الصفحة الرئيسية
الغدير وأهمية الإمامة
- 25 تشرين1/أكتوير 2013
- الزيارات: 2726
ان معرفة الإمامة والإمام الحق وتحديد الموقف منه هو الذي يحدد مسار الإنسان واتجاهه في الحياة. وعلى أساس هذه المعرفة والاعتراف يتحدد مصير الإنسان ومستقبله فيكون سعيداً أو شقياً فائزاً أو خاسراً في خط الإسلام الإصيل أو في متاهات الجاهلية.
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش: الارتهان للخارج لن يجدي والأداء السياسي الحالي لفريق 14 آذار سيصيب الدولة بأضرار جسيمة.
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن النهاية السعيدة لملف المخطوفين في أعزاز ما كانت لتتحقق لولا الجهود الكبيرة التي بذلت من بعض الأطراف والجهات في الدولة, وفي مقدمها حزب الله وسماحة الأمين العام حفظه الله الذي عمل على خط تذليل العقبات التي كادت تطيح بكل العملية في الوقت القاتل.. وفي اللحظات الأخيرة.
وقال: إن المساعي والجهود المضنية التي قام بها حزب الله في هذا الملف لم تأخذ حيزاً في الإعلام, وبقيت كل هذه المساعي والجهود خارج الضوء وخارج الإعلام.. لأن ما يهمنا هو الوصول إلى النتائج الطيبة والسعيدة والإفراج عن المخطوفين المظلومين وليس الاستثمار السياسي أو السعي لتحقيق مكسب سياسي.
وأشار: الى أن الخاطفين لم يحققوا أياً من أهدافهم ولم يحصلوا سوى على الخيبة والخزي والحسرات, معتبراً: أن الدول التي ترعى وتدعم الإرهابيين والمجرمين في سوريا وخاصة بعض الدول الخليجية هي من يتحمل مسؤولية الجرائم التي يرتكبها هؤلاء بحق الأبرياء من النساء والرجال والأطفال..
ولفت: الى أن من يعطل الحل السياسي في سوريا ويعرقل عقد مؤتمر جنيف (2) ويسلح ويمول المجموعات الإرهابية ويلعب اللعبة المذهبية في المنطقة هو أساس المشكلة ومسؤول عن كل ما يجري في لبنان والمنطقة..
ورأى: أن الارتهان للخارج لن يجدي فهو لم ينفع المراهنين في السابق ولن ينفعهم اليوم ولا في المستقبل, مؤكداً: أن الارتهان للمصالح الوطنية وحده هو الذي ينفع, وعلى فريق 14 آذار أن يتنبه إلى أن أدائه السياسي الحالي سيصيب الدولة ومؤسساتها بأضرار جسيمة ولن يكون هناك حل في نهاية المطاف إلا بتشكيل حكومة جامعة يرتكز بيانها الوزاري على الثوابت الوطنية, وفي مقدمها المقاومة التي اعتمدتها وكرستها كل حكومات ما بعد الطائف..
نص الخطبة
عيد الغدير هو عيد إسلامي كبير بل هو من اعظم أعياد المسلمين.
وكلمة غدير أو حديث الغدير هو إشارة إلى حادثة تاريخية وقعت في السنة الأخيرة من حياة الرسول الأكرم محمد بن عبد الله (ص) وبالذات في الأشهر الأخيرة منها, حيث إن النبي (ص) حج حجته المعروفة بحجة الوداع, وهي الحجة الوحيدة للنبي (ص) فهي الأولى والأخيرة, فلما أنهى مناسكه وأتم الحج عاد إلى المدينة ومعه حشد كبير يُعد بعشرات الألوف من المسلمين، فلما وصل إلى مكان يقال له (غدير خم) في منطقة الجحفة التي هي بمثابة مفترق تتشعب منه طرق المصريين وأهل المدينة والعراقيين وأهل بلاد الشام, نزل جبرئيل على النبي (ص) في ذلك المكان في يوم الخميس في الثامن عشر من شهر ذي الحجة في السنة العاشرة هجرية بقوله تعالى: [يا أيها الرسول بلِّغ ما أُنزل إليك من ربك] حيث أمره الله سبحانه أن ينصِّب علياً (ع) إماماً للأمة ويبلغهم أمر الله سبحانه فيه.
