الإمام الجواد(ع) تجسيد حي لمفهوم الإمامة
- المجموعة: 2014
- 26 أيلول/سبتمبر 2014
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1889
من المعروف أن الإمام الجواد تولى منصب الإمامة في سن مبكر بعد وفاة أبيه الإمام علي الرضا (ع) عام 203 هـ، حيث كان عمره الشريف ثماني سنوات. وكان أول إمام يتولى هذا المنصب وهو صغير السن,وعلى حد تعبير البعض: كان أول تجسيد حي لمفهوم الامامة.
لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى ان البدع والجهل والفتاوى التي لا تمت للإسلام بصلة هي التي تخرب الدين وتقدم صورة مشوهة عنه,وأن ما يمارسه التكفيريون من قتل وذبح وتخريب وتدمير باسم الدين هو من البدع التي تدمر الدين وتقدم صورة مشوهة عنه أيضاً.
وقال: لقد تحول التكفيريون بأعمالهم وممارساتهم الإجرامية إلى فرقة منبوذة من الجميع, من الشعوب والدول والحكومات. وقد أخافوا بإجرامهم في سوريا والعراق وغيرهما كل شعوب المنطقة , مسلمين ومسيحيين, سنّة وشيعة , دروزاً وعلويين, أكراداً وتركمان وغير ذلك.
أخافوا الجميع إلا إسرائيل، وقاتلوا الجميع إلا الصهاينة، واهتموا بكل شيء في هذه المنطقة إلا بفلسطين , حيث بقيت فلسطين في آخر اهتماماتهم..
واعتبر: ان من الصور المخزية التي شاهدناها خلال الأيام القليلة الماضية صورة التفكيريين الإرهابيين وهم يقفون جنباً إلى جنب مع الصهاينة على طرفي الحدود في الجولان السوري دون ان يطلقوا رصاصة واحدة باتجاه اسرائيل, في الوقت الذي يقتلون المئات من المسلمين والمسيحيين, ويهجرون الآلاف من مناطقهم في العراق وسوريا إلى خارج الحدود...
وأضاف: التكفيريون والصهاينة هم من منبت واحد وصناعة واحدة وعملة واحدة, وهم متشابهون في الفكر وفي العقلية وفي القتل وارتكاب المجازر.ففي الفكر يعتبر الصهاينة أنهم شعب مختار لا يساويهم أحد من بني البشر في الفضيلة والمكانة.. والتكفيريون يعتبرون أنفسهم أنهم وحدهم على حق ويرفضون من عداهم ويكفرون من لا يوافقهم ويحللون قتله وذبحه , وفي الممارسات متشابهون ايضا فهؤلاء يقتلون ويذبحون الأبرياء من النساء والاطفال والرجال واؤلئك يفعلون الجرائم نفسها.
إن هذا وغيره يكشف عن ما كنا نقوله ونردده باستمرار من أن هؤلاء صنيعة أمريكية إسرائيلية وأداة أمريكية إسرائيلية في المنطقة, جِيءَ بهم لتفتيت المنطقة وتخريبها وإحداث الفتنة بين شعوبها ومكوناتها, لتبقى إسرائيل هي الأقوى ولتبقى لأمريكا اليد الطولى في هذه المنطقة تصنع فيها التحالفات من اجل تعزيز هيمنها وسيطرتها عليها وعلى مواردها.
وأكد: أن على شعوب المنطقة أن تتلاقى وتتكاتف وتتعاون دولها وحكوماتها وتترفع عن انقساماتها وخلافاتها لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتهدد الجميع.
نص الخطبة:
نعزي صاحب العصر والزمان الامام المهدي(عج) وولي أمر المسلمين وعموم المؤمنين والموالين والمسلمين بشهادة الإمام التاسع من أئمة أهل البيت (ع) الإمام محمد بن علي الجواد (ع) الذي كانت شهادته في التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 220هجريةبسم دسّته إليه زوجته أم الفضل إبنة المأمون بإيعاز من الخليفة العباسي المعتصم بالله, وقد استشهد (ع) وهو شاب لم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين.
