المقالات
محاضرة في ذكرى استشهاد السيد عباس الموسوي القيت في قاعة المنتدى اللبناني في قم المشرفة
- المجموعة: محاضرات
- 16 آذار/مارس 2004
- اسرة التحرير
- الزيارات: 4785
إننا نجتمع اليوم لنحيي مجموعة من المناسبات التي تجمعها حقيقة واحدة، لنحيي ذكرى انتصار الإسلام والثورة الإسلامية المباركة بقيادة إمامنا وقائدنا وملهمنا وهادينا الإمام روح الله الموسوي الخميني (قده) وفي رحاب الثورة التي حققت حلم وآمال وتطلعات الأنبياء والأوصياء والعلماء والمجاهدين والصالحين.
بسم الله الرحمن الرحيم
نلتقي اليوم في الذكرى السنوية لأميننا العام وقائدنا وسيدنا سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي وزوجته السيدة الفاضلة الشهيدة أم ياسر وطفله الشاهد الشهيد حسين الذين سقطوا في اليوم نفسه الذي سقط فيه شيخ الشهداء الشيخ راغب حرب على هذا الطريق، ليسجل وليثبت للأجيال والتاريخ بدمائه الذكية، إن الموقف سلاح والمصافحة اعتراف.
نلتقي في اسبوع المقاومة الإسلامية المجاهدة والهادرة، مقاومة الشهداء والاستشهاديين والجرحى والأسرى.
إن الثورة الإسلامية والمقاومة الإسلامية والإمام الخميني (قده) والسيد عباس والشيخ راغب كلها عناوين لحقيقة واحدة ومسمى واحد، وهي تختزن وتختصر قضية وتاريخ هذه الأمة ومستقبلها.
تجمعنا هنا عباءة السيد عباس وروحه الطاهرة، وذكراه العطرة التي باتت جزءاً من كياننا وحياتنا ووجودنا، نستذكره ونقف معه وفي رحابه لنتعلم دروساً في مدرسته الخالدة، لنتعلم منه كيف نحمل المسؤولية بإخلاص، وكيف نضحي بالغالي والنفيس ونسهر ونتعب ونذرف الدمع وننزف دماً، كيف نتحمل الألم ونصر ونتابع ونجاهد، وكيف نحب ونتواضع، كيف نقاوم عدونا، وكيف نخدم أهلنا بأشفار العيون.
من السيد عباس نتعلم التواضع، نتعلم الحب والحنان والرحمة وفي الوقت نفسه نتعلم الصلابة والقسوة والشدة بمواجهة الغزاة والطامعين والمستكبرين.
من السيد عباس تعلمنا ونتعلم كيف نواجه التحديات بالقوة والإرادة والعزم والثبات والاحتساب والتوكل، وكيف نواجه المحنة بالهدوء والتعقل.
من السيدعباس نتعلم كيف تكون الآخرة كل همنا فنسعى لها سعياً، وكيف نخلص العمل كله فلا تعني لنا الزخارف شيئاً.
من السيدعباس نتعلم كيف يكون الواحد منا ابن شعبه ووطنه وأمته كلها كما كان السيد عباس ابن البقاع والجنوب ولبنان كله ابن فلسطين والعراق وإيران وأفغانستان وكشمير. نتعلم كيف نخرج من عقليتنا الضيقة ومناطقيتنا المشدودة إلى عقل الرسالة ومنطق الإنسان وقيم الإسلام الأصيلة.
نتعلم كيف نذوب في الإمام الخميني(قده)، وفي الإمام القائد ولي أمرنا وكيف نغني ذواتنا في مسيرة الجهاد والمقاومة. فلا مكان للأنا ولا للشخص ولا للعائلة والأصحاب.
نتعلم من السيد عباس كل هذا لأن السيد عباس هو عنوان كل هذه العناوين،هو رمز كل هذه المفاهيم. وهو قمة العطاء والتضحية، والهادي على درب المقاومة، وهوالقائد الشهيد الذي يتقدم قافلة الشهداء.