فأمر الرسول (ص) برد من تقدم من الناس وحجز من تأخر منهم في ذلك المكان, ثم صلى بهم الظهر وبعد إتمام الصلاة خطب بهم وكان الطقس حاراً جداً, وأعلن وهو آخذ بيد علي (ع): أن علياً أميرُ المؤمنين وإمامُهم ووليُهم كولاية رسول الله (ص) لهم حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه (قال هذه الجملة ثلاث أو أربع مرات) اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه, وأحب من أحبه, وابغض من أبغضه, وانصر من نصره، واخذل من خذله، فنزلت الآية الكريمة: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا].
ثم بدأ الصحابة وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر يهنئون أمير المؤمنين (ع) بهذا المنصب.
هذا عرض موجز عن هذه القضية وما جرى في غدير خم في ذلك اليوم التاريخي.
ونحن نريد في هذه المناسبة أن نقف على بعض دلالات ومضامين هذا الحدث وهذه القضية لنبين عدة أمور:
الأمر الأول: أن النصوص والمواقف الثابتة والصحيحة الدالة على إمامة علي أمير المؤمنين (ع) الصادرة عن شخص النبي (ص) كثيرة جداً, ومن يراجع كتب الحديث والتاريخ يجدها طافحة بهذه النصوص والمواقف، فالنبي (ص) لم يوفر جهداً أو فرصة منذ بداية الدعوة وإلى لحظة وفاته إلا وأكد فيها على هذا الأمر وهذه القضية، قضية إمامة علي (ع).
وقد استخدم في تأكيد وتثبيت هذه القضية قضية الإمامة لعلي (ع) مختلف الطرق والأساليب التعبيرية فعلاً وقولاً, تصريحاً وتلويحاً وتلميحاً وغير ذلك.
وقد تُوّجت جميع جهود النبي (ص) المتواصلة في تثبيت إمامة علي (ع) باحتفال جماهيري حاشد وعام في غدير خم نصَّب فيه النبي (ص) رسمياً علياً (ع) إماما ًوولياً على الأمة, وأخذ البيعة له فعلاً من عشرات الألوف من المسلمين الذين يرون نبيهم للمرة الأخيرة.
إذن: حديث الغدير وما جرى في غدير خم لم يكن هو الموقف الوحيد الذي يصدر من النبي (ص) فيما يتعلق بإمامة علي (ع) وإنما كان هذا الموقف تتويجاً رسمياً لسلسلة طويلة من المواقف والتصريحات والأحاديث التي أشار فيها النبي (ص) إلى إمامة علي (ع) خلال ثلاث وعشرين سنة من عمر الدعوة والرسالة.
الأمر الثاني: إن قضية الإمامة ليست مجرد قضية خلافة وحكم وسلطة, ولا هي قضية أن يحكم هذا أو أن يحكم ذاك لمدة محدودة وينتهي الأمر, وإنما قضية الإمامة هي أهم وأخطر وأعظم من مجرد قضية حكم وسلطة, إنها قضية الإيمان والإنسان.
إن معرفة قضية الإمامة وتحديد الموقف منها ومعرفة الإمام الحق وتحديد الموقف منه هو الذي يحدد مسار الإنسان واتجاه الإنسان في هذه الحياة، وعلى أساس هذه المعرفة والاعتراف يتحدد مصير الإنسان ومستقبله, فيكون سعيداً أو شقياً في خط الإسلام الأصيل أو في متاهات الجاهلية.
ففي الحديث الشريف: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
فالإمامة هي التي تقدم للإنسان الأسوة والقدوة التي ينبغي أن يقتدي بها في حياته, القدوة في الإيمان والأخلاق والسلوك وطريقة التعامل مع الآخرين, والإمامة هي التي تبين للإنسان الحق من الباطل, والحسن من القبيح, والضار من النافع, ومن الإمام يأخذ الإنسان معالم الدين وتفسير القرآن والمبادئ والعقائد والمعارف الصحيحة.
إذن: فالغدير وتعيين الإمام للناس وتعريف الناس بالإمام والقائد والولي ليس مجرد تنصيب لحاكم أو سلطان, كما أنه ليس حدثاً عابراً فرضته بعض الظروف لينتهي بانتهاء تلك الظروف وليصبح مجرد حدث من أحداث التاريخ الماضي لا أثر له في الحياة والواقع.. بل الإمامة هي حدث يمس الإنسان ومصيره ومستقبله ودينه ودنياه وآخرته, ولذلك فلا بد من حسم الموقف في هذا الأمر ومعرفة الإمام الذي يأخذ الإنسان منه معالم دينه ليكون على بصيرة من أمره حتى لا يموت ميتة جاهلية.
ولذلك فإن الله تعالى اعتبر عدم إبلاغ الإمامة للناس يساوي عدم إبلاغ الرسالة نفسها من الأساس [وإن لم تفعل فما بلغت رسالته].
الأمر الثالث: قد يسأل بعض الناس انه كيف يمكن أن نصدق أن يُقدم عشرات الألوف من الصحابة الذين كانوا مع النبي (ص) في غدير خم على مخالفة قرار النبي (ص) في أمر الإمامة والخلافة، وهم أصحابه الذين رباهم على التقوى والورع وقد مدحهم الله بقوله تعالى: [محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل] فهل يعقل أن يخالف كل هؤلاء قرار النبي (ص) في حق علي (ع) وهم الذين ضحوا في سبيل هذا الدين وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم؟!
والجواب: إن الصحابة الذين حجوا مع النبي (ص) وشهدوا الغدير وإن كانوا يعدون بعشرات الألوف ولكن لم يكن هؤلاء جميعاً من سكان المدينة ولا عاشوا مع النبي (ص) فترات طويلة تسمح له بتربيتهم وتعريفهم أحكام الإسلام, بل كان أكثرهم من بلاد أخرى بعيدة عن المدينة وقد رأوا النبي(ص) هذه المرة فقط، ولعل معظمهم أسلم بعد فتح مكة ولم يعرف من الإسلام إلا اسمه, وقد تفرق هؤلاء بعد الغدير مباشرة وذهب كل منهم إلى أهله وبلاده ولم يبق مع رسول الله (ص) إلا القليل, ربما بضعة مئات ممن كان يسكن المدينة، وهؤلاء القليل.. وفيهم العديد من الخدم والعبيد والمنافقين وجماعات أخرى من أهل المدينة نفسها لا يملكون وعياً للدين وأحكامه ومفاهيمه وسياساته, وكان هؤلاء مشغولين بمزارعهم وتجاراتهم وما كانوا يبالون بشيء آخر.
ومن كان في ساحة الصراع وفي قلب العمل السياسي في المدينة هم المنافقون من قريش وغيرها وأهل الطموحات, فكان هؤلاء بالذات هم من يدبر الأمور ويوجهها بالاتجاه الذي يصب في مصلحتهم وهيمنتهم, ويحركون الجماهير بالاتجاه الذي يخدم مصالحهم بما لديهم من خبرة سياسية طويلة.
أما الأخيار الواعون من الصحابة فكانوا قلة قليلة وليسوا مؤثرين, والآخرون أصحاب النفوذ هم الذين كانوا يقودون التيار والرأي العام وقد تمكن هؤلاء من حرف الخلافة بعد رسول الله (ص) عن أصحابها الشرعيين في لحظة غفلة الأمة..
وهذا يشبه ما يحصل اليوم بالنسبة إلى بعض الأحداث التي تحصل في منطقتنا فأصحاب النفوذ والقوى الاستكبارية والقوى الكبرى وأجهزة مخابراتها ووسائلها الإعلامية تزور الوقائع وتقلب الحقائق وتأخذ الرأي العام وتؤثر فيه وتقوده بالاتجاه الذي يخدم مصالحها وهيمنتها في المنطقة.
ألم يحصل هذا بالنسبة إلى المقاومة في لبنان عندما يتم تقديم المقاومة للرأي العام على أنها إرهاب؟ وأن مجاهديها مجموعة إرهابيين؟ أو أن إيران مثلاً تقود محور الشر في المنطقة وأنها دولة تدعم الإرهاب وتريد الاعتداء على جيرانها؟.
هذا يحصل اليوم, ولكن بالرغم من كل محاولاتهم لتشويه الحقائق وتزوير التاريخ, وبالرغم من كل مكرهم وخدعهم ومخططاتهم لن يستطيعوا إخفاء الحق ولا الوقوف في وجه الإرادة الإلهية وإرادة المجاهدين والأحرار والشرفاء.
لقد شهدنا في الأسبوع الماضي نهاية سعيدة لملف إنساني أقلق اللبنانيين على مدى سنة ونصف هو ملف المخطوفين التسعة في أعزاز, حيث منَّ الله عليهم بالفرج وعادوا إلى وطنهم وأهلهم سالمين..
وما كانت لتتحقق هذه النهاية السعيدة لهذا الملف لولا الجهود الكبيرة التي بذلت من بعض الأطراف والجهات في الدولة, وفي مقدمها حزب الله وسماحة الأمين العام حفظه الله الذي عمل على خط تذليل العقبات التي كادت تطيح بكل العملية في الوقت القاتل.. وفي اللحظات الأخيرة.
المساعي والجهود المضنية التي قام بها حزب الله في هذا الملف لم تأخذ حيزاً في الإعلام, وبقيت كل هذه المساعي والجهود خارج الضوء وخارج الإعلام.. لأن ما يهمنا هو الوصول إلى النتائج الطيبة والسعيدة والإفراج عن المخطوفين المظلومين وليس الاستثمار السياسي أو السعي لتحقيق مكسب سياسي.
وفي كل الأحوال فإن هذا الملف طوي ولم يحقق الخاطفون أياً من أهدافهم, لم يحصلوا سوى على الخيبة والخزي والحسرات وقد رأيناهم كيف تهاووا في خلافاتهم وصراعاتهم.. تماماً كما هي نهاية كل الظالمين والمجرمين عبر التاريخ..
إن الدول التي ترعى وتدعم هؤلاء الإرهابيين والمجرمين في سوريا وخاصة بعض الدول الخليجية هي من يتحمل مسؤولية الجرائم التي يرتكبها هؤلاء بحق الأبرياء من النساء والرجال والأطفال..
إن من يعطل الحل السياسي في سوريا ويعرقل عقد مؤتمر جنيف (2) ويسلح ويمول المجموعات الإرهابية ويلعب اللعبة المذهبية في المنطقة هو أساس المشكلة ومسؤول عن كل ما يجري في لبنان والمنطقة..
إن من يعطل المؤسسات الدستورية في لبنان ويجمد تشكيل الحكومة ويؤجل الحوار بانتظار متغيرات في سوريا هو نفس الفريق الذي يرتبط بهذه الدولة الخليجية ويرهن سياساته بسياساتها, لأن هذه الدولة تأمل أن تنقلب المعادلة في سوريا لمصلحتها وعندها تستطيع أن تتحكم كما تعتقد بحكومة تناسبها وتناسب حلفائها في لبنان.
إن الارتهان للخارج لن يجدي, فهو لم ينفعكم في السابق ولن ينفعكم اليوم ولا في المستقبل.
الارتهان للمصالح الوطنية وحده هو الذي ينفع, وعلى فريق 14 آذار أن يتنبه إلى أن أدائه السياسي الحالي سيصيب الدولة ومؤسساتها بأضرار جسيمة ولن يكون هناك حل في نهاية المطاف إلا بتشكيل حكومة جامعة يرتكز بيانها الوزاري على الثوابت الوطنية, وفي مقدمها المقاومة التي اعتمدتها وكرستها كل حكومات ما بعد الطائف..
والحمد لله رب العالمين