الشيخ دعموش في ندوة مركز الإمام الخميني قده في النبطية في ذكرى الخامسة والثلاثين لإنتصار الثورة الإسلامية في ايران وذكرى القادة الشهداء يتحدث عن : "الشهداء القادة والتأسيس لمراحل انتصار المقاومة".
- المجموعة: ندوات
- 08 شباط/فبراير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 5161
اقام مركز الامام الخميني (قدس سره) الثقافي في النبطية وبالتعاون مع جمعية الهلال الاحمر الايراني (مستشفى الشيخ راغب حرب ) ندوة فكرية بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثون لانتصار الثورة الاسلامية وذكرى الشهداء القادة
تحت عنوان "اثر الثورة الاسلامية في تحريك الاستعدادت الانسانية" يوم السبت بتاريخ 8-2-2014 والتي حاور فيها الشخصيات الاتية:
-رئيس أمناء تجمع العلماء المسلمين القاضي الشيخ احمد الزين ضمن محور ( اثر الثورة على موضوع الوحدة الاسلامية).
- مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله الشيخ علي دعموش ضمن محور(الشهداء القادة والتأسيس لمراحل الانتصار).
- عطوفة الاب اميل ابو مراد ضمن محور ( اثر الثورة في تحريك القيم الانسانية).
بمشاركة عدد من الفعاليات والنخب الثقافية.
وهذا نص مداخلة الشيخ دعموش:
في ذكرى الشهداء القادة نستحضر معنى الشهادة ومفهوم الشهادة وقيمة الشهادة.
الشهيد قدوة للعمل الصالح وللعطاء وللتضحية وعندما يتحول الشهيد إلى قدوة يستطيع أن ينقل قيم الشهادة من جيل إلى جيل.
من خصائص الشهيد القدوة في الحياة الاجتماعية انه يسهل نقل القيم الإسلامية والإيمانية والجهادية والحضارية من جيل إلى جيل.من خصائص القدوة انه يُعمق قيم الإيثار والصدق والإخلاص والوفاء والتضحية والعطاء في حياة الناس.
قد يتصور البعض أن الشهادة تفقد الأمة النخبة الصالحة من أبنائها، تفقد الأمة المبدعين والمخلصين والأوفياء، تفقد الأمة الطاقات الكبيرة وما تحمل هذه الطاقات من قيم ومزايا إيمانية وأخلاقية وجهادية.
ولكن الأمر على العكس من ذلك فإن الشهادة لا تعتبر خسارة مهما كانت قيمة الشهيد وحجم الشهداء وعددُ الشهداء،الشهادة ليست خسارة بل ربح ونمو وتطور.
ومما يؤكد هذه الحقيقة الإيجابية عن الشهادة ما ورد عن رسول الله (ص) عندما خطب في المدينة في اليوم الذي جاءه فيه خبر استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبيد الله بن رواحة في حرب مؤتة حيث بكى أصحاب النبي(ص) بعدما أخبرهم بذلك.
فقال النبي (ص):
وما يبكيكم؟
قالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا واشرافنا وأهل الفضل منا؟
فقال لهم: لا تبكوا فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها فأجتنب رواكبها (أغصان النخل المتدلية) وهيأ مساكبها، وحلق سَعَفَها (ورق النخل اليابس) فأطعمت عاماً فوجاً ثم عاماً فوجاً فلعل آخرها طعماً أن يكون أجودها قنواناً (عنقود الرطب) وأطولها شمراخاً (الغصن الذي عليه بلح ورطب) والذي بعثني بالحق نبياً ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقاً من حوارييه.
إذن ليس في دم الشهيد خسارة، الدم ربّيح دائماً، لأن شهيداً واحداً يصنع روح الإيثار والتضحية عند العشرات بل المئات.
الشهادة موت للفرد وحياة للأمة، شهادة الشهداء الكبار تمنح الأمة الكثير من البركات: فهي تأسس لمستقبل جديد ومرحلة جديدة، تمنح القضية زخماً جديداً ودفعاً سريعاً وتطوراً كبيراً تدفع المسيرة نحو الانتصار وتحقيق الإنجازات.
