كف الاذى عن الناس
- المجموعة: المحاضرات الأسبوعية
- 11 تموز/يوليو 2016
- اسرة التحرير
- الزيارات: 8019
الشيخ دعموش في المحاضرة الإسبوعية 11-7-2016: إيذاء المؤمن وتتبع عيوبه ونشر هفوته وإسقاطه من أعين الناس وإيذائه بأي وجه هو ظلم وجرم وعدوان مرفوض.على الإنسان المؤمن أن يتحلّى بالأخلاق والصفات والخصال الحميدة والنبيلة الرّاقية الّتي دعا إليها الإسلام والتي تجعل الإنسان محبوباً في مجتمعه، ومن هذه الأمور كف الأذى عن النّاس.
وكفّ الأذى معناه الابتعاد عن كل عمل من شأنه أن يلحق الضرر أو الإساءة أو الإهانة بالآخرين سواء كان ضرراً ماديّا كالضرب أو التكسير للممتلكات والأشياء الخاصة، أو ضرراً معنوياً، كالكلام الجارج أو المهين أو الكلام الّذي من شأنه النيل من مكانة الآخرين وكرامتهم وحرمتهم وسمعتهم.
إلحاق الأذى والضرر بالناس الّذين يعيشون معك ومن حولك هو من الأمور الّتي نهى الله تعالى عنها في قوله تعالى " وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ".
وعن أبي موسى الأشعري قال : قلنا يا رسول الله : أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده.
وفي بعض الأحاديث اعتبر النبي(ص) ان الذي يؤذي أي مؤمن من إخوانه فهو لا يؤذيه وحده بل يؤذي نفس رسول الله (ص)وهل يهون على المؤمن أن يكون مؤذياً لرسول الله (ص)؟!
فقد روي عن النبي (ص) أنه قال (ص): "من آذى مؤمناً فقد آذاني".
بل في بعض الروايات أن من يؤذي أخاه فقد أعلن الحرب على الله وعلى رسول الله(ص) أو جهّز لمحاربته كما في الحديث عن النبي )ص)قال: "قال اللَّه تبارك وتعالى: من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي".
ويقول الإمام زين العابدين (عليه السلام: "(كفّ الأذى من كمال العقل وفيه راحة للبدن عاجلاً وآجلاً"13.
وإلحاق الأذى بالنّاس والإساءة اليهم وإهانتهم يؤدي إلى الكثير من المشاكل بين النّاس كما يؤدي الى البغضاء والكراهية والحقد في المجتمع , اضافة الى الإثم والخطايا الّتي تلحق بالشّخص في الآخرة.
وهناك صور ومصاديق وأمثلة كثيرة لكفّ الأذى واقعية وتحصل في مجتمعاتنا :
1-من صور كفّ الأذى كف أذى اللسان, كفّه من خلال عدم الثرثة والكلام الفضولي وعدم الخوض في الأحاديث التي قد تجرح الآخرين أو تنال من سمعتهم وتسبب الألم لهم وتنزيه اللسان عن الإستغابة والكذب والسب والشتم والطعن والنميمة ونقل الكلام الذي يمكن أن يوقع الخلاف والعدواة بين الناس، فهناك الكثير من حالات الأنفصال التي تقع بين الأزواج أو حالات الخلاف والتفرقة التي تحصل بين الأصدقاء او مع الجيران أو مع الأقرباء سببها النميمة ونقل الكلام من هنا وهناك بشكل فضولي, ولذلك على الإنسان أن يترك مالا يعنيه، فكل هذه الأمورتلحق الأذى بالنّاس وتدمر العلاقات الأسرية والرحمية وعلاقات الصداقة والعلاقات الإجتماعية وتدفع الناس الى الكراهية والبغضاء.
2- كف أذى اليد وعدم الإعتداء على النّاس بالضرب و الإيذاء الجسدي أو تخريب ممتلكاتهم وأشيائهم الخاصة صغيرةً أو كبيرةً، حيث نرى خصوصا عند حصول خلافات ونزاعات بين شخصين او اكثر كيف يلجأ البعض الى الضرب والغراك وتكسير وتحطيم ما يراه امامه من ممتلكات خصمه , وكل هذه الأمور غير جائزة, فلا يجوز الاعتداء على الأخرين بالضرب أو الإيذا ء الجسدي حتّى لو كان لك حقّ عنده , فليس بهذه الطريقة يحصل الانسان على حقوقه.
