السيدة زينب قمة الثبات والعنفوان
- المجموعة: 2015
- 27 شباط/فبراير 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 829
السيدة زينب (ع) لم تختلط بالرجال, ولم تجلس معهم لا في السهرات ولا في غيرها, ولم يرَ شخصها أحد من الرجال لا في زمن أبيها ولا في زمن أخويها إلى يوم كربلاء، وكان أبوها علي (ع) كما أخواها الحسن والحسين (ع) حريصين على حجابها وسترها وإبعادها عن نظرات الرجال المريبة.
خلاصة الخطبة
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن معادلة المقاومة والجيش والشعب باتت تحمي لبنان من الخطر الصهيوني ومن الخطر التكفيري الإرهابي، هذا الخطر الذي بات عابراً للدول والذي تجاوز المنطقة ليصل إلى العالم.
وقال: التيارات التكفيرية والجماعات المسلحة الإرهابية التي صنعوها لتكون ضدنا وضد سوريا ومحور المقاومة لم تعد مجرد أدوات يستخدمونها ضدنا، بل تحولت لتكون أدوات لنشر الجريمة والإرهاب في كثير من الدول وباتت تشكل خطراً حتى على صانعيهم وعلى الدول التي دعمتهم بالمال والسلاح وبالسياسة والإعلام..
وأضاف: اليوم باتت المقاومة والجيش والشعب في لبنان سداً يمنع تمدد التكفيريين الى لبنان وخاصة عبر الحدود الشرقية, والإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني بالأمس في جرود رأس بعلبك ضد الإرهابيين هو إنجاز جديد يضاف إلى سجل إنجازات الجيش الوطني، وهو يثبت أن الجيش قادر على تحقيق انتصارات وإنجازات في مواجهة من يتهدد لبنان إذا توافرت الإرادة والإمكانات والغطاء السياسي.
واعتبر: أن الوضع على الحدود الشرقية بات يحتاج إلى جهوزية أمنية وعسكرية عالية خصوصاً ان المعركة مع التكفيريين الإرهابيين في هذه المنطقة هي معركة مفتوحة وتمتد على مساحة جغرافية واسعة وربما تكون معركة طويلة، والجيش يملك الإرادة لقتال هذه المجموعات الإرهابية والانتصار عليها, ولكن يحتاج إلى القرار السياسي والحماية السياسية وإلى التفاف وطني شامل وإلى سلاح نوعي يمكنه من خوض هذه المعركة والانتصار فيها.
نص الخطبة
قبل أيام مرت علينا ذكرى ولادة عقيلة بني هاشم السيدة زينب الكبرى(ع), الحوراء, والصديقة الصغرى، وجيل الصبر والثبات، وقمة الطهر والعفاف، ومنتهى الشجاعة والعنفوان.
فقد كانت ولادتها (ع) في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة هجرية في بيت أمير المؤمنين علي وفاطمة (ع)، في بيت الرسالة والإمامة والولاية، وعندما ولدت جاءت بها الزهراء فاطمة (ع) الى علي (ع) وسألته أن يختار لها إسماً، فأبى علي(ع) أن يسبق رسول الله (ص) في تسميتها، وكان النبي (ص) غائباً, فلما عاد إلى المدينة، حمل علي وفاطمة(ع) المولودة المباركة إلى رسول الله (ص) وسألاه أن يسميها فقال (ص): ما كنت لأسبق ربي في اسمها، فهبط جبرائيل وقال له: سمِّ هذه المولودة زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم.
ومن غير المعتاد أن الأب أو الجد إذا رزق ولداً أو حفيداً أن يبكي وينتحب ويزرف الدموع حزناً, ولكن التاريخ يحدثنا أن أمير المؤمنين (ع) لما بُشِّر بولادة زينب (ع) بكى! ولما حُملت إلى رسول الله (ص) احتضنها النبي (ص) وقبّل وجهها, ثم لما أخبره جبرائيل بما يجري عليها من المصائب والمحن بكى أيضاً وقال (ص):
من بكى على مصاب هذه البنت، كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين (ع).
وكانت زينب(ع) أول بنت ولدت لعلي وفاطمة(ع) ولذلك كان يكنى علي(ع) (بأبي زينب) في زمن الاضطهاد والقهر والقمع الأموي، في الزمن الذي كان ممنوعاً عالى الناس أن يذكروا علياً(ع) أو ان ينقلوا رواية او حديثاً عنه (ع) فكان يقال: روى ابو زينب باعتبار ان الاعداء ما كانوا يعرفونه بهذه الكنية .
وقد لقِّبت زينب (ع) بألقاب عديدة أهمها: لقب أُم المصائب، والعالمة.
