من وصايا الإمام العسكري(ع)
- المجموعة: 2017
- 24 تشرين2/نوفمبر 2017
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1437
الإمام الحسن العسكري (ع) يوجه خطابًا عامًّا لشيعته بأن لا ينعزلوا عن الأمة، وأن يندمجوا مع عامّة المسلمين، وألاَّ يعيشوا حالة الانطواء والانكفاء على أنفسهم بل ينفتحوا على الآخرين حتى على الذين قد يختلفون معهم بالطائفة او المذهب لأن هذا النوع من الإختلاط يجعلك توصل فكرك ورسالتك للآخرين
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 24-11-2017: سقوط “داعش” حمى لبنان ودول المنطقة وعلى السعودية التعلم من التجربة.
شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن الجماعات الارهابية التكفيرية وعلى راسهم داعش اساءت للاسلام أكثر من اساءة الغربيين للاسلام عندما انتهجت هذا السلوك الوحشي واللاانساني باسم الاسلام،فنشرت وعلى مدى السنوات الست الماضية الحروب والقتل والإرهاب في المنطقة والعالم، واثارت الفتن ودمرت دولا وإضعفت جيوشها وفككت مجتمعاتها وابادت الآلاف من الناس الأبرياء وهجرت الملايين من مناطقهم، وكل ذلك حصل باسم الدين والاسلام ودولة الخلافة.
وقال: اليوم دولة الخرافة لداعش في العراق وسوريا سقطت، وسقط معها كل من صنع ودعم ورعى هذا التنظيم المتوحش وانفق عليه عشرات مليارات الدولارات ليحقق تلك الأهداف التدميرية واللاانسانية.
واعتبر: سقوط داعش في العراق وسوريا هو انجاز وانتصار تاريخي واستراتيجي لمحور المقاومة ستكون له تداعيات وانعكاسات كبيرة ومهمة في المنطقة والعالم، فهو سيخلص البشرية من كوارث ومصائب وويلات المشروع الارهابي التكفيري، وسيحمي لبنان وكل دول المنطقة من هذا المشروع التدميري، وسيسقط كل الرهانات التي بنيت على وجود هذه الجماعات في منطقتنا خصوصا لجهة احكام سيطرة وهيمنة اميركا وحلفائها على دول المنطقة وشعوبها .
ورأى الشيخ دعموش: أن لبنان استطاع أن يتجاوز الأزمة التي أحدثها التدخل السعودي السافر في الشؤون الداخلية اللبنانية بفعل تمسك اللبنانيين بوحدتهم، ورفضهم للإملاءات الخارجية، والمواقف الشجاعة والحازمة لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، والأداء الحكيم والمسؤول لسماحة الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله ومواقف بقية القوى السياسية الحريصة على الإستقرار في البلد ، فان كل هذا الأداء أفرغ المغامرة السعودية من زخمها واربك حساباتها وشكل صدمة للنظام السعودي فسقط ما في يده وفشل في خطوته .
وطالب السعودية التي جربت العبث بلبنان وفشلت ان تتعلم من هذه التجربة، وان تاخذ العبرة مما حصل، وان تدرك ان لبنان ليس ساحة للتنفيس عن احقادها او للتعويض عن هزائمها، وان اللبنانيين لا يمكن أن يكونوا وقودا في فتنة تصنعها او مغامرة غير محسوبة تقوم بها، ولن يسمحوا لها ولا لغيرها التدخل وفرض القرارات والخيارات على اللبنانيين لتغيير المسار السياسي التوافقي بينهم .
وأكد: أن المطلوب اليوم بعد عودة رئيس الحكومة والجو الإيجابي الذي ساد في البلد ان يتعاون الجميع لمعالجة تداعيات الأزمة، لافتاً: الى أن حزب الله تعاون مع الجميع لحماية الإستقرار الداخلي، وسيقدم المزيد من التعاون للحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية وعلى الإستقرار السياسي والأمني في البلد .
نص الخطبة
في الثامن من شهر ربيع الأول تصادف ذكرى شهادة الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت(ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهو الإمام الحسن العسكري(ع).
