المقالات
الربيون والثبات على طريق المقاومة
- المجموعة: 2015
- 22 أيار 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 551
الربيون هم المجاهدون الذين وقفوا إلى جانب الأنبياء والرسل وقاتلوا معهم، لأن كل نبي من أنبياء الله واجه أعداءاً وقفوا ضده وضد رسالته، والصراع بين الإيمان والكفر وبين الهدى والضلال هو صراع قديم وجد مع أول نبي في مواجهة أول إمام من أئمة الكفر
وأضاف: ما جرى في القلمون أيضاً أقلق الإسرائيلي الذي يراقب ما حصل ويحصل في القلمون مشيراً: الى أن هناك قلقاً إسرائيلياً من أن تقوم المقاومة الإسلامية في أية مواجهة مقبلة مع هذا العدو بعملية عسكرية في الجليل تؤدي إلى سيطرة مجاهدي المقاومة على الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة, كما أن لديه قلقاً من سيطرة المقاومة على تلال استراتيجية مرتفعة تسمح للمقاومة في أية حرب مقبلة مع الإسرائيلي باستخدامها لإطلاق الصواريخ , وقلقاً من تعاظم قدرة وخبرة حزب الله العسكرية, ومن تطور أداء المجاهدين في المقاومة الذين باتوا يجمعون ما بين عمل المقاومة وإدارة الجيوش النظامية للحروب.
ورأى: أن المقاومة في أتم جهوزيتها , ومعركة القلمون قد تفرض على العدو الصهيوني معادلات ردع جديدة ، وتزيد من صعوبات وتعقيدات أي مواجهة محتملة لهذا العدو مع المقاومة في المستقبل.
نص الخطبة
نبارك لصاحب العصر والزمان الإمام الحجة المنتظر(عج) ولولي أمر المسلمين ولعموم المسلمين والمؤمنين والموالين حلول شهر شعبان وذكرى ولادات الأنوار الثلاثة, ولادة الإمام الحسين بن علي(ع) وولادة أخيه أبي الفضل العباس(ع) وولادة إبنه الإمام علي بن الحسين زين العابدين وسيد الساجدين(ع), وذكرى الإنتصار والتحرير في الخامس والعشرين من أيار.
يقول الله تعالى: [وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين , وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين] ـ آل عمران/ 146 ـ 147.
الربيون هم المجاهدون الذين وقفوا إلى جانب الأنبياء والرسل وقاتلوا معهم، لأن كل نبي من أنبياء الله واجه أعداءاً وقفوا ضده وضد رسالته، والصراع بين الإيمان والكفر وبين الهدى والضلال هو صراع قديم وجد مع أول نبي في مواجهة أول إمام من أئمة الكفر, واستمر هذا الصراع على امتداد حركة الأنبياء, وسيستمر حتى يتسلم راية التوحيد صاحب العصر والزمان (عج) فيملأ الأرض إيماناً وقسطاً وعدلاً حتى لا تبقى أرض إلا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
إذن هذا الصراع لا يزال قائماً, ولكن في زمن الأنبياء كان يأخذ شكلاً معيناً وفي هذه المرحلة يأخذ شكلاً آخر, وإن كان جوهر الصراع واحداً وحقيقة الصراع واحدة, فالصراع هو الصراع والمعركة هي المعركة.
اليوم أمتنا تواجه عدوين: الأول: العدو الصهيوني الذي احتل الأرض والمقدسات والثاني: العدو التكفيري الذي يستبيح دم الأبرياء باسم الاسلام ويقتل ويذبح ويدمر دول المنطقة.
وفي مواجهة هذين العدوين لا بد من وجود شريحة تواجه وتقاتل بإخلاص وصدق وتمنع الأعداء من تحقيق أهدافهم, وبالتالي تحمي العباد والبلاد من شرورهم.. وهؤلاء هم الربيون الذين استجابوا لنداء الجهاد وانخرطوا في صفوف التعبئة الجهادية وتحملوا مسؤلياتهم في هذا الصراع مع كل الأنبياء عبر التاريخ.
