اليهود في عهد النبي (ص) كانوا يؤمنون أول النهار ويكفرون في آخره ..!(52)
- المجموعة: لبيك يا رسول الله2
- 17 تشرين1/أكتوير 2013
- اسرة التحرير
- الزيارات: 3091
اليهود في مواجهة الإسلام (1) - (52)
قلنا في المقال السابق إن اليهود كانوا ولا يزالون أشدَّ الناس عداوة وحقداً على الإسلام والمسلمين، وقد كفروا بالنبي (ص) ولم يؤمنوا بالإسلام بل وقفوا في مواجهة هذا الدين من أول يومٍ ظهر فيه على الرُغم من كل الحقائق التي كانوا يعرفونها ويروجون لها عن الإسلام قبل مبعث النبي استناداً إلى ما بشرت به توراتُهم وكتُبُهم.
وقلنا إن مصالحَهُمُ الشخصية ومنافعَهُمُ المادية، وحسدَهم للعرب أن يكون النبيُ منهم وليس من بني إسرائيل، وفقدانَهم لامتيازاتهم وادعاءاتِهم بالتفوق وغيرَ ذلك كان من جملة الأسباب والعوامل التي جعلت هؤلاء يرفضون الإسلام ويحاربونه ويواجهونه بكل قوة من أجل إسقاطه والقضاءِ عليه.وفي هذا المقال نتحدثَ عن أساليبهم ومحاولاتهم في مواجهة الإسلام والمدِ الإسلامي خاصة في عهد النبي (ص) حتى لا نخرج عن الإطار التاريخي المرسوم لهذه المقالات..
فقد حاول اليهودُ مواجهة الإسلام والمدِّ الإسلامي بكل ما لديهم من قوة عبر الأساليب والممارساتِ العدوانية الحاقدة التالية:
أولاً: بثُ الشكوك في الإسلام وتشكيكُ البسطاء وضعافِ النفوس بعقيدتهم وإيمانهم. فقد عَمَدَ اليهودٌ إلى إضعاف الإيمان في نفوس المسلمين وزعزعةِ ثقتهم وقناعتهم بالإسلام، وذلك بإثارة الشكوك في قلوبهم وتلقينِهِم أن ما في الإسلام من مبادىءَ وأحكام إنما هو تحريفٌ لبعض ما جاء في التوراة، وأن في القرآن الكريم تناقضاً وتضارباً بين آياته وغيرَ ذلك من شبهات. وقد ذكر القرآنُ محاولاتِ اليهود في صد المسلمين عن الإسلام والايمان بقوله تعالى: {ودَّتْ طائفةٌ من أهل الكتاب لو يُضِلُّونَكُم وما يُضِلُّونَ إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهلَ الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون} آل عمران/69 – 70.
ومعنى الآية: إن طائفةً من اليهود أحبت أن توقعَكم في الضلالة بإلقاء الشبهات التي تزعزع قناعَتَكم بعقيدتكم ولكنهم حين يريدون إضلالكم ببث الشكوك وإثارةِ الشبهات إنما ينصرفون عن النظر في طرق الهداية التي جاء بها محمدٌ (ص) فيكونُ ذلك داعياً إلى ضلالهم غيرَ شاعرين بهذا الضلال الذي يقعون به. وتقول الآية لهم: لم تكفرون أيها اليهود بما ترونه من البراهين والأدلة الواضحة الدالة على نبوة محمد (ص) وأنتم تشهدون بصِحتها كما جاء في كتبكم من صفاته وملامحه والبشارةِ به؟. وقد ذكر المؤرخون شاهداً على محاولات اليهود التشكيكية: أنهم بعد معركة أحد، استغلوا انكسارَ المسلمين في هذه المعركة لزعزعة ثقتِهِم بالنبي (ص) وتشكيكِ الناس بصدقه، فكانوا يَدْعُونَ شبان المسلمين إلى بيوتهم ويقدمون لهم الخمورَ ويغرونهم بفتياتهم من أجل إفساد الشباب وإبعادِهم عن دينهم وتشكيكِهِم بالقران ونبوة الرسول(ص) تماماً كما يفعلُ أحفادُهُم الاسرائيليون اليوم في كثير من البلدان من أجل تجنيد الشبابِ المسلمين ليكونوا جواسيسَ لهم وعملاءَ لصالحهم.