ومن صور الإيذاء والاعتداء : إيذاء الرجل زوجته بظلمها وقهرها ومعاملتها بشدة وقسوة وغلظة وحرمانها من حقوقها واتهامها وإساءة الظنبها وتخوينها والشك بها في غير ريبة ، ومعاملتها بالخلق الدني واللسان البذي الذي لا تبقى معه عشرة ولا يدوم معه استقرار ولا سكون ولا راحة ، ومن الرجال من اذا وقع الخلاف بينه وبين زوجته يترك زوجته معلقة لا متزوجة ولا مطلقة من أجل ابتزازها لتتخلى عن مهرها او لتدفع له مبلغا من المال لكي يطلقها ، ومن الرجال من يحرم المرأة أولادها بعد تطليقها إمعاناً في الإساءة والأذى.
ومن صور الأذى : إيذاء المرأة زوجها بالمعاندة والمعارضة والمكايدة والاستفزاز وعدم رعاية حقه في غيابه وحضوره ..
3-وأيضاً على الشَخص أن لا يتّبع عورات الناس ولا يفتش عن عيوبهم واسرارهم وخصوصياتهم من أجل أن يفضحهم بها، فهذا يعد من أسوء صور الأذى، وعلى العكس من ذلك عليه أن يستر على عيب أخيه بما يرى منه من أعمال أو أخطاء وعيوب، بل عليه أن يقدّم له النصيحة والعون حتى يترك ما عليه من أخطاء وعادات سيّئة.
إيذاء المؤمن وتحقيره وتصغيره وتعييره وتتبع عيوبه ونشر هفوته وإسقاطه من أعين الناس، وفضيحته وإيذائه بأي وجه هو ظلم وجرم وعدوان مرفوض.
4-كف الاذى عن الطريق, بمعنى عدم إيذاء الناس في الطرقات والشوارع العامة بإعاقة حركة مرورهم اما بايقاف السيارات بشكل يقفل الطريق على الآخرين او بوضع البضاعة على الأرصفة (بصطات او عربات او بضاعة امام المحلات التجارية او ما شاكل) بطريقة تعيق حركة مرور الناس او بالجلوس في الشوارع وفتح احاديث من خلال نوافذ السيارات وتعطيل السير الخ فان كل ذلك يسبب أذى للناس : قال رسول الله (ص): إياكم والجلوس في الطرقات" . قالوا : يا رسول الله ! ما لنا بد من مجالسنا . نتحدث فيها . فقال (ص): "فإذا أبيتم إلا المجلس ، فأعطوا الطريق حقه ". قالوا : وما حقه ؟ قال : "غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر".
وقال النبى (ص): إماطة الأذى عن الطريق صدقة ".
ومن صور الأذى : رمي النفايات والأوساخ والمهملات في طريق الناس وأفنيتهم.. فعن النبي – ص– قال : ” اتقوا اللعانين ، قالوا : وما اللعانان يا رسول الله ؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم ” ..وعن أبي برزة الأسلمي قال : قلت : ” يا رسول الله دُلَّني على عمل يدخلني الجنة ، قال : ” اعزل الأذى عن طريق المسلمين.
5-كف الاذى عن الجيران فان عدم إيذاء الجار من الإيمان. قال (ص): من كان يؤمن بالله واليوم فلا يؤذ جاره.
6-ومن صور الإيذاء التشويش على المصلين في المساجد برفع الأصوات في العاء او في قراة القران او في الأحاديث الجانبية التي تجري بين رواد المساجد فيها, او المزاحمة والتدافع والتخطي فوق رقاب الناس الي يحصل في المحافل خلال الدخول او الخروج من المساجد والمجمعات والاحتفالات وكذلك الصلاة في الطرق والممرات وعلى الأبواب وكذلك إيذاء المسلمين بالروائح الكريهة ، فقد ” جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي – ص– يخطب ، فقال : ” اجلس فقد آذيت” .
وعن أبي سعيد الخدري قال : ” اعتكف النبي – ص– في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال : ” ألا إن كلكم مناجٍ ربَّه ، فلا يؤذينَّ بعضُكم بعضا ، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة ”.
والحمد لله رب العالمين