هذا الإمام العظيم الذي ولد في في المدينة في الثامن من ربيع الاخر سنة 232 واستشهد متأثراً بالسم على يد المعتمد العباسي يوم الجمعة في الثامن من ربيع الأول سنة 260 وعمره 28 عاماً. ،:ودفن بالقرب من أبيه الإمام علي الهادي (عليه السلام) في داره بسر من رأى.ومقامهما المعروف بمقام العسكريين في سامراء مشهور يقصده الزائرون من مختلف أنحاء العالم
وقد لُقِّب الإمام(ع) بالعسكري لأنه كان يسكن في محلّة في سامراء تسمى العسكر، فنُسب إلى هذه المحلة.
لقد كان للإمام (ع) مكانة رفيعة بين الناس لما كان يمتلكه من علم وفضل ومواقف وميزات رسالية وأخلاقية وانسانية بحيث أنه فرض شخصيته على المجتمع كله، حتى المجتمع المعادي لأهل البيت(ع) من الذين كانوا يلتزمون خلافة بني العباس، فنحن نقرأ في شهادتهم، أن هذا الإمام كان موضع تقدير واحترام وتعظيم وإجلال من الجميع، من الموالين والمحبين ومن غيرهم ممن كانوا محسوبين على مجتمع الخلافة العباسية.
نقرأ في تصريحات بعض هؤلاء، وهو أحمد بن عبيد الله بن خاقان، الذي كان أبوه من وزراء الخلافة، ما يدلّ على تعظيمه للإمام العسكري(ع)، يقول: "ما رأيت ولا عرفت بـ"سرّ من رأى" أي مدينة سامراء، من العلوية ـ اي من بني هاشم ـ مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم، وتقديمهم إياه على ذوي السنّ منهم والخطر، وكذلك القوّاد والوزراء والكتّاب وعامة الناس... وما سألت أحداً من بني هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام والمحل الرفيع والقول الجميل، والتقديم له على جميع أهل بيته ومشائخه... ولم أرَ له وليّاً ولا عدوّاً إلا وهو يُحسن القول فيه والثناء عليه".
هذه الميزات جعلت أعداءه يقدرونه ويعظِّمونه ، لما كانوا يرونه من منـزلته الرفيعة، ولما كان يجسّده من قيم علمية وروحية وأخلاقية واجتماعية...
وقال أبوه عبيد الله بن خاقان، وقد سأله ولده عن سرّ تعظيمه الكبير للإمام(ع): "لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس، ما استحقّها أحد من بني هاشم غير هذا، وإنّ هذا ليستحقّها لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه".
وهذا الكلام من وزير الخلافة يدلّ على الفضل الكبير للإمام العسكري(ع)، وكما يقول الشاعر: "والفضل ما شهدت به الأعداء".
وقد كان خلفاء بني العباس يخشون على ملكهم من أئمة أهل البيت(ع)، لما كانوا يرونه من تعظيم الناس لهم وانجذابهم إليهم، ولذلك عمد الخليفة العباسي الى وضع الإمام تحت الإقامة الجبرية معظم حياته وإلى اعتقاله وسجنه أحيانا وقد استطاع أن يجذب بأخلاقه وسلوكه حتى السجّان، فقد روي أن
مدير السجن ـ: وكّل به رجلين من الأشرار والأشقياء لكي يضيّقا عليه ـ فصارا من أهل العبادة والصلاة والتقوى فقال لهما: ويحكما، ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ ـ ما الذي غيّركما إلى مثل هذا الصلاح؟ ـ فقالا له: ما نقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كله، ولا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخَلَنا ما لا نملكه من أنفسنا. ".
