المؤتمر الدولي لنصرة الاقصى "كلنا للاقصى" طهران 15-5-2016
- المجموعة: ندوات
- 15 أيار 2016
- اسرة التحرير
- الزيارات: 15708
أنطلقت صباح الاحد15-5-2016، في طهران فعاليات المؤتمر الدولي لنصرة الاقصى، تحت عنوان «كلنا حُماة الأقصى»، بمشاركة ممثلي 40 دولة من الدول الأعضاء ونخبة من الشخصيات السياسية والدينية والإعلامية وذلك، بمناسبة الذكرى السنوية الـ 68 لنكبة فلسطين.
تقرير جريدة الوفاق الإيرانية
سيد المقاومة يؤكد في رسالته للمؤتمر: مشروع (اسرائيل الكبرى) سقط وانتهى.
الشيخ دعموش ممثلاً سيد المقاومة في المؤتمر الدولي لنصرة الاقصىالمنعقدفيطهران
أنطلقت صباح الاحد15-5-2016، في طهران فعاليات المؤتمر الدولي لنصرة الاقصى، تحت عنوان «كلنا حُماة الأقصى»، بمشاركة ممثلي 40 دولة من الدول الأعضاء ونخبة من الشخصيات السياسية والدينية والإعلامية وذلك، بمناسبة الذكرى السنوية الـ 68 لنكبة فلسطين.
الدفاع عن القضية الفلسطينية لا يعني محاربة (اسرائيل) فحسب، بل محاربة الاستكبار العالمي لان اسرائيل تجسد الإستكبار العالمي وتمثله في كل العالم.
هذا ووجه السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله لبنان، الاحد، نداء الى المؤتمر الدولي (تضامنا مع الأقصى)، اكد فيه ان مشروع «إسرائيل الكبرى» قد سقط وانتهى، ولم يعد للصهاينة أن يزعموا بأن «إسرائيل» من (الفرات) الى (النيل) لأن هذا المشروع هُزم وسقط بفضل تضحيات المقاومة وصبرها وصمودها.
كما دعا السيد حسن نصر الله في جانب آخر من رسالته التي قرأها نيابة الشيخ علي دعموش، مبعوث الامين العام لحزب الله لبنان ومسؤول العلاقات الخارجية، الى ضرورة استقطاب ما لا يقل عن نصف الأمم الاسلامية من اجل التضامن والوحدة والخروج من الاوضاع المريرة التي تمر بها الأمة الاسلامية في الوقت الراهن.
وأشار السيد نصرالله الى الدعم الذين يتلقاه الكيان الصهيوني من الاوساط الدولية وخاصة امريكا والغرب مؤكداً: إن الصراع في الحقيقة ليس بين اسرائيل وفلسطين وانما هو صراع بين الاستكبار والاستعمار العالمي مع كل المنطقة والعالم الاسلامي لان اسرائيل تمثل الخط المقدم لجبهة الاستكبار ضد جبهة المقاومة والصمود في المنطقة، مستعرضاً الدعم العسكري والمالي والتقني والسياسي والاعلامي الذي تتلقاه اسرائيل للمحافظة على تفوقها وبصفتها ممثلة لهذا الاستكبار في المنطقة.
وأضاف: لكن في المقابل فإن جبهة المقاومة والصمود التي تمثلها فلسطين لم تتلق أي دعم من الأمة والشعوب في المنطقة. في حين ان هذه الحرب هي حرب الاستكبار ضد الأمة الاسلامية ولابد من ان يتحمل الجميع مسؤولياته والدفاع عن مندوب جبهة المقاومة والصمود المتمثلة بفلسطين والشعب الفلسطيني.
وأعرب سماحته عن أسفه لان غالبية الدول العربية والاسلامية وحتى بعض الحركات الدينية والاسلامية تقول بأننا لا نتحمل أي مسؤولية تجاه الأقصى والقدس وان هذه المسؤولية تقع على عاتق الشعب الفلسطيني فقط، في حين ان الجميع يتحمل المسؤولية الشرعية والدينية تجاه القضية الفلسطينية.
وأكد السيد نصرالله ضرورة بذل كافة الجهود السياسية والثقافية والاعلامية من أجل التأكيد على خطر الأهداف الصهيونية والكيان الاسرائيلي على الشعوب والدول العربية والاسلامية.
وأشار نصرالله الى الخلافات والنزاعات الجارية في العالم الاسلامي ومحاولات الاستكبار لإثارة النعرات والفتن الطائفية واستمرار القتال وتبديد الطاقات في المنطقة.
