كلمة في الذكرى السنوية السادسة للشيخ عبد الناصر جبري 23-12-2022
- المجموعة: نشاطات ولقاءات
- 23 كانون1/ديسمبر 2022
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1218
أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن المدخل الطبيعي للاستقرار الداخلي ومعالجة المشكلات والأوضاع المعيشية هو الإسراع في انجاز الاستحقاق الرئاسي
وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول المطلوبة للأزمات بعيدًا عن الشروط والاملاءات الامريكية.
وخلال حفل تكريمي أقامته حركة الأمة في الذكرى السنوية لرحيل أمينها العام الشيخ عبد الناصر جبري، شدد الشيخ دعموش على أن حزب الله دعا منذ البداية للتوافق الداخلي في الملف الرئاسي، لأن التوافق هو الحل الأسرع لإنجاز هذا الاستحقاق والخروج من حالة الانسداد السياسي.
ورأى أن السبب في الانسداد السياسي والتدهور الجديد في الأوضاع المعيشية ليس من يدعو الى الحوار والتفاهم بين اللبنانيين بل من يرفض الحوار ويدعو لتدويل الاستحقاق الرئاسي ويراهن على التدخل الخارجي ويصر على طروحات وترشيحات وخطابات تصعيدية واستفزازية تزيد من التوتر والانقسام في البلد.
وأكد أن الطريق الوحيد للحل في ظل التوازنات السياسية القائمة هو الحوار والتفاهم الداخلي، أما التدويل والتدخل الخارجي فلن يحل المشكلة بل سيؤدي الى تعقيد الأمور وزيادة الانقسامات وتعميق الأزمات.
وأشار الى أن لبنان يعيش أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخه ويواجه أوضاعًا صعبة في الغذاء والدواء والصحة والتعليم والكهرباء والنفايات وغيرها، ومن يتحمّل مسؤولية هذه الاوضاع والمآسي ومعاناة اللبنانيين، بالدرجة الاولى هو الأميركي ومن يعمل على استرضاء أميركا من المسؤولين والسياسيين الذين عطلوا الحلول واقفلوا الأبواب امام المساعدات واغرقوا لبنان بالأزمات وأوصلوا اللبنانيين الى مرحلة الفقر والجوع والبطالة واليأس والهجرة.
ولفت الى أن أميركا تمارس الضغط على لبنان كي لا يكون قويًا بل ضعيفًا وخاضعًا للشروط الأميركية والاسرائيلية، والمؤسف أن بعض اللبنانيين المرعوبين من العقوبات ومن غضب الامريكي لا يجرؤون على قول الحقيقة للبنانيين وأن سياسات الإدارة الأمريكية في لبنان هي السبب الرئيسي في مآسيهم وتدهور أوضاعهم المعيشية وانهيار عملتهم الوطنية وتعميق الأزمات التي يعانون منها.
نص الكلمة
في البداية، نتوجه بمشاعر العزاء والمواساة في ذكرى رحيل شيخنا الكبير والعزيز والحبيب والمجاهد والمربي سماحة العلامة الشيخ عبد الناصر الجبري ( رضوان الله تعالى عليه) إلى عائلته الكريمة وإلى السادة العلماء وخصوصا الى اخوانه في تجمع العلماء المسلمين والى طلابه ومحبيه في هذه الكلية المباركة.
إن خسارتنا وألمنا بفقد هذا العالم الجليل، هو ألم كبير وخسارة كبيرة، والإخوة جميعاً يشاركوننا هذا الاحساس، والإخوة العلماء، لا سيما الاخوة العلماء الذين واكبهم الشيخ عبد الناصر في تجمع العلماء والإخوة الطلاب الذين احتضنهم او الاخوة الذين عملوا معه في مختلف المجالات والساحات وعرفوا سماحة الشيخ عن قرب، هؤلاء جميعا شعروا بالخسارة والألم، وفقدوا بفقده العالم المتواضع والاستاذ المربي والاخ المجاهد والمقاوم الذي كان يتودد للجميع ويعطف على الجميع ويتواضع للجميع.
من واجبنا ومن حق سماحة الشيخ علينا أن نقدم شهادة حق وإنصاف بين يدي روحه الطاهرة، وان نتحدث عن بعض ميزاته، ونحن نجزم اننا مع شيخنا الجليل، نقف أمام قامة علمية وعلمائية وروحانية كبيرة وامام رمز كبير من رموز الوحدة والتقريب والمقاومة وامام شخصية متعددة الابعاد والمزايا.
لكن انا اريد في هذه الفرصة وباختصار أن أدخل إلى سماحة الشيخ الفقيد العزيز من زاويتين وبعدين،ويجب ان نقدمه كأسوة وقدوة ونموذج في هذين البعدين: البعد الاول هو البعد الايماني والاخلاقي والسلوكي، والبعد الثاني هو البعد الجهادي المقاوم، لاننا نحتاجه في هذين البعدين، نحتاج ان نتمثله ونتشبه به ونتعلم منه ونسير في دربه، ونواصل طريقه، ونجسد ما جسده في هذين البعدين وفي هذين العنوانين.
في البعد الاول نحن مع الشيخ عبدالناصر نقف مع نموذج رفيع في الإيمان والتقوى والورع والتواضع والصدق والإخلاص والصفاء والهدوء والاتزان والحنان والحب والعطف والأُبوة،ومع نموذج متقدم في الوعي والبصيرة والثبات والصبر والشجاعة في التعبير عن الموقف والقدرة على تحمل الأذى والاساءات والترفع عنها .
مع الشيخ عبد الناصر نقف مع العالم الزاهد في الدنيا، المعرض عن زخارفها وعناوينها وأشكالها ومصالحها وطموحاتها الضيقة، العامل فيها لآخرته، كان يرجو رحمة الله ورضى الله ويتطلع إلى ذلك العالم الاخروي، ويستعد له، لم تكن المواقع والمقامات والتشريفات والالقاب تعني له شيئا.
الشيخ عبد الناصر هو من العلماء الذين كانوا يعملون بدون طلب امتيازات شخصية، وبدون توقعات شخصية.
ولذلك يجب ان يكون قدوة لنا في كل هذه السلوك وفي كل هذه الاخلاق والصفات وفي كل هذا البعد الايماني والتقوائي في شخصيته.
البعد الثاني في شخصية سماحة الشيخ، هو شخصية العالم العامل الجاد الدؤوب المهاجر المجاهد المقاوم ، صاحب الهمّة العالية، الذي لا يقعده لا تعب ولا كلل ولا ملل ولا ضجر ولا يأس، صاحب الاردة والعزم الذي لا حدود لحركته ونشاطه.
كان جزءا من المقاومة، وواحدا من علمائها ومجاهديها ومفكريها والعاملين فيها في المجال السياسي والإعلامي والشعبي والاجتماعي والميداني.
كان منذ البداية وفي مواجهة كل الأحداث والتحديات والإستحقاقات والظروف الصعبة والخطيرة خصوصاً بعد أحداث 2005، 2006 في لبنان وما تلاها من أحداث ، واضحا وثابتا وراسخاً في طريق المقاومة ، لم يغير ولم يشكك ولم يتردد ولم يتراجع ولم يتخلى عن مواقفه ولم يكن في شخصيته ومسيرته مكان للتحولات ولا للأهواء ، بل بقي في خط ثابت وواضح وراسخ صادقا في عهده مع الله ووفيا ولم يبدل تبديلا فكان بذلك مصداقا حقيقيا لقوله تعالى" من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"
في كل المراحل الصعبة عندما كانت تتعرض المقاومة لحملات من التحريض والاتهامات الباطلة والاكاذيب والافتراءات والتشويه الاعلامي والسياسي وقلب الحقائق كان الشيخ عبد الناصر الى جانب اخوانه من اول المبادرين للتصدي لمثل هذه الحملات الظالمة، وعندما احتاجت المقاومة إلى دفاع عن شرعيتها وخيارها ومنطقها ومشروعها كان الشيخ عبد الناصر كبقية إخوانه في تجمع العلماء المسلمين، وفي جبهة العمل الإسلامي، في الأطر الإسلامية المختلفة، صوتاً عالياً وقوياً وشجاعاً في الدفاع عن المقاومة وإلى آخر لحظة في حياته.
لان المقاومة في لبنان وفلسطين كانت من ثوابته الاساسية التي لا يحيد عنها في اي ظرف من الظروف.
كل شيء كان يقدر سماحة الشيخ عبد الناصر أن يُقدمه في طريق هذه المقاومة كان مُستعداً لكي يقدمه بلا حدود.
كل هذه التوجهات، هي حقيقة يعرفها الناس جميعاً عن شيخنا عرفوها وشاهدوها وعايشوها عن قرب في شخصيته وفي مسيرته.
نحن نحتاج إلى هذا النموذج الذي عايشناه عن قرب وشهدنا سيرته وحياته وسلوكه، ونشهد له بذلك بعد رحيله وبعد وفاته، ونقدمه نموذجاً لنا، وأسوة لنا، ونتّخذه مثالاً وقدوة.
نحن بحاجة إلى هذه القدوة وهذه الأسوة لنقدمها لإخواننا وأخواتنا ولأجيالنا أيضاً، كما نقدم قادتنا الآخرين الذين استشهدوا أو الذين توفوا بما لهم من ميزات، وبما لهم من مواصفات جليل وعظيمة.
اليوم المقاومة التي كان شيخنا في كل المراحل جزءا منها وسنداً كبيراً لها ولجهادها في لبنان هي في أوج قوتها وحضورها وعطائها رغم كل الضغوط والتحديات، وهي عصية على كل محاولات الاستهداف الامريكي والاسرائيلي والسعودي وادواتهم في الداخل، ولن ينال من ارادتها وعزيمتها وصورتها وأدائها او يغير من قرارها او مواقفها لا الحصار ولا العقوبات ولا الحملات الاعلامية المأجورة ولا الاكاذيب والافتراءات والاتهامات الباطلة ولا كل محاولات التشويه وقلب الحقائق، ستخيب كل المحاولات والاحلام والامال والاماني والرهانات الخبيثة، وستبقى المقاومة حاضرة بقوة في وجدان شعبها وفي المشهد اللبناني والاقليمي وفي الخطوط الامامية لتحمي لبنان ولتدافع عن لبنان ولتصنع معادلات القوة التي اعادت للبنان ثرواته وحقوقه ..
اللبنانيون الافياء والشرفاء متمسكون بالمقاومة ولا يمكن ان يحيدوا عنها او يتخلوا عن سلاحها واهدافها ورسالتها مهما اشتدت الضغوط وكبرت التحديات، لانهم رأوا صدقها واخلاصها لهذا الوطن وعاشوا على امتداد العقود الماضية انتصاراتها وانجازاتها التي صنعتها للبنان ولكل اللبنانيين وآخرها استعادة ثروات لبنان البحرية الغازية والنفطية.
اليوم لبنان يعيش أسوأ ازمة اقتصادية ومعيشية في تاريخه ويواجه أوضاعا صعبة في الغذاء والدواء والصحة والتعليم والكهرباء والنفايات وغيرها، ومن يتحمّل مسؤولية هذه الاوضاع والمآسي ومعاناة اللبنانيين، بالدرجة الاولى هو الامريكي ومن يعمل على استرضاء اميركا من المسؤولين والسياسيين الذين عطلوا الحلول واقفلوا الابواب امام المساعدات واغرقوا لبنان بالازمات وأوصلوا اللبنانيين الى مرحلة الفقر والجوع والبطالة واليأس والهجرة.
اعظم جريمة ترتكبها الولايات المتحدة الامريكية بحق اللبنانيين انها تحاصر لبنان وتضع العراقيل أمام أي حل، من خلال الضغط على بعض المسؤولين كي لا يسيروا بخطط إنقاذية حقيقية او يقبلوا بعروض جدية من دول صديقة تساعد على خروج البلد من ازماته. اميركا تمارس كل هذا الضغط وترتكب كل هذه الجرائم كي لا يكون لبنان قويا بل ضعيفا وخاضعا للشروط الامريكية والاسرائيلية والمؤسف ان بعض اللبنانيين المرعوبين من العقوبات ومن غضب الامريكي لا يجرؤون على قول الحقيقة للبنانيين وان سياسات الادراة الامريكية في لبنان هي السبب الرئيسي في مآسيهم وتدهور اوضاعهم المعيشية وانهيار عملتهم الوطنية وتعميق الازمات التي يعانون منها.
اليوم المدخل الطبيعي للاستقرار الداخلي ومعالجة المشكلات والاوضاع المعيشية هو الاسراع في انجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على اتخاذا القرارات وإيجاد الحلول المطلوبة للأزمات القائمة بعيدا عن الشروط والاملاءات الامريكية، وحزب الله يدعو للتوافق الداخلي في الملف الرئاسي، لأن التوافق هو الحل الأسرع لانجاز هذا الاستحقاق والخروج من حالة الانسداد السياسي .
اليوم السبب في الانسداد السياسي والتدهور الجديد في الاوضاع المعيشية ليس من يدعو الى الحوار والتفاهم بين اللبنانيين بل من يرفض الحوار ويدعو لتدويل الاستحقاق الرئاسي ويراهن على التدخل الخارجي ويصر على طروحات وترشيحات وخطابات تصعيدية واستفزازية تزيد من التوتر و الانقسام في البلد.
ويجب ان يعرف الجميع ان الطريق الوحيد للحل في ظل التوازنات السياسية القائمة هو الحوار والتفاهم الداخلي، أما التدويل والتدخل الخارجي فلن يحل المشكلة بل سيؤدي الى تعقيد الأمور وزيادة الانقسامات وتعميق الأزمات.