البعثة وإتمام مكارم الأخلاق
- المجموعة: 2016
- 06 أيار 2016
- اسرة التحرير
- الزيارات: 574
إن النبي (ص) لم يقل إنما بعثت لاتمم الاخلاق, بل قال: لأتمم مكارم الاخلاق, أي أعلى درجات الأخلاق وأرقى مراتبها، فأن تتحلى بالأخلاق فهذا أمر جيد ونبيل ورائع, لكن أن تتحلى بمكارم الأخلاق فذلك شيء أروع وأكثر نبلاً, وهذا أمر لا يصل اليه الاّ من جاهد نفسه وهذبّها ووصل الى المراتب العليا.
خلاصة الخطبة
أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على ضرورة أن نتعلم من رسول الله (ص) ومن أهل البيت (ع) كيفية التعاطي مع النوع من الناس الذي همه نشر العيوب ونقلها والنيل من هذا وذاك.
وقال: يجب أن يتبيّن الإنسان قبل أن يرتب الأثر على ما يسمعه ويُنقل إليه, وأن لا يُصدق النمام وما يقوله وما ينقله } وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ, هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ{.
وأضاف: يجب ردع هؤلاء عن أفعالهم وسلوكهم, كما فعل أمير المؤمنين (ع) عندما جاءه رجل يسعى إليه برجل فقال له (ع): " يا فلان نحن نسأل عما قلت, فإن كنت صادقاً مقتناك, وإن كنت كاذباً عاقبناك, وإن شئت أن نقيلك أقلناك, قال: أقلني يا أمير المؤمنين.
ولفت: الى ضرورة أن نتعاطى في زمن الانتخابات وفي غير زمن الانتخابات بمثل هذه القواعد الأخلاقية وبمثل هذا السلوك حتى لا نقع تحت تأثير الشائعات والاتهامات والأقاويل التي تنطلق من هنا وهناك لتنال من كرامات الناس وحرماتهم.
وأشار: الى أن الانتخابات البلدية محطة لخدمة الناس وتعاونهم وتحقيق مصالحهم الحيوية والتنموية, وليست لإفساد العلاقات العائلية والاجتماعية بين الناس , وليست لإثارة الأحقاد والكراهية بين الناس, ولا ينبغي أن تكون الانتخابات فرصة لتحجيم أحد ولا لإسقاط أحد ولا للانتقام من أحد ولا لتصفية الحسابات مع أحد.
واعتبر: أن استحقاق الانتخابات البلدية بالنسبة إلينا هو فرصة للقيام بمسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية تجاه أهلنا, وهو محطة أساسية في التنمية, ونحن في هذا الاستحقاق نتحالف مع حركة أمل لا من أجل تحقيق مكاسب حزبية أو سياسية, بل لأن هذا التحالف يسهم في تسخير كل الطاقات من الطرفين لخدمة أهلنا وتنمية مناطقنا وقرانا وبلداتنا, كما يسهم في تحصين مجتمع المقاومة وحماية المقاومة, ويشيع مناخاً من التوافق والتفاهم والاستقرار نحن بحاجة إليه.
وأكد: حرص حزب الله على أن يعكس هذا التحالف إرادة الناس, وأن يوصل الأكفاء والأكثر أهلية من العائلات والفعاليات والقوى السياسية الى المواقع البلدية والإختيارية من أجل خدمة كل الناس وتحقيق مصالحهم.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) آل عمران/164
نبارك لصاحب العصر والزمان (عج) ولولي أمر المسلمين ولكم ولعموم المسلمين ذكرى المبعث النبوي الشريف في السابع والعشرين من شهر رجب الأصب.
يوم البعثة هو أعظم يوم في تاريخ البشرية، انه يوم ولادة أعظم وأشرف وأسمى وأرقى وأرفع المفاهيم والقيم الانسانية والاخلاقية والحضارية.
من الاهداف الكبرى للبعثة النبوية إتمام مكارم الاخلاق, كما قال رسول الله (ص): "إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق".
