الإثنين, 17 06 2024

آخر تحديث: الجمعة, 14 حزيران 2024 4pm

المقالات
خطبة الجمعة 14-6-2024 الإمام الباقر(ع)ورعاية مصالح الامة

خطبة الجمعة 14-6-2024 الإمام الباقر(ع)ورعاية مصالح الامة

الشيخ دعموش: سيدفع العدو أثمانًا كبيرة نتيجة جرائمه. أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي...

خطبة الجمعة 7-6-2024 مظاهر القدوة في بيت علي وفاطمة(ع)

خطبة الجمعة 7-6-2024 مظاهر القدوة في بيت علي وفاطمة(ع)

الشيخ دعموش: المقاومة لا تأبه لتهديدات ‏العدو وهي على أتم الاستعداد للذهاب...

كلمة في الحفل التكريمي للشهيد الشيخ عباس بوصي 3-6-2024

كلمة في الحفل التكريمي للشهيد الشيخ عباس بوصي 3-6-2024

الشيخ دعموش: العدو فشل في فرض شروطه والمقاومة على أتم الجهوزية لمواجهة كل...

خطبة الجمعة 31-5-2024 الأسرة القدوة

خطبة الجمعة 31-5-2024 الأسرة القدوة

الشيخ دعموش: لو أراد الأمريكي إيقاف الحرب المتوحشة على غزة لفعل ذلك بلحظات. رأى نائب...

كلمة في الحفل التكريمي للشهيدين حسين فواز وبلال مراد في تبنين 29-5-2024

كلمة في الحفل التكريمي للشهيدين حسين فواز وبلال مراد في تبنين 29-5-2024

الشيخ دعموش من تبنين: جبهة الجنوب مستمرة وأميركا تتحمل مسؤولية مجازر غزة. أكَّد نائب...

موقف في حفل التكليف السنوي الذي أقامته ثانوية شاهد في بيروت 28-5-2024

موقف في حفل التكليف السنوي الذي أقامته ثانوية شاهد في بيروت 28-5-2024

الشيخ دعموش: لولا المقاومة ومعادلات الردع لتمادى العدوّ في عدوانه. رأى نائب رئيس...

كلمة في اسبوع الشهيد محمد حسن فارس شمص 26-5-2024

كلمة في اسبوع الشهيد محمد حسن فارس شمص 26-5-2024

الشيخ دعموش من بعلبك: سننتصر في هذه المواجهة كما انتصرنا في كلّ المواجهات...

  • خطبة الجمعة 14-6-2024 الإمام الباقر(ع)ورعاية مصالح الامة

    خطبة الجمعة 14-6-2024 الإمام الباقر(ع)ورعاية مصالح الامة

  • خطبة الجمعة 7-6-2024 مظاهر القدوة في بيت علي وفاطمة(ع)

    خطبة الجمعة 7-6-2024 مظاهر القدوة في بيت علي وفاطمة(ع)

