الشيخ دعموش يلقي كلمة في افتتاح المؤتمرالتحضيري للأحزاب الاسلامية المنعقد في طهران بتاريخ24/11/2007
- المجموعة: ندوات
- 24 تشرين2/نوفمبر 2007
- اسرة التحرير
- الزيارات: 4641
بدعوة من حزب المؤتلفة عقد مؤتمر الأحزاب الإسلامية اجتماعا تحضيريا في العاصمة الإيرانية طهران بمشاركة ممثلين عن عشرة أحزاب إضافة إلى عدد كبير من الشخصيات السياسية والحزبية في الجمهورية الإسلامية.
ومن الأطراف المشاركة في اجتماع المؤتمر -الذي يستضيفه حزب مؤتلفه الإيراني- حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من فلسطين (موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس )وحزب الله اللبناني(مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله اللبناني الشيخ علي دعموش )والمجلس الإسلامي الأعلى من العراق وحركة أمل اللبنانية ( عضو هيئة الرئاسة الحاج خليل حمدان) والحزب الإسلامي الكويتي وثلاثة أحزاب إسلامية من أذربيجان.
وهذا نص كلمة الشيخ دعموش:
بسم الله الرحمن الرحيم
مؤتمركم الكريم هذا ينعقد في فترة من التاريخ بالغة الدقة مليئة بالمصاعب والتحديات الكبرى، وفي ظل ظروف صعبة تعاني منها منطقتنا بسبب الاحتلال الاسرائيلي من جهة، ومشروع الهيمنة والتسلط الأمريكي من جهة أخرى.
ولا يهدد هذا المشروع الانظمة السياسية او الحركات او الاحزاب فقط ، بل يهدد الامة بأكملها في استقلالها وسيادتها ومواردها ،وفي قدرتها على التعبير عن نفسها وعن خصائصها الحضارية ،كما يهددها في حقوقها الكاملة غير المنقوصة،وفي جعلها تابعاً مستهلكاً للانتاج الفكري والاقتصادي والعلمي الامريكي والغربي،وذلك في ظل سيطرة قصوى لأدوات هذا المشروع المالية،والاعلامية،والعسكرية المباشرة وغير المباشرة ،بل إنه يتعدى ذلك على اضعاف انتمائنا إلى تاريخنا وقيمنا الروحية، وإلى السيطرة على مستقبل اطفالنا ومناهج تفكيرهم.
إن انعقاد هذا المؤتمر يكتسب اهميته بل ربما دوره الجوهري في التاسيس لتحالف وتعاون جديّ ومخلص بين الحركات الأسلامية والاحزاب والقوى الشريفة، وما يمثله هذا التحالف في مواجهة المشروع المعادي وآثاره البعيدة المدى.
اننا نريد لهذا المؤتمر أن يمثل رمزاً لوحدة القوى والاحزاب والحركات الاسلامية في مواجهة المشروع الامريكي والصهيوني وامتداداته وآثاره في الفكر والسياسة والاقتصاد، وان أي تباعد وفتور في العلاقة يسبب اضراراً فادحة فيما تنزف الدماء الزكية بفعل النتائج المدمرة للمشروع الامريكي الصهيوني في اكثر من مكان في عالمنا العربي والاسلامي.
إن عدونا موحد في أهدافه واستراتيجياته الكبرى برغم مظاهر الاختلاف في أدوات واساليب تنفيذ هذه الاهداف،والى ذلك فهو يعمل حثيثاً لتوسيع جبهته ويعقد لذلك الاحلاف والاتفاقيات، ويستثمر أية فرصة سانحة ولو صغرت لتطوير علاقاته الدولية وفتح آفاق جديدة والحصول على مكاسب اضافية تسهم مرة اخرى في إضعافنا ومحاصرتنا وتكبيل ارادتنا.
إن عدونا موحد ولا يمكننا ان نواجه عدونا ونحن غير موحدين في أهدافنا الكبرى وتطلعات شعوبنا الاساسية،وإن القضية في عمقها ليست فقط صراعاً سياسياً يستبطن هزائم وانتصارات أو نجاحات وإخفاقات بل إنه صراع حياة وبقاء وقدر أمة.