لقد كان السيد عباس الاستاذ المخلص لطلابه في الحوزة العلمية التي أسسها في بعلبك. يواكبهم ويتابع تحصيلهم العلمي، وقد فرض عليهم أن يكونوا جديين جداً في أجواء يعيش فيها كثير من الطلبة حالة التساهل وعدم المسؤولية. وكان يقول لهم: يجب أن نصبح العلماء اللائقين بحمل هذه الرسالة الإلهية،والدفاع عنها في كل الواقع. كان المعلم المربي والرجل العابد، والعالم الرسالي الزاهد.
بعدما اطلت شمس الإمام الخميني (قده) على أمتنا الإسلامية وتعرف المسلمون إليه ودعاهم الشهيد الصدر إلى الذوبان في قيادته كما ذاب هو في الإسلام، أصبح الإمام الخميني (قده) يشكل للسيد عباس ولي الأمر المطاع، يفتديه بروحه، ويقبل يده عند الأعتاب، ويتعبد بإشارته،فكيف بالكلمات والأوامر، وهكذا كانت سيرة السيد عباس بعد رحيل الإمام مع سماحة الإمام القائد. فالعلاقة مع القيادة الشرعية كانت تقوم عند السيد عباس على أسس نظرية وشرعية واضحة، تترسخ في الفكر، وتتعمق في العاطفة، وتتجذر في الالتزام الدقيق ، لتنتج في نهاية المطاف أعظم شهادةٍ تحت راية وليٍ من أولياء الله ونائب من نواب الإمام الحجة (ع).
لقد أحب السيد عباس الناس وأخلص لهم. فكان مبلغاً من منبر إلى منبر ومن قرية إلى قرية، وخادماً يرعى آلامهم ويضمد جراحهم، وترابيا متواضعاً يعيش مثلهم ومعهم يتحدث بلغتهم البسيطة، الطيبة، بعيدا عن تعقيدات المصطلحات ، يقبل عليهم بالإبتسامة الطيبة ويعانقهم بالمودة الصادقة، يوقر الكبير ويحترم الصغير،ولذلك أحبه الناس وأخلصوا له، وتعلقوا به، لقداستطاع بفعل شخصيته المميزة أن يثبت خط الالتصاق العاطفي والفكري العميق بين حزب الله والأكثرية الساحقة من المستضعفين في لبنان.
وكان السيد عباس عالمي الهموم والآلام والطموح والتطلعات، يتتبع أخبار المسلمين في كل مكان ويتفاعل معها. كان يتمنى لو يمكنه أنه في كل الساحات والجبهات، كان قلبه وأمله وطموحه أكبر بكثير من حجم الإمكانات والظروف وعمر الشباب.
لقد أسس السيد عباس وإخوانه في حزب الله مقاومةٍ لله وضعت أمامها هدفاً جدياً وجعلته الأولوية ولم تساوم عليه، وهو مقاومة الإحتلال الصهيوني للأرض والمقدسات. وكان كل شيء في خدمة المقاومة، السيد عباس في خدمة المقاومة، العلماء في خدمة المقاومة، البطولات والشجاعة في خدمة المقاومة، المال في خدمة المقاومة العمل السياسي في خدمة المقاومة، التنظيم في خدمة المقاومة، الإعلام في خدمة المقاومة. والمقاومة ليست في خدمة العمل السياسي وليست في خدمة التنظيم وليست في خدمة الأشخاص وليست في خدمة المال. المقاومة في خدمة إلله من أجل تحقيق النصر، ولأن هذه المقاومة كانت لله وفي سبيله فقد انتصرت ولم يكن انتصارها انتصارا للبنان فقط، وإنما كان انتصاراً لقيمٍ ولمفاهيم ولرسالة ولأمة، هذا الانتصار قيمته بالدرجة الأولى ليس في مساحة الأرض التي تم تحريرها واستنقذاها وانما قيمته وأهميته في القيم التي تبدلت والمفاهيم التي تغيرت، والموازين والمعادلات التي انقلبت، أهمية هذا الانتصار ليس في عدد البلدات الجنوبية أو البقاعية التي عادت إلى الوطن وإنما أهميته عبر عنها منذ اليوم الأول أحد القادة الكبار المتزمتين القتلة الصهاينة إسحاق شامير عندما قال:
(إن هذا الذي يحصل الأن في لبنان ينسف كل ما عملنا من أجل تحقيقه وتكريسه وتثبيته خلال خمسين سنة، لقد قلنا للعرب خلال خمسين سنة إننا الدولة الأقوى والجيش الذي لا يهزم، وقلنا للعرب إنكم بالقوة لا تستطيعون أن تحصلوا على شيء منا، وإذا أردتم الحصول على شيء فعليكم أن تفاوضونا وعندما يأتون إلى المفاوضات سنعطيهم من كيسهم،ولكن هذا الذي حصل في لبنان بدّل كل هذه الموازين، إذ أنه يقول للعرب، إنكم بالمفاوضات لن تأخذوا شيئاً من إسرائيل وبالمقاومة تستطيعون أن تلحقوا بها الهزيمة)
هنا أهمية الانتصار الذي حصل في لبنان هزيمة كاملة للعدو، خروج مذل للعدو، بدون خضوع لبنان لأي شرط من شروط هذا العدو.
العامل الأساسي لهذا النصر الإلهي التاريخي الكبير هوما ذكره أمير المؤمنين في إحدى كلماته عندما يقول:" الحرب سجال فيوم لنا من عدونا ويوم لعدونا منا حتى إذا رأى الله صدقنا أنزل علينا النصر و بعدونا الكبت" هذه الحرب السجال التي قادنا إليها السيد عباس، وكنا نعرف أننا في حرب سجال،وسنقتل فيها ونُقتل وسنغلب فيها ونُغلب،وسنهزم فيها وننتصر، كنا نعرف أن هذه هي الحرب، ولكننا كنا نعرف النتيجة، وكنا نراها بأم العين في وجوه الشهداء وفي عيون أيتام الشهداء وفي دموع أمهات الشهداء وابتسامات أباء الشهداء، وفي عزم المجاهدين، كنا نرى النصر الذي رآه الناس جميعاً في لبنان. ليس القتال هو الذي صنع النصر، القتال كان دليلاً وشاهداً منا أمام ربنا على صدقنا، وصدقُنا هو الذي أنزل النصر، صدقنا وإخلاصنا هو الذي استجلب هذا النصر واستعجله وأعطاه هذا العمق وهذا الحجم وهذه القوة وهذه الاندفاعة.
لقد أثبت المجاهدون والمقاومون من أبناء السيد عباس، انهم صادقون ومخلصون وأوفياء، هذه المقاومة المخلصة ميزتها وخصوصيتها منذ البداية منذ اليوم الأول، عندما جلس السيد عباس والبعض من أخوانه في مدرسة الإمام المنتظر الدينية في بعلبك عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 ليؤسسوا هذه المقاومة، أنها كانت لله، لم يكن أحد يفكر بدنيا ولا بحطامها، كانوا يفكرون بالله، هذه المقاومة منذ اليوم الأول كانت مقاومة لله قتالها وجهادها ودموعها ودماؤها وسعادتها وآلمها وتضحياتها لله.
هؤلاء الذين قدموا أولادهم وأنفسهم وأهليهم وإخوتهم وصبروا وتحملوا، كانوا يرون الله ويطمعون برضاه ورضوانه وبتوفيقه ونصره، ولذلك كانت المقاومة في لبنان من أبرز المصاديق التاريخية ومن أبرز المصاديق المعاصرة لقوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
كان السيدعباس شاهد الصدق في هذه الحرب وفي هذه المعركة،وكان شهيداً.
كان السيد عباس شاهد الصدق في هذه الحرب وفي هذه المعركة،وكان شهيد هذا الصدق أيضاً.