وإنما سميت بأم المصائب، فلأنها عاشت مصيبة فقد جدها رسول الله (ص) وعاشت محنة أمها فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ثم وفاتها، وفُجعت بشهادة أبيها علي (ع), ثم شاهدت محنة أخيها الحسن (ع) ثم قتله بالسم، ثم شهدت المصيبة العظمى وهي قتل أخيها الحسين وأهل بيته وقتل ولديها عون ومحمد أمام عينيها على أرض كربلاء. ثم حُملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام ورأسُ أخيها ورؤوس ولديها وأهل بيتها أمامها على رؤوس الرماح طوال الطريق حتى دخلوا إلى دمشق وهم على هذه الحالة, وأدخلوا إلى يزيد وهم مقيدون بالسلاسل والحبال, فأية مصائب أشد وأعظم وأدهى وأمر من هذه المصائب التي مرت على زينب (ع) ؟.
نعم, ولذلك لقبت بأم المصائب، وأما لقب العالمة : فأساسه قول الإمام زين العابدين (ع) لعمته زينب وهو يخاطبها: أنت بحمد الله عالمةٌ غيرُ معلَّمة وفهمة غيرُ مفهّمة، وكلام الإمام هذا يدل على المكانة والدرجة العلمية الرفيعة التي ارتقت إليها السيدة زينب (ع).
ومعنى قوله (ع): عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة، أنها (ع) عالمة عن طريق الإلهام, فهي عالمة بالعلم الذي يفيضه الله على من يختاره لرسالته, وبالعلم الذي يقذفه الله في القلب والعقل والوعي من غير اكتساب ومن غير بحث ودرس وتعليم ومعلم واستاذ.
وهذا هو العلم اللدني الذي يفيضه الله على خاصة عباده, على الأنبياء والرسل والأولياء وعلى أمثال زينب , فهم عالمون من غير تعليم ومن غير معلم.
وقد حازت السيدة زينب (ع) إضافة الى ذلك .. على الكثير من الصفات الحميدة والخصائص الإيمانية والجهادية والأخلاقية النبيلة، فهي في الصبر والثبات وقوة الإيمان والتقوى والورع والعبادة والطاعة والخوف من الله في القمة, وهي في الفصاحة والبلاغة وقوة المنطق كأنها تنطق بلسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أمير الفصاحة والبلاغة والبيان, وهذا ما يظهر في خطبها في كل من الكوفة والشام أمام عبيد الله بن زياد وأمام يزيد بن معاوية وجلاوزتهما, وهي في الحجاب والستر والعفاف والحشمة فريدة ونموذج وقدوة لكل النساء اللاتي يردن حجاباً صحيحاً, وستراً كاملاً, وعفة وحشمة تصون العرض وتصون الشرف.
فزينب (ع) لم تختلط بالرجال, ولم تجلس معهم لا في السهرات ولا في غيرها, ولم يرَ شخصها أحد من الرجال لا في زمن أبيها ولا في زمن أخويها إلى يوم كربلاء، وكان أبوها علي (ع) كما أخواها الحسن والحسين (ع) حريصين على حجابها وسترها وإبعادها عن نظرات الرجال المريبة.
فقد روى يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين (ع) في المدينة المنورة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فوالله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله (ص) تخرج ليلاً والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (ع) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن مرة عن ذلك فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب.
هذا الحرص على شرف وعفة وحجاب وستر وحشمة البنت يجب أن يكون لدى كل أب تجاه ابنته, ولدى كل أم تجاه ابنتها, ولدى كل أخ تجاه أخته وشقيقته، خصوصاً في هذا الزمن الذي تحول فيه الحجاب عند بعض الفتيات إلى مجرد موضة أو زي لا تنطبق عليه المواصفات والشروط الشرعية التي أرادها الله للحجاب.
فقد ظهرت في هذا الزمن أزياء متنوعة باسم الأزياء الإسلامية قد لا تشكل لباساً شرعياً أو زياً شرعياً، مثل ارتداء الفتاة لبنطلون وقميص أو بنطلون وكنزة أو بنطلون وتنورة ضيقة .. كما هو الدارج الآن، فهذا غير شرعي.
البعض يتخيل أن المطلوب في الحجاب هو ستر الشعر والبدن كيفما كان، فتستر المرأة أو الفتاة شعرها وبدنها وتغفل عن الضوابط الأخرى أو تتجاهلها، فترتدي لباساً ضيقاً، أو لباساً ذي ألوان مثيرة, أو لباساً وحجاباً يكون بحد ذاته زينة أو مثيراً وفاقعاً من حيث الموديل أوالشكل او اللون كما هو الحجاب العصري السائد الآن.
كما أن بعض النساء أو الفتيات قد تكون محجبة الرأس والبدن ولكنها تضع المساحيق والزينة والعطور الكثيفة التي تثير الفتنة والريبة.. وكل ذلك حرام, لأنه لا ينسجم مع الأهداف التي أوجب الله لأجلها الستر والحجاب..
