الإمام العسكري (ع) الدور والوصية
- المجموعة: 2015
- 18 كانون1/ديسمبر 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 11804
شدد الإمام العسكري (ع) كآبائه وأجداده(ع) على أن يكون شيعتهم وأتباعهم النموذج الأمثل والأسوة في الإيمان والالتزام والتقوى والورع والطاعة لله في السر والعلن، وأن يكونوا القدوة الحسنة في الأخلاق والسلوك والتعامل الحسن مع الآخرين, والترفع عن مساوئ الأخلاق, عن السب والشتم واللعن والفحش وقول الزور وغير ذلك.
خلاصة الخطبة
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن سلوكنا سيبقى هو السلوك الرسالي المسؤول الذي ربّانا عليه أهل البيت(ع) حتى لو أساء الآخرون لنا أو ظلمونا أو افتروا علينا أو نكلوا بنا أو قتلونا..
وقال: لقد أقدم الجيش النيجيري في مدينة زاريا خلال الأسبوع الماضي على ارتكاب مجزرة بشعة بحق الشيعة عندما كانوا يحيون مراسم رفع راية الإمام الرضا(ع) في حسينية بقية الله في المدينة, ما أدى إلى استشهاد المئات وجرح المئات في جريمة تحمل كل صفات الإبادة الجماعية.
ولفت: الى أن استهداف الشيعة في نيجيريا ورمزهم الكبير الشيخ إبراهيم الزكزكي لم يحصل صدفة وإنما هو عمل مدبر ومخطط له تم بتحريض من الوهابية السعودية التي لها نفوذ لدى بعض ضباط الجيش النيجيري، بعدما رأوا أن أتباع أهل البيت (ع) في هذا البلد يزدادون وينتشرون في مختلف المدن النيجيرية.
ورأى: أن السلطات النيجيرية مسؤولة عن حياة الشيخ الزكزكي, ومطالبة بالإفراج الفوري عنه وعن كل المعتقلين لديها , وتسليم جثامين الشهداء والجرحى لذويهم, ومداواة هذا الجرح الذي أصاب كل نيجيري وكل مسلم في العالم.
نص الخطبة
في هذه الأيام نلتقي بذكرى شهادة الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (ع) وهو الإمام الحسن العسكري الذي كانت شهادته يوم الجمعة في 8 ربيع الأول سنة 260هـ, وولادته في 8 شهر ربيع الثاني سنة 242هـ وبذلك يكون قد استشهد وهو ابن ثمان وعشرين سنة، ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه بسامراء, ومقامهما شامخ ومعروف, يقصده الزوار من جميع أنحاء العالم, رغماً عن الحاقدين الإرهابيين الذين عمدوا إلى تفجير هذا المقام المعروف بمقام العسكريين قبل سنوات.
وسأتحدث في هذه الخطبة عن الأدوار التي قام بها الإمام (ع) في حياته, وعن رسالته ووصيته لأتباعه وشيعة.
أما الدور: فقد قام الإمام (ع) بأدوار ساهمت في الحفاظ على الإسلام ومفاهيمه, ويمكن تلخيص هذه الأدوار بخمسة أدوار بارزة و أساسية هي:
أولاً: تعريف خواص الشيعة على الإمام من بعده والنص عليه , فقد كان الشيعة يترقبون من سيكون الإمام بعد الحسن العسكري(ع) ليتعرفوا عليه, كما أن السلطات العباسية كانت تترصد ولادة الإمام المهدي (ع) في تلك المرحلة الذي كان قد أخبر رسول الله(ص) أنه سيكون إمام آخر الزمان الذي سيزلزل عروش الطغاة والمستكبرين, كانت السلطات تترقب ولادته لإغتياله والقضاء عليه, ولذلك فإن الإمام العسكري(ع) كان دوره التعريف بالإمام ولكن بحذر لكي لا يتم تعريضه للخطر, ولذا فان الإمام (ع) لم يعلن عن ولادته ولم يعرفه إلا للخواص من أصحابه وشيعته.