النبي(ص) يحمي المسلمين من شباك اليهود :
وقد أحسَّ النبيُ (ص) بهذا التدبير الرهيب فنهى المسلمين عن مجالس اللهو، وشدَّدَ التحذيرَ من تعاطي الخمر والزنا والقمار وأكلِ لحم الخنزير، فامتنع المسلمون عن الذهاب إلى بيوت اليهود التي فتحوها لهذه الغاية لئلا يقعوا في مصيدتهم. ومن مؤامرات اليهود لتشكيك المسلمين في دينهم ما ذكره القرآنُ أيضاً: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أُنْزِلَ على الذين آمنوا وجهَ النهارِ وأكفروا آخرَهُ لعلهم يَرجِعون} آل عمران/72.
فقد جاء في سبب نزول هذه الآية أن جماعةً من يهود خيبر وغيرِها وضعوا خطة لزعزعة إيمان بعض المسلمين، فتعاهدوا فيما بينهم أن يصبحوا عند رسول الله (ص) ويتظاهروا بالإيمان واعتناق الإسلام، ثم عند المساء يرتدون عن إسلامهم، فإذا سُئلوا لماذا فعلوا ذلك؟ يقولون: لقد راقبنا أخلاقَ محمدٍ وسلوكَه عن قُرب ثم عندما رَجَعنَا إلى كتبنا وإلى أحبارنا وعلمائِنا وجدنَا أن ما رأيناه من صفات محمدٍ وسلوكِهِ لا ينسجمُ مع ما هو موجودٌ في كتبنا ولذلك ارتددنا عن الإيمان والإسلام، وكانوا يقدِّرُونَ أن هذا الأسلوبَ سيدفعُ بعضَ المسلمين الى الارتداد والرجوع عن إسلامهم لأنهم سيقولون إن هؤلاءِ قد رَجَعوا إلى كتبهم السماوية التي هم أعلمُ منا بها، إذاً مؤكدٌ أن ما يقولُونَه صحيح، وبهذا تتزعزعُ عقيدتُهُم وقناعاتُهُم.
ولا شك في أن مثلَ هذه المؤامرة كانت ستؤثرُ في نفوس ضعفاء الإيمان، وخاصةً أن أولئك اليهود كانوا من الأحبار والعلماء، وكان الجميع يعرفون عنهم أنهم عالمون بالكتب السماوية وبعلامات خاتمِ الأنبياء وصفاته، فإيمانُهُم بالإسلام أولَ النهار ثم كُفرُهُم به آخرَ النهار كان قادراً على أن يُزلزلَ إيمانَ المسلمين الجديد.
ويوضحُ القرآنُ في موضع آخر سبب حرص اليهود على بث الشكوك في الإسلام وإضلالِ المسلمين فيذكرُ أنه الحسد! الحسدُ من دعوة الإسلام التي عَرَفُوا أنها الحق وأنها بدأت تُؤتي ثمارَها ونتائجَهَا وتُؤثرُ في قلوب الناس وعقولهم، فألفت بين قلوبهم، وبدأت تنهضُ بهم وترفعُ شأنَهم وتوسعُ من نفوذهم. قال تعالى: {ودَّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّنَ لهُمُ الحق فاعْفُوْا واصْفَحُوا حتى يأتيَ اللهُ بأمره إن الله على كل شيء قدير} البقرة/109.
القرآن يأمر المسلمين بالصفح الجميل:
ولكن أمام هذه المحاولاتِ الدنيئة يظهرُ سُمُوُّ القرآن فهو كتابُ السلام والمسامحة، فيأمرُ المسلمين بالعفو والصَفْحِ في آخر هذه الآية فيقول تعالى {فاعفوا واصْفَحُوا حتى يأتي الله بأمره} وفي هذا النص القرآني أيضاً وعدٌ إلهيٌ بالمساعدة والعونِ والتأييدِ وحسنِ العاقبة للمسلمين.
وهذا الوعدُ الإلهيُ تحققَ بعد فترة قصيرة عندما استطاع المسلمون، بإرادتهم القوية وعزمِهِم الراسخ وجهادِهِم الدائم القضاءَ على اليهود المتآمرين في شبه الجزيرة العربية وطَرْدَهُمْ من المِنْطَقَة بعد معاركَ طاحنةٍ مع بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ويهودِ خيبر وغيرِهم من يهود المنطقة.
الشيخ علي دعموش