انتهاك حرمة شهر رمضان بالإفطار
- المجموعة: 2020
- 08 أيار 2020
- اسرة التحرير
- الزيارات: 707
يقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ الحج: 32 ويقول سبحانه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ الحج: 30
ويقول عزوجل: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ البقرة: 229
شَعَائِرُ الله وَحُرْمَاتُهُ وَحُدودُهُ هِيَ أَوَامِرُهُ سُبْحَانَهُ وَنَوَاهِيه واحكامه وتشريعاته وكل ما اوجب احترامه ومراعاته وتقديسه، وَتَعْظِيمُ شعائر الله وحرماته هُوَ الالتِزَامُ بهَا، وَالْابتعْادُ عَنِ اِنْتِهَاكِهَا والاخلال بها.
وَكُلَّمَا كَانَ الْحَدُّ أَوِ الشَّعِيرَةُ أَوِ الْحُرْمَةُ أَكْبَرَ كَانَ اِحْتِرَامُهَا وَالْتِزَامُهَا آَكَدَ وَأُوجَبَ، وَكَانَ انْتِهَاكُهَا أَعْظَمَ وَأَخْطَرَ.
وَصَوْمُ شهر رَمَضَانَ هو شَعِيرَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الشَّعَائِرِ، لِأَنَّه رُكْنٌ مِنْ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلامُ عَلَيهَا كما في الحديث عن رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه واله): «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
وشهر رمضان هو من اعظم الشهور وهو سيد الشهور وافضلها، ومكانته وحرمته من اعظم الحرمات، بل ان حرمته هي جزء من هوية المجتمع الاسلامي ، ففي الخطبة المشهورة لرسول الله(ص) يقول: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ ، هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ ، وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ ، أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ ، وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ ، وَ َمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ ، وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ.
هَذَه المكانة العظيمة لشهر رمضان وحرمته وحرْمَةِ الصَّوْمِ فيه لَا بَدَّ أَنْ يَعْرِفَهُا الْمُسْلِمُونَ، فهناك حالات غَرِيبَةٌ وشاذة في مجتمعنا وفي المجتمعات الاسلامية والعربية ، هِيَ حالات اِنْتِهَاكِ حُرْمَةِ شهر رَمَضَانَ بالاجهار بالافطار فيه علنا، وعدم المبالاة بحرمته وقداسته وعدم مراعاة مشاعر الصائمين فيه.
بعض الناس ومن فئات عمرية مختلفة شباب وكبار رجال ونساء لا يراعون حرمة لله في هذا الشهر الشريف فتراهم يجاهرون بالإفطار عمدا بلا عذر ولا مبرر ومن دون خجل من الله ومن الناس فيأكلون ويشربون و يدخنون في النهار في الشوارع والساحات العامة وفي المطاعم والمقاهي او في العمل امام زملائهم أو يقف بعضهم
امام محله التجاري او في الافران يأكل ويشرب ويدخن ويرتشف القهوة او يجلس على النرجيلة في الشارع من دون ان يبالي او يراعي مشاعر الصائمين
المجاهرة هي قلة احترام للشهر الفضيل لقداسته وحرمته وفضله ومنزلته وقلة حياء من المفطر المتجاهر الذي لا تعنيه مشاعرالاخرين فحتى لو كان المفطر معذورا ليس له ان يجاهر بافطاره فكيف اذا كان يفطر بلا عذر تمردا على الله عصيانا او استهزاءه او استخفافا فهذا منتهى التجبر والاستكبار على الله ومن يفعل ذلك فهو من الأشقياء لان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر.
كما ان بعض المطاعم والمقاهي تقدم الطعام بشكل اعتيادي لزبائنها في هذا الشهر الشريف وسط النهار اما لانه لَا يَعْنِيهِمْ شهر رَمَضانُ وَحُرْمَتُهُ لَا فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، وَإِمَّا لِأَنَّ بعض اصحاب المطاعم والمقاهي ضَعاْفُ إلاِيمَانٍ ويُرِيدُونَ جني الْأَرْبَاحَ كيفما كان، وَلَا يَتَأَثَّرُونَ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ هذا الشهر الشريف.
هذا امر لا يجوز ولذلك افتى الفقهاء بحرمة تقديم الطعام لغير المعذور في نهار شهر رمضان.
المجاهرة بالافطار هي سلوك استفزازي مرفوض ولا يمكن لاحد ان يبرر سلوكه هذا بانه حرية شخصية وبالتالي للانسان ان يمارس حريته حيث يشاء لان حريتك تتوقف عند جرح مشاعر الاخرين .
المتجاهرون بالافطارفي شهررمضان يجب ان يخجلوا من انفسهم ايضا فحتى أَوْلاَدَ الْمُسْلِمِينَ الصَّغَارَ يَنْشَؤونَ عَلَى تَعْظِيمِ شهر رَمَضَانَ، وَحُرْمَةِ الْإِفْطَارِ فِيه ويخجلون من تناول الطعام فيه وسط النهار، لأنهم يَرَوْنَ فِي بُيُوتِهِمْ ومجتمع وبيئة المؤمنين مَظَاهِرِ الالتزام بالصيام والْعِنَايَةِ بِالعبادة في هذا الشهر الشريف فيقلدون الْكِبَارَ ويصومون طوال النهار، وَرُبَّمَا صَامُوا بَعْضَ النَّهَارِ، أَوْ بَعْضَ الْأيَّامِ، وَلَوْلَا مَا غُرِسَ فِي قُلُوبِهِم مِنْ تَعْظِيمِ الصَّوْمِ لَمَّا حَاكَوْا فِيهِ الْكِبَارَ وَقَلَّدُوهُمْ فِي صيامه وقيامه.