إن لدى امتنا مصادر هائلة للقوة تتمثل في الرسالات السماوية وقيمها الروحية وفي قدراتها البشرية وفي الموقع الجغرافي وفي الثروات الضخمة المختزنة وفي هذا الأساس العميق بالتاريخ وفي ارادة الصمود وارادة الشهادة في سبيل الحق والحرية.
واذا كانت الامة رقدت في سبات عميق طوال سنين طويلة فانها في بداية نهوض من كبوتها الكبيرة ، واذا كان صحيحاً ان المشروع الامريكي الصهيوني يحقق بعض النجاحات هنا وهناك ، فان الأمة بالمقاومة اولاً وبتجذر تيار المقاومة في الوجدان الشعبي وفي اسنهاض الشارع العربي والاسلامي، بدأت بالسير على خطها الصعب الصاعد نحو التحرير والانتصار الكامل.
لكن علينا قبل ذلك وتلك مسؤولية القادة والمفكرين والعلماء من ابناء هذه الأمة .ان نحدد اولاً اولوياتنا الرئيسية كأنظمة سياسية او قوى واحزاب سياسية او هيئات وتيارات فكرية وشعبية .
وفي رأينا إن نقطة الاجماع الكبرى هي الصراع مع العدو الصهيوني وتحرير الأرض المحتلة ،ومحاربة التطبيع مع العدو ، ومحاربة تكريس وجوده وكيانه الغاصب ،ومنع المشروع الامريكي الصهيوني من أن يحقق اهدافه في الهيمنة والسيطرة على المنطقة .
ويلي ذلك في الاهمية اعطاء حيز كبير من جهدنا وتفكيرنا لتحقيق تنمية جادة تنطلق من ظروف هذا الصراع ومن الامكانات والموارد الضخمة المتوافرة ومن الاعتماد على الذات وعدم التبعية لحل مشاكل الفقر والتخلف والامية بمنهجية علمية واقعية تتيح أمتنا تحقيق اقصى حد ممكن من العدالة والتوازن الاجتماعي والدخول الى العصر بالشروط التي تتلائم مع المدنية الحديثة.
لقد تم خلال عقود من الزمن تحويل موضوع الصراع مع العدو الاسرائيلي الى صراع عربي اسرائيلي وبالتالي ثم اخراج الدول الاسلامية وشعوباً غير العربية باستثناء الجمهورية الاسلامية ومعها بعض الدول الاسلامية .من دائرة الصراع بل حتى من دائرة الاهتمام به.
مسؤوليتنا هنا ومسؤولية كل الحركات والاحزاب الاسلامية غير العربية اعادت الاهتمام الى قضية الصراع مع العدو الاسرائيلي في الدول الاسلامية غير العربية كما كان في البدايات على المستوى الشعبي الفلسطيني وحركات المقاومة ومواجهة المشروع الامريكي الصهيوني في منطقتنا اولوية مطلقة ندفع بها الى الامام لا لتصبح اولوية في لائحة اوليات وانما لتصبح القضية المركزية التي نعمل لأجلها لأن المقاومة ايها الأخوة هي صلب واجبات جميع أبناء الامة من دون استثناء ومن دون اعتبار لتوزيع الحقوق أو للتصنيف الفكري او السياسي او الاجتماعي.
لقد عملنا نحن في حزب الله ومنذ انطلاقة المقاومة السلمية في لبنان على قاعدة أولوية العداء والقتال ضد الكيان الصهيوني ومواجهة المشروع الامريكي الداعم له في المنطقة ودعونا إلى المصالحة بين الشعوب والحركات الاسلامية من جهة والأنظمة السياسية من جهة أخرى لحساب هذه الأولوية لاعتقادنا ان المشروع الأهم والكبير للأمة الحالية هو مواجهة المشروع الامريكي الصهيوني وذلك طالما هناك احتلال للارض والمقدسات وطالماان مشروع الولايات المتحدة في هذه المنطقة هو تفتيت شعوبنا وتقسيم بلدانا والسيطرة على ثرواتها ونفطها فإنا ندعو مجدداً الانظمة والحركات والاحزاب والتيارات القومية والاسلامية في العالم العربي والاسلامي الى اعتبار الانخراط الجدي في المواجهة المفصلية قاعدة حاكمة على الاداء ونظام العلاقات بين الجميع والى اتاحة الفرصة للجميع لاعادة ترتيب اولوياتهم بما يخدم هذه المواجهة.
