كلمة القيت في حسينية الامام الحسين(ع) ( حي السلم ) بمناسبة مرور اسبوع على وفاة فقيد العلم الشيخ قاسم شومان
- المجموعة: محاضرات
- 25 أيلول/سبتمبر 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 4912
بداية اتقدم باسمي وباسم اخواني في حزب الله ومجاهدي المقاومة الإسلامية والمضحين في مسيرتها من عائلة الفقيد العزيز ومن اهل بيته ومن اهل منطقته وبلدته وكل اصدقائه واحبائه نتقدم إليهم بأحر التعازي واسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الفقيد برحمته وأن يلهم اهله واحبائه الصبر والسلوان.
في هذه المناسبة سأتكلم بشيء من الاختصار كلمة عن الموت وكلمة عن الفقيد الراحل وكلمة في التطورات القائمة.
أما عن الموت الذي لا بد منه فإن الله سبحانه وتعالى جعل الموت سنته القطعية التي لا عدول عنها ولا تردد فيها ولا استثناء.
فأحب الخلق إلى الله انبياؤه ورسله وأولياؤه، هم في معرض الموت (كل نفس ذائقة الموت). كل نفس، لا استثناء من هذا الكل. وعلى كل نفس أن تتحضر لهذه السنة الإلهية ولهذا القدر الإلهي.
وهذا الموت هو من مظاهر وتجليات القدرة والعظمة الإلهيتين، كل ما في هذا الوجود هو تجليات لله لاسمائه وصفاته كما يقول العرفاء.
كل ما في هذا الوجود آثاره ومخلوقاته ومظاهر اسمائه وصفاته.
كل ما في هذا الوجود مظاهر لطفه ورحمته، مظاهر كرمه وجوده الذي لا حدود له، مظاهر حكمته وعظمته وعلمه، ومظاهر قدرته وجبروته.
عندما نولد من ارحام امهاتنا تتجلى رحمة الله وكرم الله وعطاء الله وفضل الله على عباده.
وعندما نمدد في فراشنا لنموت ونحمل على اكتاف الأقربين والأحبة تتجلى قدرة الله وقهريته وجبروته ووحدانيته، وأن لا أزلية في هذا الوجود سواه ولا خالد دونه (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
هذا الموت قهر الله به عباده الذين خلقهم للرحمة، هذا الموت قهر الكبار والعظماء والجبابرة والملوك والقياصرة والاكاسرة.
يمكن للإنسان أن يتغنى بماله وعشيرته بجيشه بقواته المسلحة بمقاتليه بتأييد الأمة له، بجبروته، بأسلحته النووية.
يمكن للإنسان أن يتجبر وأن يتكبر وأن يطغى وأن يستبد كما يفعل بوش وشارون وكما فعل امثالهم، ولكنه عندما يقف أمام حقيقة الموت يقف واهناً ضعيفا مرعوبا ذليلا لا يستطيع أن يغير في وجه هذه الحقيقة شيئا على الإطلاق.
لذلك الموت هو حجة الله على عباده الذين يظنون انهم خالدون وهم يستبطنون في قلوبهم يقينا بالفناء الآتي وبالرحيل الحق عن هذه الدنيا.
وموت عزيزنا وفقيدنا الشيخ قاسم وموت غيره من الاعزة، يجب أن يكون تذكيرا لنا، لنا جميعا في كل مواقعنا في كل تفاصيل حياتنا، حيث كنا ومن كنا، إن ما ذاقه احباء الله، وما ذاقه أولياء الله وما ذاقه الماضون من طعم الموت، سنذوقه نحن ايضا. وعلينا ان نستعد له، لا يجوز أن نقف مع الذكرى لنمجد الراحل وننسى انفسنا دون أن تكون عظتنا الكبرى من الراحل.
أيها الأحبة أيها الأخوة: انتبهوا واستيقظوا واعتبروا من هذا الذي يجري ومن هذا الذي يحصل لأمثالنا.
والسؤال الكبير عندما نفقد عزيزا ويرحل عنا إلى الآخرة هو: هل افترضنا اننا يمكن أن نكون نحن هذا الراحل، نحن هذا المحمول على الاكتاف، نحن هذا الملقى برفق في حفرة مظلمة، هل يمكن أن اكون أنا المعزى به والمواسى به، والمحتفى به والذي يجتمع الناس لأجله، يمكن أن اكون أنا أو أنت في اي لحظة، فماذا اعددنا لهذه اللحظة وماذا اعددنا لهذا اليوم وماذا اعددنا لهذا الرحيل وماذا جهزنا لذلك العالم بموازين ذلك العالم عالم العدالة الإلهية المطلقة، العالم الذي لا يستطيع أحد أن يغطي فيه فاسدا ولا ظالما ولا مستبدا.