ومن المعروف أن الإمام الجواد تولى منصب الإمامة في سن مبكر بعد وفاة أبيه الإمام علي الرضا (ع) عام 203 هـ، حيث كان عمره الشريف ثماني سنوات.
وكان أول إمام يتولى هذا المنصب وهو صغير السن,وعلى حد تعبير البعض: كان أول تجسيد حي لمفهوم الامامة, وقد تكررت هذه القضية, قضية تولي الإمامة في سن مبكر, مع الإمامين علي الهادي (ع) ومحمد المهدي (عج)، حيث تولى الإمام الهادي(ع) الإمامة بعد وفاة أبيه الجواد (ع) وهو لم يتجاوز السبع سنوات أيضاً, وتولى الإمام المهدي(عج) هذا المنصب بعد وفاة أبيه العسكري(ع) وعمره خمس سنوات.
وقد أثارت هذه القضية, قضية تولي الإمام الجواد (ع) منصب الإمامة في هذا السن, جدلاً وخلافاً وانقساماً بين أتباع أهل البيت (ع) وشيعتهم آنذاك, حيث إن الشيعة كما يذكر بعض المؤرخين حاروا واضطربوا ووقع بينهم الخلاف وأصابهم الشك.. إذ كيف يمكن لصبي لم يبلغ الثماني سنوات أن يتولى هذا المنصب الرفيع, فيبلغ الدين ويحمي الرسالة ويقود الأمة؟!
وقد أدت حالة الشك التي أصابت الشيعة بعد شهادة الإمام الرضا (ع) إلى أن يتجه بعضهم إلى عبد الله بن موسى أخ الإمام الرضا (ع) بدل أن يتجه نحو الإمام الجواد (ع),حيث لم يكن للإمام الرضا (ع) ولد آخر غير الجواد ليتجهوا إليه، إلا أن الشيعة ,وهم الذين يُعرف عنهم أنهم أهل الدليل والبرهان والعقل , لم يكونوا مستعدين لقبول إمامة عبد الله بن موسى بلا دليل وبرهان، فعرضوا عليه بعض الأسئلة ليمتحنوه ويختبروه، ولما رأوا عجزه عن الإجابة تركوه وتوجهوا إلى الإمام الجواد (ع) وقََبِل معظمهم بإمامته بعد أن أدركوا أحقيته بالإمامة وأهليته لها بالرغم من حداثة سنه.
لقد ظهرت أحقية إمامة الإمام الجواد (ع) من جانبين أساسيين:
الجانب الأول: إن قضية تولي المناصب الإلهية الكبيرة في سن مبكر حصلت للعديد من الأنبياء والأولياء والأوصياء عبر التاريخ, وقد حدثنا القرآن الكريم نفسه عن ذلك.. فلماذا نستبعد ذلك عن أئمتنا (ع)؟ ولماذا نستغرب ونتعجب عندما نسمع بأن احداً من الأئمة كالإمام الجواد(ع) تولى الإمامة والقيادة في سن مبكر.
1- فقد استخلف داوود سليمان وهو صبي صغير يرعى الغنم.
2- وآتى الله يحيى بن زكريا الحكم وهو صبي أيضاً، وفق ما حدثنا القرآن, حيث قال تعالى: [وآتيناه الحكم صبيا].
3- وتكلم عيسى في المهد كما ذكر القرآن وقال: [إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا].
اذن كل هذه التجارب وغيرها تدل على أن بعض الأنبياء والأوصياء تولوا مناصب كالنبوة والخلافة والقيادة وهم في سن مبكر, فلماذا نستغرب ذلك عن إمامنا الجواد او الهادي او المهدي عليهم السلام.
الجانب الثاني: إن قضية الإمامة هي قضية إلهية ربانية يختار الله لها من يشاء من عباده [الله أعلم حيث يجعل رسالته] وهي قضية ليس المعيار فيها صغر السن وكبر السن.
