السخرية سلاح الجاهلين
- المجموعة: 2014
- 19 أيلول/سبتمبر 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2637
البعض قد يصبح شغله الشاغل الاستهزاء بالآخرين ويتحول مجلسه إلى مجلس يشتغل فيه بالآخرين فيسخر من هذا ويستهزء بهذا , قد تتحول بعض مجالسنا وسهراتنا الى مجالس سخرية واستهزاء بالضعفاء والمساكين والفقراء, فنرتكب فيها الحرام بدل ان نذكر الله فيها ونطيع الله فيها.
خلاصة الخطبة:
شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة :على أن العداوات والأحقاد بين الشعوب والدول والأنظمة غالباً ما تؤدي إلى فتن وحروب وصراعات دموية , معتبراً أن الذي صنع وأجج العداوات والأحقاد وأثار الفتن بين شعوب ودول هذه المنطقة هو أمريكا.
وقال: أمريكا هي التي نشرت الحروب والارهاب في المنطقة, وأسست لعداوات بين الدول العربية والإسلامية , وأثارت الفتن بين شعوب هذه المنطقة في أكثر من بلد، وهي التي صنعت - وفي الحد الأدنى ساهمت إلى جانب حلفاءها في صنع وانشاء- المجموعات التكفيرية الإرهابية من أمثال داعش وغيرها وأمدتها بالسلاح والمال ومكنتها من الدخول الى سوريا والعراق وغيره لتقتل وتذبح وترتكب الجرائم وتخرب وتدمر بلدان المنطقة, ولتصبح فيما بعد أفعة خطرة تبث سمومها على الجميع.
وأشار: الى ان الذين صنعوا ورعوا ودعموا المجموعات الارهابية المسلحة في سوريا والعراق هم أنفسهم من يقود اليوم التحالف للحرب ضد هذه المجموعات المتطرفة..
وقال: هم يقاتلون الأفعى التي صنعوها بأنفسهم بعدما تحولت إلى وحش تمرد عليهم وتجاوز الخطوط الحمر وبات يهدد مصالحهم في المنطقة.
وأكد: ان أمريكا هي أم الإرهاب في العالم مستحضراً ما فعلته في فيتنام وافغانستان والعراق وفلسطين وغزة.
ولفت: الى ان أمريكا هدفها الدفاع عن مصالحها والعودة إلى المنطقة وقيادة المنطقة والسيطرة على مواردها وثرواتها وإعادة ترتيب أمور المنطقة بما يتناسب مع مصالحها, بدليل أنها لم تتحرك إلا عندما تهددت مصالحها في العراق والمنطقة وإلا بعد إعدام وذبح الصحافي الأمريكي من قبل مجموعات داعش.
وأضاف: نحن ضد الإرهاب وضد المجموعات الإرهابية ,ضد داعش وأخواتها ,لكن لا يمكن أن نكون جزءاً من تحالف تقوده الولايات المتحدة الأمريكية التي صنعت هذه الأدوات الإرهابية.
نحن ضد الإرهاب وضد داعش .. لكن نحن وشعوب المنطقة ودول المنطقة وجيوشها وقواها ونخبها ومفكروها والأحرار فيها هم من يجب أن يواجه هذا الخطر وهم من يجب أن يقاتل هؤلاء الإرهابيين وليس في إطار تحالف تقوده صانعة الإرهاب أمريكا وحلفاؤها الأجانب..
وختم: نحن كنا السباقين في مواجهة هذا الخطر الذي تعتبر مواجهته مسؤولية الجميع لأن خطره على الجميع , وسنبقى نتحمل هذه المسؤولية بعيداً عن التحالفات الأجنبية المشبوهة.
نص الخطبة
[يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون].