السيد عباس منذ اليوم الأول للتأسيس وحتى يوم الاستشهاد لم يكن في قلبه وعقله أي طموح شخصي، لا المنصب ولا الموقع في هذه المسيرة المباركة، كان طموحه أن يكون دائما في خدمة المجاهدين وكانت سعادته أن يطعمهم بيده، وأن يودعهم في العمليات، وأن يستقبلهم عند العودة ليضمد الجراح ويبتسم في وجوههم، لم يكن يفكر في يوم من الأيام أن يكون زعيماً أو قائداً أوأميناً عاماً لهذا الحزب.
نتحدث عن ذلك لنقول: يجب أن يكون القائد صادقاً أيضاً حتى ينزل الله النصر، لا يكفي أن تكون عامة الناس صادقة ومخلصة ووفية، القادة يجب أن يكونوا صادقين ومخلصين.
من بوابة هذا القائد الصادق ندخل إلى واقعنا ومنطقتنا وقضايانا الكبرى.
إن امتنا اليوم تمر في أخطر مواجهة، وتواجه محاولة استكبارية لاستعبادها في الزمن الاستبدادي، في الزمن الذي ممنوع عليك فيه أن تقاوم وأن تدافع عن نفسك وأهلك ووطنك، وإذا ما قمت بذلك فأنت إرهابي.
إن مشروع الإدارة الأميركية في فرض الهيمنة والنفوذ على كل شيء في منطقتنا بعد 11 أيلول بات واضحاً، وهو مشروع الحرب في العالم وليس نشر السلام في العالم.
وبإسم مكافحة الإرهاب تقف الإدارة الاميركية بوضوح كامل أكثر من أي زمن مضى. يقف جورج بوش ليقول: ان المقاومة في لبنان إرهاب؟! المقاومة في فلسطين إرهاب! ثم ليصنف العالم إلى محور للشر ومحور للخير.
إن حملة التهديد والوعيد التي شنها الرئيس الاميركي بوش على حركات المقاومة في المنطقة وعلى بعض الدول تكشف بوضوح كبير عن النيات العدوانية التي تحملها الإدارة الأميركية تجاه المنطقة وشعوبها، والهادفة إلى إسقاط منابع ومرتكزات القوة فيها لجعلها لقمة سائغة في يد الأطماع الأميركية والإسرائيلية، وللتدخل السافر في شؤون الدول الداخلية. وهو ما يتعارض مع حقها في سيادتها على نفسها وهوحق تقره الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية الذي ما فتئت واشنطن تضرب به عرض الحائط.
إن هذا المنطق الأميركي لم يأتنا بشيء جديد وهوما يزال يساند ويرعى الكيان الصهيوني الذي يشكل اعتى الكيانات الإرهابية منشأً وتاريخاً وماضياً وحاضراً.
الحملة الاميركية:
ماذا تريد الولايات المتحدة الاميركية من هذه الهجمة المركزة؟ الصحيح أن نسأل: ماذا تريد إسرائيل من هذه الهجمة المركزة؟ الأميركيون في هذا الأمر يتناولون ملفاً يعني إسرائيل بالدرجة الأولى، وإلا فليس إيران ولا لبنان ولا حزب الله في لبنان كان لهم صلة بأحداث 11 أيلول وما جرى قبلها وما جرى بعدها، لم يكن لهم صلة بكل هذه التطورات التي فتحت هذه الملفات بشكل واسع في العالم ، المسألة الرئيسية هي مسألة إسرائيل وأمن إسرائيل ووجودهذا الكيان الغاصب في المنطقة.
كُتب وقيل الكثير أن المطلوب إسرائيليا وأمريكيا هو أن تقف العمليات في مزارع شبعا، ونحن نقول لكم، ليس هذا هو المطلوب فقط. قيل أن الضغط على لبنان وعلى حزب الله هدفه: وقف دعم حزب الله للانتفاضة في فلسطين،ونحن نقول لكم ليس هذا هو الهدف النهائي، هذا جزء من الهدف. قيل أن الهدف هو أن تحصل أميركا وإسرائيل على ضمانات أمنية حقيقية في جنوب لبنان وعلى امتداد الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة،ونقول ليس هذا هو الهدف النهائي أيضاً.