ولذلك يُنقل انه عندما حصل انقسام وخلاف بين بعض الشيعة حول إمامة الجواد (ع) قال الريان بن الصلت ـ وكان من أصحاب الإمام الرضا (ع) ـ لأحد الذين شككوا في إمامة الجواد(ع): أنت تظهر الإيمان وتبطن الشك والشرك, إن كان أمره من الله جل وعلا فلو كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم، وإن لم يكن من عند الله فلو عمّر ألف سنة فهو واحد من الناس ..
إذن ليس المعيار والمقياس في قضية الإمامة السن والعمر وإنما المعيار فيها ثلاثة أمور أساسية هي:
1 ـ النص , أي أن يكون الإمام منصوصاً على إمامته من الإمام الذي قبله.
2 ـ والعلم الخاص الذي اختص الله به الأئمة (ع) فورثوه عن آبائهم عن النبي (ص).
3 ـ والعصمة، أي أن يكون الإمام معصوماً عن الذنوب والأخطاء .
هذه الأمور الثلاثة هي التي تحدد صلاحية وأهلية الشخص لتولي هذا المنصب بمعزل عن سنه , فإذا كان الشخص منصوصاً عليه من قبل النبي (ص) أو الإمام الذي قبله، وكان يملك علماً خاصاً ومعرفة واسعة تكشف عن عمق لا يمكن ان يملكه الانسان الا بطرق خاصة ، وكان على درجة عالية من التقوى والعصمة والعدالة، فإن هذه الأمور كافية لإثبات إمامته وأهليته لتولي هذا المنصب الإلهي سواء كان صغيراً أو كبيراً.
وقد كانت هذه الأمور إضافة إلى العدالة والشجاعة والحنكة والكرم وحسن التدبير وغيرها متوافرة بقوة في شخصية الإمام الجواد (ع) بالرغم من صغر سنه.
فالنص على إمامته (ع) كان موجوداً بل مشهوراً ومتداولاً على ألسنة أصحاب أبيه الإمام الرضا (ع)، حيث صدرت عن الإمام الرضا (ع) عشرات النصوص (حوالى اربعين نصاً) حول إمامة الجواد(ع),وقد روى هذه النصوص كثير من أصحاب الإمام الرضا (ع) الأجلاء. وقد جمع هذه النصوص بعض المؤلفين في كتاب سُميَ (مسند الإمام الجواد "ع").
ويتضح من هذه النصوص أن الإمام الرضا (ع) أشار مرات عديدة إلى إمامة ابنه الجواد (ع)، واطلع أصحابه على هذا الأمر، وإن تسليم الاصحاب والتزامهم بإمامة الجواد وانقيادهم التام له، يعتبر أفضل دليل على أحقية إمامته (ع).
وأما العلم الخاص, فقد خضع الإمام (ع) لامتحانات واختبارات علمية متعددة من شيعته ومن غيرهم أيضاً , ومن أركان السلطة وعلماء السلطة, وعُقدت العديد من المناظرات والجلسات العلمية معه, فكانوا يطرحون عليه الأسئلة بهدف تعجيزه وإفشاله واسقاط شخصيته بين الناس, وفي المقابل إظهار أهلية وجدارة وأحقية المأمون بالخلافة, إلا ان الامام(ع) كان يخرج من كل تلك الاختبارات بنجاح باهر وكان يجيب عن كل اسئلتهم بجدارة فائقة, وكانت بعض المسائل المطروحة لا يمكن الإجابة عنها إلا من قبل من كانت لديه علوم خاصة قد ورثها عن النبي (ص).
وأما العصمة والتقوى والورع والعدالة والشجاعة والأخلاق العالية فقد ظهرت في الإمام الجواد (ع) بأجلى صورها في كثير من المواقع والمواقف حتى اعترف القاصي والداني بتقواه وورعه وعظيم أخلاقه,بالرغم من كل المحاولات التي جرت للإيقاع به على هذا الصعيد..