واقترح السيد نصر الله على المجتمعين ان يقوم الاتحاد الدولي لمنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني بتشكيل لجنة تشارك فيها كافة الحركات والمجتمعات والطاقات ومراكز الابحاث والنخبة من أجل ايجاد حل لمشاكل الامة الاسلامية والخروج من الأوضاع المريرة التي تمر بها.
وقد انطلقت فعاليات المؤتمر بكلمة الامينة العامة للاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية الداعمة لفلسطين الدكتورة «زهراء مصطفوى».
وشارك في هذا المؤتمر كل من رئيس السلطة القضائية في الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله «صادق آملي لاريجاني»، والأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت(ع)، حجة الاسلام «محمد حسن اختري»، ونائب العلاقات الدولية في مكتب قائد الثورة الاسلامية، حجة الإسلام «محسن قمي».
وقال آية الله لاريجاني خلال كلمته في المؤتمر: إن الجمهورية الاسلامية الايرانية تدعم نضال الشعب الفلسطيني بكل ما لديها من قوة وتدافع عن حقوقه المشروعة.
وأضاف رئيس السلطة القضائية في الجمهورية الاسلامية الايرانية، ان القضية الفلسطينية تعتبر القضية المركزية للعالم الاسلامي، على هذا الاساس كان الامام الخميني (رحمة الله عليه)، قبل انتصار الثورة وبعدها يدعو الى توحيد صفوف المسلمين والدفاع عن القضية الفلسطينية. وبعد وفاة الامام الخميني، اتخذ سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية المعظّم، منهج الامام الخميني الراحل في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، لان الدفاع عن هذا الشعب يشكّل أحد أبرز ابعاد الثورة الاسلامية الايرانية.
وفي جانب آخر من كلمته، اشار آملي لاريجاني الى التقارب السعودي والاسرائيلي وقال: إن السعودية وبالتعاون مع اسرائيل تدعمان المنظمات التكفيرية التي تقتل الابرياء بدون ذنب.
وتابع: الاسلام دين الرحمة والاخلاق والأخوة والمحبة، لكن هذه المنظمات الارهابية التي تقتل الابرياء باسم الدفاع عن الدين، تحاول تشويه سمعة الإسلام بمواقفها المتطرفة وقراءاتها الخاطئة للدين الإسلامي.
واكد في ختام تصريحاته، ان الهدف من ايجاد المنظمات التكفيرية في المنطقة هو إثارة الخلافات الطائفية والمذهبية وخلق الاختلافات بين الشيعة والسنة، في حين ان الشيعة والسنة أخوة في الدين، وبما ان موقفنا حول الإمامة والخلافة موقف واضح وثابت، فلا حاجة للنزاع بين الجانبين، بل اننا بحاجة للوحدة من اجل مواجهة الظلم والاستكبار العالمي.
بدوره أكد حجة الإسلام محسن قمي، خلال كلمته في هذا المؤتمر، على ضرورة ان تبقى القضية الفلسطينية القضية المركزية للامة الاسلامية وقال: إن قائد الثورة الاسلامية خلال استقباله السيد رمضان عبدالله شلّح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والوفد المرافق له، أكد على استمرار دعم الجمهورية الاسلامية للقضية الفلسطينية.
وتابع قائلاً: إن القضية الفلسطينية قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني (رحمة الله عليه)، كانت قضية منسية ولا يهتم بها احد، لكن بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، عادت القضية الفلسطينية للصدارة. ان الدعم الايراني للقضية الفلسطينية استمر بعد وفاة الامام الخميني الى يومنا هذا، واننا نرى قائد الثورة الاسلامية يؤكد مراراً وتكراراً على ان طهران تدعم الفلسطينيين وحزب الله اللبناني وكل الحركات الإسلامية المناهضة للصهيونية.
ولفت إلى أن السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات الراهنة في فلسطين هو المقاومة، لان الاعداء لا يفقهون سوى لغة السلاح، لذا يجب مواجهتهم بهذه اللغة.
وفي ختام كلمته، أكد نائب العلاقات الدولية في مكتب قائد الثورة الاسلامية، على ان الدول الاسلامية يجب ان تبتعد عن الخلافات التي من شأنها أن تؤدي الى التفرقة بين المسلمين.
كما أكدت الامينة العامة للاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية الداعمة لفلسطين الدكتورة «زهراء مصطفوي»، ان المسلمين منشغلون بنزاعات طائفية وحروب أهلية تاركين القضية الأساسية وهي القضية الفلسطينية.