السخرية آفة ومرض أخلاقي يترك آثاره وتداعياته على المجتمع كله,ومعناها: أن تستهين وتحتقر وتهزء بالغير، فإذا استهنت بالآخرين أو احتقرتهم أو أشرت إلى عيوبهم وعاهاتهم ونقائصهم فقد سخرت منهم, سواء كان ذلك بالقول واللفظ أو بالفعل والممارسة, فاذا قلت عن شخص مثلاً جاء الأصلع او انظر الى هذا الأعور او الى هذا الأعرج على سبيل الإستهزاء تريد النيل من كرامته, فهذه سخرية محرمة, واذا حاكيت بالفعل عيب شخص وقلدته في طريقة حديثه او في طريقة مشيه أو في كيفية ضحكه أو غمزت من قناته بإشارة معينة أو بإيحاء معين أو بتلميح أو ابتسمت منه ابتسامة ساخرة مستهزءاً به أو ضحكت عليه أو أضحكت الآخرين عليه بسبب عاهة أو نقص في بدنه او في شخصيته فقد حققت معنى السخرية التي حرمها الله في الآية.
وقضية الاستهزاء والسخرية موجودة في وسط المجتمعات البشرية على مر العصور والأزمنة وليست في عصرنا ومجتمعنا فقط ,فقد سخر الكفرون والضالون والمجرمون من المؤمنين , ومن إيمانهم والتزمهم الديني منذ أقدم العصور, واستهزؤا حتى بالأنبياء والرسل والمصلحين وسخروا منهم, وقد حدثنا القران الكريم عن ذلك في أكثر من آية,فقال تعالى عن استهزاء المجرمين بالمؤمنين: [إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى اهلهم انقلبوا فكهن] المطففين/ 29 ـ 31.
وقال في آية أخرى: [وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون] ـ البقرة / 14 ـ 15.
وقد استهزاء المشركون والمنافقون بنبينا محمد (ص) ورموه بألقاب قبيحة وعيروه أكثرة من مرة , وقد كان الله يخفف عنه ويطيب قلبه وخاطره فيقول: [ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون] ـالأنعام / 10.
وقال تعالى مخاطباً النبي (ص): [إنا كفيناك المستهزئين] ـ الحجر/ 95.
وقد نهى الله في الآية المؤمنين رجالاً ونساءاً, أفراداً وجماعات , عن أن يسخر بعضهم من بعض بأي نوع من أنواع السخرية وأشكالها.
فلا يجوز لمؤمن أن يسخر من مؤمن آخر لفقره إذا رآه رث الحال أو ذا عاهة في بدنه أو غير لبق في حديثه وكلامه, فلعله أكثر منه إيماناً , وأخلص منه ضميراً , وأنقى قلباً, وأصفى سريرة , وأشد حباً لله، فيظلم الإنسان نفسه بتحقيره من أحبه الله, والاستهزاء بمن عظمه الله.
البعض قد يصبح شغله الشاغل الاستهزاء بالآخرين ويتحول مجلسه إلى مجلس يشتغل فيه بالآخرين فيسخر من هذا ويستهزء بهذا , قد تتحول بعض مجالسنا وسهراتنا الى مجالس سخرية واستهزاء بالضعفاء والمساكين والفقراء, فنرتكب فيها الحرام بدل ان نذكر الله فيها ونطيع الله فيها.
يقول تعالى: [فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري] ـ المؤمنون/ 110.
وعن أم هانئ عن النبي (ص) في تفسير قوله تعالى: [وتأتون في ناديكم المنكر] العنكبوت/ 29. قال (ص): كانوا يخذفون (أي يحقرون وينبذون) أهل الأرض ويسخرون منهم.
وكان مشركوا مكة أبو جهل والوليد بن المغيرة وأمثالهما يضحكون من عمار وصهيب وبلال وغيرهم من فقراء المسلمين فنزلت الآية: [إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون.. الخ] ـ المطففين / 29.
وقيل: نزلت هذه الآية لما جاء علي (ع) مع جماعة من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا الأصلع وضحكوا منه, فنزلت الآية قبل أن يصل علي (ع) إلى النبي (ص).
وقيل نزلت آية [يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن] في عائشة عندما أشارت بيدها إلى صفية قائلة: يا نبي الله إنها لقصيرة.
ولذلك السخرية هي إهدار لكرامة الإنسان وإهدار لقيمة الإنسان وإهدار لإنسانية الإنسان, على الإنسان أن يحترم الناس وأن يبجلهم وأن لا يستحقر أحداً ولا يستصغر احداً , يجب احترام الناس حتى الصغار والأطفال والزوجة والزوج.
