أصالة التدين وروحية الشباب
- المجموعة: 2015
- 06 شباط/فبراير 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 882
التدين والالتزام الديني والخضوع لله سبحانه هو الأصل، فالشاب أو الفتاة حين يكون ملتزماً متديناً فهو يعيش في تناسق وانسجام مع هذا الكون, يعيش حياة طبيعية منسجمة مع كل مظاهر الكون, أما الإنسان الآخر غير المتدين, الانسان المنحرف الضال فهو يسبح ضد التيار, عندما نفهم التدين على هذا الأساس، عندها سنعيش ويعيش الشباب الاعتزاز بدينهم والافتخار بقيمهم, لأنهم ينسجمون بذلك مع كل حركة الكون.
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الثورة الإسلامية في إيران كشفت عمق الانتماء الديني لدى الشعب الإيراني المسلم، هذا الشعب الذي تعرض قبل الثورة وفي زمن الشاه لمحاولات التضليل والانحراف والبعد عن الدين.
وقال: لقد سعى أعداء الإسلام وأعداء الشعب الإيراني المسلم أيام الشاه إبعاده عن التمسك بدينه وهويته الإسلامية, وفرضوا عليه أنماطاً من السلوك والثقافات والعادات المخالفة لأحكام الإسلام ، ولكن الشعب وبمجرد أن أُتيحت له فرصة للتعبير عن هويته الحقيقية بعدما جاء الإمام الخميني (قده) وصنع له ثورته المباركة,أثبت تمسكه بالدين وبهويته الإسلامية.
ولفت: الى أن الثورة الاسلامية في ايران قدمت على مدى ستة وثلاثين سنة تجربة إسلامية مشرقة ونموذجية في الحكم وإدارة شؤون الناس , تجربة مبنية على الاجتهاد والانفتاح على العصر وعلى تطورات الحياة، تجربة تستند إلى العلم والمعرفة والعدالة، بينما مُنيت التجارب الأخرى التي طبقت النموذج السلفي الماضوي في إدارة الحكم بالفشل الذريع.
وأشار: الى أن تجربة داعش والخلافة المزعومة في بلاد الشام لم تفشل فقط, بل قدمت نموذجاً مسيئاً لأعظم دين سماوي وهو الإسلام عندما قدمت نفسها بتلك الصورة الوحشية واللاإنسانية, والذي كان آخر تجلياتها إعدام الطيار الأردني حرقاً وبتلك الطريقة الوحشية البشعة التي تتنافى مع أبسط القيم والتشريعات الاسلامية.
وأكد: ان نموذج داعش وأخواتها لا مستقبل له ولا حياة, ولن يستمر, ومصيره الفشل والزوال.
وطالب الدول التي دعمت وساندت ومكنت الجماعات التكفيرية في البداية لتكون في مواجهة سوريا وايران والمقاومة بإعادة النظر في خياراتها السياسية أكثر من أي وقت مضى, خصوصاً بعدما باتت هذه الدول تتجرع السم الذي طبخته وتأكلها النيران التي أشعلتها في المنطقة, معتبراً: انه ليس هناك من حلٍ للأزمة السورية غير الحل السياسي.
نص الخطبة:
يقول الله تعالى: [ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس]. الحج/ 18.
الله تبارك وتعالى خلق هذا الكون كله, بكل موجوداته, خاضعاً له مسبحاً بحمده [تسبح له السموات والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده]. الإسراء/44.
فالكون كله, الموجودات والكائنات والكواكب , الشمس, والقمر, والنجوم, والجبال, والاشجار, والحيوانات, وكل من في السموات, وكل من في الارض من أحياء وجمادات يخضع ويسبح ويسجد لله سبحانه وتعالى.
الكون كله يسلم لله, وينقاد إليه, ويصلي له, ويطيعه, ويسير وفق إرادته ومشيئته.
والإنسان عندما يكون مؤمناً ومتديناً وملتزماً بما أمر الله ومطيعاً له سبحانه, فإنه يكون بذلك منسجماً مع الكون ومع حركة الكائنات, ويعيش في تناسق مع كل هذه المظاهر والموجودات الخاضعة والمسلمة لله سبحانه وتعالى، والشاذ هو الذي يخرج عن هذا النسق وعن هذا المسار الذي يعيشه الكون.
كل هذا العالم خاضع ساجد قانت لله سبحانه وتعالى إلا الغافلين المعرضين البعيدين عن الالتزام والتدين.
وبناءً على هذا الأساس يصبح التدين والالتزام الديني والخضوع لله سبحانه هو الأصل، فالشاب أو الفتاة حين يكون ملتزماً متديناً فهو يعيش في تناسق وانسجام مع هذا الكون, يعيش حياة طبيعية منسجمة مع كل مظاهر الكون, أما الإنسان الآخر غير المتدين, الانسان المنحرف الضال فهو يسبح ضد التيار، فإن الله خلق الخلق ليعبدوه، فنحن حين نلتزم ونستقيم ونسجد لله ونصلي له ونطيعه نحقق الغاية التي خُلقنا من أجلها, ونسير على الطريق الذي رسمه الله لنا، أما أولئك الذين لا يطيعون الله فإنهم ينحرفون عن المسار والطريق المستقيم, شأنهم شأن إناء صنع لمهمة ولو وضعته على النار لانكسر, لأنه لم يُخلق لذلك ولم يُصنع لذلك.