وأشارت الدكتورة مصطفوي في كلمتها الى زعماء بعض الدول الاسلامية الذين يقومون بقمع شعوبهم، وقالت: إن زعماء هذه الدول وبدلا من الالتفات الى القضية الفلسطينية التي هي القضية الاساسية للعالم الاسلامي، يقومون بقمع الشعب العربي ويستهدفونه بالرصاص دون الالتفات إلى حقوق الإنسان. واننا نرى بعض الحكومات الاسلامية تدعم المنظمات التكفيرية في المنطقة من جهة، وتشن حروبها على الشعب اليمني والبحريني من جهة أخرى، وهذا يعني تنفيذ مخططات الصهاينة في المنطقة.
وأضافت الامينة العامة للاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية الداعمة لفلسطين، ان الدول الاسلامية هي أمل الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم المشروعة وتطهير ارضهم من الصهاينة المحتلين، لكن اليوم نرى ان منظمة التعاون الاسلامي لا تهتم بما يحدث في فلسطين، وتغض النظر عن الجرائم التي تمارسها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، والأغرب من ذلك أننــا نرى هذه المنظمة تصدر قرارات تدين من يحارب الصهاينة كحزب الله اللبناني.
وفي جانب آخر من كلمتها، اشارت الدكتورة مصطفوي الى الدعم الذي تقدمه بعض الدول والانظمة الى المنظمات التكفيرية في المنطقة، وقالت: مع الاسف الشديد ظهرت عصابات ومنظمات تكفيرية ارهابية تدعمها قوى وانظمة في المنطقة غايتها اثارة الخلاف بين المسلمين وإثارة النعرات الطائفية وبالتالي صرف المسلمين عن قضاياهم الرئيسية.
نص الكلمة
نص الكلمة التي القاها الشيخ علي دعموش باسم الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في مؤتمر صدى الاقصى الذي انعقد في طهران بتاريخ الاحد 15- 5-2016 من قبل اتحاد المنظمات غير الحكومية (onj)لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي ترأسه ابنة الامام الخميني قدس سره السيدة الدكتورة زهراء مصطفوي.
بسم الله الرحمن الرحمن
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
بعد التحية والشكر والتقدير للسادة العلماء والإخوة والأخوات في إتحاد المنظمات غير الحكومية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني ولا سيما لرئيسة الإتحاد الدكتورة زهراء مصطفوي على عقد هذا اللقاء الطيب والمبارك، وفي هذا الوقت بالذات، للتعبير عن الدعم والمساندة والتأييد للشعب الفلسطيني وللمسجد الأقصى وللانتفاضة الشريفة المتجددة في فلسطين،ومن موقع تجربة المقاومة في لبنان، الذين يتواجدون في الميدان وفي قلب الصراع هم يحتاجون دائماً إلى كل دعم والى كل مساندة، حتى الكلمة، وحتى الموقف الإعلامي، وحتى أي شكل من أشكال التعبير، هو بلا شك يشكل عامل مساندة وتقوية لأؤلئك الذين يتواجدون في الميادين، وخصوصاً وهم يواجهون الأخطار والتحديات التي يفرضها عليهم الصهاينة.
ما يجري ـ أيها الإخوة والأخوات ـ من تهديد للمسجد الاقصى يضع الأمة جميعاً من جديد أمام مسؤولياتها تجاه فلسطين والأقصى.
المسألة الأساسية التي ترتبط بهذا الصراع، بماضيه وحاضره وما يرتبط بالمستقبل، أن إسرائيل ليست نتاج مشروع صهيوني فقط، ، وإنما هي نتاج إرادة دولية ، زُرعت في قلب منطقتنا، وكانت وما زالت تحظى بدعم دولي، وبالخصوص بدعم أميركي وغربي لا نظير له وعلى كل صعيد.
إذاً، المسألة في فلسطين ليست كما يبدو في الظاهر أن هناك طرفين في المعركة:هما اسرائيل وفي المقابل الشعب الفلسطيني, وان الصراع هو صراع اسرائيلي فلسطيني .
هذا هو ظاهر المعركة، لكن حقيقة المعركة ليست كذلك. حقيقة المعركة القائمة على أرض فلسطين: هي أن إسرائيل هي الخط الأمامي لقوى الاستكبار والاحتلال والاستعمار القديم والحديث في العالم، هي ممثل هذا المشروع الاستكباري الاستعماري الذي يستهدف المنطقة كلها والأمة كلها، بشعوبها، وبثقافتها، وحضارتها، وخيراتها، ومقدراتها، إسرائيل هي القاعدة العسكرية المتقدمة في الخط الأمامي في هذه المواجهة. وإن الشعب الفلسطيني هنا يقاتل ويقاوم ويناضل ويجاهد ويدافع ومنذ عشرات السنين كممثل لهذه الأمة, وكنائب عنها, وكحاضر في الخط الأمامي في الدفاع عن مقدساتها وكرامتها وثقافتها وحضارتها وخيراتها ومستقبلها. هذه هي المقاربة الصحيحة.
المقاربة الخاطئة هي التي تقول: إن المشكلة هي فلسطينية إسرائيلية، وبالتالي من يقاتل إسرائيل في أي ساحة أخرى أو يحمل راية المقاومة ضد إسرائيل سيقال له لماذا تقاتل؟ هل مطلوب أن تقاتل نيابةً عن الفلسطينيين؟ هل المطلوب أن تكون فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين، أو ملكياً أكثر من الملك؟ .
هذه مقاربة خاطئة جداً. الأمة عندما تحضر إلى جانب الفلسطينيين لا تقاتل بالنيابة عن الفلسطينيين. الأمة هي تقاتل بالنيابة عن نفسها، هي تدافع عن نفسها، عن مقدساتها. هل المسجد الأقصى وبيت المقدس هو مقدّس فلسطيني أو هو مقدّس إسلامي؟ المقدسات المسيحية أيضاً هل هي مقدس فلسطيني أو مقدس مسيحي؟ .
في كل الأحوال، الفلسطينيون هنا هم حاضرون في الخط الأمامي, منذ عشرات السنين يدافعون عن هذه الأمة، والأمة يجب أن تفهم وأن تقارب الصراع من هذه الزاوية.
اليوم في هذه المعركة الطرف المقابل حاضر بقوة. العدو الإسرائيلي يحظى بكل أشكال الدعم المادي، الاقتصادي، والتسليحي، والتكنولوجي والسياسي، والإعلامي.
وإسرائيل تعتبر أن مسؤولية العالم المستكبر أن يقدّم لها الدعم. لأنها تدافع عن مصالحه في منطقتنا، ودائماً تطالبه بمساعدات واثمان .. يريدون ثمن الاتفاق النووي الإيراني خمسة مليارات دولار، مساعدات عسكرية، وهي تستغل كل فرصة على هذا الصعيد.
إذاً، المعسكر الآخر لا يقصّر مع من يمثله في هذه المعركة، أمّا معسكر الأمة فكيف يتعاطى و يتصرف مع من يمثلّه في هذه المعركة ؟.
التقييم بشكل عام هو تقييم سلبي. لا نستطيع أن نقدّم تقييماً إيجابياً. وأنا هنا لست في صدد جلد الذات، وإنما بصدد البحث عن الأسباب و العلاج ، لأن هذه المعركة قائمة ومستمرة وباقية ولا تقف عند قيادات او فصائل اوحركات مقاومة معينة ولا عند جيل معيّن، وبالتالي هي معركة الأمة، وهي معركة تاريخية، ويجب أن نبحث نحن عن مسؤوليتنا في هذه المعركة.
الأمة عموما كان ولا يزال تعاطيها تعاطٍ سلبي فاشل مع هذه القضية، كان تعاطيها سلبي حتى قبل الأحداث التي تجري الآن في المنطقة. حتى لا يحتج أحد ويقول إن الفتنة شملت عالمنا من المحيط إلى الخليج والأمة الآن مشغولة بالأحداث في سورية، والعراق, وحرب اليمن وبأفغانستان وباكستان وو..لا , هذا قبل الأحداث وقبل الفتن، هكذا كان التعاطي والمقاربة للموضوع الفلسطيني.
لأسف الشديد لا شك بأن الأحداث الجديدة زادت الخسائر في هذه المعركة، لأن كثيرين ممّن كان يمكن أن يبذلوا جهداً سياسياً أو إعلامياً أو عسكرياً أو يقدّموا دعماً مالياً أو لوجستياً لمصلحة فلسطين الآن شغلتهم معارك في ساحات أخرى تحت عناوين الوجود وحفظ الوجود.