في ذلك العالم الذي تتحكم فيه موازين الحق وموازين العدل إلى جانب موازين الرأفة، والرحمة، ماذا هيـأت لذلك العالم الذي لا ينفعني فيه لا أب ولا أم ولا زوجة ولا أولاد ولا عشيرة ولا أقارب ولا حزب ولا شعب ولا أمة (يوم يفر المرء من اخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه). ماذا اعددت انا وانت لذلك اليوم ،هذا سؤال كبير.
إن كنا نفترض ان هناك تهديداً في الدنيا، نعد لمواجهة هذا التهديد، عندما نفترض تهديدا عسكريا، أو تهديدا امنيا أو تهديدا ثقافيا أو تهديدا اجتماعيا نبذل جهود جبارة جميعا من اجل مواجهة هذا التهديد ومواجهة هذه الأهوال وهذه المخاطر، ولكن هل اعددنا لأهوال واخطار وآلام ذلك العالم؟ ما نواجه به اهواله واخطاره وآلامه ومزالق القدم فيه والحساب بين يدي الله عز وجل والكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها.
ذلك العالم الذي منذ لحظته الأولى منذ بدايته لا يمكن للعقل البشري أن يتصور أهواله، ولا يمكن للغة حتى أوسع لغة واكثر لغة مرونة وجمالا وهي اللغة العربية أن تقارب المشهد كما يقاربه القرآن في قوله تعالى (يوم ترونها – اي القيامة – تذهل كل مرضعة عما ارضعت، وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد) هذه هي البداية.
إنني اقول لنفسي وإخواني وكل الذين تأثروا بالغياب المبكر لفقيدنا العزيز الشيخ قاسم أن يتعظوا وأن يعتبروا وأن يتهيأوا ويتجهزوا.
فالموت لا يعرف شيخا أو سيدا أو غيرهما ولا يعرف كبيرا ولا صغيرا، ولا شيخوخة ولا شبابا، الموت عندما يأتي يأتي ولا راد لقضاء الله ولمشيئته.
كلمة في العالم الفاضل الشيخ قاسم الذي يجمعنا معه الكثير ولكن في خصوصياتنا المقاومة تجمعنا معه بكل تأكيد المقاومة وسيرة المقاومة وروح المقاومة وثقافة المقاومة وإرادة المقاومة وفعل المقاومة.
الشيخ قاسم كان عالما فاضلا تقيا ورعا عاملا ومتواضعا وصاحب خلق كبير وإلى جانب ذلك كله كان يحمل إرادة المقاومة وروح المقاومة وثقافة المقاومة،وفي كل السنوات الماضية كان إلى جانب هذه المقاومة يساندها ويدعمها بالكلمة والموقف، وبالتالي نحن نفتقد فيه عالما مقاوما ووفيا مخلصا لخطها ونهجها وخيارها ومسيرتها.
فهذه المقاومة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا لأنها كانت محتضنة من قبل اهلها وشعبها وعلمائها من امثال الشيخ قاسم.
المقاومة لن تفرض توازن رعب مع إسرائيل إلا لأنها مقاومة جدية حاضرة للتضحية وصاحبة عزيمة ثابتة وأولويات واضحة ولأنها ليست لوحدها ، اهلها معها وشعبها معها وعلمائها معها وبيئتها معها. وهذا هوما يزعج الامريكي الذي يحاول أن يحاصر هذه المقاومة لمصلحة الكيان الصهيوني، الامريكي الذي يحاول أن يفرض القرار 1559 ليزرع الفتن في لبنان.
امريكا التي تحاول أن تفرض سيطرتها على كل الواقع السياسي في لبنان، وكولن باول سفيرها المتجول يتدخل في كل التفاصيل ويسدي النصائح ويحدد الادوار.
ومن هنا نحن نرفض دعوة ال FBIللمشاركة في التحقيقات الجارية حول بعض المتفجرات، لا لأننا نرفض الاستعانة بأحد فنحن منفتحون على الاستعانة بالخبرات ، بل لأننا لا نثق بأمريكا ولا نعلم ما الذي تدسه مخابرات أميركا في لبنان ولا ما الذي سيفعله عناصر FBI، هؤلاء مشبوهون.
وعندما يتدخل الامريكي فهذا يعني أن الإسرائيلي حاضر بمصالحه وسياسته. امريكا التي غطت ولا زالت كل المجازر الإسرائيلية والإرهاب الإسرائيلي، يرفض الشعب اللبناني ان تستخدم التفجيرات والاغتيالات كممر لتعميق التعاون الأمني بين لبنان وامريكا وبالتالي وضع لبنان تحت الوصاية الأمنية الامريكية.
والحمد لله رب العالمين