الغدير حقيقة غيبتها الإجتهادات الخاطئة
- المجموعة: 2014
- 10 تشرين1/أكتوير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2241
هؤلاء كانوا يعرفون أن الحق لعلي(ع) وما كان بإمكانهم أن يتجاهلوا هذا الحق الذي نص عليه النبي (ص) في غدير خم وفي عشرات المواقف الاخرى, لكنهم اجتهدوا في مقابل النصوص التي أعلنها النبي (ص) بشأن خلافة علي(ع) من بعده , ورأوا خلاف ما كان يراه النبي (ص), رأوا أن علياً (ع) لا يصلح للخلافة!.
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن العملية النوعية التي أعلنت عنها المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا رداً على اغتيال العدو الصهيوني للشهيد حسن علي حيدر تؤكد جهوزية المقاومة وقدراتها العالية في اختراق مواقع العدو وزرع العبوات الناسفة فيها.
وقال: من كان يراهن على أن حزب الله مشغول في سوريا وعلى الحدود الشرقية أيقن بعد هذه العملية النوعية أن حزب الله جاهز للرد على أي عدوان إسرائيلي وعلى اية حماقة يمكن ان يقوم بها ضد أهلنا ومجاهدينا.
ووصف كلام المسؤولين الاسرائيليين عن أن حزب الله مردوع ولا يقوى على الرد بالكلام الفارغ.
وأكد: ان المقاومة أعادت تثبيت قواعد الاشتباك القائمة ومعادلة الردع المتبادل، وهي قادرة على الرد في المكان والزمان المناسبين ,ولن تأبه بتهديدات العدو ولا بتهويله, وإذا كان هناك من أحد مردوعاً وعاجزاً عن الرد فهو العدو وليس المقاومة.
واعتبر: ان المقاومة أثبتت, من خلال العملية النوعية ضد الاحتلال الصهيوني في مزارع شبعا ومن خلال الاشتباكات مع التكفيريين في جرود بريتال، أنها حاضرة بقوة على حدود لبنان الجنوبية والشرقية لحماية لبنان واللبنانيين, وأظهرت أنها تخوض معاركها على الجبهتين الجنوبية والشرقية مع عدو واحد, ولكنه عدو ذو وجهين, وجه صهيوني ووجه تكفيري.
نص الخطبة:
نبارك لصاحب العصر والزمان(عج) ولولي أمر المسلمين ولجميع المسلمين, عيد الله الأكبر, ذكرى غدير خم, في الثامن عشر من شهر ذي الحجة من العام العاشر للهجرة.
الغدير هو اليوم الذي نصَّب فيه النبي(ص) علي بن ابي طالب(ع) أميراً للمؤمنين وإماماً وولياً وخليفة وقائداً للمسلمين أمام الحشود الغفيرة التي أدت مع رسول الله(ص) مناسك الحج فيما عُرف بحجة الوداع, حيث أعلن النبي(ص) بعد أن وصل الى منطقة غدير خم -وهي على مفترق طرق- أمام عشرات الآلاف من المسلمين ولاية علي(ع) وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم والي من ولاه, وعادي من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأدر الحق معه كيفما دار.فقام المسلمون وفيهم كبار الصحابة يهنئونه ويبايعونه ويقولون له بخٍ بخٍ لك يا علي اصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وأنزل الله قوله تعالى: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً]
إن ما جرى في يوم الغدير جعل هذا اليوم من أكثر الأيام أهمية للإسلام والمسلمين, وقد أصبح هذا اليوم عيداً كبيراً لدى فئة كبيرة من المسلمين المؤمنين , بل هو عيد اسلامي أصيل عُرف بهذه الصفة منذ القرون الهجرية الأولى.
فقد اعتبره النبي (ص) عيداً, حيث روي عن الإمام الصادق (ع), عن أبيه الباقر (ع), عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي.
واعتبره أمير المؤمنين علي (ع) عيداً أيضاً، حيث إنه (ع) خطب في سنة اتفق فيها الجمعة والغدير فقال (ع): إن الله عز وجل جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين.. يقصد الجمعة والغدير. والخطبة طويلة يأمر علي (ع) فيها المسلمين بفعل ما ينبغي فعله في الأعياد بإظهار الفرح والسرور والبهجة والتزاور والاحسان وغير ذلك.
وروى فرات بن أحنف، عن الإمام الصادق (ع) قال: قلت جعلت فداك, للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟
قال: فقال لي: نعم، أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأنزل على نبيه محمد: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي] وهو يوم الغدير.
وفي رواية أخرى: عن الحسن بن راشد قال قلت: فما لمن صامه؟ قال (ع): صيام ستين شهراً.
