الإمام المهدي (عج) والإدعاءات الكاذبة
- المجموعة: 2015
- 05 حزيران/يونيو 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 605
إن مقام السفارة هو مقام عظيم لا يمكن للإمام المهدي (ع) أن يعين فيه من لا يكون كفؤاً ولائقاً وأهلاً لهذا المنصب، فالسفراء الأربعة الذين عينهم الإمام في هذا المنصب في زمن الغيبة الصغرى
ولفت: الى أن الذين يقفون ويعارضون تدخل الجيش اللبناني في المعركة، ويمنعون الحكومة من اتخاذ قرار واضح وحاسم في هذه المواجهة, إنما يقدمون خدمة كبيرة للتكفيريين ويشجعونهم على التمدد والتمادي في عدوانهم على لبنان.
ورأى: أن كل المواقف التحريضية التي يطلقها فريق 14 آذار ضد المقاومة ويغطي فيها حلفاءه التكفيريين الإرهابيين, لن تغير من موقفنا في شيء, وسنستمر في هذه المعركة ولن نتردد في أن نقوم بواجبنا ومسؤوليتنا في حماية أهلنا وبلدنا.
نص الخطبة
نبارك لكم مجدداً ذكرى ولادة بقية الله في الأرض الإمام الحجة المهدي المنتظر(عج), كما نتقدم منكم بأسمى آيات العزاء بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لرحيل الإمام الخميني المقدس (رضوان الله عليه).
ظهر في السنوات العشر الأخيرة العديد من الأفراد الذين ادعوا السفارة عن الإمام المهدي (ع) أي ادعوا أنهم على صلة بالإمام (ع) وسفراء له وواسطة بينه وبين شيعته ينوبون عنه ويبلغون عنه.
والبعض ادعى بأنه المهدي نفسه، بل تجاوز البعض كافة الحدود والضوابط وادعى النبوة، وهؤلاء لم يكونوا من طائفة واحدة أو من دولة واحدة, وإنما كانوا من طوائف ومذاهب متعددة, من السنة ومن الشيعة، ومن عدة دول إسلامية, من لبنان ومصر والسعودية والعراق والسودان والمغرب وتونس وفلسطين واليمن وغيرها..
فقد سمعنا عن ادعاءات للسفارة وللمهدوية وحتى للنبوة من أفراد شيعة ومن أفراد سنة في كل هذه الدول.
في لبنان سمعنا وشاهدنا قبل فترة وجيزة أحد الكاذبين المضطربين نفسياً وهو يدعي بأنه سفير للإمام(ع) وواسطة بينه وبين الناس, وانه يشاهده ويلتقيه في كل وقت ويوصل الرسائل منه وإليه بطريق مباشر..
هذه الظاهرة ظاهرة ادعاء الصلة بالإمام أو السفارة عنه او ادعاء المهدوية أو النبوة ليست جديدة, بل هي متكررة وقديمة، فقد حصلت ادعاءات من هذا النوع على مر التاريخ الإسلامي, وحاول كثيرون التشبه بالإمام المهدي (عج) وتقمص شخصيته, بهدف الشهرة أو الحصول على مكانة إجتماعية أو لخلفيات دينية وسياسية وأمنية.. إلا أن كل هذه الادعاءت باءت بالفشل وظهر كذبها ولم تستطع أن تجد لها طريقاً إلى قلوب وعقول المؤمنين, بسبب وعيهم وحصانتهم العقيدية والإيمانية..
والملاحظ أن أغلب الادعاءات المزعومة الكاذبة تبدأ بدعوى السفارة للإمام, فيدعي الكاذب أنه سفير الإمام(ع), ثم بعد ذلك يرتقي ويدعي أنه المهدي نفسه، ثم بعد ذلك يرتقي أكثر ويدعى النبوة، ثم ينتهي الأمر بالبعض إلى دعوى الألوهية! وأنه رب الناس! والعياذ بالله، وهذا ما فعله حسين بن منصور الحلاج في زمن الغيبة الصغرى, فقد ادعى أولاً البابية, أي أنه الباب والواسطة إلى الإمام (ع) ثم ادعى المهدوية ثم ادعى النبوة ثم ادعى الربوبية، وقد أحرق بالنار في آخر سنة 309هـ في زمن الغيبة الصغرى.
كذلك علي محمد الشيرازي المعروف بالباب, ولد في مدينة شيراز في إيران سنة 1235هـ ادعى في البداية أنه باب المهدي المنتظر وسفيره، ثم عَرّف نفسه بأنه المهدي, ولما رأى كثرة الحمقى حوله ادعى النبوبة، وفي النهاية اشتد الجنون به فادعى الربوبية. وقد حكم علماء الدين في إيران آنذاك عليه بالقتل, وتم تنفيذ الحكم فيه رمياً بالرصاص في مدينة تبريز هو وأحد أتباعه سنة 1265هـ , وبعد إعدامه انكشف أن عملاء روسيا هم الذين شجعوه على اختلاق تلك الأكاذيب وساعدوه عليها.