وكلمة (إنما) في اللغة العربية تفيد الحصر، فكأنّ النبي (ص) يقول "ما بعثني الله عز وجل إلاّ لأتمم مكارم الاخلاق، فكأنّ بعثته الشريفة متعلقة بالجانب الاخلاقي حصراً, أو على الأقل الجانب الأخلاقي فيها هو جانب مهم وأساس.
والملفت أن النبي (ص) لم يقل إنما بعثت لاتمم الاخلاق, بل قال: لأتمم مكارم الاخلاق, أي أعلى درجات الأخلاق وأرقى مراتبها، فأن تتحلى بالأخلاق فهذا أمر جيد ونبيل ورائع, لكن أن تتحلى بمكارم الأخلاق فذلك شيء أروع وأكثر نبلاً, وهذا أمر لا يصل اليه الاّ من جاهد نفسه وهذبّها ووصل الى المراتب العليا.
إرساء الأخلاق الحسنة في المجتمع هو هدف من أهداف البعثة ومن أهداف الاسلام ورسول الله (ص).
المجتمع من دون التحلي بالأخلاق الحسنة لا يمكنه تحقيق الأهداف السامية للاسلام ولبعثة النبي (ص).
الشيء الذي يرفع الفرد والمجتمع ويسمو بهما إلى المراتب الانسانية السامية هو الأخلاق الحسنة.
الشيء الذي يجعل المجتمع آمناً ومطمئناً ومستقراً على المستوى النفسي والمعنوي, ويأمن فيه الانسان على كرامته وسمعته, وعلى نفسه وماله وعرضه وشرفه هو الأخلاق الحسنة.
والاخلاق الحسنة ليست التعامل بأخلاق مع الناس فقط، بل تعني أيضاً تربية الصفات الحسنة والخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة في النفس والقلب والروح, بحيث تصبح تلك الصفات والخصال جزءاً من شخصية الإنسان تنعكس في أعماله وتصرفاته وفي أقواله وأفعاله وممارساته ومواقفه.
المجتمع الذي تسود فيه الغيبة, والنميمة, وتنتشر فيه الاتهامات والاحقاد والكراهية, وتظهر فيه العيوب والثغرات والسلبيات، وتُشاع فيه الفاحشة.. مثل هذا المجتمع حتى لو كان يعيش السلام والاستقرار من الناحية الأمنية .. فإنه لن يعيش الراحة والسعادة والاستقرار على المستويين النفسي والاجتماعي.
المجتمع الذي يضمر أفراده السوء والشر لبعضهم البعض, ويحتالون على بعضهم البعض, ويحسدون بعضهم البعض, ويتربصون ببعضهم البعض, ويتتبعون عيوب بعضهم البعض وأخطاء بعضهم البعض, وينبشون تاريخ وماضي بعضهم البعض من أجل اسقاط بعضهم البعض.. مثل هذا المجتمع حتى لو كان متطوراً على المستوى العلمي والتكنولوجي والحضاري، وحتى لو كان متقدماً على المستوى المادي، حتى لو كان أفراده متعلمين ودكاترة ومهندسين ورجال أعمال وأصحاب مواقع ومسؤوليات.. فإنه لن يكون مجتمعاً إنسانياً وحضارياً بالمعنى الذي يريده الاسلام, بل سيكون مجتمعاً جاهلياً ومنحطاً.
المجتمع الذي يشعر الأفراد فيه بانعدام الأمن من بعضهم البعض, فلا يأمن فيه الانسان على أسراره ولا على كرامته ولا على سمعته ولا على ماله وممتلكاته ولا على عرضه, ويشعر كل واحد من أفراده بأنه محسود من قبل الآخرين, وأن الآخرين يضمرون له السوء, ويتآمرون عليه، المجتمع الذي يكثر فيه القيل والقال, وسوء الظن, ويتم فيه تحطيم بعضنا بعضاً, وإسقاط بعضنا بعضاً, وتهميش بعضنا بعضاً.. مثل هذا المجتمع هو مجتمع متفكك من الداخل وإن بدا عليه التماسك والتعاون والوحدة في الظاهر، وهو مجتمع لن يعيش الراحة والطمأنينة.