الهدف هو: ألا يبقى في لبنان وعند اللبنانيين هذه الإمكانية وهذه القوة. ولذلك هم لم يتحدثوا عن وقف العمليات إنما تحدثوا عن تحويل حزب الله إلى حزب سياسي اجتماعي.يعني أن لا يبقى سلاح في يد المقاومة، أن لا يبقى في لبنان مجاهدون،أن لا تبقى في لبنان بنية مقاومة وبنية جهادية وأهلاً وسهلاً بكم في الحياة السياسية.
من أجل تحقيق هذا الهدف يأتي سيل من الاتهامات،وعلينا أن ننتظر المزيد من الاتهامات التي تحترفها العقول البوليسية في البيت الأبيض، وهذا الأمر سيستمر ولن يتوقف. (من المفيد هنا الإشارة إلى بعض الاتهامات تنظيم القاعدة في حزب الله/ الحرس الثوري/ أسلحة الدمار الشامل الخ....) .
في الأونة الأخيرة أثيرت مسألة الصواريخ التي يملكها حزب الله في لبنان، نحن قوم واقعيون ونعرف حجمنا، ولكن اميركا لا تستطيع أن تتغلب علينا ولا على شعبنا ولا على شعوب منطقتنا ولا على إرادتنا ولا على عزمنا ولا على تصميمنا، وإننا نملك القدرة على الدفاع عن وجودنا، قدرنا أن ندافع، ونحن نملك حقنا ومتمسكون بهذا الحق.
لذلك نحن من جهتنا نطمئن بوش وإدارته إلى أن وعيده لن يرعبنا ولن يضعف من عزيمتنا في قتال العدو الإسرائيلي المحتل وتقديم كل أشكال الدعم اللازم لنصرة القضية الفلسطينية والانتفاضة الباسلة للشعب الفلسطيني.
إسرائيل تملك ترسانة نووية ضخمة والولايات المتحدة تزودها بأسلحة متطورة وسلاح دمار شامل هم يملكون أحدث التكنولوجيا العسكرية في العالم، أما في عالمنا فإذا امتلك أحد صاروخاً فهذا موضع إدانة ويجعلك على لائحة الإرهاب.
في المبدأ: هذا المنطق مرفوض سواء أكان عندنا صواريخ أم لم يكن عندنا؟ ويحق لشعوب المنطقة ولحكوماتها أن يحصلوا على السلاح الذي يمكنها من مواجهة الترسانة الأميركية في المنطقة التي إسمها إسرائيل. وللدفاع عن أطفالنا وأعراضنا ونسائنا وكرامة أوطاننا وأمتنا، وكل تهديد أو تهويل على هذا الصعيد لن يمنعنا من أن نفعل ذلك.
الاتهامات الأميركية
قالوا أن حزب الله مول ودرب عناصر القاعدة، وإن عناصر من القاعدة انتقلوا إلى لبنان وتسللوا إلى صفوف حزب الله.
هذا مجرد اتهام سخيف وادعاء ليس له أي قيمة. وإذا كان أعضاء القاعدة قادرين على أن يخرجوا من أفغانستان ويصلوا إلى لبنان فهذا يعني دليلا كبيرا جدا على فشل الأمن الميركي والسلاح الأميركي. وأخر نكتة هي أن حزب الله يملك أسلحة دمار شامل، المقصود من سيل الاتهامات هذه أن نخاف وترتعد فرائصنا وفرائص اللبنانيين فيذهبوا ويقدموا الطاعة للأميركي والإسرائيلي. لكننا لسنا من النوع الذي يخاف أميركا، وإنما نؤمن جازمين قاطعين بأن الله أقوى وأعظم وأكبر من الولايات المتحدة الأميركية وكل من يقف معها ونحن نعتمد ونتوكل عليه وهو حسبنا نعم المولى ونعم النصير.
