المداومة على العمل الصالح
- المجموعة: 2017
- 30 حزيران/يونيو 2017
- اسرة التحرير
- الزيارات: 651
الحفاظ على العمل يكون بأن لا يفعل ما يحبطه ويضيعه ويهدره ويزيله ويذهب به بأن لا يمحوه بالمعاصي والمحرمات والسيئات، فإن السيئات يذهبن الحسنات والمحرمات يهدمن الطاعات، فكم من طاعات كثيرة يحرقها الإنسان بارتكابه الحرام، وكم من حسنات كبيرة يضيعها بالمعصية.
خلاصة الخطبة
حذر نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: من إن اندحار داعش في معاقله الأساسية في سوريا والعراق قد يدفعه للتفتيش عن موطيء قدم ومقر له في دول المنطقة ومنها لبنان،
داعياً: الى ضرورة الحذر والتنبه والعمل لوقف اي امكانية لانتقال الارهابيين من العراق وسوريا الى لبنان بعد الهزيمة التي منيوا بها في هذين البلدين.
وأشاد: بالجيش اللبناني والأجهزة الأمنية التي تقوم بواجباتها على صعيد حماية لبنان وضرب الإرهابيين والانتحاريين والشبكات الارهابية في الداخل وعلى الحدود، معتبراً: أن العملية الأمنية الاستباقية التي نفذها الجيش اللبناني في عرسال انجاز جديد يسجل للجيش اللبناني وللبنان ينبغي استكمالها بتطهير جرود عرسال وكل المناطق الحدودية من داعش والنصرة لحماية أهلنا وأمن بلدنا.
وقال: عملية الجيش اللبناني في عرسال صباح اليوم أثبتت مجددا أن جيشنا اللبناني يقظ وجاهز وعلى أتم الاستعداد لمواجهة الارهابيين في بؤرهم وإحباط مخططاتهم بشكل استباقي، كما أثبتت أنه على مستوى آمال اللبنانين يحمي الوطن ويمنع تمدد الارهابيين الى الداخل وتنفيذ جرائمهم ومخططاتهم.
وأشار: الى أن تنظيم داعش ودولة الخلافة المزعومة تلفظ أنفاسها الأخيرة في العراق، حيث باتت الموصل في حكم المحررة، كما ان هذا التنظيم الارهابي يُمنى بخسائر كبيرة في سوريا بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في بادية الشام وفي غيرها من المناطق السورية، ولهذا السبب تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتهديد سوريا والجيش السوري لوقف زحفه باتجاه المناطق التي يسيطر عليها داعش. مشدداً: على أن تهديد أميركا لسوريا واختلاق الأكاذيب ضدها هو دعم مباشر للإرهاب وللجماعات الارهابية، وبذلك تكشف امريكا مرة جديدة زيف ادعاءاتها بمحاربة الارهاب.
نص الخطبة
مرّ الإمام الحسن(ع) في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون ، فوقف على رؤوسهم وقال: إنّ الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه ، فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا، وقصر آخرون فخابوا، فالعجب كلّ العجب من ضاحكٍ لاعب، في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا: أنّ المحسن مشغول بإحسانه، والمسيء مشغول بإساءته.
لقد انقضى شهر رمضان المبارك وتصرمت أيامه ولياليه .. فالمجدون فيه فازوا وربحوا، والمقصرون فيه خسروا وخابوا، نسأل الله أن نكون من الفائزين الذين ابيضّت صحائفُأعمالهم ، و غُفرت ذنوبهم ، وأُعتقترقابهم من النار.
انقضى شهر رمضان ولكن هل خرجنا من شهر رمضانَ بملكة التقوى؟ هل حصلنا على غاية الصوم وهدف الصوم الذي هو التقوى والتقيد بأوامر الله والإبتعاد عن معاصيه؟.
هل تدربنا في هذا الشهر المبارك على الطاعة والعمل وترك المعاصي والذنوب؟.
لقد انقضى شهر رمضان ، وانقسم الناس بعده إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول :المتدينون الذين كانوا يحرصون قبل شهر رمضان على أداء واجباتهم وعلى فعل الخير وعلى الطاعة والعبادة، فلما جاء شهر رمضان اعتبروه فرصة ومنحة إلهية ليعمقوا إيمانهم وارتباطهم بالله، فجدوا فيه بالطاعة، وضاعفوا من جهدهم ، واستكثروا فيه من الخيرات، وهؤلاء لا شك أنهم خرجوا من شهر رمضان فائزين وقد ارتفعت درجاتهم عند الله، وعلت مراتبهم في الجنة، وكانو من العتقاء من النار.
وعلى هؤلاء بعد شهر رمضان أن يلتفتوا الى أمرين:
الأول: المداومة على العمل والطاعة والعبادة وأعمال البر والخير بعد شهر رمضان وفي سائر أيام السنة، فاذا كانوا في شهر رمضان يكثرون من الصلاة والقيام بالمستحبات وقراءة القرآن والدعاء والبر بالوالدين ومساعدة الفقراء والمساكين وصنع الخير وقضاء حوائج المحتاجين, فإن عليهم أن يستمروا في ذلك بعد الشهر المبارك وأن يتابعوا تلك الأعمال والطاعات والقربات.