ولم يكتف (ع) بتجسيد مكارم الاخلاق في شخصيته وسلوكه فقط بل كان يدعو (ع) إلى التزام مكارم الأخلاق وجميل الصفات ويوصي أصحابه وأتباعه وشيعته بذلك.
وكان مما أوصى به أنه قال (ع): من حسن خلق الرجل كف أذاه,ومن كرمه بره لمن يهواه,ومن صبره قلة شكواه,ومن نصحه نهيه عما لا يرضاه,ومنرفق الرجل بأخيه ترك توبيخه بحضرة من يكره,ومن صدق صحبته اسقاطه المؤونة,ومن علامة محبته كثرة الموافقة وقلة المخالفة.
وقال(ع): ما هدم الدين مثل البدع.
فالبدع والجهل والفتاوى التي لا تمت للإسلام بصلة هي التي تخرب الدين وتقدم صورة مشوهة عنه.
وما يمارسه التكفيريون من قتل وذبح وتخريب وتدمير باسم الدين هو من البدع التي تخرب الدين وتقدم صورة مشوهة عنه أيضاً.
لقد تحول التكفيريون بأعمالهم وممارساتهم الإجرامية إلى فرقة منبوذة من الجميع, من الشعوب والدول والحكومات , وقد أخافوا بإجرامهم في سوريا والعراق وغيرهما كل شعوب المنطقة , مسلمين ومسيحيين, سنّة وشيعة , دروزاً وعلويين, أكراداً وتركمان وغير ذلك.
أخافوا الجميع إلا إسرائيل، وقاتلوا الجميع إلا الصهاينة، واهتموا بكل شيء في هذه المنطقة إلا بفلسطين , حيث بقيت فلسطين في آخر اهتماماتهم..
ان من الصور المخزية التي شاهدناها خلال الأيام القليلة الماضية صورة التفكيريين الإرهابيين وهم يقفون جنباً إلى جنب مع الصهاينة على طرفي الحدود في الجولان السوري دون ان يطلقوا رصاصة واحدة باتجاه اسرائيل, في الوقت الذي يقتلون المئات من المسلمين والمسيحيين, ويهجرون الآلاف من مناطقهم في العراق وسوريا إلى خارج الحدود...
التكفيريون والصهاينة هم من منبت واحد وصناعة واحدة وعملة واحدة, وهم متشابهون في الفكر وفي العقلية وفي القتل وارتكاب المجازر.
ففي الفكر يعتبر الصهاينة أنهم شعب مختار لا يساويهم أحد من بني البشر في الفضيلة والمكانة.. والتكفيريون يعتبرون أنفسهم أنهم وحدهم على حق ويرفضون من عداهم ويكفرون من لا يوافقهم ويحللون قتله وذبحه , وفي الممارسات متشابهون ايضا فهؤلاء يقتلون ويذبحون الأبرياء من النساء والاطفال والرجال واؤلئك يرتكبون الجرائم نفسها.
إن هذا وغيره يكشف عن ما كنا نقوله ونردده باستمرار من أن هؤلاء صنيعة أمريكية إسرائيلية وأداة أمريكية إسرائيلية في المنطقة, جِيءَ بهم لتفتيت المنطقة وتخريبها وإحداث الفتنة بين شعوبها ومكوناتها, لتبقى إسرائيل هي الأقوى ولتبقى لأمريكا اليد الطولى في هذه المنطقة تصنع فيها التحالفات من اجل تعزيز هيمنتها وسيطرتها عليها وعلى مواردها.
إن على شعوب المنطقة أن تتلاقى وتتكاتف وتتعاون دولها وحكوماتها وتترفع عن انقساماتها وخلافاتها لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتهدد الجميع , والا فان مستقبل هذه المنطقة سيكون مظلماً.
على شعوب ودول المنطقة ان تتحمل مسؤولياتها تجاه الأخطار والتهديدات التي تواجهها المنطقة اذا ارادت ان تصنع مستقبلا مشرقا بعيداً عن التكفيريين والصهاينة.
والحمد لله رب العالمين