فعن محمد بن عبد الجبار قال: قلت لسيدي الحسن بن علي (ع): يا ابن رسول الله جعلني الله فداك, أحب أن أعلم عن الإمام حجة الله على عباده من بعدك؟ فقال (ع): إن الإمام الحجة بعدي إبني سمي رسول الله (ص) وكنيته, الذي هو قائم حجج الله وآخر خلفائه قال: فمن هو يا ابن رسول الله قال: عن ابنة قيصر ملك الروم إلا انه يغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر.
ثانياً: التأكيد على الصبر وانتظار الفرج.
ثالثاً: التحذير من الشك والضعف في الإيمان واليقين بلإمام المهدي (ع) نتيجة طول الغيبة والإنتظار
قال (ع): إن لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط شوك القتاد بيده.
رابعاً: التمهيد العملي لغيبة الإمام من خلال تنصيب الوكلاء والممثلين وربط الناس بهم, ليعتادوا على التواصل غير المباشر بالإمام المعصوم(ع) تمهيداً لغيبة الإمام والتواصل معه عبر السفراء والوكلاء.
خامساً: ربط الناس بالفقهاء في مرحلة الغيبة والرجوع إليهم لمعرفة الأحكام والتشريعات ولحل المشكلات.
فعنه (ع): فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعًا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.
وبهذا النص وجب على عموم المؤمنين العودة في أحكام دينهم الى المرجع الأعلم العارف التقي العادل الزاهد ليقلدوه ويأخذوا عنه أحكام الدين.
أما رسالته ووصيته إلى شيعة: فقد شدد الإمام العسكري (ع) كآبائه وأجداده(ع) على أن يكون شيعتهم وأتباعهم النموذج الأمثل والأسوة في الإيمان والالتزام والتقوى والورع والطاعة لله في السر والعلن، وأن يكونوا القدوة الحسنة في الأخلاق والسلوك والتعامل الحسن مع الآخرين, والترفع عن مساوئ الأخلاق, عن السب والشتم واللعن والفحش وقول الزور وغير ذلك.
وحرص أئمتنا (ع) على أن يكون شيعتهم أيضاً على مستوى من العلم والمعرفة والوعي والبصيرة بما يدور حولهم وبالظروف والأوضاع المحيطة بهم.
يقول الإمام (ع) في وصيته لِشِيعَتِهِ :
أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ الْوَرَعِ فِي دِينِكُمْ ، وَ الِاجْتِهَادِ لِلَّهِ ، وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ، وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ ، وَ طُولِ السُّجُودِ ، وَ حُسْنِ الْجِوَارِ ؛ فَبِهَذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله ، صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ ، وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ ، وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ ، وَ أَدُّوا حُقُوقَهُمْ ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا وَرِعَ فِي دِينِهِ ، وَ صَدَقَ فِي حَدِيثِهِ ، وَ أَدَّى الْأَمَانَةَ ، وَ حَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ النَّاسِ قِيلَ هَذَا شِيعِيٌّ فَيَسُرُّنِي ذَلِكَ .
اتَّقُوا اللَّهَ ، وَ كُونُوا زَيْناً ، وَ لَا تَكُونُوا شَيْناً ، جَرُّوا إِلَيْنَا كُلَّ مَوَدَّةٍ ، وَ ادْفَعُوا عَنَّا كُلَّ قَبِيحٍ ؛ فَإِنَّهُ مَا قِيلَ فِينَا مِنْ حُسْنٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ ، وَ مَا قِيلَ فِينَا مِنْ سُوءٍ فَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ ؛ لَنَا حَقٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَ تَطْهِيرٌ مِنَ اللَّهِ ، لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ غَيْرُنَا ، إِلَّا كَذَّابٌ ، أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ ، وَ ذِكْرَ الْمَوْتِ ، وَ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ ، وَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، احْفَظُوا مَا وَصَّيْتُكُمْ بِهِ ، وَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَام .
هذه وصية عظيمة وجليلة وهي تضمنت وصايا عامة ووصايا خاصة:
وصايا عامة تشمل جميع المسلمين المخالفين والموالين، ووصايا خاصة بالموالين وكيفية تعاملهم مع المخالفين.