كل واحد من القادة الشهداء بات بفعل الجهاد والاستشهاد وبفعل التضحية ودم الشهادة عنواناً ورمزاً لمرحلة محددة في مواجهة العدوان الصهيوني الدائم والمستمر على لبنان. لقد بدأ العدوان على لبنان منذ سقوط فلسطين واحتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948 ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعلى جنوب لبنان بالتحديد. واستمر العدوان إلى أن كان الاجتياح الأكبر على لبنان عام 82 والذي أريد من خلاله تغيير هوية لبنان وموقع لبنان ومعادلات المنطقة وبعد الاجتياح سيطر جو قاتم من اليأس والإحباط والشعور بالضعف والعجز والخوف حتى قيل اننا دخلنا في العصر الإسرائيلي.
هنا كانت المرحلة الأولى التي بات الشيخ راغب حرب بتضحياته ودمه وشهادته عنواناً ورمزاً لها، رمزاً للمرحلة من العام 82 إلى العام 85.
هذه المرحلة التي يمكن أن نطلق عليها مرحلة استنهاض الناس وكسر الخوف وبعث الأمل والإحساس بالقوة والقدرة على التحرير والنصر وإطلاق المقاومة الشعبية، مقاومة الاعتصام والتظاهر والحجارة والزيت المغلي، إلى جانب المقاومة المسلحة.
الشيخ راغب الذي كان يرفض أن يصافح الصهاينة لأن المصافحة اعتراف، ويرفض أن يبتسم في وجه المحتلين ويرفض أن يستسلم ولو هدموا بيته على رأسه.
الشيخ راغب حرب الذي تحمل عذاب السجن والتحقيق لأيام طويلة وخرج أشد عزيمة وأقوى إرادة.
الشيخ راغب الذي كان ينتقل من بلدة إلى بلدة ومن مسجد إلى مسجد ومن حسينية إلى حسينية ومن محفل إلى محفل ليخاطب الناس ويستنهضهم ويبعث فيهم روح الشجاعة والثقة بالله وبالنفس ويبعث فيهم الأمل، فكانت المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة التي ألحقت الهزيمة بالاحتلال في تلك المرحلة.
جاء استشهاد الشيخ راغب ليعطي المقاومة الشعبية والمسلحة دفعاً قوياً سريعاً لتنجز انتصارها الكبير عام 85 بطرد الصهاينة من الجبل وبيروت والضواحي وصيدا وصور والنبطية ليختبئوا خلف التلال والجبال في الشريط الحدودي المحتل.
كانت شهادة الشيخ راغب عنواناً لتلك المرحلة ودافعاً قوياً للانتصار.
بعد عام 85 بدأت مرحلة جديدة دخلت فيها المقاومة العمل العسكري المسلح والمنظم والمركز، وغابت فيها المقاومة الشعبية الواسعة بسبب طبيعة الحضور الشعبي في الشريط الحدودي الذي تعرض لموجة تهجير واسعة ولقمع شديد وكبير.
هذه المرحلة كان السيد عباس الموسوي عنوانها ورمزها...
فقد بقي السيد عباس لسنوات طويلة في الجنوب وهو (ابن البقاع) ليكون على مقربة من عمل المقاومة يشرف عليها ويشارك في التخطيط، ويحضر في غرفة العمليات، ويدير ويساعد المجادهين، وكان كالشيخ راغب ينتقل من بلدة إلى بلدة ومن مكان إلى مكان يحمل رسالة الشهداء وعزم المجاهدين.
وجاء استشهاده في العام 92ليكون عنواناً للمرحلة التي يثمر فيها جهادُه ودمُه، فانطلقت المقاومة في خط تصاعدي، وفي حركة مدروسة ومخططة ودقيقة من 16 شباط 92 إلى 25 أيار 2000 لتصنع الانتصار في ذلك العام.