واريد ان اقول هنا إن القبول بهذه الاولوية أمر سهل على المستوى النظري إلا أن الالتزام بها عمليا أمر شاق وباهظ الثمن.
ونحن في هذا نتحدث من موقع التجربة لان الكثيرين يبحثون عن الاثمان البسيطة والعاجلة بينما يحتاج الالتزام العملي باولوية الصراع مع العدو الى الاستعداد لدفع الأثمان الغالية.وتحمل انواع العذاب والآلام والى الصبر على المكاره والصعاب والطعن في الظهر كما يحتاج الى افق واسع وحلم كبير وعقل منفتح إن الأمر ليس سهلاً الى الحد الذي نكتفي فيه بالكلمات بل يحتاج حقيقة الى صلابة وشجاعة لا يحتاج الى مثلها اي أمر آخر في عالمنا الاسلامي.
إن حجم المخاطر التي قد تتعرض لها الامة وتياراتها واحزابها التي اعلنت التزامها بقضية العداء للكيان الصهيوني ومواجهة المشروع الامريكي والتزمت قضية القدس كأولوية او دفعت بهذه القضية بعد الالتزام الى رأس اولوياتها.
إن حجم المخاطر كبير جدا وربما يكبر اكثر في المرحلة المقبلة .
سيعود السادة الامريكيون والغربيون والصهاينة من خلال ادواتهم الكثيرة في العالمين العربي والاسلامي والحساسيات الداخلية في كل ساحة ممكنة بين التيارات القومية والاسلامية .
يحزنهم أن يجدوا بعد كل هذه السنين أن كبار وقادة ومفكري هذه التيارات يلتقون في مؤتمرات وفي لقاءات ويتكلمون بلغة واحدة في الحد الاييدنى فيما يعني الصراع مع العدو واستقلال وسيادة وكرامة هذه الأمة.
في داخل التيارات القومية يعملون على تفتيت ما أمكن تفتيته وادخال النزاعات وفي داخل التيار الاسلامي وبين الاحزاب والحركات الاسلامية كذلك، اليوم هناك من يحاول احياء نزاعات وانقسامات مذهبية بين المسلمين تحت عنوان سنة وشيعة ، ووجدنا من جديد من أصبحت معركته في هذا البلد الاسلامي او ذاك البلد الاسلامي اعادة المسلمين الى نقاشات عقائدية وكلامية وفكرية وفقهية عمرها 1400 سنة وليست هي من مواضع ابتلاء هذه الأمة اساساً.
وتلاحظون كيف عادت موجة التكفير هنا والتفسيق هناك وهذا أمر خطير يجب ان نلتفت اليه.
هناك جهات مخابراتية تعمل بوسائل عديدة بمراكز الدراسات بوسائل اعلام باجهزة امنية لتمزيق صفوف كل هؤلاء الذين خرجوا الى الشارع ابان الانتفاضة في فلسطين وخلال العدوان على لبنان في تموز من العام الماضي واعلنوا انهم حاضرون لفداء القدس بدمائهم وارواحهم وانهم ملتزمون خيار المقاومة .
ولذلك يجب ان نكون حذرين لأنه طوال الطريق سوف نجد من يطعننا في ظهرنا لنلتفت الى الخلف ومن يطعننا في خاصرتنا لنلتفت الى اليمين او الشمال ومن يحاول ان يبعدنا عن الوجهة الصحيحة وعن اولوياتنا.
البعض منا قد يسقط في الفتنة نتيجة بساطته وليس بالضرورة ان يكون عميلاً بالتأكيد هناك عملاء يعرفون جيداً ما يفعلون عندما يكتبون هذه المقالة او ينشرون هذا الكتاب او يثيرون هذا الشعار او يدفعون هذا الانقسام الى ابعد مدى، ولكن البعض من ابناء هذه الأمة من الشيعة والسنة من المسلمين والمسيحين بسطاء وسذج، هناك اناس تنقلب عندهم الاولوية بسرعة هائلة في حين انه يحمل بندقيته وعنوانها اشرف عنوان وهو مواجهة العدو ثم تنقلب الاولوية عنده في وهم انه يخوض معركة الدفاع عن أصل الدين او اصل الطائفة او اصل التنظيم الذي ينتمي اليه وهذا يجري في بلادنا ولا نستطيع ان نتنكر له ولكن علينا ان نواجهه بالمزيد من الوعي والوحدة والتماسك وبالمزيد من التفهم لبعضنا البعض .