وهؤلاء الربيون لهم مواصفات وخصائص وميزات:
منها: أنهم عندما يتعرضون للمصائب والآلام والعذابات في طريق الجهاد والمقاومة لا يصابون بالوهن والعجز وإنما يتحملون المصاعب والمشاق مهما كانت قاسية.
ففي ميادين الجهاد والمقاومة يواجه المجاهدون القتل والجرح والكثير من الصعوبات والظروف القاسية، كما أن المجتمع يواجه الكثير من المصائب والعذابات والآلام في ظروف الحرب, فيعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، كما يعاني من الخراب وانتشار الأمراض وحالات الفقر والتهجير وفقدان الأحبة, الأمر الذي يؤدي إلى الكثير من المآسي والنتائج السلبية والضغوط النفسية.
ويمكن أن يتحمل الناس هذه الظروف القاسية بحدود معينة، ويصبرون عليها إلى مدة معينة، لكن إذا طالت الحرب وانتقل الناس والمجاهدون من أزمة إلى أزمة ومن مواجهة إلى مواجهة ومن معركة إلى معركة، فإنها قد تضعف الإرادات، ويبدأ الناس بالتأفف من الأوضاع ويشعرون بالتعب والملل وفقدان القدرة على الصمود والثبات في مواجهة العدو، وقد يؤدي ذلك إلى الخضوع والاستسلام للعدو.
لكن القرآن الكريم يصف المجاهدين (الربيون) الذين يقاتلون على خط الأنبياء بأنهم أقوياء في كل الظروف، فمهما كانت الظروف قاسية والأوضاع صعبة , ومهما كان حجم التضحيات التي يقدمونها كبيراً ,والآلام والمصائب التي يواجهونها قاسية, فإنهم لا يصابون بالضعف أو الوهن والعجز أو الاستسلام، وإنما يتحملون كل ذلك ويواصلون الطريق بكل ثبات وقوة.
يقول تعالى:(وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)
فهؤلاء لم يضعفوا ولم يستسلموا بالرغم من كل ما أصابهم في سبيل الله وفي طريق الجهاد والمقاومة,وانما ثبتوا وصبروا, ولذلك فإن الله أحبهم وأحاطهم برعايته ومنحهم هذا الوسام وهو الحب الإلهي الذي لا يُعطى الا للمجاهدين الذين صبروا في المواجهات وثبتوا على طريق الحق بالرغم من قسوة المعركة.
المجاهدون في المقاومة الإسلامية وأهلهم وشعبهم لم يضعفوا ولم ينكفؤا ولم يتخلو عن خيار المقاومة في مواجهة الإرهاب الصهيوني, لا قبل العام 2000 ولا بعد العام 2000 بالرغم مما واجهوه من اعتداءات وحشية خلال تلك المراحل.
ففي تموز العام1993 شن الإسرائيلي عدواناً على لبنان وصمد أهلنا وثبتوا وواجهوا العدوان وأفشلوه، وفي نيسان 1996 شن العدو حرباً جديدة على المقاومة ولبنان وصبر أهلنا وواجهوا العدوان وفرضوا على العالم أن يعترف بشرعية المقاومة وبحق لبنان في مقاومة الإحتلال..
لقد ثبت أهلنا في كل مراحل العدوان، وبفعل ثباتهم وصبرهم وصمودهم وإصرارهم على مواصلة طريق المقاومة ضد الاحتلال استطاعوا أن ينجزوا انتصاراً تاريخياً مدوياً في 25 أيار من العام 2000 ويفرضوا على المحتل الانسحاب من جزء كبير من أرضنا.
