شخصية الإمام علي (ع) وأخلاقه الاجتماعية
- المجموعة: سيرة وتاريخ
- 17 تموز/يوليو 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 32955
نعزي صاحب العصر والزمان الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (دام ظله )، وشيعة أهل البيت (عليهم السلام)والمسلمين جميعاً بشهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه .
تعريف بشخصية الإمام علي( عليه السلام ):
نسبه: هو علي بن أبي طالب، بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
أبوه : (أبو طالب) وهو أخو عبد الله والد النبي(ص) لأمه وأبيه، وأبو طالب هو الذي كفل رسول الله صغيراً، وقام بنصره وحمايته من أذى المشركين، وكان أبو طالب مسلماً لا يجاهر بإسلامه ولو جاهر لما تمكن من نصر رسول الله(ص) وحماية الرسالة .
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم، وكانت لرسول الله(ص) بمنزلة الأم، وكان يسميها أمي.
مولده واستشهاده : ولد يوم الجمعة 13 رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقبل بعثة النبي(ص) بعشر سنوات ، وكانت ولادته بمكة في الكعبة المشرفة، وهو أول مولود ولد في الكعبة ، فلم يولد في الكعبة قبله أحد ولم يولد فيها بعده أحد ، فكان ذلك تكريماً وتعظيماً من الله له .
ولقد اغتيل الإمام(ع) وهو في أفضل ساعة عبادته، وهو قائم بين يدي الله، حيث امتدت إليه يد الأثيم (ابن ملجم المرادي) فضرب الإمام(ع) بسيف وهو في سجوده عند صلاة الفجر في مسجد الكوفة، وذلك في صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام 40 هجرية .
ولقد عبرت الكثير من النصوص عن شخصية الإمام ومكانته وموقعه في الإسلام: فهو المطهر من الرجس، وهارون الأمة، وكفه ككف النبي(ص)في العدل،وهو رفيق الحق لا ينفك أحدهما من الأخر،وهو باب العلم الإلهي،وفاروق الأمة،وسفينة النجاة والخ..
عبادته :
لكثرة اهتمامه وتعاهده لأمر الصلاة والتضرع إلى الله تعالى يروي عروة بن الزبير في حديث له عن أبي الدرداء :
قال: شهدت علي بن أبي طالب .. وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممن يليه .. وبعد عن مكانه، فقلت الحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغم شجيّ، وهو يقول: « إلهي كم من موبقة حلمتَ عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرمتَ عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براجٍ غير رضوانك ».
فشغلني الصّوت، واقتفيت الأثر، فإذا علي بن أبي طالب(ع) بعينه، فاستترت له وأخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغامر، ثم فرغ من الدعاء والبكاء والبث والشكوى فكان مما ناجى به الله تعالى، إلى أن قال: « آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى، آه من لهبات لظى».
قال أبو الدرداء : ثم أمعن في البكاء. فلم أسمع له حسيساً، ولا حركة ... فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته، فلم يتحرك، فزويته فلم ينزو.
ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق، ونظر أليّ وأنا أبكي فقال: مما بكاؤك يا أبا الدرداء؟
فقلت : مما أراه تنزله بنفسك . فقال : «يا أبا الدرداء ، فكيف لو رأيتني، ودعي بي إلى الحساب ، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد أسلمني الأحباء ورفضني أهل الدنيا، لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية ».
فقال أبو الدرداء: « فوالله ما رأيت ذلك في أحد من أصحاب رسول الله(ص).
وحول التزامه بقيام صلاة الليل طول عمره الشريف، يروى عنه(ع) أنه قال: « ما تركت صلاة الليل منذ سمعت قول النبي(ص): صلاة الليل نور.» وكان يقول(ع) موضحاً علاقته بالله تعالى :
« إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك، ولا طمعاً في ثوابك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك».
وهكذا كان علي(ع) في عبادته وشدة تعلقه بالله، وعظيم تمسكه بمنهج الأنبياء(ع) حيث إنه كان ترجمة صادقة لعبادة محمد(ص) وزهد المسيح(ع).
أخلاقه :
أما أخلاقه فيحدثنا عن شيء منها ضرار بن ضمرة فقد دخل ضرار على معاوية فألح على الرجل أن يصف له علياً فتردد ضرار كثيراً، فلما مضى معاوية في إصراره قال ضرار:
أما إذا لا بد فكان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلاً ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته.
كان والله غزير الدمعة، يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب.
كان والله كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، ويبتدئنا إذا أتيناه ويأتينا إذا دعوناه ... ونحن والله مع قربه منا، ودنوه إلينا لا نكلمه هيبة له ولا نبتديه لعظمته فإن تبسم فعن اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله .
وكان(ع) يوصي الناس بأخلاق الإسلام بقوله:
« سع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك، وإياك والغضب فإنه طيرة من الشيطان، واعلم أن ما يقربك من الله يباعدك من النار، وما باعدك من الله يقربك من النار».
وكان (ع) على عظمته وعلو مكانته سهلاً متواضعاً، يلقى أبعد الناس وأقربهم بلا تصنّع ولا تكلّف ولم يحط نفسه بالألقاب ولا بأبهة الملك بل كان يتعامل مع الأمة كفرد منها، يعيش مشاكل الضعفاء ويتودد للفقراء ويعظم أهل التقوى من الناس.
ومن تواضعه(ع) مقابلته لمن يلقاه بالبشر وطلاقة المحيا والابتسامة الحلوة وبشر الوجه، إلغاءً منه للحواجز والرسميات بين القيادة والأمة . ومن تواضعه (ع) أنه خرج يوماً على أصحابه، وهو راكب فمشوا خلفه، فالتفت إليهم فقال: ألكم حاجة؟ قالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنا نحب أن نمشي معك.
فقال لهم: انصرفوا فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي.
ومن تواضعه الجم أكله خبز الشعير واللبن، ولبسه أبسط أنواع اللباس، وترقيعه لثوبه البالي، وبساطته في مسكنه، ووقوفه بين يدي القاضي مع رجل من عامة الشعب الذي يضطلع الإمام(ع) بقيادته.
هكذا كان الإمام علي (ع) فهلاَ نكون من أتباعه وشيعته حقاً ؟ .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين