النصر بين العنصر الروحي والمادي

النصر في المفهوم الإسلامي: هو حسم المعركة بالقوى المادية والمعنوية لصالح المؤمنين, هو العون الذي يقدمه الله للمؤمنين فيقلب الموقف في الحرب لصالح المؤمنين, ويهزم العدو في الميدان, ويفشل أهدافه, ويعطل حركته..

خلاصة الخطبة

 الشيخ دعموش : ما جرى في اللبونة رسالة قوة يجب أن يفهمها العدو.

أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن المقاومة اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه في العام 2006م. وهي على أتم الاستعداد والجهوزية لمواجهة العدو وخروقاته البرية, وهذا ما برهنت عليه عندما تصدت للاختراق الإسرائيلي الأسبوع الماضي في اللبونة.

 واعتبر: أن تبني المقاومة للكمين في اللبونة وعلى لسان سماحة الأمين العام حفظه الله وضع حداً نهائياً وحاسماً لكل الفرضيات والتفسيرات الإعلامية والسياسية لهذا الحدث.

 وأشار: الى أن المقاومة أرادت من خلال الكمين في اللبونة أن تقول للعدو: إن كل تحركاتك داخل الحدود الجنوبية هي تحت عين المقاومة وفي متناول يديها، وأن المقاومة حاضرة وجاهزة ومستعدة بشكل كامل للمواجهة, وأن لا شيء يمكن أن يلهيها عن واجب التصدي لأي عدوان.. لا انشغالاتها في سوريا, ولا ما يفتعله خصومها من مشكلات متنوعة.

 وقال: المقاومة لن تسكت من الآن فصاعداً عن التعامل المدروس مع أي خرق إسرائيلي, ولن يكبل يديها لا القرار الأوروبي بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب, ولا القرار 1801 , ولا كل من يعمل في الداخل على التشكيك بجدوى المقاومة وأهدافها.  وأضاف: ما جرى هو رسالة قوة يجب أن يفهمها العدو, وهي أيضاً رسالة طمأنينة إلى أهلنا الصابرين الأوفياء, بأن المقاومة على وعدها الصادق معكم دائماً جاهزة للدفاع عنكم وعن بلدكم.

 

نص الخطبة

قال تعالى: [واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فأواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون]. الأنفال/ 26.

النصر هو العون الذي يقلب الموقف في الحرب لصالح فريق معين.

والنصر في المفهوم الإسلامي: هو حسم المعركة بالقوى المادية والمعنوية لصالح المؤمنين, هو العون الذي يقدمه الله للمؤمنين فيقلب الموقف في الحرب لصالح المؤمنين, ويهزم العدو في الميدان, ويفشل أهدافه, ويعطل حركته..

وهذا النصر الإلهي لا يتحقق إلا بشروط.. يمكن اختصارها في عنصرين أساسيين هما: عنصر الإيمان وعنصر القوة المادية.

 ونعني بعنصر الإيمان: الارتباط بالله سبحانه, والثقة به, والاعتماد عليه، واللجوء إليه, لأن ذلك هو الذي يجعل الإنسان يحصل على قوة معنوية تبعده عن الخوف والقلق واليأس وتدفعه إلى التضحية في سبيل الله. قال تعالى: [إن ينصرْكُمُ الله فلا غالب لكم وإن يخذُلُكمْ فمن ذا الذي ينصُرُكُمْ من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون].

ثم الصبر والثبات, قال تعالى: [أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلمِ اللهُ الذين جاهدوا منكم ويعلمَ الصابرين]. وقال تعالى: [فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين بإذن الله].

 ثم الطاعة لولي الأمر والقيادة, والالتزام بأوامرها والمسؤوليات التي تحددها...

ثم الصدق, حيث يقول أمير المؤمنين (ع): الحرب سجال فيوم لنا من عدونا ويوم لعدونا منا, حتى إذا رأى الله صدقنا أنزل علينا النصر وبعدونا الكبت.

ونعني بالقوة المادية: أن يكون لدى المقاتلين سلاح وعتاد, وخبرة, وكفاءة قتالية, وإعداد جيد للمعركة, وتخطيط دقيق, ودراية بكل الأوضاع والظروف السياسية المحيطة, فهذه أمور ضرورية, لأن الله جعل النصر والهزيمة تابعين وخاضعين للأسباب والوسائل الطبيعية والأسباب المادية إلى جانب الأسباب المعنوية والروحية, فالذي لا يملك وسائل المعركة المادية لا ينتصر وإن كان على حق، ولذلك فقد أكد القرآن على ضرورة الإعداد العسكري من أجل تحصيل القدرة على المواجهة, وتحطيم الروح المعنوية للأعداء بقوله تعالى: [وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم].

إذن: فلا الإيمان بمعناه الشامل الذي يتضمن الإخلاص والصدق والتوكل على الله والثقة به وحده كافياً في كسب المعركة, ولا القوة المادية وحدها كافية, وإنما كلاهما عنصران ضروريان فيها, وقد كانا متوفرين في كل معارك المسلمين الأولى, وساهما معاً في تحقيق الانتصارات في هذه المعارك, كما أنهما كانا متوفرين في معارك المقاومة الإسلامية مع الصهاينة, وخاصة في العدوان الأخير على لبنان(سنة 2006) وساهما معاً في تحقيق الانتصار الإلهي التاريخي الاستراتيجي, لأن أهم أسباب وخلفيات الانتصار الذي حققته المقاومة في هذه الحرب هي أن المجاهدين في هذه المقاومة كانوا يملكون قوة روحية معنوية لا نظير لها, فهم على درجة عالية من الإيمان والثقة بالله والارتباط به والتوكل عليه والإخلاص له والصدق معه، وهم على درجة عالية من الشجاعة والثبات والصبر والصمود في مواجهة العدو, وقد جسدوا أسمى معاني الصبر والثبات والصمود وشجاعة التصدي للعدوان في المواجهات التي حصلت في مارون الرأس وبنت جبيل وعيتا الشعب والخيام ووادي الحجير وغيرها من المواقع, كما أنهم يملكون القدرة والقوة والكفاءة التي استطاعت أن تشكل مفاجآت كثيرة للعدو, خصوصاً وأنه لم يكن يتوقع أن يملك المجاهدون في المقاومة الإسلامية هذا النوع من القدرة والقوة, وخاصة الصاروخية وسلاح الدروع, ولا هذه الخبرة والكفاءة القتالية والتقنية العالية التي جسدها المجاهدون في ميادين الجهاد.

  ولا شك أن الله يتدخل في الصراع الذي يكون المؤمنون طرفاً فيه, باعتباره ولياً للمؤمنين والولاية توجب النصرة، وبالتالي فإن الله يدير الصراع من موقع ولايته على المؤمنين ولصالحهم، وهو يتدخل في المعركة تدخلاً شاملاً منذ بدايتها حتى نهايتها كصاحب قضية فهو:

1 ـ يتدخل في توجيه مسار الحرب لتكون النتيجة لمصلحة المؤمنين.

2 ـ وفي الحضور المباشر والفاعل في الميدان عن طريق إحداث بعض المفاجآت للعدو واستعمال المباغتة, بحيث لا يعرف العدو من أين ومتى وكيف حصل ذلك. يقول تعالى عن معركة بني النضير: [فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا]. [وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله].

3 ـ وهو سبحانه يقلل قوة العدو بنظر المؤمنين لرفع معنوياتهم. يقول تعالى: [وإذ يُريكُمُوهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقللكم في أعينهم (ليستهين العدو بكم) ليقضي الله أمراً كان مفعولاً].

4 ـ وهو سبحانه يتدخل في تسديد الرمي وينسب القتل لنفسه لا للمجاهدين, حيث يقول تعالى: [فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى].

5 ـ ويتدخل سياسياً في تسديد القيادة وعصمتها عن الانحراف والضعف والوهن أو التراجع.

6 ـ ويتدخل في تثبيت المؤمنين وإنزال السكينة والطمأنينة عليهم, ومنحهم المزيد من الإرادة والصلابة والشجاعة [إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا]. [لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً مبيناً]. [ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين].

7 ـ ويتدخل بإلقاء الرعب والخوف في قلوب الأعداء [سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله].[إذا يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب] وقد ألقى الله الرعب في قلوب يهود بني النضير [وقذف في قلوب الذين كفروا الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم]. وألقى الرعب في يهود بني قريظة [وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وفريقاً تأسرون].

وألقى الرعب في قلوب الصهاينة في حرب تموز, وقد تحدث الجنود عن خوفهم ورعبهم عندما دخلوا إلى بعض القرى الحدودية..

لقد ألقى الرعب في قلوبهم عندما انهارت دباباتهم في وادي الحجير والغندورية, فسارعوا إلى طلب إيقاف الحرب خشية من انهيار كامل للبنية العسكرية الإسرائيلية..

واليوم المقاومة أقوى بكثير مما كانت عليه في العام 2006م. وهي على أتم الاستعداد والجهوزية لمواجهة هذا العدو وخروقاته البرية.

وهذا ما برهنت عليه المقاومة عندما تصدت للاختراق الإسرائيلي الأسبوع الماضي في اللبونة.

إن تبني المقاومة للكمين في اللبونة وعلى لسان سماحة الأمين العام حفظه الله يضع حداً نهائياً وحاسماً لكل الفرضيات والتفسيرات الإعلامية والسياسية لهذا الحدث.

المقاومة الإسلامية هي من نصب الكمين للقوة المعادية.. وهي من فجّر العبوات بالإسرائيليين, والمقاومة تريد من خلال ذلك أن تقول لهذا العدو:

إن كل تحركاتك داخل الحدود الجنوبية هي تحت عين المقاومة وفي متناول يديها، وأن المقاومة حاضرة وجاهزة ومستعدة بشكل كامل للمواجهة, وأن لا شيء يمكن أن يلهيها عن واجب التصدي لأي عدوان.

على العدو أن لا تغريه انشغالات المقاومة بتحصين ظهرها في سوريا, أو بما يفتعله خصومها من مشكلات متنوعة, وأن لا يستغل ذلك لشن أي عدوان مفاجئ, لأن المقاومة يقظة وجاهزة.

المقاومة لن تسكت من الآن فصاعداً عن التعامل المدروس مع أي خرق إسرائيلي.

ولن يكبل يدي المقاومة لا القرار الأوروبي بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب, ولا القرار 1801 , ولا كل من يعمل في الداخل على التشكيك بجدوى المقاومة وأهدافها وغاياتها وجهوزيتها ممن ابتلعوا ألسنتهم عند حصول الخرق الإسرائيلي ولم يعلقوا على ما جرى.

كان الأجدر بهؤلاء أن يبتلعوا ألسنتهم عندما يتحدثون ضد المقاومة وسلاحها.. فالصمت هنا أشرف لهم من الصمت على الخروقات الإسرائيلية المعادية.

ما جرى هو رسالة قوة بهذا المعنى يجب أن يفهمها العدو, وهي أيضاً رسالة طمأنينة إلى أهلنا الصابرين الأوفياء, بأن المقاومة على وعدها الصادق معكم دائماً يقظة وحاضرة وجاهزة للدفاع عنكم, عن أنفسكم وأرضكم وبلدكم بكل ما تملك من أسباب القوة.

والحمد لله رب العالمين