ومن الصفات أيضاً لل(ربيون): هي أنهم دائماً يتطلعون الى رحمة الله وعفوه ويطلبون من الله المغفرة لذنوبهم وأخطائهم وهفواتهم , فالمجاهدون ليسوا معصومين , وهم بالرغم من روحيتهم العالية واستبسالهم في سبيل الله الا انهم بشر كبقية البشر قد تصدرمنهم أخطاء وهفوات ويقعون في الحرام والمعصية في لحظة ضعف أو أمام ضغوط الشهوات .. والفرق بين المجاهدين وغيرهم ان المجاهدين عندما يرتكبون سيئة او معصية يعودون الى الله ويطلبون منه العفو والمغفرة لذنوبهم واسرافهم في امرهم. وفي ذلك يقول تعالى: (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا).
هؤلاء الربيون وأمثالهم من المجاهدين الأبطال هم الذين صنعوا الانتصار على العدو الصهيوني في 25 أيار من العام 2000 , وهم الذين يصنعون الإنجازات والانتصارات اليوم في القلمون في مواجهة العدو التكفيري، فالمجاهدون في المقاومة الإسلامية يستكملون للاسبوع الثاني على التوالي تقدمهم في منطقة القلمون طاردين المجموعات التكفيرية الإرهابية باتجاه جرود عرسال.
ما حصل في القلمون أحرج فريق 14 آذار, وخيب آمالهم, وفضح تعاطفهم النفسي والإعلامي والسياسي مع الجماعات الإرهابية الموجودة هناك وعلى رأسها جبهة النصرة، والآن انتقلوا إلى مرحلة القلق على عرسال وعلى جماعاتهم اللاجئة هناك.
وما زاد من قلقهم إعلان سماحة الأمين العام (حفظه الله) أن المعركة مفتوحة في الزمان والمكان والمراحل, وأن المقاومة وأهل البقاع لن تمنعهم خطوط حمر من تحقيق هدف إخراج الإرهابيين من جرود البقاع, ليأمن أهلنا وليأمن لبنان.
ما جرى في القلمون أيضاً أقلق الإسرائيلي الذي يراقب ما حصل ويحصل في القلمون تماماً كما راقب ما حصل من قبل في القصير عام 2013.
وهناك موارد عديدة تشكل قلقاً للإسرائيلي:
1 ـ هناك قلق إسرائيلي من أن تقوم المقاومة الإسلامية في أية مواجهة مقبلة مع هذا العدو بعملية عسكرية في الجليل تؤدي إلى سيطرة مجاهدي المقاومة على الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة, فالجغرافيا في القلمون أصعب بكثير من جغرافيا الجليل ومع ذلك تحرك المجاهدون في تلك الجرود الصعبة بقوة ووصلوا إلى أعلى القمم بأقل الخسائر الممكنة..
2 ـ هناك قلق إسرائيلي أيضاً من سيطرة المقاومة على تلال استراتيجية مرتفعة تسمح للمقاومة في أية حرب مقبلة مع الإسرائيلي باستخدامها لإطلاق الصواريخ أو للقيام بعمليات تنصت على قواته أو ما شاكل ذلك.
3 ـ وهناك قلق إسرائيلي من تعاظم قدرة وخبرة حزب الله العسكرية, ومن تطور أداء المجاهدين في المقاومة الذين باتوا يجمعون ما بين عمل المقاومة وإدارة الجيوش النظامية للحروب, مما يفرض على الإسرائيلي أن يعدل في كثير من خططه وأن يأخذ هذا التطور بعين الاعتبار.
هذه هي مناشىء وموارد القلق الإسرائيلي.. ونحن نقول من حق الإسرائيلي أن يقلق ويخاف ويخشى قوة المقاومة لأن المقاومة في أتم جهوزيتها, ومعركة القلمون قد تفرض على العدو الصهيوني معادلات ردع جديدة ، وتزيد من صعوبات وتعقيدات أي مواجهة محتملة لهذا العدو مع المقاومة في المستقبل.
والحمد لله رب العالمين