هذا السلوك الإيماني والعبادي والأخلاقي هو الذي جذب هذين الرجلين الى التدين والإلتزام والعبادة بعد أن كانا من الأشقياء والبعيدين عن الدين والقيم والأخلاق، وهو السلوك الذي ركز وأكد عليه الإمام (ع) في إحدى وصاياه لأتباعه وشيعته ففي وصيته لشيعته التي تمثل منهجا عاما يتعاملون به ويسيرون على هديه في مختلف العصور والمراحل ، يقول(ع): أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم ، والإجتهاد لله ، وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر ، وطول السجود ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، صَلّوا في عشائركم ، واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم ، وأدّوا حقوقهم ، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه ، وصدق في حديثه ، وأدّى الأمانة ، وحسَّن خلقه مع الناس قيل : هذا شيعي فيسرّني ذلك ، اتّقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً ، جُرّوا إلينا كلّ مودّة ، وادفعوا عنّا كلّ قبيح فإنّه ما قيل فينا من حُسْن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حقٌّ في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهيرٌ من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا كذّاب. أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات ، احفظوا ما وصّيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام. (
أهم ما تضمنته هذه الوصية ثلاثة أمور:
الأول: العمل والإلتزام بالقيم:فالتشيّع ليس مجرد انتماء عاطفي وقلبي ، بأن يحب المؤمن أهل البيت (ع) ويواليهم، وإنما يجب أن يعمل بعملهم ويأخذ بسنتهم وسيرتهم ويلتزم بالقيم والأخلاق والسلوك الرسالي والإيماني الذي التزموا به، يقول ( ع) : أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى مَنِ ائتمنكم.
الأمر الثاني: الاندماج في المجتمع : فالإمام يوجه خطابًا عامًّا لشيعته بأن لا ينعزلوا عن الأمة، وأن يندمجوا مع عامّة المسلمين، وألاَّ يعيشوا حالة الانطواء والانكفاء على أنفسهم بل ينفتحوا على الآخرين حتى على الذين قد يختلفون معهم بالطائفة او المذهب لأن هذا النوع من الإختلاط يجعلك توصل فكرك ورسالتك للآخرين، وقد رأينا الآثار والنتائج الطيبة للإنفتاح على الآخرين ، فوجدنا كيف أن البعض من المؤمنين من أتباع أهل البيت حينما اندمجوا مع الآخرين استطاعوا أن يعطوا صورة مشرقة عن مذهب أهل البيت وأتباعه، وأن يتركوا انطباعًا حسنًا لدى الآخرين، وهذا الأمر في مصلحة المجتمع المؤمن وفي مصلحة الرسالة التي نؤمن بها.
يقول (ع): صلُّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم، إن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحَسُنَ خلقه مع الناس، قيل هذا شيعي فيسرّني ذلك.
الأمر الثالث: حسن السمعة:فهناك على طول التاريخ من يحاول أن يشوّه ويرسم صورة خاطئة عن أتباع أهل البيت ، لأهداف سياسية أو لجهله بهم أو لقناعات خاطئة، وعلينا أن نعمل لتحسين الصورة، وأن تكون صورة هذا المجتمع حسنة أمام الآخرين، فهذه مسؤوليتنا.
يقول في ذلك الإمام العسكري (ع): اتقوا الله، وكونوا زينًا ولا تكونوا شينًا.
اتباع اهل البيت ينبغي أن يعكسوا الصورة المشرقة لأهل البيت(ع) وقيمهم واخلاقهم وتعاليمهم وتربيتهم.
ليس من الصحيح القول: إن السمعة الحسنة لدى الآخرين ليست مهمة، فالإنسان المسلم كفرد ينبغي عليه أن يحسّن سمعته، والمجتمع المسلم كمجتمع ينبغي عليه أن يعطي الصورة المشرقة عنه كمجتمع.
وحينما ترتبط المسألة بالمذهب وسمعته وبأهل البيت وسمعتهم ونهجهم يصبح من الواجب على الأتباع ان ينتبهوا الى سلوكهم وممارساتهم وطريقة تعاملهم حتى لا نشوه الصورة الناصعة لمذهبنا.
وهذا ما اكدت عليه تعاليم اهل البيت في الكثير من النصوص والاحاديث:
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم، أما والله لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعز. اي لاعتزوا بكلماتهم
وعنه (عليه السلام): رحم الله عبدا استجر مودة الناس إلى نفسه وإلينا، بأن يظهر لهم ما يعرفون ويكف عنهم ما ينكرون .