كذلك الإنسان الذي ينحرف عن طاعة الله سبحانه ويبتعد عن واجباته ولا يستجيب لله ولا يعبد الله فإنه يخرج عن المسار الطبيعي وعن النسق العام الموجود في الكون.
إذن: الطاعة لله والانسجام مع إرادة الله والتدين والالتزام الديني ليس أمراً طارئاً بل هو الأصل وهو الامر الطبيعي المنسجم مع سائر الكائنات.
عندما نفهم التدين على هذا الأساس، عندها سنعيش ويعيش الشباب الاعتزاز بدينهم والافتخار بقيمهم, لأنهم ينسجمون بذلك مع كل حركة الكون.
هناك صور مشرقة اليوم لدى جيل الشباب تجعل من هذا الجيل جيلاً واعياً ومتماسكاً وقوياً, وأهمها:
أولاً: صورة الثبات والصمود في مواجهة التحديات والضغوط والاهواء والشهوات, التحديات الفكرية والثقافية والأخلاقية والمسلكية.
الجيل اليوم يواجه تحديات ضخمة, الشهوات تلاحق الشباب والفتيات في شوارعهم ومدارسهم وجامعاتهم وأماكن عملهم وبيوتهم وحتى في غرف نومهم , فالانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في كل بيت, والفضائيات المتعددة والمفتوحة على كل شيء باتت موجودة في غرف النوم ..
اليوم رغم الضغوط والمغريات والشهوات ومظاهر الافتتان التي تواجه الشباب على كل صعيد .. نجدهم ثابتون ملتزمون متمسكون بإيمانهم ودينهم وقيمهم.
الواقع كله اليوم يدعو الشباب والفتيات إلى طريق آخر غير الالتزام, ومع ذلك نجد الشباب والفتيات يثبتون ويتمسكون بدينهم, ويتسابقون إلى المساجد وإلى المشاركة في الحلقات القرآنية والدروس والدورات الثقافية والمحاضرات الدينية.
كان بإمكان الشباب والفتيات أن ينساقوا مع أهوائهم وشهواتهم وأن ينحرفوا ويتمتعوا بالشهوات وأن يعبثوا وأن يلعبوا وأن يلهوا, ولكن ثبتهم الله سبحانه وتعالى على ايمانهم .
إن الثبات اليوم والالتزام في ظل هذا الواقع المليء بالشهوات هو بحد ذاته إنجاز ونجاح ما كان ليحصل لولا توفيق الله وتأييده وتسديده.
من خصائص هذا الجيل والصور المشرقة لديه أيضاً, أنه جيل يعتز بانتمائه إلى شريحة المتدينين, ويفتخر بانتسابه إلى الحالة الإيمانية وإلى جيل الشباب المؤمن، جيل يرفع رأسه بإسلامه وإيمانه, جيل لا يخجل بإيمانه ولا يستحي بالتزامه الديني [ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين].
ثانياً: صورة الإندفاع نحو تحمل المسؤولية الجهادية, سواء في مواجهة الصهاينة المحتلين أو في مواجهة التكفيريين, فبالرغم من كل محاولات حرف الشباب عن الانخراط في صفوف المقاومة، وبالرغم من كل الغزو الثقافي والحرب الناعمة التي يشنها الأعداء علينا وعلى شبابنا, نجد جيل الشباب يندفع بحماسة وشجاعة وقوة لتحمل مسؤولياته الايمانية والجهادية , ويتسابق إلى ميادين الجهاد والشهادة.
وعندما يندفع الشباب نحو تحمل مسؤولياتهم ونحو الجهاد بشوق وعشق ووله ولهفة, فإنهم لا ينطلقون في ذلك من موقع العاطفة أو الحماسة أو الاندفاع الآني أو المصلحي, وإنما ينطلقون من موقع الوعي والمعرفة والبصيرة.. من موقع معرفتهم بأهمية الجهاد ومقام الشهادة وعظمة الشهداء ومكانتهم ومنزلتهم عند الله سبحانه وتعالى.
وعندما نتحدث عن شباب يندفعون بشوق ورغبة لتحمل مسؤولياتهم الجهادية فإننا لا نتحدث عن شيء مجهول بالنسبة لنا, ليس له مصاديق ونماذج وعناوين محددة, وإنما نتحدث عن شيء نعرفه, ونعرف نماذجه الكثيرة في مسيرتنا.. نعرفه في وجوه المجاهدين وفي وجوه الشهداء من أبناء هذه المسيرة المظفرة.