هَذِهِ الْقِيمَةُ الْعَظِيمَةُ لِتَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نُفُوسِ أالمؤمنين والْمُسْلِمِينَ حتى لدى الصغار والاطفال منهم يخدشها وينتهكها ويُهْدِرَهَا وَيَقْتُلَهَا رجال ونساء متهتكون بِالْمُجَاهَرَةِ بالافطار في وسط النهار وامام الناس ؛
استسهال الافطار عمدا وبلا مبرر في شهر رمضان وانتهاك حُرْمَةَ الشَّهْر الفضيل بالافطار فيه علنا والتظاهر بعدم المبالاة هو من اشد المعاصي كما في الحديث عن علي(ع)في نهج البلاغة: اشد الذنوب ما استهان به صاحبه . وفي بعض الروايات : اكبر الذنوب ذنب استصغره صاحبه.
وهكذا اذا افطر الانسان وتجاهر بافطاره ،عن عناد واستكبار وطغيان وتجبر على الله وتمرد على اوامر الله فان هذا السلوك هو من اعظم المعاصي التي يستحق عليه الانسان اعذاب في الجحيم يقول الله تعالى: ( فاما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى ) النازعات /37-39 .
وكذلك اذا فرح المفطر بمعصيته وبعمله وافتخر بذلك فان معصيته من اكبر الكبائر . فقد روي عن النبي (ص) انه قال : من اذنب ذنباً وهو ضاحك دخل النار وهو باك .
ويجب ان يعرف الجميع ان الْمُنْتَهِكِيْنَ ِ هُمْ أَسْوَأُ النَّاسِ وَأُحَطُّ الناس وأكثرهم شقاءا في الدنيا والاخرة وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [النِّساءَ: 14].
وهؤلاء يَجِبُ زَجْرُهُمْ ووعظهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة والكلمة الطيبة والموعظة الحسنة واعلامهم أَنَّ مُجَاهَرَتَهُمْ بالافطار امام الناس وفي الشوارع والساحات العامة اِنْتِهاكٌ لِمَشَاعِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِهَانَةٌ لَهُمْ.
إِنَّ لِرَمَضانَ هَيْبَةً وَوَقَارًا فِي نُفُوسِ المُؤْمِنِينَ تُكْسَرُ هَذِهِ الْهَيْبَةُ، وَيَذْهَبُ ذَلِكَ الوَقَارُ بِالْإِفْطارِ فِي النَّهَارِ، فَاحْفَظُوا هَيبَةَ رَمَضَانَ وَوَقَارَهُ بِرَدْعِ المُنْتَهِكِينَ لِحُرْمَتِهِ.
هناك من يبرر لنفسه الافطار في شهر رمضان بانه يَعْمَلُ فِي حَرِّ الشمس او ان طبيعة عمله ه شاق ومجهد وان عليه ان يقوم لعمله من الصباح الباكر وهو في هذه الحالة لا يقوى على الصوم طيلة النهار وهكذا فان البعض يبرر لنفسه الافطار وانتهاك حُرْمَةُ الشَّهْرِ الكريم بِحُجَّةِ أَنَّه لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ او بسبب عمله الشاق او ما شاكل ذلك، لكن كل هذا ليس مبررا ولا عذرا شرعيا وَهَؤُلَاءِ يجب ان يعرفوا أَنْ افطارهم هو ذنب عظيم واخلال باحد اهم الفرائض الاسلامية، وَأَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَصْبِرُوا وَيَتَحَمَّلُوا، أَوْ يَنْقُلُوا عَمَلَهُمْ إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنْ عَجَزُوا عُطِّلُوا عَنِ الْعَمَلِ فِي رَمَضانَ، وَلَمْ يَنْتَهِكُوا حُرْمَةَ الشَّهْرِ بِالإِفْطَارِ.
و ايضا هناك َمَنِ يدَّعَى أَنَّه مُسَافِرٌ او مريض وانه لِذَلِكَ فهو مفطر، وهذا الادعاء وان كان صحيحا حيث يجوز للمسافر والمريض الافطار الا ان ذلك لا يبرر الْمُجَاهَرَةِ بالافطار بين الناس والفقهاء يؤكدون في مثل هذه الحالات أَنَّ على الْمُسَافِر والمريض عدم الجهر بالافْطِار ؛ لِئَلَا يُظَنَّ بِهِ سُوءًا؛ وَلِئَلَا يَكُونَ قُدْوَةً لِلعاصين والمفطرين بلا عذر ؛ وَلِئَلَا يُؤْذِيَ مَشَاعِرَ الصَّائِمِينَ.