المقاومة التي انتصرت في لبنان عملياتها وقتالها وحتى الاستشهاد فيها كان جهاداً أصغر اما الجهاد الأكبر فكان شيء آخر جهادها الاكبر كان انها وضعت الاولوية واخلصت لها وثبتت عليها فلم تزل بها قدم ولم تنحرف عن الطريق.
ان اخطر واصعب واقسى وامر ما كنا نواجهه هو كيف نثبت على هذه الأولوية وكل ما يحيط بنا من نزاعات وصراعات وتناحر حزبي وطائفي ومذهبي وفئوي ومناطقي وعشائري كل ما كان يحيط بنا كان يقول لنا عملياً اتركوا.. تخلواعن هذه الأولوية.
كان البعض يريد أن يدفعنا الى الوحول، وكنا نريد ان نبقى على الصراط ان تبقى قدمنا على الصراط باتجاه القدس وفلسطين ،هذا كان الجهاد الأكبر الحقيقي .
لقد جرت محاولات كثيرة قبل العام 2000 للايقاع بنا كجرنا الى قتال داخلي وفتنة داخلية إما مع الجيش وإما مع القوى السياسية لبنانية او فلسطينية من أجل ان يقال ان هذا السلاح هو سلاح حرب اهلية وسلاح فتنة ولكن صبرنا وصبرنا على الالام الكبيرة.
لقد حفظنا طوال السنوات الماضية لسلاح المقاومة قدسيته وطهارته وعفته وشرفه ولم يوجه هذا السلاح الا الى عدو لبنان وعدو هذه الامة.
وبعد صدور القرار 1559 عاد الضغط من جديد ونتعرض اليوم لاوسع حملة تشويه بسبب تمسكنا باولوية المقاومة .وسنبقى متمسكين بهذه الأولوية ولا يمكن لاي استحقاق ان يكون على حساب اولوية المقاومة.
واذا كنا نخوض اليوم صراعا سياسياً داخلياً في لبنان فلايعني اننا تخلينا عن اولوية المقاومة ابداً نحن في الحقيقة نخوض معركة الحفاظ على هذه الاولوية ومعركة التمسك بخيار المقاومة وعدم تمكين ادوات المشروع الامريكي الصهيوني في لبنان من تحقيق اهدافهم في تجريد المقاومة من سلاحها واخراج لبنان من دائرة الصراع مع العدو الصهيوني .
نحن نريد من الاستحقاق الرئاسي ان يكون معبراً لتحصين انتصارات المقاومة وتحقيق الشراكة الوطنية فيما الفريق الأخر يريد من هذا الاستحقاق معبراً لاستكمال ما حصل في تموز 2006 من استهداف لسلاح المقاومة وانجازاتها .
نحن نتطلع الى التوافق الذي تكون ركيزنه حماية المقاومة كعنصر قوة للبنان والاقرار بالشراكة الوطنية التي تضمن للبنانين وحدتهم واستقرارهم ، وهذه الشراكة نأمل أن تتحقق في الأيام القادمة لكن فريق السلطة حتى الأن لم يقر ولم يعلن قبوله بالشراكة الحقيقية لا في موضوع الرئاسة ولا في موضوع الحكومة ولا في القضايا الاساسية في البلد.
اليوم بفعل هذه المقاومة المشروع الامريكي الصهيوني في لبنان وصل الى طريق متعثر وبالتالي فان ما خطط له قبل عامين وصل الى مرحلة قد لا يستطيع ان يكمل فيها .
واحب ان اطمئنكم ان المقاومة في لبنان قوية وعزيزة ومقتدرة اكثر من اي وقت مضى ومحتضنة على المستوى الشعبي وهي لن تسمح ان يكون لبنان جزءاً من المحور الامريكي في المنطقة ولن تمكنه من أن يكون له موطئ قدم في لبنان إن شاء الله.