هذا الواقع يتطلب وقفة سريعة، وأودّ الوقوف عند بعض الاسباب بشكل سريع وعلى سبيل المثال:
أولاً: يوجد اليوم قناعة لدى الكثير من الحكومات في العالمين العربي والإسلامي ولدى بعض الشعوب والحركات الإسلامية والمتديّنين والإسلاميين في العالم العربي والإسلامي تقول: نحن ليس لدينا مسؤولية تجاه فلسطين وتجاه المسجد الأقصى، هذه مسؤولية الشعب الفلسطيني.!?
واليوم هناك تنظير فقهي يصدر في مكان أو آخر، طبعاً هو لا يستند إلى أي دليل شرعي حقيقي، يحاول أن ينظّر لهذه الفكرة.
هذا السبب يتطلب أن نضع خطة، لان هناك كثير من الناس والشعوب أصبح لديهم شبهة، و قناعة، يعني هي ليست مقتنعة أن لديها تكليف شرعي اتجاه فلسطين، أو لديها واجب ديني اتجاه فلسطين، هذا الأمر الذي هو عندي وعندكم من البديهيات الواضحات، الذي أجمع عليه علماء الأمة، هذا لم يعد واضحاًـ نتيجة التضليل الذي عُمل عليه خلال عقود من الزمن وخصوصاً في العقد الأخير ـ عند كثير من الناس, وهذا يحتاج لجهد علمائي وحوزوي وثقافي كبير.
ثانياً:الاقتناع أو الإحساس بأن إسرائيل لم تعد تمثل خطراً على هذه الحكومات وعلى هذه الشعوب. هي تهديد للفلسطيني، لكنها لم تعد تهديداً وخطراً لا على لبنان ولا على سوريا، ولا الأردن ولا مصر ولا بقية الدول العربية.
اليوم، للأسف الشديد هذه القناعة أيضاً موجودة، ليس فقط عند الكثير من الحكومات، بل عند الكثير من الشعوب والقيادات و النخب.
نعم الخطر الإسرائيلي تراجع، نتيجة جهاد وتضحيات وانتصارات وانجازات حركات المقاومة في المنطقة, مشروع إسرائيل الكبرى سقط، إسرائيل التي لا تستطيع أن تبقى في جنوب لبنان ولا تستطيع أن تبقى في غزة وهي لا تستطيع أن تبني إسرائيل كبرى من النيل إلى الفرات، هذا المشروع سقط، إسرائيل العظمى التي يهزمها لبنان وتهزمها غزة سقطت. لكن إسرائيل القوية، الجاثمة، المحتلة لفلسطين باستثناء غزة وتحاصر غزة، هذه ما زالت قوية وتهدّد شعوب المنطقة وحكومات المنطقة وتستفيد من كل الفرص القائمة والآتية.
وهنا يجب أن نعود ونبذل جهداً لنقول للشعوب العربية والإسلامية والحكومات وللدول وللشعوب:ان إسرائيل هذه خطر، أهدافها أطماعها، تهديداتها، خطر على الدول وعلى الشعوب، ، وهذا أيضاً يحتاج إلى جهد سياسي وثقافي وإعلامي وهو يقع على عاتق العلماء والقوى السياسية ووسائل الإعلام والنخب.
في لبنان مثلاً هناك جزء من اللبنانيين مقتنع أن إسرائيل لم تعد تشكل خطراً على لبنان ولا تهديداً للبنان، وأن المقاومة في لبنان تأخذ هذا الموضوع ذريعة فقط للاحتفاظ بسلاحها، هذه واحدة من المصائب، هذا نموذج ممّا هو موجود في منطقتنا.
ثالثاً: مثلاً الاشتباه في معرفة العدو والصديق، والانسياق خلف الإرادات الدولية فيما تختاره لنا من أعداء وأصدقاء، وهنا يأتي موضوع إيران وإسرائيل مثل واضح.
رابعاً: الاشتباه في فهم الأولويات وفي تشخيص الأولويات وتحديدها، ممّا جعل الكثيرين يتيهون ويغرقون في ملفات وصراعات خطيرة جداً وبعيدة عن المعركة الأساسية والمركزية، وهذا ما يحضر اليوم أمامنا بقوة.
