الامام الباقر(ع) والإنتماء للتشيع
- المجموعة: 2014
- 03 تشرين1/أكتوير 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2901
روي عن الصادق (ع)أنه قال:يا معشر الشيعة انكم قد نسبتم الينا كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً.ولذلك يجب ان نعكس بعملنا وسلوكنا وأخلاقنا وعلاقاتنا ومواقفنا قيم اهل البيت(ع) ونهجهم وأخلاقهم قبل أقوالنا , وذلك بأن نعمل بعملهم ونأخذ بسيرتهم وسنتهم ونتحلى بأدبهم وأخلاقهم .
اعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة : اننا اليوم بحاجة إلى تقديم صورة مشرقة عن الاسلام على منهج أهل البيت (ع) بعد أن أثبت الفكر الوهابي فشله وأدى إلى حالة التطرف والعنف الذي نراه في أكثر من بلد في هذه المنطقة.
وقال: ان أصحاب هذا الفكر الذين روجوا له وعملوا على نشره وبذلوا المليارت طيلة العقود الماضية في سبيل الدعوة اليه في العالم الاسلامي وخارج العالم الاسلامي, بدأوا يعيدون النظر فيه , ويدعون إلى مراجعة خطابهم الديني, بل الى مواجهة فكرية وثقافية للتكفيريين - الذين هم نتاج هذا الفكر الظلامي المتحجر- في موازاة المواجهة العسكرية والأمنية القائمة بعد أن وجدوا ان هذا الفكر وهذا الخطاب هو الذي ولّد هذه العصابات التكفيرية الارهابية التي هدفها القتل والذبح والتخريب , وبعد أن اكتشفوا أن هذه الثقافة باتت تشكل خطرا على عروشهم وعلى دولهم ومصالحهم .
واضاف : إيران التي تلتزم فكر ونهج أهل البيت(ع) تقدم اليوم نموذجاً مختلفاً وعلى كل الصعد , تقدم نموذجا إسلاميا حضاريا متوازنا لا يرفض الآخر ولا يدعو الى إلغاء الآخر بل يدعو الى الوحدة والتعاون بين جميع المسلمين .
ولفت: الى أن سماحة القائد (حفظه الله) اتخذ موقفاً في غاية الحكمة والحنكة عندما رفض ان تكون إيران جزءاً من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.
وهو لا يقبل أن يضع الشيعة أيديهم بأيدي الأجنبي المستعمر لمواجهة اي طرف محسوب على المسلمين في المنطقة.
كما لا يريد أن يسجل التاريخ أن الشيعة تحالفوا مع أمريكا والغرب لضرب طرف إسلامي في المنطقة .
وأكد: ان شعوب المنطقة وجيوشها ودولها قادرة على مواجهة الإرهاب ووضع حد للعصابات التكفيرية التي تغزوا المنطقة , وهي ليست بحاجة في ذلك الى امريكا التي انما تعود الى المنطقة من اجل الهيمنة والسيطرة على مواردها ,على النفط والغاز, ومن اجل حماية مصالحها وليس حماية الشعوب.
نص الخطبة:
نعزي صاحب العصر والزمان الإمام الحجة المنتظر (عج) وولي أمر المسلمين وعموم المؤمنين والموالين والمسلمين بشهادة الإمام محمد بن علي الباقر (ع) الذي كانت شهادته في السابع من شهر ذي الحجة من سنة 114 هـ بسمٍ دسّه إليه الخليفة هشام بن عبد الملك.
لقد صحح الإمام الباقر(ع) مفهوم الانتماء للتشيع،بعد ان ساد فهم خاطىء عن حقيقة الانتساب لأهل البيت(ع) نتيجة حركة الغلو والتيارات المنحرفة الوافدة على العالم الاسلامي آنذاك , حيث اعتقد البعض أنه يكفي حتى يكون الانسان شيعياً ان يرتبط بأهل البيت ارتباطاً عاطفياً ووجدانياً , بأن يحبهم ويفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم, أو ان يرتبط بهم ارتباط الولاء فيتولاهم ويتبرى من أعدائهم من دون العمل والطاعة , وأنه يكفي للنجاة من النار أن يرتبط الانسان بهم ارتباط الولاء والمحبة والمودة,ولا يضر بعد ذلك أن يكون الانسان عاصياً ومتمرداً على الله..! وقد تمسك بهذا الفهم الخاطىء بعض العصاة والمستغرقين في الشهوات واتباع الأهواء لكي يبرروا أعمالهم وممارساتهم البعيدة عن قيم الدين واحكامه وتشريعاته..