إذن المجتمع الذي يسلك أفراده هذا المسار سيكون مجتمعاً مفككاً وجاهلياً ومنحطاً.
أما إذا سادت الفضائل الأخلاقية في المجتمع, وتغلغلت هذه الفضائل في القلوب والنفوس والأرواح وأصبحت جزءاً من شخصية أفراد المجتمع.. مثل هذا المجتمع سيكون مجتمعا إنسانياً وحضارياً.
إذا كان أفراد المجتمع يعيشون المحبة والمودة والصدق, ويخلص بعضهم للبعض الآخر, ويعطف بعضهم على البعض الآخر, ويحمي بعضهم سمعة بعضهم, ويحفظ بعضهم كرامة بعضهم, ولا ينال أحدهم من الآخر, ويتعاملون فيما بينهم بالصفح والعفو والتسامح والترفع عن الأنانيات والمحسوبيات والعائلية والعشائرية, ولا يحسدون بعضهم البعض, ولا يعرقلون تقدم الآخرين, ويتحلون بالإيمان والصبر والثبات, مثل هذا المجتمع حتى لو كان من الناحية المادية غير متقدم تقدماً كبيراً فإن أهله سيشعرون بالراحة والطمأنينة والسعادة والاستقرار, وهذه هي الأخلاق.. هذه هي الأخلاق التي شكلت أحد أهم أهداف البعثة والتي جاء رسول الله (ص) لإتمامها ولإرسائها في المجتمع الإسلامي.
فقد عمل النبي(ص) على إفشاء وإشاعة حسن الظن بين الناس بدل سوء الظن.
وانتزع الأحقاد والبغضاء والكراهية والعصبيات العائلية والقبلية من قلوب المؤمنين, وعلمهم المحبة والمودة, وإلّف بين قلوبهم, وجعل قلوبهم طاهرة ونقية وصافية.
درّبهم كيف يتقبّلون بعضهم البعض ,وكيف ينظرون إلى الايجابيات والحسنات والجوانب المضيئة في حياة الآخرين بدل أن ينظروا إلى مساوئ بعضهم البعض وعيوب بعضهم البعض.
كان(ص) يرفض أن ينقل أحد إليه مساوئ أحد من أصحابه ويقول: " لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً, فإني أحب أن أخرج أليكم وأنا سليم الصدر".
من المؤسف أن تسقط كل الضوابط الأخلاقية والتعامل الأخلاقي وأصول التعامل والآداب واللياقات بين الناس في زمن الانتخابات وفي زمن التنافس الانتخابي على البلديات والمخترة.
من المؤسف أن ينشغل الناس ببعضهم البعض, وبالكلام على بعضهم البعض, والتحامل على بعضهم البعض, وسوء الظن ببعضهم البعض.
من المؤسف أن يقفز الناس فوق الفضائل والأخلاق والقيم, وينالون من بعضهم البعض, وينهشون بعضهم البعض, أفراداً وعائلات وجهات, ويستحلون غيبة بعضهم البعض, واتهام بعضهم البعض, وتحجيم بعضهم البعض, وشطب بعضهم البعض, ومخاصمة بعضهم البعض والانتقام من بعضهم البعض, في إطار التنافس الانتخابي.
العصبيات العائلية والعصبيات الفئوية باتت اليوم هي السائدة في بعض القرى والبلدات نتيجة التنافس على المقاعد البلدية والإختيارية.
هناك أجواء غير سليمة تسود بعض القرى والبلدات نتيجة التنافس غير الأخلاقي.
البعض يستخدم كل الأسلحة في هذه المعركة.. الغيبة, والتشهير, والهتك, والاتهامات, والافتراءات, والأكاذيب, والشائعات, ونبش الماضي والتاريخ, وإثارة الأحقاد, وكشف المستور, وفضح الأسرار, والتعامل بروح الانتقام, كل ذلك بهدف تحجيم الطرف الآخر المنافس, أو شطبه, أو اسقاطه, أو الانتقام منه
هذه الأمور لا تجوز, و هي بعيدة عن القيم والأخلاق, ليس بهذه الطريقة يمارس هذا الإستحقاق الذي هو لخدمة الناس.
الإمام الصادق (ع) يقول عن الهتك :" من هتك ستر مؤمن هتك الله ستره يوم القيامة".
ويقول (ع) عن الإتهام والتخوين: "ليس لك أن تتهم من ائتمنته".
وعنه (ع): "اذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء".
ويقول النبي (ص) عن النمامين: "ألا أنبئكم بشراركم؟، قالوا بلى يا رسول الله، قال: "المشاءون بالنميمة, المفسدون بين الاحبة, الباغون للبراء المعايب".
وعنه (ص) فيما يقوله عن تتبع عيوب الآخرين: "لا تتبعوا عثرات المؤمنين فانه من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثراته, ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته".
وعن سوء الظن يقول علي (ع): "أسوأ الناس حالاً من لا يثق بأحد لسوء ظنه".
وعنه (ع): "سوء الظن يفسد الامور ويبعث على الشرور".
وعن الإمام الصادق (ع) : "من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد طريق فلا يسمعن فيه أقاويل الرجال"
ولذلك على الناس أن يدققوا فيما ينقل إليهم وما يقال لهم وما يتناهى الى أسماعهم خصوصاً اذا كان المستهدف إنساناً مؤمناً معروفاً بتدينه والتزامه.
يجب أن نتعلم من رسول الله (ص) ومن أهل البيت (ع) كيفية التعاطي مع هذا النوع من الناس الذي همه نشر العيوب ونقلها والنيل من هذا وذاك ومن فلان وفلانة.
يجب أن يتبين الإنسان قبل أن يرتب الأثر على ما يسمعه وينقل إليه, وأن لا يصدق النمام وما يقوله وما ينقله } وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ, هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ{.
يجب ردع هؤلاء عن أفعالهم وسلوكهم, كما فعل أمير المؤمنين (ع) عندما جاءه رجل يسعى إليه برجل فقال له (ع): " يا فلان نحن نسأل عما قلت, فإن كنت صادقاً مقتناك. وإن كنت كاذباً عاقبناك, وإن شئت أن نقيلك أقلناك قال: أقلني يا أمير المؤمنين.
يجب أن نتعاطى في زمن الانتخابات وفي غير زمن الانتخابات بمثل هذه القواعد الأخلاقية وبمثل هذا السلوك حتى لا نقع تحت تأثير الشائعات والاتهامات والأقاويل التي تنطلق من هنا وهناك لتنال من كرامات الناس وحرماتهم.
الانتخابات البلدية محطة لخدمة الناس وتعاونهم وتحقيق مصالحهم الحيوية والتنموية, وليست لإفساد العلاقات العائلية والاجتماعية بين الناس , وليست لإثارة الأحقاد والكراهية بين الناس, ولا ينبغي أن تكون الانتخابات فرصة لتحجيم أحد ولا لإسقاط أحد ولا للانتقام من أحد ولا لتصفية الحسابات مع أحد.
بالنسبة إلينا استحقاق الانتخابات البلدية هو فرصة للقيام بمسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية تجاه أهلنا, وهو محطة أساسية في التنمية, ونحن في هذا الاستحقاق نتحالف مع حركة أمل لا من أجل تحقيق مكاسب حزبية أو سياسية, بل لأن هذا التحالف يسهم في تسخير كل الطاقات من الطرفين لخدمة أهلنا وتنمية مناطقنا وقرانا وبلداتنا, كما يسهم في تحصين مجتمع المقاومة وحماية المقاومة, ويشيع مناخاً من التوافق والتفاهم والاستقرار نحن بحاجة إليه.
ونحن نحرص كل الحرص على أن يعكس هذا التحالف إرادة الناس لا أن يصادر إرادتهم, وعلى أن يوصل الأكفاء والأكثر أهلية من العائلات والفعاليات والقوى السياسية الى المواقع البلدية والإختيارية من أجل خدمة كل الناس وتحقيق مصالحهم.
والحمد لله رب العالمين