الإنسان يتألم عندما ينظر من حوله الآن ويرى كيف أنه يتم ارسال آلاف المقاتلين وتقدم إمكانات هائلة لهم، وتنفق أموال طائلة بمليارات الدولارات، أموال حكومية وأموال شخصية, وتوفر وسائل تعبئة على امتداد العالم الإسلامي، و تصدر فتاوى, للقتال في سوريا والعراق واليمن وحتى في ليبيا. لماذا لا يحصل هذا لفلسطين؟ لو أننا أتينا بهؤلاء الشباب، الذين يجب أن نبكي عليهم بدل الدموع دماً لأنهم خسروا الدنيا والآخرة، لو جئنا بهؤلاء وبهذا الحشود لفلسطين لكانت كافية لإزالة إسرائيل من الوجود، ولكنها استُخدمت لتدمير شعوبنا ومجتمعاتنا وجيوشنا وإرادتنا ووعينا وحتى لتدمير عواطفنا اتجاه بعضنا البعض، بل حتى لتدمير مواقفنا اتجاه القضية المركزية وهي قضية فلسطين.
ألا يستحق هذا.. الدرس والتأمل والسعى للتفتيش عن العلاج.
اليوم بدل العمل في الاتجاه الصحيح اي العمل على نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم يجري العمل الآن على الفتنة الطائفية والفتنة المذهبية، وهذ من الأخطار الكبرى التي تواجه الامة اليوم، هناك في البعد المذهبي محاولات لتحويل ما يجري في المنطقة إلى صراع شيعي - سني يأكل الجميع ويستنزف الجميع ويهّدم الجميع، وهذا يحتاج إلى جهد.
في نهاية المطاف، ما نقترحه: هو أن يبادر الاتحاد الى تشكيل إطار تشارك فيه، حركات وجمعيات وقوى ومراكز دراسات ونخب، تبحث عن الأسباب وتضع وسائل للعلاج، وتبذل جهداً في هذا الاطار .
قد لا نستطيع أن نستقطب الأمة كلها إلى هذه المعركة، لو استقطبنا نصف الامة او أي جزء من أجزائها هو أفضل من الواقع المر والأليم والقاسي الموجود حالياً. يمكننا أن نعمل؟ نعم. وأنا لا أعتقد أن هذا يحتاج إلى جهد طويل، كلنا في قلب المعركة، مؤتمرات كثيرة عقدت في الماضي، مراكز دراسات كثيرة ناقشت هذه الأمور، يمكن أن نصل إلى محصلة قريبة ونضع خططاً ونوزع المسؤوليات. أنا لا أقول إن الاتحاد وحده يستطيع أن يعالج هذه الأسباب، نستطيع أن نوزع المسؤوليات، حكومات وحركات وشعوب وعلماء وأطر علمائية ونخب ووسائل إعلام، نستطيع أن نبذل جهوداً في الحد الأدنى الأدنى إن لم نربح أحداً فلنحدّ من الخسائر. أنا أدّعي أنه إذا استمرت الأمور كما هي الآن، نحن، يعني المعركة الأساسية المركزية تواجه خسائر، يجب أن نعمل في الحد الأدنى للحد من هذه الخسائر.
في الختام، أيها الإخوة والأخوات، وأمام التضحيات العظيمة لشباب وشابات فلسطين وشعب فلسطين، نحن ندعو إلى مساندة حقيقية لهذا الشعب بعيداً عن كل الاجتهادات والحساسيات والآراء والتعبئة السلبية والصراعات المستجدة، والخلافات والنزاعات.
قد لا تستطيع الآن أن نحرر فلسطين، لكن نعم، يمكن للانتفاضة الفلسطينية إذا استمرت وإذا دُعمت أن تفرض على حكومة العدو وعلى رعاته وعلى سادته أن يبتعدوا عن المسجد الأقصى وأن يتجنبوا المسجد الأقصى وأن لا يستمروا في تهديد هذا المقدس الديني والإسلامي. ومسؤولية حفظ المقدسات هي مسؤوليات الأمة كلها. فإذا كان هؤلاء ينوبون عنا في الدفاع عن هذا المقدس وفي الحفاظ عليه، فيجب علينا جميعاً أن لا نقصّر في بذل أي جهد لتقف وتستمر وتتواصل هذه الانتفاضة ولتحقق ولو هذا الحد الأدنى من الأهداف، فضلاً عن الأهداف الدائمة والمفتوحة في المعركة المفتوحة.
نحن نثق بالله عز وجّل، وبوعده القاطع والأكيد بالنصر للمجاهدين والصابرين والمحتسبين والمرابطين ، ونؤمن بالخير المودع في أمتنا إلى يوم القيامة، وأن هذا الصراع مآله ونهايته هو الانتصار الحتمي. المهم، أن نعمل لنكون ممّن يوفقهم الله تعالى ليكونوا من صناع هذا النصر الآتي بحول الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.