والملاحظ أيضاً أن معظم الذين يدعون السفارة يتظاهرون بالإيمان والتقوى والورع والزهد والقداسة, من أجل أن يخدعوا الناس, ولكي يصدقهم الناس.
كما أن القاسم المشترك بين هؤلاء الذين يدعون السفارة هو الطعن بالمراجع العظام والكلام بشكل سلبي على العلماء الذين يتصدون لهؤلاء ويواجهون إدعاءاتهم بالرفض والإنكار, ويفضحونهم ويكشفون زيفهم وزيف ادعاءاتهم ..
وحتى لا يقع المؤمنون فريسة هذه الحالات.. يجب على المؤمنين في عصر الغيبة الكبرى أن يمتلكوا الحصانة العقيدية اللازمة, والوعي الكافي, والفهم الصحيح للقضايا والمسائل المتعلقة بإمام زمانهم, الإمام المهدي (ع), وأن تكون لديهم إحاطة واعية لخصائصه وصفاته وأهدافه وآماله وتطلعاته ودوره ومهامه وما يرتبط به وبحركته حتى لا تنطلي عليهم تلك الادعاءات الكاذبة بالسفارة تارة وبالمهدوية تارة أخرى.. والتي غالباً ما يكون أصحابها إما مضطربين نفسياً ولديهم أمراض وعقد نفسية, وأما مدفوعين من قبل أجهزة استخبارات لتحقيق أهداف وغايات معينة.
ومن أجل أن نمتلك ويمتلك المؤمنون هذه الحصانة يجب علينا أن نعرف عدة أمور:
أولاً: يجب أن نعرف أن ادعاء السفارة عن الإمام المهدي (عج) في زمن الغيبة الكبرى هو محض كذب وافتراء، وتكليف المؤمنين هو عدم تصديق ذلك المدعي وعدم اتباعه، والحكم عليه بأنه كذاب ومفتر ، لأن السفارة انتهت بوفاة السفير الرابع علي بن محمد السّمري سنة 329 هـ أي بانتهاء الغيبة الصغرى، التي كان للإمام فيها أربعة سفراء لا غير, وكان آخرهم الرابع علي بن محمد السمري,الذي بدأت بعد وفاته الغيبة الكبرى, وفي زمن الغيبة الكبرى فإنه لا وجود لسفراء خاصين للإمام (ع) إطلاقاً, وإنما نواب عامون وهم الفقهاء العارفون العادلون الزاهدون الذين بلغوا مراتب عليا في العلم والإيمان والتقوى والورع والإحاطة بأمور المسلمين.
وهذا ما أكده الإمام المهدي نفسه في وصيته العامة لأتباعه التي أصدرها قبل وفاة السفير الرابع بستة أيام, والتي أعلن فيها الإمام (ع) بأن السّمري سيتوفى بعد ستة أيام وستنقطع السفارة وتنتهي الغيبة الصغرى، وستبدأ الغيبة الكبرى التي لا يلتقي فيها الإمام(ع) بأحد من أتباعه وشيعته إلا بالخواص منهم.
فقد ورد في هذه الوصية قول الإمام (ع): (وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا إنه من ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر).
والمقصود بالمشاهدة هنا ليست مجرد رؤية الإمام في عصر الغيبة الكبرى، فإن كثيراً من العلماء والصالحين والأتقياء الصادقين رأوا الإمام المهدي (ع) في عصر الغيبة وأخبروا بذلك كالشيخ المفيد, والسيد ابن طاووس والعلامة الحلي والشيخ الأنصاري وغيرهم, وهذا لا محذور فيه, ولكن المقصود بالمشاهدة السفارة والنيابة الخاصة عن الإمام (ع) على النحو الذي كان للسفراء الأربعة، بأن يدعي أحد بأنه سفير للإمام وواسطة بينه وبين أتباعه وشيعته، يبلغ عنه التعاليم والقرارات والتوجيهات وغير ذلك.
فمن ادعى السفارة بهذا المعنى قبل خروج السفياني والصيحة من السماء فهو كذاب ومفتر.
وثانياً: إن هناك علامات خاصة وحتمية وهي مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالظهور ولا بد من وقوعها وتحققها بالتزامن مع الظهور، مثل خروج السفياني واليماني والصيحة من السماء وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء, وما لم تتحقق هذه العلامات وخاصة الصيحة من السماء فإن كل مدعي للمهدوية أو السفارة فهو كذاب مفتر (ألا إنه من ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر).