لقد أدخل دم السيد عباس المقاومة إلى كل بيت وإلى كل قلب وإلى كل وجدان في لبنان وعلى امتداد العالمين العربي والإسلامي، وقد تمكنت المقاومة بفعل ذلك من أن تتطور كماً وكيفاً ونوعاً، وهيأ للمقاومة أوسع حاضنة شعبية لم تكن تحظى بها من قبل، فكان دمه تأسيساً للمرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة التي امتدت من العام 2000 إلى ما بعد العام 2006 كان عنوانها ورمزها القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، هذه المرحلة الجديدة هي: مرحلة الانتصارات والإنجازات وتوازن الرعب مع العدو، هذه المرحلة كانت تركز على تطوير عمل المقاومة على كافة المستويات:على المستوى النوعي فتح آفاقاً جديدة،على المستوى الكمي: تكبير وتكثيف الإمكانيات المتاحة، تصعيد العمليات، تحول في استراتيجية المقاومة من حرب عصابات إلى مدرسة قتالية جديدة، تحول المقاومة إلى مؤسسة لا تتوقف في خططها ولا في برامجها ولا في سيرها على شخص وقائد مهما علا شأنه.
هذه المرحلة كان الحاج عماد أبرز قادتها إلى جانب اخوانه من قادة المقاومة وبذلك استحق الحاج عماد الوسام الذي اطلقه عليه الأمين العام السيد حسن نصر الله عندما قال كان قائد الانتصارين بحق ، الانتصار في 25 أيار 2000 والانتصار في تموز 2006.
لقد ترك هؤلاء الشهداء بيننا وفي واقعنا أمانة المقاومة التي تواجه اليوم تحدياً جديداً يتمثل بالمشروع التكفيري والتكفيريين الذين تحولوا إلى آداة أمريكية إسرائيلية لضرب المقاومة وتدمير لبنان وتدمير كل المحيط في هذه المنطقة.
اليوم هؤلاء يخوضون حرباً حقيقية ضدنا وضد شعبنا في لبنان وضد كل من يخالف تصوراتهم ونظرتهم للأمور .وهذه الحرب يجب مواجهتها بكل الوسائل بالفكر والثقافة والفقه والعمل الميداني ونحن من جهتنا سنواجهها بكل الوسائل والامكانات...
ومشروع هؤلاء في نهاية المطاف لن يكتب له النجاح، وسيفشل وهو إلى زوال لأنه يتناقض مع منطق التاريخ ومع تطور حركة التاريخ.
والدول التي تساعد وتدعم هؤلاء وتمدُهم بالسلاح عليها أن تأخذ العبرة مما جرى في تجارب سابقة عندما انقلب الإرهابيون على داعميهم.
من المؤسف أن تتحول بعض الدول العربية لى عامل مؤجج للصراع والانقسام والاقتتال .
هناك بعض الدول العربية الغنية بالنفط والمال تعمل على تصدير الإرهاب والإرهابيين والسيارات المفخخة والخراب والدمار إلى العراق وسوريا ولبنان.
وإن إصدار إحدى الدول لقوانين تُجرم من يشارك من مواطنيها في الحرب الدائرة في سوريا ما هو إلا محاولة لتلميع صورة هذه الدولة بعدما انكشف للعالم بأنها من يصدر الإرهاب ويدعم الجماعات المسلحة على قتل الأبرياء.. هي محاولة لتلميع الصورة من جهة وللحد من ارتداد موجة الإرهاب والإرهابيين التي صدرتها إلى سوريا إلى قلب المملكة العتيدة من جهة إخرى.
لكن هذه المحاولة لن تجدي نفعاً لا في تلميع الصورة ولا في الحدّ من ارتدادات موجة الإرهاب عليها ما لم تمتنع بالفعل عن دعم الإرهابيين وتساهم بجدية في الحّل السياسي للأزمة في سوريا بدل إعاقة الجهود المبذولة للحّل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته