الامام الرضا(ع) وتعاليمه الحضارية
- المجموعة: 2014
- 05 أيلول/سبتمبر 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1987
يؤكد الإمام الرضا (ع) على قاعدة حضارية لو طبقت لعمت الفضيلة في المجتمع ولعم الأمن في العالم , هي قاعدة رفض المنكرات وعدم الرضا بها , فهو يقرر أن من رضي بشيء كان كمن آتاه لأن الرضا هو الأساس النفسي للفعل، فمن رضي بالفعل الحسن فهو يشارك في ثوابه وفضله , وأما من رضي بالفعل السيء والقبيح فهو يشترك في الإثم المترتب عليه.
خلاصة الخطبة:
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن هناك الكثير من المنكرات والتجاوزات والجرائم تقع ويتكرر وقوعها بسبب رضا البعض بوقوعها أو سكوته عنها أو تبريره لها.
وقال: هناك الكثير من الظلم والعدوان وانتهاك حقوق الإنسان يقع في هذا العالم بسبب تشجيع البعض على الظلم والعدوان وانتهاك حقوق الإنسان.
فلو رفع كل إنسان صوته بوجه الظلم والعدوان, ورفض فعل المنكرات في المجتمع وشجب بالقول والفعل ارتكاب الجرائم والإرهاب لتم القضاء على الرذيلة وعلى الإرهاب ولعلا صوت الحق على صوت الباطل.
وتساءل: ألم تتمادى المجموعات الإرهابية في القتل والذبح والتخريب بسبب رضا البعض عن أفعالهم وسكوته عنها او بسبب سياسة التبرير واختلاق الأعذار لهم ؟.
ألم تتمدد داعش في المنطقة بسبب البيئة الحاضنة لها والداعمة والمساندة التي تبرر لها ممارساتها الإجرامية بحق الأبرياء؟.
وأشار الى: ان فريق 14 آذار لا يزال يجتهد لإيجاد الأعذار والتبريرات لداعش معتبرين أن ما قامت وتقوم به في عرسال هو رد فعل على وجود حزب الله في سوريا, من أجل الإيحاء بأن حزب الله هو المشكلة وليس داعش! وكأنهم يريدون أن يقولوا للبنانيين: صحيح أن داعش خطر إلا أنها خطر بعيد بينما حزب الله هو الخطر الفعلي وهو خطر قريب, وبالتالي هو السبب المباشر لتهجير المسيحيين في المنطقة.
لكن هذا المنطق السخيف لم يعد ممكناً تسويقه ولم يعد ينطلي حتى على مؤيدي هذا الفريق خصوصاً بعد الذي جرى ويجري في الموصل وسوريا وعرسال حيث إن قسماً كبيراً من اللبنانيين حتى من مؤيدي 14 آذار باتوا يعيشون القلق على مصيرهم ووجودهم ويبحثون عمن يطمئنهم ويعتبرون أن حزب الله الذي حمى لبنان واللبنانيين من الإرهاب الصهيوني قادر إلى جانب الجيش اللبناني على حماية لبنان بكل طوائفه من الإرهاب التكفيري.
واعتبر الشيخ دعموش:ان المجموعات الإرهابية من داعش والنصرة تعمل على ابتزاز لبنان والجيش اللبناني في ملف المخطوفين العسكريين من خلال وضع شروط ومطالب واسعة تبدأ من إطلاق سراح موقوفين في سجن رومية ولا تنتهي بالدعوة إلى الضغط على حزب الله للإنسحاب من سوريا.
وقال: حسناً فعلت الحكومة اللبنانية بالأمس ولو متأخرة برفض هذا الابتزاز من خلال رفض فكرة المقايضة مع المجموعات الإرهابية نهائياً. وكذلك رفض التفاوض معها، وحصر موضوع التفاوض بدول لها علاقة وتأثير على تلك المجموعات.
مؤكداً: ان المطلوب اليوم من الدولة أن تستعيد هيبتها وأن تظهر بمظهر القوي وليس الضعيف أمام المجموعات الإرهابية,والمطلوب ايضا من الحكومة والطبقة السياسية تمكين الجيش والقوى الأمنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط الوضع في عرسال وتحرير العسكريين المخطوفين, والدولة ليست في موقع ضعف بل تملك الكثير من أوراق القوة التي يمكن أن تستخدمها في مواجهة الإرهابيين وأولها محاصرة المسلحين في الجرود ومنع وصول الإمدادت اليهم ومنعهم من استباحة عرسال وتحويلها إلى إمارة.
نص الخطبة:
في هذه الأيام نلتقي بولادة الإمام الثامن من أئمة أهل البيت(ع) وهو الإمام علي بن موسى الرضا (ع) الذي ولد في المدينة المنورة في الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة 148 هـ وهي نفس السنة التي توفي فيها جده الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع).
نشأ الإمام الرضا (ع) في أحضان أبيه الإمام موسى الكاظم (ع) الذي كان أعبد أهل زمانة وأفقههم وأسخاهم كفاً وأكرمهم نفساً.. وكان الناس يسمونه بالمدينة زين المتهجدين ويعرف بالعبد الصالح.
ومن الطبيعي أن يتحلى الإمام الرضا (ع) بصفات أبيه وخصاله وأخلاقه وعبادته.
يقول الشيخ المفيد: كان الإمام الرضا (ع) أفضل ولد أبي الحسن موسى الكاظم (ع) وأنبههم وأعظمهم قدراً وأعلمهم وأجمعهم فضلاً.
وقيل في سبب تسميته بالرضا: إن المأمون العباسي هو الذي أطلق عليه هذا اللقب حين ارتضاه ولياً للعهد، ولكن الإمام الجواد (ع) نفى ذلك وأكد أن الله هو من أسماه بذلك.
فعن البزنطي قال: قلت لأبي جعفر (يعني الإمام الجواد "ع"): إن قوماً من مخالفيكم يزعمون أن أباك إنما سماه المأمون (الرضا) لما رضيه لولاية عهده، فقال (ع): كذبوا والله وفجروا، بل الله تبارك وتعالى سماه الرضا, لأنه كان رضيّ الله عز وجل ورضيّ رسوله والأئمة بعده في أرضه قال: فقلت له: ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين رضيّ الله عز وجل ورسوله والأئمة بعده؟ فقال: بلى، فقلت: فلِمَ سمي أبوك (ع) من بينهم الرضا؟ قال: لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه, ولم يكن ذلك لأحد من آبائه (ع) فلذلك سُمي من بينهم الرضا.
وقد عُرف الإمام (ع) بفضله وسعة علمه ,وأقر الجميع بمكانته وعلو منزلته القريب والبعيد والصديق والخصم .
فقد دخل أبو نواس على المأمون فقال له: يا أبا نواس قد علمت مكان علي بن موسى الرضا مني وما أكرمته به، فلماذا أخرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك, فأنشأ أبو نواس يقول:
قيل لي أنت أوحد الناس طراً في فنون من الكلام النبيه
لك من جوهر الكلام بديع يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى والخصال التي تجمعن فيه
قلت لا اهتدي لمدح إمام كان جبريل خادماً لأبيه
لقد ترك لنا الإمام الرضا (ع) مجموعة من التعاليم والوصايا التربوية والحضارية التي تساعدنا على الالتزام بالقيم - القيم الايمانية والاخلاقية والاجتماعية وغيرها - والوصول إلى درجة عالية من الإيمان، لأن الإيمان له مراتب ودرجات متعددة.
فقد جاء في أحاديث أهل البيت (ع) أن الإيمان يزيد وينقص ويشتدّ ويضعف, فهناك إيمان تام وهناك إيمان ناقص، هناك إيمان قوي ثابت وراسخ لا يهتز أمام الشبهات والشهوات والأهواء والمصالح وهناك إيمان ضعيف لا يصمد أمام المصالح والطموحات والآمال وأشكال الدنيا .
فعن الإمام الصادق (ع): الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهي, ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه الراجح الزائد,قلت: إن الإيمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال: نعم.
والإمام الرضا (ع) أراد لنا أن نرتقي بإيماننا إلى أعلى المراتب وأن يكون إيماننا تاماً وقوياً وراسخا وثابتا وأن نصل بإيماننا إلى مرحلة اليقين الذي هو أعلى مراتب الايمان.
فقد ورد عنه (ع): إن الإيمان أفضل من الإسلام بدرجة,والتقوى أفضل من الإيمان بدرجة، ولم يعط بنو آدم أفضل من اليقين.
واليقين يتمثل ويتجسد بالصبر عند البلاء, والشكر عند الرخاء, والرضا بالقضاء.
جاء قوم إلى رسول الله (ص) فقال: من القوم؟ فقالوا: مؤمنون يا رسول الله, قال: وما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء, والشكر عند الرخاء, والرضا بالقضاء. فقال رسول الله (ص): حلماء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون، فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون.
ويوجهنا الإمام الرضا (ع) في مورد آخر إلى ضرورة التزام الصمت في بعض الحالات وعدم إطلاق العنان للسان ليتكلم بما يحلو له, لأن اكثر مشاكلنا تأتي من إطلاق العنان لألسنتنا لتتكلم بما تشاء من دون ضوابط.
الكثير منا يرغب في الكلام أكثر من الانصات والاستماع، الكثير منا يحب أن يثرثر ويفيض في الأحاديث والكلام والتعليق على ما يسمع ويرى, الكثير منا ينفعل ويغضب وتثور أعصابه ويستفز عندما يواجه بعض القضايا والأحداث والتطورات أو يسمع ببعض الأشياء، فيطلق لسانه ليتحدث بكلمات غير مناسبة، وهنا قد تستدعي الضرورة في أحيان كثيرة أن نتربى على التزام الصمت وخاصة في حالات الانفعال والغضب وفي الحالات التي نخوض فيها بالحديث عن معلومات ومعطيات نملكها عن بعض الأمور الخطيرة والقضايا الحساسة, فإن التزام الصمت في مثل هذه الحالات يجعلنا نتلافى صدور كلمات غير مناسبة مثل الالفاظ القبيحة والبذيئة وكلمات السب والشتم وغير ذلك مما قد يصدر عن الانسان في حالات الغضب والانفعال, ويجعلنا نحافظ أيضا على الأسرار والمعلومات والمعطيات المتعلقة بأمور خطيرة وحساسة وعدم الخوض فيها في جلساتنا وسهراتنا وفي الأوقات التي يدعونا فيها الفضول للحديث بكل ما نعلم وبكل ما نعرف وبكل ما نسمع ونرى, خاصة أننا اليوم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي نتحدث عن كل شيء ونطلق المجال لألسنتنا لنقول كل شيء على الفايس بوك والواتس آب.
ومن هنا فإن إمامنا الرضا (ع) يشيد بالصمت ويحثنا عليه، فقد روي عنه أنه قال: من علامات الفقة (أي الفهم والوعي): الحلم والعلم والصمت،الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة, إنه دليل على كل خير.
ويؤكد الإمام (ع) في كلمة أخرى على قاعدة حضارية لو طبقت لعمت الفضيلة في المجتمع ولعم الأمن في العالم , هي قاعدة رفض المنكرات وعدم الرضا بها , فهو يقرر أن من رضي بشيء كان كمن آتاه لأن الرضا هو الأساس النفسي للفعل، فمن رضي بالفعل الحسن فهو يشارك في ثوابه وفضله , وأما من رضي بالفعل السيء والقبيح فهو يشترك في الإثم المترتب عليه.
هناك الكثير من المنكرات والتجاوزات والجرائم تقع ويتكرر وقوعها بسبب رضا البعض بوقوعها أو سكوته عنها أو تبريره لها.
هناك الكثير من الظلم والعدوان وانتهاك حقوق الإنسان يقع في هذا العالم بسبب تشجيع البعض على الظلم والعدوان وانتهاك حقوق الإنسان.
فلو رفع كل إنسان صوته بوجه الظلم والعدوان, ورفض فعل المنكرات في المجتمع وشجب بالقول والفعل ارتكاب الجرائم والإرهاب لتم القضاء على الرذيلة وعلى الإرهاب ولعلا صوت الحق على صوت الباطل.
ولذلك يقول الإمام (ع): من رضي شيئاً كان كمن آتاه، ولو أن رجلاً قُتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل.
ألم تتمادى المجموعات الإرهابية في القتل والذبح والتخريب بسبب رضا البعض عن أفعالهم وسكوته عنها او بسبب سياسة التبرير واختلاق الأعذار لهم ؟.
ألم تتمدد داعش في المنطقة بسبب البيئة الحاضنة لها والداعمة والمساندة التي تبرر لها ممارساتها الإجرامية بحق الأبرياء؟.
اليوم لا يزال البعض في فريق 14 آذار يجتهد لإيجاد الأعذار والتبريرات لداعش معتبرين أن ما قامت وتقوم به في عرسال هو رد فعل على وجود حزب الله في سوريا, من أجل الإيحاء بأن حزب الله هو المشكلة وليس داعش.
هم يريدون أن يقولوا للبنانيين: صحيح أن داعش خطر إلا أنها خطر بعيد بينما حزب الله هو الخطر الفعلي وهو خطر قريب, وبالتالي هو السبب المباشر لتهجير المسيحيين في المنطقة.
لكن هذا المنطق السخيف لم يعد ممكناً تسويقه ولم يعد ينطلي حتى على مؤيدي هذا الفريق خصوصاً بعد الذي جرى ويجري في الموصل وسوريا وعرسال حيث إن قسماً كبيراً من اللبنانيين حتى من مؤيدي 14 آذار بأتوا يعيشون القلف على مصيرهم ووجودهم ويبحثون عمن يطمئنهم ويعتبرون أن حزب الله الذي حمى لبنان واللبنانيين من الإرهاب الصهيوني قادر إلى جانب الجيش اللبناني على حماية لبنان بكل طوائفه من الإرهاب التكفيري.
وفي مطلق الأحوال تعمل المجموعات الإرهابية من داعش والنصرة على ابتزاز لبنان والجيش اللبناني في ملف المخطوفين العسكريين من خلال وضع شروط ومطالب واسعة النطاق تبدأ من إطلاق سراح موقوفين في سجن رومية ولا تنتهي بالدعوة إلى الضغط على حزب الله للإنسحاب من سوريا.
وحسناً فعلت الحكومة اللبنانية بالأمس ولو متأخرة برفض هذا الابتزاز من خلال رفض فكرة المقايضة مع المجموعات الإرهابية نهائياً. وكذلك رفض التفاوض معها، وحصر موضوع التفاوض بدول لها علاقة وتأثير على تلك المجموعات.
المطلوب اليوم من الدولة أن تستعيد هيبتها وأن تظهر بمظهر القوي وليس الضعيف أمام المجموعات الإرهابية.
المطلوب من الحكومة والطبقة السياسية تمكين الجيش والقوى الأمنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط الوضع في عرسال وتحرير العسكريين المخطوفين, والدولة ليست في موقع ضعف بل تملك الكثير من أوراق القوة التي يمكن أن تستخدمها في مواجهة الإرهابيين وأولها محاصرة المسلحين في الجرود ومنع وصول الإمدادت اليهم ومنعهم من استباحة عرسال وتحويلها إلى إمارة.
والحمد لله رب العالمين