الثاني: الحفاظ على العمل والطاعات التي راكمها خلال الشهر المبارك، الحفاظ على أجرها وثوابها وقيمتها، فعلى الإنسان إضافة الى المداومة والإستمرار بالطاعات والعبادات بعد شهر رمضان، أن يحافظ على تلك الأعمال والطاعات وعلى ذلك الرصيد الذي حصل عليه في شهر رمضان، فالحفاظ على العمل أشد من العمل كما في الحديث عن الإمام الباقر(ع).
والحفاظ على العمل يكون بأن لا يفعل ما يحبطه ويضيعه ويهدره ويزيله ويذهب به بأن لا يمحوه بالمعاصي والمحرمات والسيئات، فإن السيئات يذهبن الحسنات والمحرمات يهدمن الطاعات، فكم من طاعات كثيرة يحرقها الإنسان بارتكابه الحرام، وكم من حسنات كبيرة يضيعها بالمعصية.
رُوي عن النبيّ (ص) أنه قال: مَن قال: سبحانَ الله، غَرَس اللهُ له بها شجرةً في الجنّة، ومن قال: الحمد لله، غرس لله له بها شجرةً في الجنّة، ومَن قال: لا إله إلاّ الله، غرس الله له بها شجرةً في الجنّة، ومن قال: ألله أكبر، غرس الله له شجرةً في الجنّة
فقال رجلٌ من قريش: يا رسول الله، إنّ شجرنا في الجنّة لَكثير! قال: « نعم، ولكن إيّاكم أن تُرسلوا عليها نيراناً فتُحرِقوها. أمالي الصدوق:486 / ح 14.
القسم الثاني : غير المتدينين الذين كانوا قبل شهر رمضان في غفلة عن واجباتهم الدينية، كانوا لا يقومون بواجباتهم، لا يصلون ولا يعبدون الله ولا يتورعون عن ارنكاب الحرام وفعل المعصية، فلما دخل شهر رمضان أقبلوا على الطاعة والعبادة ، وصاموا وصلوا ، وقرأوا القرآن و تصدقوا ، وارتادوا المساجد وشاركوا في إحياء ليالي القدر، ولكن ما إن انتهى الشهر المبارك حتى عادوا إلى ما كانوا عليه ،عادوا إلى غفلتهم، وعادوا إلى ذنوبهم، عادوا الى وضعيتهم السابقة، فتركوا الصلاة والعبادات والطاعات وعادوا الى فعل المعاصي.
وهذه الشريحة من الناس تعتبر شهر رمضان فلكلور ومجرد موسم يُقبل فيه الانسان على العبادة باعتبارها طقساً من الطقوس، وعادة من العادات التي دأب الناس على القيام بها في مثل هذه المواسم ! بهذه الخلفية وبهذا الفهم يقبل البعضمن غير المتدينين على الصيام والصلاة وقراءة القرآن والحضور في المساجد في شهر رمضان.
وهذا الفهم هو فهم خاطىء، فإن الذي أمر بالعبادة في شهر رمضان وهو الله سبحانه هو الذي أمر بها في غير شهر رمضان وفي سائر شهور السنة .. فكيف يترك الانسان الصلاة او الواجبات المفروضة في سائر الشهور؟ وكيف يعود إلى السيئات والمعاصي و قد غفرها الله له ومحاها الله من صحيفة اعماله؟ كيف يعود من صام لسانه في شهر رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب، وصامت عينه عن النظر الحرام.. وصامت أذنه عن سماع الحرام وبطنه عن أكل الحرام والربا.. كيف له ان يعود الى ذلك وقد غمره الله برحمته وعفوه وقبل توبته ورجوعه الى الله.؟
هؤلاء يجب عليهم أن يداوموا ويستمروا ويحافظوا ايضا على الأعمال التي تقربوا بها الى الله خلال الشهر المبارك فلا يضيعوها، عليهم أن يعتادوا على الأعمال والعبادات التي قاموا بها في شهر رمضان ليستمروا بها ويواظبوا عليها بعد الشهر المبارك، فالعبادة ليست موسماً وشهر رمضان ليس موسماً كبقية المواسم التي يقوم فيها الناس بأمور معينة حتى اذا انتهى الموسم عادوا الى اشغالهم العادية، كل الشهور هي موسم للعبادة والطاعة والإقبال على الله، وشهر رمضان هو المحطة التي يتدرب فيها الإنسان على التزام الطاعة في كل شهور السنة، وهو الشهر الذي يعود فيه الناس الى الله ويكون مدخلا لعودتهم الدائمة الى الله، يفتحون فيه صفحة جديدة مع الله ويتوجهون اليه ويقبلون عليه في كل شهور السنة وايام السنة
القسم الثالث : هم الشريحة التي دخل شهر رمضان وانتهى شهر رمضان ، وبقيوا على ما هم عليه، بقيوا على حالهم لم يتغير منهم شيء، ولم يتبدل فيهم شيء ، بل ربما زادت آثامهم ، وعظمت ذنوبهم ، واسودت صحائفهم.