أما الوصايا العامة فهي:
1 ـ التقوى.
2 ـ الورع في الدين , أي اجتناب المحرمات والمعاصي.
3 ـ الاجتهاد في طاعة الله, وفي العبادة لله, وفي القيام بالأعمال الصالحة.
4 ـ صدق الحديث.
5 ـ أداء الأمانة للبر والفاجر.
6 ـ طول السجود, فإن أقرب ما يكون العبد إلى الله حال السجود.
7 ـ حسن الجوار, وحسن الجوار ليس كف الأذى عن الجار فقط بل الصبر على الأذى الذي يصدر من الجار أيضاً.
أما الوصايا الخاصة بأتباع أهل البيت والمتعلقة بكيفية تعاملهم مع الذين يختلفون معهم في العقيدة او في الفكر أو في الطائفة او في المذهب او في التوجه السياسي او في غير ذلك فهي:
1 ـ صلّوا في عشائرهم وفي مساجدهم لكي تعبروا عن وحدة هذه الأمة وأنه بالرغم من الإختلاف في بعض المسائل إلا أننا نلتقي في مشتركات كثيرة ونجتمع في صلاة واحدة , وقد افتى الإمام الخميني (ره) والإمام الخامنئي (حفظه الله) خاصة للحجاج بعدم جواز الصلاة جماعة الا في مساجدهم وأن الصلاة معهم مبرءة للذمة ومقبولة .
2 ـ اشهدوا جنائزهم.
3 ـ عودوا مرضاهم.
4 ـ وأدوا حقوقهم, فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا شيعي فيسرني ذلك.
اتصاف الإنسان بهذه العناوين وهو ينتسب إلى أهل البيت(ع) يدخل عليهم السرور.
اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً:
من ينتسب إلى مذهب أهل البيت (ع) يكون ممثلاً لهم ولمذهبهم, سواء كان عالماً أو جاهلاً , كبيراً أو صغيراً , رجلاً أو امرأة, فهو يحمل رسالتهم وعليه أن يكون بمستواها وأن يحسن أداءها.. لأن الناس يتعرفون على ذلك من خلال الصورة التي نقدمها نحن, ومن خلال سلوكنا واخلاقنا وطريقة تعاطينا وتعاملنا مع الآخرين.
سلوكنا سيبقى هو السلوك الرسالي المسؤول الذي ربانا عليه أهل البيت(ع) حتى لو أساء الآخرون لنا أو ظلمونا أو افتروا علينا أو نكّلوا بنا أو قتلونا.. فأهل البيت(ع) ظُلموا وسُجنوا وشُرّدوا وشُرِّد أتباعهم وقُتلوا ولم يتغير سلوكهم ولا أخلاقهم ولا تعاملهم الحسن مع من كانوا يختلفون معهم .
وها هم أتباعهم في نيجيريا يُقتلون وتُرتكب بحقهم مجزرة بشعة من قبل الجيش النيجيري.
فقد أقدم الأسبوع الماضي الجيش النيجيري في مدينة زاريا على ارتكاب مجزرة بحق الشيعة عندما كانوا يحيون مراسم رفع راية الإمام الرضا(ع) في حسينية بقية الله في المدينة, ما أدى إلى استشهاد المئات وجرح المئات في جريمة تحمل كل صفات الإبادة الجماعية.
إن استهداف الشيعة في نيجيريا ورمزهم الكبير الشيخ إبراهيم الزكزكي لم يحصل صدفة وإنما هو عمل مدبر ومخطط له تم بتحريض من الوهابية السعودية التي لها نفوذ لدى بعض ضباط الجيش النيجيري، بعدما رأوا أن أتباع أهل البيت (ع) في هذا البلد يزدادون وينتشرون في مختلف المدن النيجيرية.
السلطات النيجيرية مسؤولة عن حياة الشيخ الزكزكي, ومطالبة بالإفراج الفوري عنه وعن كل المعتقلين لديها , وتسليم جثامين الشهداء والجرحى لذويهم, ومداواة هذا الجرح الذي أصاب كل نيجيري وكل مسلم في العالم.
والحمد لله رب العالمين