كما أن هناك بعض النساء لا يتورعن عن الاختلاط بالرجال والخلوة بهم، والمزاح معهم, أو الكلام معهم بغنج أو دلع أوبطريقة مثيرة، فإن هذا النوع من الاختلاط والخلوة بين الرجل والمرأة سواء في المجالس أو في الجامعات او في المدارس أو في أماكن العمل أو في السهرات هو محرم أيضاً, لأن الاختلاط المسموح به هو الاختلاط الذي يكون في الأمان العامة ويتم الإقتصار فيه عالى التواصل الضروري وبمقدار الحاجة,لا الخلوة التامة التي قد تؤدي الى الوقوع بالحرام.
الحجاب الشرعي الذي أراده الله هو اللباس الواسع الفضفاض غير الضيق, الذي لا يصف شيئاً من جسم المرأة, ولا يفصل شيئاً من جسدها, ولا يُظهر أماكن الفتنة من بدنها.
الحجاب الشرعي هو اللباس الذي يستر جميع البدن باستثناء الوجه والكفين.
الحجاب الشرعي هو اللباس الذي لا يُشبّه النساء بالرجال, فلا يكون لباس المرأة شبيهاً بلباس الرجل كما هو الدارج اليوم , فقد كان رسول الله (ص) يزجر المرأة التي تتشبه بالرجال في لباسها، أوترتدي الألبسة التي تحمل شعارات ودعايات محرمة أو غير مناسبة مع حجابها وقدسيتها ومكانتها.
والألسبة التي فيها ترويج ونشر للثقافة الغربية, أو ارتداؤها يساهم في نشر التقاليد والعادات والثقافات الغربية المعادية لا يجوز لبسها, ولا يجوز للتجار وأصحاب المحلات استيرادها ولا بيعها وشراؤها والترويج لها، ولذلك على التجار وأصحاب المحلات أن يحسنوا اختيار الموديلات الشرعية المطابقة للمواصفات الشرعية عند استيراد أو تصنيع أو شراء الألبسة حتى يساهموا في نشر الفضيلة والعفة واللباس الشرعي والزي الشرعي الذي أراده الله للمرأة , لا الزي غير الشرعي.
اليوم عندما يتأسى نسائنا واخواتنا وبناتنا وفتياتنا بزينب (ع) في لباسها وحجابها وسترها وعفتها، فإنهن يحافظن على عفافهن وطهارتهن وأخلاقهن وشرفهن، ويحمين أنفسهن من النظرات المريبة لأصحاب القلوب المريضة، ويساهمن في تحصين المجتمع والأسرة في مواجهة كل عوامل الفساد والانحراف والانحلال والميوعة والابتذال، فمجتمعنا بحاجة إلى حصانة أخلاقية وحجاب المرأة الشرعي الكامل يساهم في إيجاد هذه الحصانة الأخلاقية في مجتمعنا ومناطقنا.
مجتمعنا بحاجة إلى الأمن والأمان الاجتماعي والحجاب الشرعي يساهم في إيجاد ذلك، تماماً كما يساهم المجاهدون والمقاومون والمقاومة والجيش الوطني في توفير الأمن, وفي حماية البلد من الأعداء, وفي الحفاظ على أمنه وسلمه واستقراره الداخلي..
اليوم المقاومة والجيش والشعب يحمون لبنان من الخطر الصهيوني ومن الخطر التكفيري الإرهابي، هذا الخطر الذي بات عابراً للدول والذي تجاوز المنطقة ليصل إلى العالم.
فالتيارات التكفيرية والجماعات المسلحة الإرهابية التي صنعوها لتكون ضدنا وضد سوريا ومحور المقاومة لم تعد مجرد أدوات يستخدمونها ضدنا، بل تحولت لتكون أدوات لنشر الجريمة والإرهاب في كثير من الدول وباتت تشكل خطراً حتى على صانعيهم وعلى الدول التي دعمتهم بالمال والسلاح وبالسياسة والإعلام..
اليوم باتت المقاومة والجيش والشعب في لبنان سداً يمنع تمدد التكفيريين الى لبنان وخاصة عبر الحدود الشرقية, والإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني بالأمس في جرود رأس بعلبك ضد الإرهابيين هو إنجاز جديد يضاف إلى سجل إنجازات الجيش الوطني، وهو يثبت أن الجيش قادر على تحقيق انتصارات وإنجازات في مواجهة من يتهدد لبنان إذا توافرت الإرادة والإمكانات والغطاء السياسي.
الوضع على الحدود الشرقية بات يحتاج إلى جهوزية أمنية وعسكرية عالية خصوصاً ان المعركة مع التكفيريين الإرهابيين في هذه المنطقة هي معركة مفتوحة وتمتد على مساحة جغرافية واسعة وربما تكون معركة طويلة، والجيش يملك الإرادة لقتال هذه المجموعات الإرهابية والانتصار عليها, ولكن يحتاج إلى القرار السياسي والحماية السياسية وإلى التفاف وطني شامل وإلى سلاح نوعي يمكنه من خوض هذه الحرب والانتصار فيها.
والحمد لله رب العالمين