلس على مائدة، أجلس عليها مماليكه، حتى السّائس والبوّاب، فقد روى أبو الصلت الهروي عن رجل من أهل بلخ قوله: (كنت مع الإمام الرضا (عليه السلام) في سفره إلى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال: مَهْ، إن الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال )).
وقد أعطى الامام بذلك درساً لنا حتى لا نصاب بالتمييز العنصري، او نشعر بالتفوق على الناس، فالناس جميعاً مهما كانت رتبهم ومهما كان شأنهم ومهما كانت جنسياتهم والوانهم ولغاتهم وانتماءاتهم هم متساوون في الكرامة الانسانية فكلهم من آدم وآدم من تراب، وانما التمايز بالايمان وبالاعمال والطاعات والتقوى .
ولذلك اذا كان الانسان يملك مكانة رفيعة او او يتولى منصبا او مسؤولية او مركزا كبيرا او ينتمي الى جنس معين او نسب شريف او من لون معين او لديه امتياز معين فان ذلك لا يستدعي أن يحتقر الآخرين الذين دونه في الموقع او المنصب الانتماء أو يشعرهم بالوضاعة وانهم لا شيء، لان ذلك يؤدي الى تحويل المجتمع الانساني الى طبقات متنافرة يمزقها الحقد وتدمرها العداوات والبغضاء.
الامام من خلال هذا السلوك الاسلامي الاصيل كان يريد ان يزرع في نفوس الضعفاء والمستضعفين الأمل بالحياة الحرة الكريمة البعيدة عن التمايز العنصري والتفاوت الطبقي ، وكان يريد تأكيد وتطبيق النظرية الاسلامية القائلة ان المعيار في التفاضل ليس الانتماء او النسب او اللون او اللغة او المال او الجاه او اي شيء من هذا النوع وانما المعيار في التفاضل والقرب من الله هوالتقوى والطاعة والعمل.
ولذلك عندما توجه اليه رجل قائلا له: والله ما على وجه الأرض أشرف منك أباً.
قال (عليه السّلام) له: "التقوى شرّفتهم، وطاعة الله أحظتهم".
وقال له شخص آخر: أنت والله خير النّاس، فردّ عليه قائلاً: "لا تحلف يا هذا، خير مني من كان أتقى لله عزّ وجلّ وأطوع له، والله ما نسخت هذه الآية {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ}"الحجرات: 13.
الإمام الرضا (عليه السلام) كان يتعامل مع الناس من منظور الحفاظ على كرامة الإنسان وحفظ حقوقه حتى وإن كان من المستضعفين أو المحرومين أو الفقراء أو العبيد والخدم.
فقد روى ياسر الخادم ونادر جميعاً قالا: قال لنا أبو الحسن ( صلوات الله عليه): إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون، فلا تقوموا حتى تفرغوا، ولربما دعا بعضنا فيقال: هم يأكلون، فيقول: دعوهم حتى يفرغوا.
وعن نادر الخادم قال: كان أبو الحسن (عليه السلام) إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتى يفرغ من طعامه .
يعني اذا كان الخادم او العامل يأكل ما كان(ع) يطلب منه شيئا حتى ينتهي من طعامه، وهذا ما يجب ان نقتدي به (عليه السلام)، فالمعاملة مع الخدم والخادمات او العمال والموظفين او من هو تحت مسؤوليتك، يجب أن ينطلق من التعامل الإنساني، والإحسان إليهم، والعفو عن أخطائهم واساءاتهم، كما كان يفعل الإمام (عليه السلام.
ومن النماذج التي يقدمها لنا الإمام الرضا (عليه السلام) للتواضع تواضعه في خدمة الضيوف، فعن عبيد بن أبي عبدالله البغدادي عمن أخبره قال: نزل بأبي الحسن الرضا (عليه السلام) ضيف وكان جالساً عنده يحدثه في بعض الليل فتغير السراج، فمد الرجل يده ليصلحه، فزجره أبو الحسن (عليه السلام) ثم بادره بنفسه فأصلحه ثم قال: إنا قوم لا نستخدم أضيافنا.
وينفي الإمام الرضا (عليه السلام) عن نفسه وباقي الأئمة الأطهار ادعاء البعض أن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام) يرون أن الناس لهم عبيد، إذ أن الأئمة (عليهم السلام) ينظرون إلى أن الناس سواسية وانهم كسائر الناس لا يمتازون عنهم إلا في العصمة وسعة العلم والولاية حيث فرض الله ولايتهم وطاعتهم، يقول أبو الصلت الهروي:سألت الإمام الرضا (عليه السلام) فقلت له: يا ابن رسول الله ما شيء يحكيه عنكم الناس؟ قال: وما هو ؟ قلت: يقولون أنكم تدعون أن الناس لكم عبيد، فقال: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت شاهد بأني لم أقل ذلك قط، ولا سمعت أحداً من آبائي ( عليهم السلام) قاله قط، وأنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الأمة، وأن هذه منها، ثم أقبل عليّ، فقال لي: يا عبد السلام إذا كان الناس كلهم عبيدنا على ما حكوه عنا فممن نبيعهم ؟ قلت: يا ابن رسول الله صدقت، ثم قال: يا عبد السلام أمنكر أنت لما أوجب الله تعالى لنا من الولاية كما ينكره غيرك؟ قلت: معاذ الله، بل أنا مقر بولايتكم .
فالإمام الرضا (عليه السلام) ينظر إلى الناس باحترام، ويحفظ للجميع حقوقهم المعنوية والمادية، ويرون أنهم لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.
اليوم سيجري التصويت على الموازنة في المجلس النيابي والموازنة هي عنصر اساسي لضبطالوضع الماليلكن لا ينبغي ان تتضمن اي بند يفرض ضرائب جديدة تطال الطبقات الفقيرة والعادية ونحن بذلنا جهودا كبيرا لمنع تمرير بنود من هذا النوع كبند 2% على السلع المستوردة وغيره من البنود ولا يمكن ان نوافق عليها، والتصويت هو مسؤولية وطنية يتحملها النواب امام الله وامام الناس ولذلك نأمل ان لا يقر النواب بنودا مجحفة بحق الموظفين والمتقاعدين وذوي الدخل المحدود او تزيد من الأعباء التي يتحملها المواطنون وان يرأفوا بالناس ومصالحهم.