هذا الالتزام.. وهذا الثبات.. وهذا الاندفاع والشوق لتحمل المسؤوليات.. إنما حصل ويحصل بتوفيق وتأييد من الله سبحانه أولاً.. وثانياً بفعل الوعي الذي أوجده الإمام الخميني (قده) والإمام الخامنئي (دام ظله) وحزب الله والمقاومة الإسلامية والثورة الإسلامية في ايران (التي نعيش هذه الإيام الذكرى السادسة والثلاثون لانتصارها) في جيل الشباب.
الثورة الإسلامية في إيران كشفت عمق الانتماء الديني لدى الشعب الإيراني المسلم، وخاصة لدى جيل الشباب, هذا الشعب الذي تعرض قبل الثورة وفي زمن الشاه لمحاولات التضليل والانحراف والبعد عن الدين والالتزام الديني .
لقد سعى أعداء الإسلام وأعداء الشعب الإيراني المسلم أيام الشاه إبعاد الشباب وعموم الناس عن التمسك بدينهم وهويتهم الإسلامية, وفرضوا عليهم أنماطاً من السلوك والثقافات والعادات المخالفة لأحكام الإسلام, ولكن الشعب وبمجرد أن أُتيحت له فرصة للتعبير عن هويته الحقيقية بعدما جاء الإمام الخميني (قده) وصنع له ثورته المباركة, أثبت تمسكه بالدين وبهويته الاسلامية.
لقد حاولت الشاهنشاهية في إيران صرف الشعب عن الإسلام, وفرضت عليه أنظمة وقوانين مخالفة للإسلام, حتى وصل الأمر بهم إلى فرض طريقة اللباس حيث خاض الشاه رضا خان (والد الشاه الأخير محمد رضا) معركة ضد الحجاب الإسلامي للمرأة, فكان رجال السلطة ينزعون الحجاب من على رؤوس النساء بالقوة والإكراه، ولكن الشعب الإيراني أصرّ على تمسكه بجذوره وأصوله الدينية وعاداته وقيمه الإسلامية, وأصبح الإسلام بالنسبة إليه وسيلة الخلاص, والأمل الذي يخرجه من الشقاء والظلم والتخلف.
لقد أيقن الشعب الإيراني بأن خلاصه هو بالإسلام والتمسك بالقيم والأحكام الإسلامية, وهذا ما ظهر واضحاً عندما تمسك الشعب بقيادة ذلك الرمز الاسلامي الكبير الإمام الخميني(رضوان الله عليه) وصوّت بكلمة نعم للجمهورية الإسلامية في الاستفتاء التاريخي الذي حصل بعد أشهر من انتصار الثورة الإسلامية, بالرغم من كل محاولات تغييب الدين ومحو الهوية الإسلامية ومحاربة الحوزات الدينية ومراجع الدين والقادة الإسلاميين في إيران قبل الثورة.
وقد قدمت الثورة على مدى ستة وثلاثين سنة تجربة إسلامية مشرقة ونموذجية في الحكم وادارة شؤون الناس, تجربة مبنية على الاجتهاد والانفتاح على العصر وعلى تطورات الحياة، تجربة تستند إلى العلم والمعرفة والعدالة، بينما مُنيت التجارب الأخرى التي طبقت النموذج السلفي الماضوي في إدارة الحكم بالفشل الذريع، لأنه لا يمكن أن نبني نظاماً للحكم في هذا العصر وندير الدولة والمجتمع بنفس الطريقة والعقلية التي كانت تدار فيها الأمور في العصور الماضية.
فالتجربة الطالبانية في أفغانستان أصيبت بفشل كبير، وأصبحت طالبان مثالاً للسخرية في العالم, لأن المجتمعات الاسلامية بحاجة إلى نماذج إسلامية تراعي متطلبات العصر وتطور الحياة.
وكذلك تجربة داعش والخلافة المزعومة في بلاد الشام فإنها لم تفشل فقط بل قدمت نموذجاً مسيئاً لأعظم دين سماوي هو الإسلام,عندما قدمت نفسها بتلك الصورة الوحشية واللاإنسانية, والذي كان آخر تجلياتها إعدام الطيار الأردني حرقاً وبتلك الطريقة الوحشية البشعة التي تتنافى مع أبسط القيم والتشريعات الاسلامية.
إن نموذج داعش وأخواتها لا مستقبل له ولا حياة, ولن يستمر. ومصيره الفشل والزوال.
اليوم الدول التي دعمت وساندت ومكنت الجماعات التكفيرية في البداية لتكون في مواجهة سوريا وايران والمقاومة, مطالبة بإعادة النظر في خياراتها السياسية أكثر من أي وقت مضى, خصوصاً بعدما باتت هذه الدول تتجرع السم الذي طبخته لغيرها.
على هذه الدول ان تسعى لمعالجة الازمة في سوريا قبل أن تأكلها النيران التي أشعلتها في المنطقة.. وليس هناك من حل للأزمة السورية غير الحل السياسي.
والحمد لله رب العالمين