الصفحة الرئيسية
كيف تنمي بذور الإيمان داخل أسرتك
- 18 تشرين1/أكتوير 2013
- الزيارات: 1874
على الوالدين أن يعلما أولادهما الأخلاق والآداب الاجتماعية، ففي الحديث عن الرسول الأكرم (ص): أكرموا أولادكم وحسنوا آدابهم يغفر لكم. ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية نقل التجارب إلى الشباب
خلاصة الخطبة
الشيخ دعموش: العدو الأساسي والحقيقي اليوم يتمثل في محور الاستكبار الذي تقوده أمريكا وإسرائيل.
اعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الوسائل الإعلامية التي تنفخ في نار الفتنة بين السنّة والشيعة, والتي تحرض المسلمين على بعضهم, والتي تقلب الحقائق, وتُصور أن الذي يجري في المنطقة ليس صراعاً سياسياً وإنما صراع مذهبي وفئوي, ترتكب خطيئة كبرى.
وقال: إن كل قول أو عمل يؤدي إلى إثارة الفتنة والإختلاف بين المسلمين, أو يسيئ إلى مقدسات ورموز أي مذهب إسلامي, أو يؤدي إلى تكفير أحد المذاهب الإسلامية هو خدمة مباشرة لأمريكا وإسرائيل وخيانة عظيمة للإسلام.
ولفت: الى أن العدو الأساسي والحقيقي اليوم يتمثل في محور الاستكبار الذي تقوده أمريكا وإسرائيل, وعندما نعرف العدو يجب أن نعرف أدواته وأذنابه والمرتبطين به والمتحالفين معه.
ورأى: أن الدول الاستكبارية وفي مقدمها أمريكا تحاول عبر وسائلها الإعلامية الواسعة والمتطورة إخفاء وجهها الحقيقي.. تُصور أمام الرأي العام وأمام الشعوب أنها تدافع عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية والحرية! في الوقت الذي تكتوي الشعوب في هذه المنطقة كل يوم بنار فتنتهم.. متسائلاً: أين دعاة حقوق الإنسان مما يجري على الشعب الفلسطيني المظلوم منذ عشرات السنين؟ أين دعاة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان مما يجري في البحرين على الشعب البحريني الصابر والمظلوم المحروم من أبسط حقوقه؟ أين دعاة حقوق الإنسان مما يجري في ميانمار حيث يعاني المسلمون من إهمال وظلم في الوقت الذي يتم دعم أعدائهم بقوة؟.
وأكد: مسؤولية النخب والقوى السياسية والثقافية والدينية في فضح هذه الحقائق.. معتبراً ذلك واجب أخلاقي وديني وقومي على الجميع..
نص الخطبة
لا شك أن الحاجة للولد هي حاجة فطرية لكن الأهم من وجود الولد هو كونه صالحاً, لأنه يحمل اسم أهله، ويحمل الدعوات الصالحة لهم من خلال أخلاقه ودينه، ولذا ورد في الرواية عن رسول الله (ص): من سعادة الرجل الولد الصالح.
وعلى عكسه الولد غير الصالح الذي قد يشكل لوالديه مأساة كبيرة ويعرضهما للمهانة في الدنيا والسؤال في الآخرة، فعن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: ولد السوء يهدم الشرف ويشين السلف.
من هنا فإن التربية الصحيحة هي واجب شرعي أملاه حق الولد على والديه.
يقول الإمام علي بن الحسين (ع): وحق ولدك أن تعلم أنه منك مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه.
وللولد الصالح فوائد في الدنيا والآخرة:
أما في الدنيا: فهو يجلب الراحة النفسية للوالدين، قال تعالى: [والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً].
ويكون عوناً لوالديه على متاعب الحياة ومكاره الدهر, ففي الرواية عن الإمام زين العابدين (ع): إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم.
وأما في الآخرة: فالولد الصالح يجرُّ الحسنات إلى أهله بعد موتهما من خلال أعماله الخيّرة ودعائه لهما، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنّة هدى سنها فهي يُعمل بها بعد موته أو ولد صالح يدعو له.
أما العوامل المؤثرة في التربية فهي:
1 ـ الأبوان: لإن الأبوين في عيني الولد هما الأنموذج الكامل، وأول قدوة يحاول أن يقلدها، ولذا فإن الطفل ينظر إلى أفعالهما على أنها الأعمال الصحيحة، فلا يعتبر أن ما يقومان به هو أمر خاطئ بل إن معيار الصواب لديه هو نفس عمل الأبوين، ولذا فإن الأهل تقع عليهم المسؤولية تجاه الولد من عدة جهات:
أ ـ إتفاقهما واختلافهما:
هذا السلوك الخاطئ من الأهل، يجعل نفسية الولد مضطربة ومتوترة على الدوام.
