الضيافة الالهية
- المجموعة: 2020
- 24 نيسان/أبريل 2020
- اسرة التحرير
- الزيارات: 971
في الخطبة المعروفة للنبي الأعظم(ص) في استقبال شهر رمضان قال(ص): (هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله).ضيافة الله في هذا الشهر هي من الخصائص التي يتميز بها شهر رمضان على بقية الشهور.
والضيافة التي دُعينا إليها في هذا الشهر المبارك ليست من النوع المألوف والمتعارف كما يدعو بعضنا بعضا الى مادبة الطعام ، فالله سبحانه لا يدعونا إلى ضيافته بمعنى أنه يستضيفنا على مائدة الضيافة المتعارفة لنأكل ونشرب ونُشبع بطوننا,
لأننا بهذا المعنى نحن دائماً في ضيافة الله في كل الشهور وفي كل الأوقات وليس في شهر رمضان فقط، فكل ما في هذا العالم من نعم وخيرات ورزق وطعام وشراب هو من عند الله, والإنسان عندما يعيش من هذه النعم ويأكل من هذه الخيرات فهو في ضيافة الله, يأكل من رزقه وعطائه وجوده وكرمه, فلا معنى لأن يقول النبي (ص) إنكم في شهر رمضان مدعوون إلى ضيافة الله, لأننا في كل الشهور نحن في ضيافة الله، ومتى انقطع عنا عطاء الله وكرمه حتى يستضيفنا من جديد ويكرمنا بضيافته؟..
إذن: ضيافة الله في شهر رمضان ليست ضيافة مادية وهو لا يدعونا في شهر رمضان إلى مائدته المادية لنأكل من نعيمه ورزقه وجوده وكرمه, لأننا بهذا المعنى نحن في ضيافة الله في كل شهر وفي كل زمان .. وانما هي ضيافة معنوية وروحية ومأدبة روحية ومعنوية تغذي الروح وليس الجسد وتشبع الروح وليس البطن وتعمق ارتباط الروح بالله سبحانه وتعالى من خلال الاعمال العبادية االتي يقوم بها الانسان في هذا الشهر الشريف، فالضيافة ليست موجهة إلى الجسد وإنما الضيافة في هذا الشهر المبارك موجهة إلى الروح.. يعني ان اروحنا في هذا الشهر مدعوة الى ضيافة الله لان الجسد كما هو بحاجة إلى إشباع بما يحمل من ميول وغرائز وشهوات، بحاجة الى طعام وشراب وملذات، كذلك الروح بحاجة إلى إشباع بحاجة الى ما يغذيها ويشبعها على المستوى المعنوي والروحي, لأن الإنسان له بعدان: بُعد مادي وبُعد روحي ومعنوي(وملكوتي) لكن الجسد يتم إشباعه بشكل مادي عن طريقالطعام والملذات, بينما الروح لا يتم إشباعها بالطريق المادي وبالتالي: لن تكون ضيافة الروح بنفس الطريقة التي تكون فيه ضيافة الجسد وإنما هي ضيافة من نوع خاص, ضيافة الروح هو ضيافتها بما يوجب تغذيتها ويرفع من شأنها ومكانتها ويوجب لها سمواً ورفعة, ولا يمكن ذلك إلا من خلال الارتباط بالله سبحانه والسعي إلى التعلق بالسماء، وأفضل أيام لتعميق الارتباط بالله سبحانه ولتغذية الروح بما يجعلها تسمو وترتفع ويعلو شأنها هي أيام شهر رمضان, لكون هذا الشهر هو شهر الدعاء وشهر العبادة وشهر القرآن وشهر الاستغفار وشهر التوبة وشهر الرحمة والمغفرة, فالإنسان في هذا الشهر يجدد علاقته بالله ويعود إلى الغاية التي خلق من أجلها وهي العبادة( وما خلقت الأنس والجن إلا ليعبدون) فيغذي الروح غذاءاً روحياً كاملاً يكفل لها النشاط والفاعلية والاستمرار طيلة أيام السنة.
إذن الدعوة الموجهة للإنسان في شهر رمضان هي في الحقيقة دعوة لتعميق الارتباط بالله دعوة لتغذية روحه واشباعها بما يناسبها وهذا يقتضي أن تكون الأطعمة المقدمة في هذه الضيافة أطعمة تساعد الإنسان على تعميق الارتباط بالله وتغذية الروح .
وأهم ما في مأدبة الضيافة هذه التي تعمق الارتباط بالله وتغذي الروح وترفع من مكانتها وتسمو بها هي:
1 ـ تلاوة القرآن الكريم والتدبر فيه واستلهام معانيه:ولذلك ورد ان القران مأدبة الله، ففي الحديث المروي عن النبي (ص): إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم.
2 ـ اقامة الصلاة، سواء كانت الصلاة صلاة واجبة او صلاة مستحبة فان الصلاة من اهم وسائل التقرب الى الله وتعميق العلاقة مع الله : وقد أشار النبي (ص) إلى أن الصلاة مأدبة الله أيضاً, ففي الحديث أنه قال (ص): ألا ان الصلاة مأدبة الله في الأرض وقد هنأها لأهل رحمته في كل يوم خمس مرات.
3 ـ الدعاء والاستغفار وذكر الله سبحانه والإكثار من الصلاة على محمد وآله (ص).
فان كل هذه الأعمال في هذا الشهر المبارك، تغذي الروح وتساعد على ارتقاء الروح في الآفاق فتسمو في ضيافة الله لتكون النتيجة حصول الإنسان على مغفرة الله ورضوانه. والحمد لله رب العالمين.