والسبب في اعتبار يوم الغدير يوم عيد, هو أن الله أكمل فيه الدين وأتم فيه النعمة على المؤمنين بإعلان الولاية والإمامة لعلي (ع) من بعده, لأن الإمامة هي امتداد للنبوة, وركن من أركان الدين, وضرورة من ضرورات الإسلام, لا يكتمل الايمان ولا تتم الرسالة إلا بها, فأي يوم أعظم من هذا اليوم ؟ وأي حدث أعظم من هذا الحدث لكي يتخذه المسلمون عيداً ؟
لقد جعل الله اليوم الاول من شهر شوال عيداً للمسلمين وأراد لهم ان يفرحوا فيه لمجرد أنهم أتموا صيام شهر رمضان وقاموا بهذا الواجب الذي افترضه الله عليهم, وجعل الله العاشر من شهر ذي الحجة عيداً للمسلمين وأراد لهم ان يفرحوا فيه لمجرد أنهم أدوا مناسك الحج وقاموا بهذه الفريضة المهمة, فلماذا لا يستحق اليوم الذي أكمل الله فيه الدين بكل أركانه وأحكامه, وأتم فيه الرسالة التي جاهد من أجلها النبي(ص) ثلاثاً وعشرين سنة, أن يكون عيداً للمسلمين يظهرون فيه الفرح والسرور والبهجة بهذا الحدث الإلهي الكبير والمهم؟ وأي حدث أهم وأعظم من هذا الحدث لكي يجعله الله عيداً للمسلمين؟.
والسؤال الذي يطرح هنا: لماذا تم تجاهل هذا الحدث التاريخي الذي شهده عشرات الآلاف من المسلمين ولم يتم إعطاء الحق لمن ولَاه النبي (ص) في يوم الغدير؟
والجواب: لا شك أن قريشاً كان لها الدور الأساسي في عدم إتمام هذا الأمر لعلي (ع) أو في صرف هذا الأمر عن علي (ع)، وهي كما لعبت دوراً في محاربة الإسلام عند ظهوره, حاربته في امتداداته واستمراره وبقاءه وعملت على ضرب أركانه عندما رفضت التسليم بإمامة علي (ع) وقيادته للأمة بعد وفاة رسول الله (ص).
وهناك شواهد تاريخية كثيرة تدل على قيام قريش بهذا الدور, وصرف الأمر عن علي (ع) وعن بني هاشم.
قال عثمان بن عفان لابن عباس: (لقد علمت أن الأمر لكم ولكن قومكم دفعوكم عنه).
وقال عمر بن الخطاب لابن عباس أيضاً, وهو يتحدث عن صرف الأمر عن علي (ع): والله ما فعلنا الذي فعلنا معه عن عداوة, ولكن استصغرناه, وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها..
وقال لابن عباس: كرهت العرب أن تجمع لكم النبوة والخلافة, فتجفخوا الناس جفخاً (أي تتكبروا عليهم) فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ووفقت وأصابت.
وقال أيضاً لابن عباس في تصريح آخر: إن علياً لأحق الناس بها, ولكن قريشاً لا تحتمله.
إذن هؤلاء كانوا يعرفون أن الحق لعلي(ع) وما كان بإمكانهم أن يتجاهلوا هذا الحق الذي نص عليه النبي (ص) في غدير خم وفي عشرات المواقف الاخرى, لكنهم اجتهدوا في مقابل النصوص التي أعلنها النبي (ص) بشأن خلافة علي(ع) من بعده , ورأوا خلاف ما كان يراه النبي (ص), رأوا أن علياً (ع) لا يصلح للخلافة !.
وعندما نبحث في الأسباب والمبررات التي دفعتهم لهذه المخالفة الصريحة سنجد في مقدمة ذلك: حرصهم على استلام السلطة والاستئثار بها , وحقدهم وبغضهم لعلي(ع), وما ذكروه من مبررات اخرى : كاستصغار سنه, وأنه قد وتر العرب وقتل رجالهم عندما وقفوا في مواجهة الاسلام في بدر وأحد والخندق وغيرها وبالتالي لا يمكن للعرب ان يقبلوا به خليفة عليهم, والحسد, إذ كيف تكون لبني هاشم النبوة والإمامة؟! وغير ذلك من أمور لم تكن خافية على النبي(ص), ولكن النبي(ص) لايختار الا ما اختاره الله (بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) والله أعلم حيث يجعل رسالته.
وعندما نعود لكلمات أمير المؤمنين (ع) نجده يُحمّل قريشاً مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بعد وفاة النبي (ص), وصرف الخلافة عنه, وانقسام الأمة, والخروج عن المسار الذي رسمه النبي(ص) لمستقبل الاسلام, والانحراف عن خط الإسلام وقيمه وأحكامه.
قال (ع): اللهم اخز قريشاً فإنها منعتني حقي وغصبتني أمري.
هذا هو الواقع , هناك من دفعه حبه للسلطة , وبغضه لعلي (ع), وحسده له, وتوتره منه, إلى مخالفة النبي (ص) وتجاهل واقعة الغدير التي هي من أهم الوقائع التي ثَبَّتَ فيها النبي (ص) ولايةَ علي(ع) وإمامته وخلافته من بعده.
لقد فهم اتباع أهل البيت وشيعتهم وكل منصف على مرّ التاريخ أن يوم الغدير له ارتباط بإكمال الدين, وأنه عيد الله الأكبر, احتفلوا به وأظهروا فيه السرور والفرح , وواجهوا بسبب ذلك الكثير من المعاناة والآلام, من اضطهاد وملاحقة وسجن وتعذيب وقتل، حصل ذلك في حقبات تاريخية وهو لا يزال يحصل حتى اليوم في بعض البلدان من قبل سلطات ظالمة وحاقدة ومن قبل مجموعات تكفيرية إرهابية تفجر وتقتل في الحشود التي تجتمع للاحتفال بهذه المناسبة وغيرها من المناسبات المرتبطة بأهل البيت(ع), وتستهدف التجمعات والحشود والمناطق الشيعية كما يحصل في العراق وغيره.
وفي مواجهة كل هذه الأحقاد وهذه الجماعات التكفيرية الارهابية الحاقدة, نحن .. نزداد تمسكاً والتزاماً بعقيدتنا وولائنا, ونزداد تصميماً وعزماً على مواجهة هذه المجموعات الإرهابية, ومن الطبيعي في مواجهة من هذا النوع أن يسقط لنا شهداء وجرحى وأسرى, كما حصل في الأسبوع الماضي في الاشتباكات التي وقعت في جرود بريتال مع التكفييريين الإرهابيين، ولكن يجب أن نعرف أنه صحيح أنه سقط لنا شهداء أعزاء في هذه المواجهة .. إلا أن شهدائنا لم يسقطوا إلا بعد أن كبدوا الجماعات الإرهابية عشرات القتلى والجرحى وأجبروهم على الفرار من ساحة المعركة..
والفرق بين قتلاهم وشهدائنا أن قتلاهم يبثون الرعب واليأس والإحباط والشعور بالهزيمة في نفوس الإرهابيين وقلوبهم , بينما شهدائنا يبعثون فينا وفي أهلنا الأمل والعزم والإرادة والتصميم , وتنير دماءُهم أمامنا الطريق نحو النصر والعزة والمجد والكرامة ..
لقد أثبت مجاهدو المقاومة الإسلامية خلال الأسبوع الماضي, من خلال العملية النوعية ضد الاحتلال الصهيوني في مزارع شبعا ومن خلال الاشتباكات مع التكفيريين في جرود بريتال، أثبتوا أنهم حاضرون بقوة على حدود لبنان الجنوبية وعلى حدوده الشرقية, حاضرون لحماية لبنان ولحماية اللبنانيين, وأظهروا أن المقاومة تخوض معاركها على الحدود الجنوبية وعلى الحدود الشرقية مع عدو واحد, ولكنه عدو ذو وجهين, وجه صهيوني ووجه تكفيري.
إن العملية النوعية التي أعلنت عنها المقاومة الإسلامية رداً على اغتيال العدو للشهيد حسن علي حيدر تؤكد جهوزية المقاومة وقدراتها العالية في اختراق مواقع العدو وزرع العبوات الناسفة فيها.
ومن كان يراهن على أن حزب الله مشغول في سوريا وعلى الحدود الشرقية أيقن بعد هذه العملية النوعية أن حزب الله جاهز للرد على أي عدوان إسرائيلي وعلى اية حماقة يمكن ان يقوم بها ضد أهلنا ومجاهدينا، وعلى العدو أن يفهم أن كلام مسؤوليه عن أن حزب الله مردوع ومكبل ولا يقوى على الرد هو كلام فارغ, فالمقاومة أعادت تثبيت قواعد الاشتباك القائمة ومعادلة الردع المتبادل، وهي قادرة على الرد في المكان والزمان المناسبين ,ولن تأبه بتهديدات العدو ولا بتهويله, وإذا كان هناك من أحد مردوعاً وعاجزاً عن الرد فهو العدو وليس المقاومة.
والحمد لله رب العالمين