لا يجوز أن تسخر الأم من ابنها أو ابنتها أمام أحد من الأقارب,ولا يسخر الأب أيضاً من ابنه أو ابنته.
لا يجوز أن يسخر الزوج من زوجته أمام أقاربها أو أقاربه أو أصدقائها أو أصدقائه, وهكذا لا ينبغي أن تسخر الزوجة من زوجها أمام الناس.
عندما يستهزء الزوج بزوجته أو يسخر منها أو يعيب عليها بأنها لا تعرف تتكلم , أو لا تجيد كذا ولا تعرف كذا فهذا استهزاء , وفيه جرح لمشاعر الزوجة ويورث الأحقاد في داخل النفوس.
فالنفوس جبلت على حب من أحسن إليها وكراهية من أساء إليها. الإنسان مكلف أن يحسن إلى الناس وإلى عباد الله لا أن يسيء إليهم.
يجب على المؤمن أن يحترم الناس فإذا احترم الآخرين احترموه وإذا أجلهم أجلوه وإذا وضعهم في المكان اللائق كان هذا مدعاة إلى إثارة المحبة والمودة في المجتمع لا أن يثير البغضاء والأحقاد بين الناس.
وقد خصصت الآية النساء بالذكر [ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن] ربما لوجود هذه الظاهرة أكثر في أوساط النساء.
حيث إن أغلب النساء يشتغلن ببعضهن البعض فتبرز حالة السخرية لديهن بشكل أكثر نظراً لعدم وجود اهتمامات كبيرة لدى النساء غالباً فيشتغلن بالجزئيات والخلافات الصغيرة والتافهة.
وكلمة (لا يسخر قوم من قوم) ولم يقل (رجل من رجل) ليؤكد أن السخرية بين الجماعات أسوأ من سخرية فرد من فرد لأن آثارها أشمل وأوسع وأعم.
وظاهرة السخرية بين الجماعات متفشية في مجتمعاتنا أيضاً لأن بعض الجماعات تعتبر نفسها أفضل من الجماعات الأخرى أما لنسب أو جاه أو مال. فتسخر هذه العائلة من تلك العائلة لأنها ترى نفسها أفضل وأرقى, وتسخر هذه العشيرة من تلك العشيرة لأنها اكثر مالاً او جاهاً
أحياناً تكون السخرية على مستوى المناطق فيسخر أهل هذه المنطقة من أهل تلك المنطقة بسبب لهجتها أو بسبب فقرها وحرمانها..أو يسخر أهل هذه البلدة أو القرية من أهل تلك البلدة والقرية..
في بعض الحالات تكون السخرية على الصعيد السياسي فيسخر هذا الحزب من ذلك الحزب أو هذا التيار من ذاك التيار او هذا السياسي من ذاك نتيجة التنافس القائم بينهم .
أحياناً تكون السخرية على أساس اقتصادي, فالاغنياء يسخرون من الفقراء, وتجار الملابس مثلاً يسخرون من تجار الأحذية .. وهكذا .
وفي بعض الأحيان تكون الانتماءات الدينية سبباً للسخرية والازدراء والاحتقار, فيسخر البعض من البعض الآخر لأنه ينتمي إلى الطائفة الفلانية او الى المذهب الفلاني أو يسخر فلان من فلان لأنه يتبع ويقلد المرجع الفلاني .
عندما نعود إلى الأسباب التي تدفع البعض إلى السخرية سنجد أن هناك عدة عوامل:
أولاً: العجب بالنفس والشعور بالأفضلية , فعندما تشعر بأنك أفضل من الآخرين أما لأنك تملك جمالاً لا يملكه الآخر أو قوة بدنية لا يملكها الآخر او مالاً أو جاهاً أو علماً أو شهادات علمية أو ألقاباً اجتماعية أو سياسية ,مسؤول كذا او رئيس كذا , ولكن من يقول إنك أفضل من هذا الذي تحتقره قد تكون لدى هذا الإنسان نقاط قوة لم تكتشفها في شخصيته, ثم قد يكون هذا أفضل منك عند الله فكيف تحتقره؟ [عسى أن يكون خيراً منهم].