ب ـ عدم التجاهر بالعادات القبيحة:
لأن الولد لو تعوّد على فعلها منذ الصغر اقتداءً بذويه فإنه وإن علم بقبحها في مرحلة وعيه، فإن من الصعب اقتلاعها حينئذ، ويتحمل الأهل مسؤولية ذلك، ولا سيما إذا كانت العادات هذه من المحرمات الشرعية. وإهمال الأبوين لدورهما التربوي يتضح في عدة صور:
الأولى: صورة اللامبالاة، فهناك آباء وأمهات ينسون أن لهم أولاداً بحاجة إلى عناية وتربية وتوجيه، فيتركون أولادهم متشردين في الطرق والأزقة، كسالى يفرون من العلم والعمل.
الثانية: وتتمثل في عدم إثابة الطفل أو تشجيعه على السلوك الطيب من جهة وعدم محاسبته على السلوك السيئ من جهة أخرى.
الثالثة: تدني موقع المهمة التربوية لدى الأم في درجة اهتماماتها:
فهي إما أن تقضي قسطاً من وقتها مع سماعة الهاتف، أو تكون جالسة أمام شاشة التلفاز، أو تصرف جلّ الوقت في زيارة جاراتها في كلام يجر كلاماً، وبذا فهي في وادٍ وأولادها في وادٍ آخر يهيمون! أو بسبب وجود انشغالات أخرى كالدراسة والاضطرار للعمل أحياناً.
رابعاً: إغفال الأب مهامه التربوية وكثرة غيابه عن البيت:
قد يتحول البيت إلى ما يشبه الفندق لدى بعض الآباء، حيث يخرجون من بيوتهم قبل أن يستيقظ أولادهم ولا يعودون إلى البيت إلا بعد أن ينام الأطفال تاركين المسؤولية على عاتق الأمهات، غافلاً عن دوره في العملية التربوية.
بعض ما ينمي بذور الإيمان والوعي الديني داخل أسرتك
أ ـ التغذية العاطفية:
وذلك بالكلام الحسن والمحب والتشجيعي مع أسرتك وبالابتعاد عن كلمات السب والذم وأسلوب الضرب لأتفه الأسباب، وبعدم التمييز بين الأولاد، في الهدايا والمعاملة، وعدم التمييز بين الجنسين، وعدم خلف الوعد معهم.
ب ـ التغذية الإيمانية:
وذلك بتعليم الصلاة تدريبه على الصوم، فعن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: علموا صبيانكم الصلاة، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم. فعن الرسول الأكرم (ص): "...ومن علمه القرآن دعي بالأبوين فيكسبان حلتين يضيء من نورهما وجوه أهل الجنة".
وتعليم الحلال والحرام والتفقه في الدين، فعن الإمام الصادق (ع) قال: الغلام يلعب سبع سنين...، ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين. وعن الإمام الكاظم (ع): لو وجدت شاباً من شباب الشيعة لا يتفقه لضربته ضربة بالسيف.
ج ـ التغذية الأخلاقية والأدبية:
على الوالدين أن يعلما أولادهما الأخلاق والآداب الاجتماعية، ففي الحديث عن الرسول الأكرم (ص): أكرموا أولادكم وحسنوا آدابهم يغفر لكم. ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية نقل التجارب إلى الشباب وأفضل نموذج يمكن أن نسلك الضوء عليه في هذا المضمار هو أمير المؤمنين (ع) وولده الإمام الحسن (ع)، فمن وصتيه له: "... فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبُّك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة.
ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية الإرشاد إلى القدوة الصحيحة لأن القدوة السيئة هي التي تجرفه إلى وديان الجهالة والإنحراف. وكثيراً ما نجد وسائل الدعاية والإعلام تحاول أن تطرح للشاب قدوات تضيّع الأهداف الحقيقية، بعيداً عن القدوة الحقيقية المتمثلة والمثال الأعلى الذي يتجلى بالرسول الأكرم وأهل البيت (ع).
ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية إرشاد الشباب إلى الفتوّة الحقيقية، فإن عنوان الفتوة والقوة وحب الاقتدار عند الشباب يكون في أعلى مستوياته. ودور الأهل في هذا المجال يتجلى في إفهام الشاب أن الفتوة الحقيقية ليست في عظمة الساعدين ولا عرض المنكبين والقوة في العراك، بل في العقل الواعي والقلب المليء بالإيمان، ففي الرواية أنه مرّ رسول الله (ص) بقوم يتشايلون حجراً، فقال: "ما هذا، وما يدعوكم إليه؟ قالوا: لنعرف أشدنا وأقوانا، قال: أفلا أدلكم على أشدكم وأقواكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر لم يتعاطَ ما ليس له بحق".
د ـ التغذية الرياضية:
ففي الحديث عن رسول الله (ص) قال: علموا أولادكم السباحة والرماية.
هـ ـ التغذية العلمية:
وأساس العلم القراءة والكتابة، وقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص): من حق الولد على والده ثلاثة يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ.