المسألة الثانية: إطلاق المضادات:
بدأت الدبلوماسية تنشط على ملف إطلاق المضادات في الأونة الأخيرة وتنقل الرسائل منذ الاندحار الصهيوني من جنوب لبنان إلى ما قبل أيام حصلت آلاف الخروقات الإسرائيلية أغلبها في الجو، وقليل منها في البر والبحر، ونحن لسنا بحاجة إلى أن نقدم أدلة، أهل الجنوب يشاهدون الطائرات وأهل بيروت وطرابلس يشاهدونها أيضاً.
عندما بدأ إطلاق النار في المناطق الأمامية على طائرات العدو، ولأن سكان المستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين بدأو يسمعون صوت دوي المضادات، ولأنهم جبناء فيكفي أن يسمعوا دوي رصاص المضادات حتى يهربوا إلى الملاجئ ويسكروا الأسواق وتتعطل الحياة.
منذ ذلك الحين أصبح هناك ملف أسمه الطائرات الإسرائيلية التي تخرق السيادة اللبنانية والمضادات الأرضية. وفتح هذا الملف وساووا بين السبب والنتيجة وقالوا لا يعالج الخطأ بخطأ، فتكون النتيجة ممنوعا علينا أن ندافع عن سيادة وطننا ومسموحا للطائرات الإسرائيلية أن تستمر في انتهاك الأجواء اللبنانية. المعادلة التي فرضتها المقاومة هو أن لا تأتي الطائرات الإسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية فلا نطلق المضادات الأرضية هذا هو الحل وهو عند الصهاينة .
من المقاومة في لبنان ندخل إلى الانتفاضة في فلسطين
فاليوم تشهد الانتفاضة في داخل فلسطين تطورا ملحوظا على مستوى العمليات النوعية والاستشهادية التي يقوم بها المجاهدون، فشارون الذي خوفت به بعض النخب العربية هو عاجز كما أسلافه. ولن يستطيع أن يكسر إرادة الانتفاضة وهو الذي وعد مواطنيه الإسرائيليين بالأمن في خلال مئة يوم وقد انقضى عام كامل والاضطراب والأرق والخوف الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى.
إن رئيس حكومة العدو بما يملك يستطيع أن يدخل المدن ويقصف ويرتكب المجازر ولكن طالما أن الشعب الفلسطيني في الداخل يملك إرادة الصمود والتحدي والعزم وثقافة الاستشهاد لا يستطيع شارون أن يفعل شيئا، مهما بلغ حجم إجرامه.
إن الذي يغير المعادلة هو إرادة ومقاومة الشعب الفلسطيني وبالرغم من كل الظروف الصعبة الداخلية في فلسطين المحتلة والظروف العربية والإقليمية والدولية، فإن الانتفاضة والمقاومة في فلسطين تشكل استنزافا حقيقيا للإسرائيلي وهي أقرب من أي وقت مضى إلى النصر الحقيقي، لأن كل السياسات الأمنية والعسكرية والإرهابية التي اتبعها شارون وكبار جنرالاته والعقول العسكرية والأمنية الإسرائيلية فشلت في مواجهة الانتفاضة وإسقاطها.
القتال اليوم بات في قلب فلسطين المحتلة وفي قلب القدس وتل أبيب وحيفا وفي عمق هذا الكيان الذي كان يظن نفسه آمناً وليس في شمال فلسطين.
هذه العمليات الاستشهادية والنوعية التي تحصل بقوة هذه الأيام بالرغم من كثافة الشهداء هي الطريق الوحيد لدحر هؤلاء الصهاينة، وهي أقصر الطرق إلى الله وسبحانه وتعالى وهي أرفع وأروع عناوين الاستشهاد في هذا العصر.
هذه العمليات تهز كيان العدو من الأعماق وتجعله في مأزق وجودي، ولو كانت هذه العمليات عبثا وبلا قيمة وبلا جدوى فلماذا كل هذا الغضب من الولايات المتحدة على حركات المقاومة، لماذا كل هذا الغضب وهذا السخط؟ هذا الحشد الإستكباري دليل على أن المقاومة في فلسطين تصيب في الصميم وتؤسس للنصر الآتي.