ثانياً: الفراغ وعدم وجود اهتمامات لدى الإنسان فينشغل بالسخرية ويتسلى ويلهو بها لملئ الفراغ.
ثالثاً: التكبر والشعور بالفوقية , فالإنسان قد يسخر من إنسان آخر بدافع الشعور بالفوقية كما فعل إبليس مع آدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.
رابعاً: إرضاء الآخرين واضحاك الأغنياء والزعماء طمعاً في الحصول على مال او موقع وجاه.
خامساً: العداوات والخصومات,فهي ما تولد غالباً الإهانات, وتدفع نحو السخرية والازدراء والنظرة الدونية للآخرين.
العداوات بين الأفراد تؤدي إلى السخرية وإلى الغيبة وإلى النميمة وإلى الكثير من الأمراض الأخلاقية والاجتماعية.
والعداوات والأحقاد بين الشعوب والدول والأنظمة غالباً ما تؤدي إلى فتن وحروب وصراعات دموية ..
من الذي صنع العداوات والأحقاد وأثار الفتن بين شعوب ودول هذه المنطقة سوى أمريكا؟.
أمريكا هي التي نشرت الحروب والارهاب في المنطقة, وأسست لعداوات بين الدول العربية والإسلامية , وأثارت الفتن بين شعوب هذه المنطقة في أكثر من بلد، وهي التي صنعت - وفي الحد الأدنى ساهمت إلى جانب حلفاءها في صنع وانشاء- المجموعات التكفيرية الإرهابية من أمثال داعش وغيرها وأمدتها بالسلاح والمال ومكنتها من الدخول الى سوريا والعراق وغيره لتقتل وتذبح وترتكب الجرائم وتخرب وتدمر بلدان المنطقة, ولتصبح فيما بعد أفعة خطرة تبث سمومها على الجميع.
واليوم الذين صنعوا ورعوا ودعموا المجموعات الارهابية المسلحة في سوريا والعراق هم أنفسهم من يقود التحالف للحرب ضد هذه المجموعات المتطرفة..
هم يقاتلون الأفعى التي صنعوها بأنفسهم بعدما تحولت إلى وحش تمرد عليهم وتجاوز الخطوط الحمر وبات يهدد مصالحهم في المنطقة.
لا تصدقوا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل لمصلحة شعوب هذه المنطقة .
لا تصدقوا أن الولايات المتحدة جادة في محاربة الإرهاب..
أمريكا هي أم الإرهاب في العالم , انظروا ماذا فعلت في فيتنام وفي افغانستان وفي العراق وفي فلسطين وبالأمس في غزة.
أمريكا تفتش عن مصالحها وتحمي مصالحها ولا يهمها الشعوب, الأمريكي هدفه الدفاع عن مصالحه وليس همه الشعوب والدول, هدفه العودة إلى المنطقة وقيادة المنطقة والسيطرة على مواردها وثرواتها وإعادة ترتيب أمور المنطقة بما يتناسب مع مصالحها, بدليل أنها لم تتحرك إلا عندما تهددت مصالحها في العراق والمنطقة وإلا بعد إعدام وذبح الصحافي الأمريكي من قبل مجموعات داعش.
نحن ضد الإرهاب وضد المجموعات الإرهابية , ضد داعش وأخواتها , لكن لا يمكن أن نكون جزءاً من تحالف تقوده الولايات المتحدة الأمريكية التي صنعت هذه الأدوات الإرهابية لتكون عامل فتنة في المنطقة.
نحن ضد الإرهاب وضد داعش .. لكن نحن وشعوب المنطقة ودول المنطقة وجيوشها وقواها ونخبها ومفكروها والأحرار فيها هم من يجب أن يواجه هذا الخطر وهم من يجب أن يقاتل هؤلاء الإرهابيين وليس في إطار تحالف تقوده صانعة الإرهاب أمريكا وحلفاؤها الأجانب..
ونحن كنا السباقين في مواجهة هذا الخطر الذي تعتبر مواجهته مسؤولية الجميع, لأن خطره على الجميع, وسنبقى نتحمل هذه المسؤولية بعيداً عن التحالفات الاجنبية المشبوهة.
والحمد لله رب العالمين