ولذلك بيَّنَ الامام (ع) حقيقة الانتماء للتشيع فاعتبر أن جوهر التشيع هو الطاعة لله عزوجل, والتقوى, والورع عن محارم الله, والالتزام بالقيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام، وأنه لا يكفي فيمن ينتمي إلى التشيع مجرد الولاء والمحبة والمودة والارتباط الوجداني والعاطفي من دون العمل والطاعة ..
التشيع هو الإسلام بكل أبعاده الفكرية والتشريعية والأخلاقية والإنسانية كما فهمه أهل البيت (ع) الذين هم أعرف الناس بما جاء به رسول الله (ص) وأدرى الناس بما في داخل البيت, والشيعي الحقيقي هو الذي يلتزم بكل هذه الأبعاد كما التزم بها أئمة أهل البيت(ع).
فمجرد ادعاء المحبة لأهل البيت (ع) لا تكفي في تحقق معنى ومفهوم التشيع بل لا بد من العمل بطاعة الله والورع عن محارمه والالتزام بالتقوى ومكارم الأخلاق والابتعاد عن مساوئ الأخلاق والصفات القبيحة والسيئة.
فعن جابر بن عبد الله الجعفي عن الإمام الباقر (ع) قال: قال لي: يا جابر أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول يحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع,والتخشع,والأمانة,وكثرة ذكر الله, والصوم, والصلاة, والبر بالوالدين, والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام, وصدق الحديث ,وتلاوة القرآن, وكف الألسن عن الناس إلا من خير, وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.
قال جابر: فقلت يا ابن رسول الله ما نعرف أحداً اليوم بهذه الصفة؟!
فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب، حَسْبُ الرجل أن يقول أحب علياً وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالاً؟ فلو قال أحب رسول الله فرسول الله (ص) خير من علي ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته.
يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة, وما معنا براءة من النار, ولا على الله لأحد من حجة, من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي, ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو, وما تنال ولا يتنا إلا بالعمل والورع.
فهذه الرواية تنفي أن يكون لدى أئمة أهل البيت (ع) براءة لأحد من النار لمجرد الانتساب إليهم بدون العمل والورع, فمجرد الانتماء والتولي ليس كافياً في النجاة والخلاص بدون العمل.
فالتشيع الحقيقي مربوط بالعمل بطاعة الله والورع والتقوى والالتزام بالصفات الأخلاقية والقيم الإنسانية النبيلة.
التشيع أسمى وأرفع وأعلى وأفضل وأقدس من مفهوم المحبة والولاء والارتباط العاطفي ومفهوم التولي والتبري, فقد يكون هناك إنسان مسلم محب لأهل البيت (ع) ولكنه ليس من شيعتهم.
جاء رجل إلى الإمام الحسن وقال له: إني من شيعتكم فقال الحسن (ع): يا عبد الله إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت، وإن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل لنا أنا من شيعتكم, ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم ومعادي أعدائكم وأنت في خير وإلى خير.
أهل البيت يحثون جميع الموالين والمسلمين على التقوى والعمل الصالح والارتباط بالله وتعظيمه وتقديسه وطاعته والوصول إلى أعلى درجات عبادته, أما فيما يرتبط بهم فيدعون الموالين والأتباع إلى الحالة الوسطية بين الإفراط والتفريط، فهم (ع) يحذرون أتباعهم من التطرف والغلو فيهم, فلا يرتضون من أتباعهم أن يرفعوهم إلى حد الألوهية والربوبية وأن يخرجوهم عن حد البشرية (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون) ـ التحريم/ 6.
فعن ابان, عن عمرو بن خالد ,عن الإمام الباقر (ع) قال: يا معشر الشيعة كونوا النمرُقةَ الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي.
فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد: جعلت فداك ما الغالي؟ قال (ع): قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا فليس أولئك منا ولسنا منهم.
قال: فما التالي؟
قال (ع): المرتاد يريد الخير يبلغه الخير يؤجر عليه.
