الشيخ دعموش في المحاضرة الاسبوعية 27-4-2015: على الإنسان أن يكثر من أعماله الخيرة لتتناسب مع حجم عطاء الله ونعمه عليه.
- المجموعة: المحاضرات الأسبوعية
- 27 نيسان/أبريل 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 3629
تناول سماحة الشيخ علي دعموش في المحاضرة الاسبوعية الحديث عن دعاء شهر رجب فقال: شهر رجب هو شهر الدعاء، حيث يتوجه المؤمنون إلى الله سبحانه وتعالى فيه بنية صادقة وقلوب مطمئنة بأدعية مأثورة، ولعل أهمها الدعاء اليومي الذي يستحب قراءته بعد كل فريضة وهو دعاء (يا من أرجوه لكل خير).
فان هذا الدعاء يتضمن مناجاة عظيمة، وعلى الإنسان أن يقرأه بتأمل ووعي, من أجل أن يدرك معانيه ومضامينه ودلالاته العظيمة, فإن الإنسان كلما قرأه بوعي وإدراك معانيه ازداد قرباً من الله سبحانه.
(يا من أرجوه لكل خير):
الإنسان عندما يقوم بأعمال خيرة وطيبة وصالحة ونافعة، تنفعه أو تنفع أسرته ومجتمعه وأمته، فإنه يتوقع من الله الثواب والأجر على تلك الأعمال، فهو يرجو ويأمل من الله أن يثيبه على كل عمل خيّر يصدر منه.. بفضل كرمه وجوده، ولذلك فهو يتوجه إليه ويناجيه بأن يمنحه الثواب الذي يستحقه على أعماله النافعة والخيرة, على الصلاة والصوم والبر والمعروف والمرابطة في سبيل الله وغيرها.
(وآمن سخطه عند كل شر):
وهذه مناجاة ثانية حيث يأمل الإنسان من الله أن يؤمنه سخطه وغضبه عندما يصدر منه الشر حيث إن هناك أعمالاً قبيحة وسيئة تستوجب غضب الله وسخطه، فإذا صدرت هذه الأعمال من العبد استحق العبد غضب الله وعقابه، ولكن الإنسان كما يتوقع ثواب الله عند كل عمل خير يصدر منه، فإنه يلجأ الى الله من سخطه ويتوقع أن يؤمنه الله عضبه وعقابه عند كل عمل شرير أو سيء يصدر منه، بفعل عفوه ورحمته ورأفته وصبره على عباده، فالله الصبور الرحيم الرؤوف لا يقابل سوء عبده وشره بالغضب وبتعجيل العقوبة بل يقابله بالصبر على إساءته ومعصيته بحيث إن العبد يأمن سخطه عند كل شر.
(يا من يعطي الكثير بالقليل):
الكرم الإلهي هو كرم واسع غير محدود، وعطاؤه عطاء جزيل لا حدود له، ومن هذا الموقع فإن الله يقابل العطاء القليل والمحدود الذي يعطيه العبد في سبيل الله وفي خط طاعته بعطاء كثير ولا محدود، وعندما يقارن الإنسان بين أعماله القليلة التي يقوم بها لله وفي طاعته وبين عطاء الله سبحانه ونعمه وألطافه وكرمه وجوده سيجد أن ما يقوم به لا يساوي شيئاً أمام ما يمنحه الله للإنسان من ثواب وجزاء على أعماله القليلة، وأمام ما يجود به الله من نعم وخيرات على عبده [وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها].
وهذا ما يدعو الإنسان إلى الشعور بالتقصير دائماً أمام الله سبحانه وتعالى, فمهما كانت أعمال الإنسان عظيمة وعباداته كثيرة وخدماته جليلة وتضحياته كبيرة تبقى قاصرة عن موازاة ومساواة ما يعطيه الله لعباده عليها.
وهذا يعني أن على الإنسان أن يجتهد دائماً في طاعة الله وأن يكثر من أعماله الخيرة والصالحة لتتناسب مع حجم عطاء الله ومننه ونعمه على عباده.
فالمرابطة في سبيل الله والصبر والثبات في مواجهة الصعاب والشدائد والتحديات وحتى دماء الشهداء وتعب المجاهدين في سبيل الله وصبر المظلومين والمقهورين تبقى قليلة ومحدودة في مقابل العطاء الإلهي الكثير الذي يمنحه الله للثابتين والصابرين والشهداء والمجاهدين.
(يا من يعطي من سأله):
فإن الله يعطي من سأله ولو بعد حين إن كان صالحاً، فالعطاء لمن يسأل الله بقلب صادق ومخلص سيحصل حتماً، لكن قد تتأخر الاستجابة إلى أن يحين وقتها.
البعض قد يقول: اني أدعو الله كثيراً ولن الله لا يحقق الإجابة ولا يعطيني ما سألته! التأخير في الإجابة قد يكون بسبب أن وقت العطاء والإجابة لم يحن بعد.. فإذا جاء وقت الإجابة أعطى من سأله..
ألم نكن ندعو الله قبل العام 2000 بأن ينصرنا الله على الاحتلال.. وكان البعض يقول لماذا لم يستجب الله دعائنا؟! لكن عندما جاء وقت الإجابة، أنزل الله علينا النصر ودحر الاحتلال مهزوماً في عام 2000.
(يا من يعطي من لم يسأله ولم يعرفه تحنناً منه ورحمة):
لا يقتصر عطاء الله على من سأله وطلب منه حاجته بل إن الله بفعل رحمته ورأفته بعباده يعطي حتى من لم يسأله ومن لم يعرفه أيضاً.
فالله يعطي من يعرفه ولم يسأله.. كما يعطي الطفل المولود غذائه ورزقه, ويعطي ايضاً حتى من لم يعرفه ولا يؤمن به بل ويجحد به كالكفار والمشركين.. وكلا هذين الصنفين يعطيهما الله تحنناً منه وتفضلاً ورحمة.
(أعطني لمسألتي اياك جميع خير الدنيا والآخرة واصرف عني جميع شر الدنيا وشر الآخرة):
أعطني جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة الذي تعلم انت انه خير لي ومصلحة لي في الدنيا وفي الآخرة.
أعطني ما هو خير لي لأنك أنت اعلم بما هو خير لي وبما ينفعني في الدنيا والآخرة.
قد يطلب الإنسان من الله أن يعطيه مالاً كثيراً أو ثروة كبيرة أو أن يجعله مسؤولاً أو في المنصب الفلاني أو الموقع الاجتماعي أو السياسي الفلاني.. ولكن الله لا يعطيه ذلك لأنه يعلم ذلك سيكون شراً له, يعلم مثلاً بأنه إذا كان صاحب مال كثير أو ثروة كبيرة فسوف ينفق ذلك في معصية الله, وانه إذا كان في الموقع الفلاني أو المنصب الفلاني فإنه سيطغى ويستكبر ويظلم الناس ويسلب حقوقهم, وبالتالي لن يكون ذلك خيراً له لا في الدنيا ولا في الآخرة, ولذلك فإن الإنسان يطلب من الله أن يعطيه ما يعلم انه خير له في الدنيا والآخرة.
(واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة):
يا رب امنع عني الشر والسوء الدنيوي والأخروي الذي تعلمه حتى لا يصيبني في الدنيا والآخرة.
(فانه غير منقوص ما اعطيت وزدني من فضلك يا كريم):
عطاؤك عطاء كامل وتام لا نقص فيه ولا عيب فيه.
( يا ذا الجلال والاكرام يا ذا النعماء والجود يا ذا المن والطول حرم شيبتي على النار):
لو أعطانا الله جميع النعم فلا فائدة منها ما لم يحرم أجسادنا على النار, ولذلك فان المؤمن يتوجه في نهاية الدعاء للطلب من الله بان يحرم أجسادنا على النار.