وهذا يعني أن الإمام المهدي إنما يُعرف ويُشخص ويميز عن غيره من المدعين الكاذبين بهذه العلامات, وخاصة بالصيحة من السماء التي هي غير قابلة للالتباس والغموض والتأويل, ففي الحديث عن الإمام الصادق (ع): (إن قدام هذا الأمر خمس علامات أولهن: النداء في شهر رمضان، ولا يخرج القائم (ع) حتى يُنادى باسمه في جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة الجمعة, قلت: بما يُنادى؟ قال باسمه واسم أبيه ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمد فاسمعوا له وأطيعوه, فلا يبقى شيء من خلق الله فيه الروح إلا سمع الصيحة.. وهي صيحة جبرائيل). وهذا يعني أنه لا وجود لمهدي قبل الصيحة, فمن ادعى المهدوية قبل ذلك فهو كذاب مفتر.
وثالثاً: إن مقام السفارة هو مقام عظيم لا يمكن للإمام المهدي (ع) أن يعين فيه من لا يكون كفؤاً ولائقاً وأهلاً لهذا المنصب، فالسفراء الأربعة الذين عينهم الإمام في هذا المنصب في زمن الغيبة الصغرى, كانوا من الأجلاء والفضلاء والعلماء المعروفين في الوسط الإسلامي بالعلم والورع والتقوى، أما مدعو السفارة في عصرنا في لبنان أو العراق أو البحرين أوغيرها, فكلهم من المغمورين الذين لا يعرفون في الوسط الإسلامي بعلم ولا تقوى ولا ورع, فلا يمكن أن يكونوا سفراء للإمام المهدي (ع), بل بعض من يدعي السفارة عن الإمام(ع) لا يحسن قراءة الآيات القرآنية بشكل صحيح ويخطئ في قراءة الفاتحة.. فكيف يمكن للإمام أن يجعله سفيراً له؟ وكيف يمكن لعاقل أن يصدق شخصاً غير معروف بعلم وورع ويتبعه بوصفه سفيراً للإمام؟..
هؤلاء ليسوا أهلاً ليكونوا من جنوده فضلاً عن أنهم ليسوا أهلاً ليكونوا سفراء له، اليوم من يليق له أن يكون من جنود الإمام وأعوانه هم المجاهدون المخلصون الصادقون الذين يواجهون الصهاينة والتكفيريين, ويمهدون الأرض والعالم ليكون ساحة للعدل الإلهي, وساحة خالية من الطغاة والمستكبرين والمحتلين والإرهابيين.. المجاهدون المؤمنون المتوكلون على الله الذين يتحملون مسؤولياتهم الوطنية في مواجهة من يهدد لبنان من التكفيريين والصهاينة.
الإنجازات التي حققها المجاهدون في المقاومة في جرود عرسال هي إنجاز للبنان وللوطن قبل أن تكون إنجازاً لفئة أو جهة أو جماعة معينة, وهذه الإنجازات تُبعد المسلحين الإرهابيين عن أرضنا وقرانا وحدودنا.
اليوم ومن أجل استكمال هذه المعركة.. فإن المسؤولية الوطنية والموقف الوطني يتطلبان الحصول على قرار واضح من الحكومة يغطي الجيش اللبناني في أي إجراء يقوم به ضد الإرهاب التكفيري على الحدود الشرقية.
إن تقوية الجيش في هذه المعركة.. تتطلب موقفاً سياسياً داعماً وواضحا ً وحاسماً من كل القوى السياسية في لبنان, وتتطلب موقفاً شعبياً داعماً للجيش الوطني في هذه المعركة, كما تتطلب أن يزود الجيش بالأسلحة النوعية التي تكفل له أن يواجه ويتقدم ويطرد الجماعات الإرهابية من أرضنا على الحدود الشرقية.
واليوم الذين يقفون ويعارضون تدخل الجيش اللبناني في المعركة، ويمنعون الحكومة من اتخاذ قرار واضح وحاسم في هذه المواجهة, إنما يقدمون خدمة كبيرة للتكفيريين ويشجعونهم على التمدد والتمادي في عدوانهم على لبنان.
كل المواقف التحريضية التي يطلقها فريق 14 آذار ضد المقاومة ويغطي فيها حلفاءه التكفيريين الإرهابيين لن تغير من موقفنا في شيء, وسنستمر في هذه المعركة ولن نتردد في أن نقوم بواجبنا ومسؤوليتنا في حماية أهلنا وبلدنا.
والحمد لله رب العالمين