أي يجب أن يبتعد اتباع أهل البيت عن القول فيهم ما لم يقولوه في أنفسهم, كأن يدًّعو لهم الربوبية والألوهية أو أنهم يخلقون أو يميتون و يحيون أو يرزقون أو أنهم يعلمون الغيب أو ما شاكل ذلك , بل على الموالين أن يختاروا الحالة الوسطية ويكونوا النمرُقة الوسطى أي كالوسادة الصغيرة لا مرتفعة جداً ولا منخفضة جداً,وإنما في حالة الوسط التي تمكن الإنسان من أن ينام عليها بشكل مريح.وهكذا يجب ان يكون اعتقادنا بالأئمة(ع) بعيداً عن الإفراط والتفريط,فهم (ع) دون الخالق وفوق المخلوق, لأنهم المعصومون المنزهون عن كل رجس وقبيح وعن كل خطأ أو سهو أو نسيان.. وقد اختارهم الله لأنه أعلم حيث يجعل رسالته.
ولأن الشيعة ينتسبون في عقيدتهم وهويتهم وأخلاقهم إلى مدرسة أهل البيت (ع) فسوف ينظر الآخرون إلى هذه المدرسة من خلالهم.
فقد روي عن الصادق (ع): يا معشر الشيعة انكم قد نسبتم الينا كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً.
ولذلك يجب ان نعكس بعملنا وسلوكنا وأخلاقنا وعلاقاتنا ومواقفنا قيم اهل البيت(ع) ونهجهم وأخلاقهم قبل أقوالنا , وذلك بأن نعمل بعملهم ونأخذ بسيرتهم وسنتهم ونتحلى بأدبهم وأخلاقهم .
أن نكون كما قال الصادق(ع): إنما شيعة علي المتباذلون في ولايتنا, المتحابون في مودتنا, المتزاورون لإحياء دين الله، الذين إذا غضبوا لم يظلموا، وإذا رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا.
اليوم نحن بحاجة إلى تقديم هذه الصورة المشرقة بعد أن أثبت الفكر الوهابي والخطاب الآخر فشله وأدى إلى حالة التطرف التي نراها في أكثر من بلد في هذه المنطقة.
اليوم أصحاب هذا الفكر الذين روجوا له وعملوا على نشره وبذلوا المليارت طيلة العقود الماضية في سبيل الدعوة اليه في العالم الاسلامي وخارج العالم الاسلامي, بدأوا يعيدون النظر فيه , ويراجعون حساباتهم.. ويدعون إلى مراجعة خطابهم الديني, بل الى مواجهة فكرية وثقافية للتكفيريين - الذين هم نتاج هذا الفكر الظلامي المتحجر- في موازاة المواجهة العسكرية والأمنية القائمة بعد أن وجدوا ان هذا الفكر وهذا الخطاب هو الذي ولّد هذه العصابات التكفيرية الارهابية التي هدفها القتل والذبح والتخريب , وبعد أن اكتشفوا أن هذه الثقافة باتت تشكل خطرا على عروشهم وعلى دولهم ومصالحهم .
بينما إيران التي تلتزم فكر ونهج أهل البيت(ع) تقدم اليوم نموذجاً مختلفاً وعلى كل الصعد , تقدم نموذجا إسلاميا حضاريا متوازنا لا يرفض الآخر ولا يدعو الى إلغاء الآخر بل يدعو الى الوحدة والتعاون بين جميع المسلمين .
سماحة الإمام القائد (حفظه الله) اتخذ موقفاً في غاية الحكمة والحنكة عندما رفض ان تكون إيران جزءاً من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.
وهو لا يقبل أن يضع الشيعة أيديهم بأيدي الأجنبي المستعمر لمواجهة اي طرف محسوب على المسلمين في المنطقة.
كما لا يريد أن يسجل التاريخ أن الشيعة تحالفوا مع أمريكا والغرب لضرب طرف إسلامي في المنطقة .
ان شعوب المنطقة وجيوشها ودولها قادرة على مواجهة الإرهاب ووضع حد للعصابات التكفيرية التي تغزوا المنطقة , وهي ليست بحاجة في ذلك الى امريكا التي انما تعود الى المنطقة من اجل الهيمنة والسيطرة على مواردها ,على النفط والغاز, ومن اجل حماية مصالحها وليس حماية الشعوب.
والحمد لله رب العالمين