2 ـ المدرسة
المدرسة هي البيئة الثانية التي أخذ منها الطفل علومه الأولى، ولذا فإن اختيار الأهل للمدرسة الملائمة للطفل له الدور الكبير في الحفاظ على سلامته الدينية بحيث يتربى على المبادئ الصالحة التي يرغب الأبوان في أن يحملها ولدهما عند كبره، ففي وصية النبي لعلي (ع) قال: يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً.
3 ـ الأصدقاء
عن الإمام علي (ع): ليس شيء أدعى لخير، وأنجى من شر، من صحبة الإخيار.
كما أن الصديق السيئ يفسد الجيد كما تفسد الفاكهة الفاسدة الفاكهة الجيدة، ففي الحديث عن الإمام علي (ع): صحبة الأشرار تُكسب الشر، كالريح إذا مرّت بالنتن حملت نتناً.
كل ما عدا الأسرة والمدرسة والأصدقاء البيئة الاجتماعية البيئة السياسية البيئة الإعلامية.
4 المجتمع بشكل عام
الإعلام المرئي أو المسموع (تلفزيون/ انترنت/ مجلات/ جرائد/ كتب...).
اليوم البيئة الإعلامية في العالم العربي ووسائل الإعلام التي تحرض وتزور الحقائق وتقلب الوقائع ألا تُعبئ الرأي العام وتؤثر فيه وتكوِّن لديه انطباعات خاطئة عن جهات ورموز وأحداث تجري في المنطقة والعالم؟
بالتأكيد هذه الوسائل اليوم حتى على المستوى السياسي لها تأثيرها الكبير.
ولذلك فإن الوسائل الإعلامية التي تنفخ في نار الفتنة بين السنّة والشيعة, والتي تحرض المسلمين على بعضهم, والتي تقلب الحقائق, وتُصور أن الذي يجري في المنطقة ليس صراعاً سياسياً وإنما صراع مذهبي وفئوي, ترتكب خطيئة كبرى.
إن كل قول أو عمل يؤدي إلى إثارة الفتنة والإختلاف بين المسلمين, أو يسيئ إلى مقدسات ورموز أي مذهب إسلامي, أو يؤدي إلى تكفير أحد المذاهب الإسلامية هو خدمة مباشرة لأمريكا وإسرائيل وخيانة عظيمة للإسلام.
المذاهب الإسلامية ليست عدوة لبعضها يجب أن لا نخطئ في تشخيص العدو الحقيقي وأن لا نخلق أعداءً وهميين..
العدو الأساسي والحقيقي اليوم يتمثل في محور الاستكبار الذي تقوده أمريكا وإسرائيل, وعندما نعرف العدو يجب أن نعرف أدواته وأذنابه والمرتبطين به والمتحالفين معه.
يجب أن نشخص جيداً أهداف هذا العدو الحاقد وحلفائه.. وهي ايجاد التفرقة بين المسلمين, وإثارة الفتنة, وإشاعة الفساد السياسي والأخلاقي خصوصاً بين افراد الشباب.. وإثارة الشكوك في الفكر الإسلامي وفي المعتقدات الإسلامية, والضغط الاقتصادي على الشعوب.
الدول الاستكبارية وفي مقدمها أمريكا تحاول عبر وسائلها الإعلامية الواسعة والمتطورة إخفاء وجهها الحقيقي.. تُصور أمام الرأي العام وأمام الشعوب أنها تدافع عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية والحرية..
هؤلاء يدّعون أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان في الوقت الذي تكتوي الشعوب في هذه المنطقة كل يوم بنار فتنتهم..
من الذي يدعم ويساند الجماعات المسلحة التي توزع السيارات المفخخة في كل يوم في العراق وسوريا وحتى لبنان وباكستان وأفغانستان؟
أليسوا هم من يدعم هؤلاء؟ ويجاهر بتزويدهم بالسلاح ومتابعتهم بالتدريب والتمرين؟
أين دعاة حقوق الإنسان مما يجري على الشعب الفلسطيني المظلوم منذ عشرات السنين؟
أين دعاة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان مما يجري في البحرين على الشعب البحريني الصابر والمظلوم المحروم من أبسط حقوقه؟.
أين دعاة حقوق الإنسان مما يجري في ميانمار حيث يعاني المسلمون من إهمال وظلم في الوقت الذي يتم دعم أعدائهم بقوة؟.
هذه الممارسات تكفي لكشف الوجه الحقيقي لمحور أمريكا وإسرائيل وحلفائهما...
والنخب والقوى السياسية والثقافية والدينية في جميع أنحاء العالم مطالبة ومسؤولة عن فضح هذه الحقائق.. العلماء مسؤولون.. وهذا واجب أخلاقي وديني وقومي علينا جميعاً..
والحمد لله رب العالمين