وهؤلاء هم الخاسرون والأشقياء الذين حرموا غفران الله في الشهر الكريم لأنهم لم يستفيدوا من هذه الفرصة الإلهية التي كانت أبواب الرحمة والمغفرة والجنة مفتوحة للجميع.
هؤلاء ليس أمامهم سوى التوبةُ والعودة إلى الله، و تداركُ ما بقي من أعمارهم، وأن يعلموا أنه اذا انقضى شهر رمضان ، فإن عمل الإنسان لا ينقضي حتى الموت ، وما على الانسان الا ان يصحح علاقته بالله ليضمن آخرته وحسن عاقبته وليختم له بخير، ولا يضمن الانسان آخرته ولا يختم له بخير الا اذا عاد الى الله وصحح حياته وسلوكه بما ينسجم مع ما يريده الله سبحانه وتعالى.
كما عن الامام الصادق (عليه السلام) حين كتب لبعض أصحابه: " إن أردت أن يختم بخيرعملك حتى تقبض وأنت في أحسن الأعمال فــ: عظم الله حقه بأن لا تبذل نعماءه في معاصيه, وأن لا تغتر بحلمه عنك, وأكرم كل ما وجدته يذكرنا أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك صادقاً كان أو كاذباً، إنما لك نيتك وعليه كذبه".
فعلى الإنسان أن لا يستخدم نعم الله في معاصيه, أياً كان نوع النعمة، سواء كنت مالاً أو جاهاً أو قوة أو مسؤولية أو غير ذلك, وأن لا يغتر بحلم الله ولطفه ورحمته, فالله يمهل ولا يهمل, وأن يكرم عباد الله الذين اتبعوا الحق. بأن يتضامن معهم ويدافع عنهم وينتصر لهم, خصوصاً عندما يتعرضون للإرهاب والقتل والقهر والإضطهاد, كما يحصل للكثير منهم اليوم في العراق وسوريا واليمن وغيرها, فالإرهاب يضرب الأبرياء في المنطقة وفي كل مكان.
والارهاب الذي يضرب في كل مكان يجب أن يوحّد الموقف السياسي لجميع الأطراف في المنطقة بعيداً عن المناكفات و الحساسيات والحسابات والتوظيف الرخيص.
اليوم تنظيم داعش ودولة الخلافة المزعومة تلفظ أنفاسها الأخيرة في العراق، وباتت الموصل في حكم المحررة، كما ان هذا التنظيم الارهابي يُمنى بخسائر كبيرة في سوريا بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في بادية الشام وفي غيرها من المناطق السورية، ولهذا السبب تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتهديد سوريا والجيش السوري لوقف زحفه باتجاه المناطق التي يسيطر عليها داعش.
تهديد أمريكا لسوريا هو دعم مباشر للإرهاب وللجماعات الارهابية التي صنعتها امريكا لتكون في مواجهة النظام والمقاومة، وبذلك تكشف امريكا مرة جديدة زيف ادعاءاتها بمحاربة الارهاب
إن اندحار داعش في معاقله الأساسية في سوريا والعراق قد يدفعه للتفتيش عن موطيء قدم ومقر له في دول المنطقة ومنها لبنان، كما قد يدفعه الى ارتكاب جرائم في دول المنطقة وفي غيرها والى ارسال انتحاريين الى هذه الدول، وقد ارسلوا في الاسبوع الماضي انتحاريين الى مكة المكرمة وفجروا بالقرب من المسجد الحرام ، فهم لايتورعون عن ذلك ويستخفون بمقدسات المسلمين، ولا يراعون حرمة حتى للمسجد الحرام فضلا عن قتل الابرياء.
هذا الواقع الذي يُرسم في المنطقة يدعو الى الحذر وضرورة التنبه والعمل لوقف اي امكانية لانتقال الارهابيين من العراق وسوريا الى لبنان بعد الهزيمة التي منيوا بها في هذين البلدين.
بحمد الله، الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والمقاومة يقومون بواجباتهم على صعيد حماية لبنان من الارهابيين وضرب الانتحاريين والبؤر والشبكات الارهابية في الداخل وعلى الحدود، والعملية الأمنية الاستباقية التي نفذها الجيش اللبناني في عرسال صباح اليوم أثبتت مجددا أن جيشنا اللبناني يقظ وجاهز وعلى أتم الاستعداد لمواجهة الارهابيين وإحباط مخططاتهم بشكل استباقي وهو على مستوى آمال اللبنانين يحمي الوطن ويمنع تمدد الارهابيين الى الداخل وتنفيذ جرائمهم ومخططاتهم.
عملية الجيش في عرسال اليوم انجاز جديد يسجل للجيش اللبناني وللبنان ينبغي استكمالها بتطهير جرود عرسال وكل المناطق الحدودية من داعش والنصرة لحماية أهلنا وأمن بلدنا.
والحمد لله رب العالمين