ولذلك فإن قادة العدو يتحدثون اليوم في الصحف عن حرب استنزاف حقيقية تجري داخل الأراضي المحتلة على غرار ما كان يجري في جنوب لبنان من حرب استنزاف وحرب عصابات.
نحن اليوم أمام فرصة تاريخية. الشعب الفلسطيني يتحمل مسؤوليته بكل قوة وجدارة، ولكن هل شعوب العالم العربي والإسلامي تتحمل مسؤولياتها تجاه هذا الشعب.
إن على الشعوب العربية والإسلامية والحكومات العربية والإسلامية وبعد كل هذه التضحيات من الشعب الفلسطيني أن لا تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يجري في فلسطين، وإنما عليها في الحد الأدنى أن تمد يد العون للفلسطينيين بأضعف الإيمان إن لم يتمكنوا من التظاهر والمواجهة، إن أي شكل من أشكال الدعم المادي والإعلامي والسياسي وغيره مهما كان حجمه هو أمر مطلوب وواجب، ولا يجوز أن يشعر الشعب الفلسطيني أن الناس من حوله قد تعبوا وتركوه لقدره ومصيره.
إن علينا أن ندفع بأولوية الصراع داخل فلسطين إلى الأمام بعد هذا العدد الكبير من شهداء الانتفاضة وحجم الهجمة الشرسة للقضاء على هذه الانتفاضة.
يجب أن تكون القدس وفلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني ليست أولوية في حساب أولويات، وإنما القضية المركزية والوحيدة التي نعمل لأجلها ونؤجل كل القضايا الأخرى.
الانتفاضة المباركة في فلسطين هي الأمل وهي الطريق إلى القدس، وأعلى تجليات الانتفاضة هي المقاومة المسلحة الأشد إيلاماً للعدو والأقدر على إلحاق الهزيمة به.
من جهتنا نحن نعتبر أن المقاومة في مواجهة الاحتلال هي واجب ديني وأخلاقي وإنساني ووطني وسالي ولن نتخلى عن نصرة الشعب الفلسطيني مهما كان حجم التحدي والتهويل الاميركي والصهيوني. ولن يقلقنا كل هذا الوعيد لقد اعتدنا على هذه الأمور وتعلمنا أن عاقبة الصبر والصمود هو الانتصار.
أختم هنا لأقول أن المقاومة في لبنان وفي فلسطين هي في أحسن حال وبأفضل ما يمكن أن تكون عليه، فعندما يتحدث جورج بوش عن محور الشر ويذكر دولاً مهمة ، ثم يعرج على منطقتنا ويذكر تنظيمات كحزب الله وحماس، فهذا دليل على مدى تأثير المقاومة وقدرتها على تغيير المعادلات في المنطقة، فأمريكا عندما تريد أن تدخل مباشرة في صراع مع المقاومة فهذا دليل على أن هذه المقاومة تستطيع أن تواجه وتربك وتفرض شروطاً.
نعود ونؤكد على أننا مستمرون في المقاومة مهما كانت التضحيات حتى تحرير الأرض والمقدسات، وما يجري من تهديدات واتهامات وترهيب لا يخيفنا ولا يرهبنا. لقد عشنا كل هذه التجارب في الماضي وانكسرت كل التحالفات والمؤمرات في شرم الشيخ وفي عناقيد الغضب وفي غيرها عند إرادة الأمة وعزم المجاهدين المقاومين، التجارب الماضية تقول أنه بالصمود والإرادة القوية بالوحدة نستطيع أن نواجه كل الصعوبات والتحديات ونتغلب عليها يجب أن نثق بالله، ونحن حاضرون في الساحة وقادرون على أن ننتصر ونلحق الهزيمة بأي عدو يأتي إلى أرضنا من أي جهة كان، وما النصر إلا من عند الله العزيز الجبار .
والحمد لله رب العالمين
2004