وعنه (عليه السلام): معاشر الشيعة كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، احفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح القول .
بل ان على الانسان المنتمي الى نهج اهل البيت(ع) ان يلتفت الى ان ما يصدر منه ان كان حسنا فمنه احسن وان كان قبيحا فمنه اقبح واسوء.
يقول الامام الصادق (عليه السلام) لأحد أصحابه: الحسن من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كل أحد قبيح، وإنه منك أقبح لمكانك منا .
اليوم في واقعنا كم من الممارسات السيئة التي صدرت من أشخاص مسلمين او من جهات وتيارات وجماعات محسوبة على المسلمين أساءت بممارساتها للاسلام وشوهت صورة الاسلام والمسلمين في العالم.
الجماعات الارهابية التكفيرية وعلى راسهم داعش اساءت للاسلام أكثر من اساءة الغربيين للاسلام عندما انتهجت هذا السلوك الوحشي واللاانساني باسم الاسلام، فنشرت وعلى مدى السنوات الست الماضية الحروب والقتل وارهاب في المنطقة والعالم، واثارت الفتن ودمرت دولا واضعفت جيوشها وفككت مجتمعاتها وابادت آلاف من الناس الأبرياء وهجرت الملايين من مناطقهم وبلدانهم، وكل ذلك حصل باسم الدين والاسلام ودولة الخلافة .
اليوم دولة الخرافة الداعشية في العراق وسوريا سقطت وسقط معها كل من صنع ودعم ورعى هذا التنظيم المتوحش وانفق عليه عشرات مليارات الدولارات ليحقق تلك الأهداف التدميرية واللاانسانية.
سقوط داعش هو انجاز وانتصار تاريخي واستراتيجي لمحور المقاومة ستكون له تداعيات وانعكاسات كبيرة ومهمة في المنطقة والعالم، فهو سيخلص البشرية من أسوء تيار ارهابي متوحش عرفه التاريخ وسينقذ البشرية منكوارث ومصائب وويلات المشروع الارهابي التكفيري، وسيحمي لبنان وكل دول المنطقة من هذا المشروع التدميري، وسيسقط كل الرهانات التي بنيت على وجود هذه الجماعات في منطقتنا خصوصا لجهة إحكام هيمنة وسيطرة اميركا وحلفائها على دول المنطقة وشعوبها .
اما لبنان فقد استطاع أن يتجاوز الأزمة التي أحدثها التدخل السعودي السافر في الشؤون الداخلية اللبنانية بفعل تمسك اللبنانيين بوحدتهم ورفضهم الإملاءات الخارجية وبفعل المواقف الشجاعة والحازمة لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والأداء الحكيم والمسؤول لسماحة الأمين العام ولبقية القوى السياسية الحريصة على الإستقرار في البلد.. كل هذا الأداء أفرغ المغامرة السعودية من زخمها واربك حساباتها وشكل صدمة للنظام السعودي فسقط ما في يده وفشل في خطوته .
وعلى السعودية التي جربت العبث بلبنان وفشلت ان تتعلم من هذه التجربة وان تاخذ العبرة مما حصل وان تدرك ان لبنان ليس ساحة للتنفيس عن احقادها او للتعويض عن هزائمها، وان اللبنانيين لا يمكن أن يكونوا وقودا في فتنة تصنعها او مغامرة غير محسوبة تقوم بها، ولن يسمحوا لها ولا لغيرها التدخل وفرض القرارات والخيارات لتغيير المسار السياسي التوافقي بين اللبنانيين .
والمطلوب اليوم بعد عودة رئيس الحكومة والجو الإيجابي الذي ساد في البلد ان يتعاون الجميع لمعالجة تداعيات الأزمة ونحن تعاونا مع الجميع لحماية الاستقرار، وسنقدم المزيد من التعاون للحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية والإستقرارالسياسي والأمني في البلد .
والحمد لله رب العالمين