  • كلمة في الحفل التكريمي للشهيد الشيخ عباس بوصي 3-6-2024

    كلمة في الحفل التكريمي للشهيد الشيخ عباس بوصي 3-6-2024

  • خطبة الجمعة 31-5-2024 الأسرة القدوة

    خطبة الجمعة 31-5-2024 الأسرة القدوة

  • كلمة في الحفل التكريمي للشهيدين حسين فواز وبلال مراد في تبنين 29-5-2024

    كلمة في الحفل التكريمي للشهيدين حسين فواز وبلال مراد في تبنين 29-5-2024

  • موقف في حفل التكليف السنوي الذي أقامته ثانوية شاهد في بيروت 28-5-2024

    موقف في حفل التكليف السنوي الذي أقامته ثانوية شاهد في بيروت 28-5-2024

  • كلمة في اسبوع الشهيد محمد حسن فارس شمص 26-5-2024

    كلمة في اسبوع الشهيد محمد حسن فارس شمص 26-5-2024

 
NEWS-BAR
الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 14-6-2024: سيدفع العدو أثمانًا كبيرة نتيجة جرائمه. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 7-6-2024: المقاومة لا تأبه لتهديدات ‏العدو وهي على أتم الاستعداد للذهاب بعيدًا إذا أراد العدو التصعيد . الشيخ دعموش في الحفل التكريمي للشهيد الشيخ عباس بوصي 3-6-2024 : العدو فشل في فرض شروطه والمقاومة على أتم الجهوزية لمواجهة كل الاحتمالات. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 31-5-2024: لو أراد الأمريكي إيقاف الحرب المتوحشة على غزة لفعل ذلك بلحظات. الشيخ دعموش في الحفل التكريمي للشهيدين حسين فواز وبلال مراد في تبنين 29-5-2024: جبهة الجنوب مستمرة وأميركا تتحمل مسؤولية مجازر غزة. الشيخ دعموش في حفل التكليف السنوي الذي أقامته ثانوية شاهد في بيروت 28-5-2024: لولا المقاومة ومعادلات الردع لتمادى العدوّ في عدوانه. الشيخ دعموش في اسبوع الشهيد محمد حسن فارس شمص 26-5-2024: سننتصر في هذه المواجهة كما انتصرنا في كلّ المواجهات السابقة. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 24-5-2024: انتصار العام 2000 يُعطينا القوة لمواصلة المقاومة حتى التحرير الكامل‎. الشيخ دعموش في احتفال النصر والتحرير في بر الياس 22-5-2024: المقاومة لن تحيد عن نهجها وستبقى في قلب المعركة. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 17-5-2024: المقاومة في غزة لا زالت تملك الكثير من عناصر القوة. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 10-05-2024: مهما حاول العدوّ تجاهل الحقائق لن يُخفي فشله وهزيمته. الشيخ دعموش من البقاع: الحراك الطالبي في ‏الجامعات الأميركية والغربية هو جزء من التحول في الرأي العام الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 3-5-2024: التمادي في العدوان على لبنان لن يُعوّض عجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 26-04-2024: التمادي في العدوان على لبنان ليس بلا ثمن الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 19-4-2024: الردُّ الإيراني هشّم صورة الكيان الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 12-4-2024: مقابل العدوان هناك رد ‏وعقاب.. والإصرار على إطالة أمد الحرب لن يغير شيئاَ. الشيخ دعموش في الحفل التكريمي للشهيد علي عبد علي في الشياح 9-4-2024: المقاومة لا تتراجع عن معادلة الرد المباشر والسريع مهما كانت التضحيات والتداعيات. الشيخ دعموش من صيدا: لن نقبل أن يتوسع العدو في عدوانه من دون أن يدفع الثمن. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 5-4-2024: الحديث عن ضغوط أميركية جديدة على "إسرائيل" يبقى في دائرة الخداع والنفاق ما لم تُترجم هذه الضغوط المزعومة بوقف العدوان. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 29-3-2024: مهما تمادى العدو في مجازره لن تتراجع المقاومة عن مساندة غزة. الشيخ دعموش في الحفل التكريمي للشهيد علي محمد فقيه في انصارية 27-3-2024: نحن رجال الميدان وحاضرون للدفاع عن بلدنا وأهلنا إلى أقصى حد. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 22-3-2024: المقاومة لن ترضخ لشروط العدو الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 15-3-2024 المقاومة ما تزال تُمسك بالميدان وتُقاتل بقوة. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 8-3-2024: لسنا معنيين بإعطاء ضمانات للعدو الصهيوني. الشيخ دعموش في رعاية حملة الخير-ثقافة للامداد في بيروت 6-3-2024: المقاومة ستواصل حضورها في الميدان ولا يمكن أن يردعها شيء. الشيخ دعموش في الحفل التكريمي للشهيد فاروق حرب في الحلوسية 5-3-2024: قرار المقاومة هو الردّ بحزم على كل اعتداء أو استهداف. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 1-3-2024: لن تخرج المقاومة من المعركة إلّا بنصر ‏جديد. الشيخ دعموش في رعاية حفل تخريج دورة كوادر نقابية في بعلبك 25-2-2024: المقاومة على أتم الاستعداد والجهوزية للدفاع عن لبنان الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 23-02-2024: العدوانية الاسرائيلية في غزة ولبنان لا يردعها ولا يسقط اهدافها شيء سوى المقاومة والحضور في الميدان ومواجهة القتل بالقتل والتدمير بالتدمير والتصعيد بالتصعيد. الشيخ ‏دعموش في خطبة الجمعة 16-02-2024: العدو الصهيوني مأزوم في لبنان والمقاومة مصممة على ‏مقابلة التصعيد بالتصعيد. الشيخ دعموش في الاحتفال السنوي لجمعية البر والتقوى 9-2-2024: وقف العدوان على غزة هو الخيار الوحيد لوقف ‏جبهة لبنان. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 09-02-2024: العدو وصل إلى طريق ‏مسدود واستمرار العدوان لن يؤدي إلا ‏إلى المزيد من الفشل. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 2-1-2024: المقاومة وجهت للعدو رسائل نارية وأفهمته أنّه لا يمكن أن يتمادى في عدوانه على لبنان من دون أن يلقى الرد الحاسم الشيخ دعموش في اسبوع الحاج حسين مرجي: توسيع العدوان على لبنان لن يكون نزهة. الشيخ ‏دعموش في خطبة الجمعة 26-1-2024: التهويل والتهديد للبنان لن يقدم أو يُؤخّر شيئًا ولن يُثني المقاومة عن دعم غزّة. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 19-1-2024: التهديدات والرسائل التي ‏يحملها الموفدون إلى لبنان لن تقفل جبهة الجنوب طالما استمر العدوان ‏على غزة. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 12-1-2024: من يريد مساعدة "إسرائيل" على الخروج من ورطتها عليه الضغط على العدو لوقف عدوانه قبل الضغط على لبنان أو الحديث عن أي شيء آخر. الشيخ دعموش في اسبوع الشهيدين عبدالله الاسمر وعباس رمال 10-1-2024: إذا فرض العدو الحرب علينا فسنُريه من قدراتنا وبأسنا ما يجعله يندم على جرائمه وعدوانه. الشيخ دعموش في أسبوع الشهيد عبد الجليل حمزة في بلدة الخضر 07-01-2024: عمليّة ميرون نوعيّة واستراتيجيّة هزّت الكيان الصهيوني. الشيخ دعموش في اسبوع الشهيد حسين علي غزالة في بلدة عدلون 06-01-2024: المقاومة لن تقبل بفرض قواعد جديدة تمكّن العدو من التمادي في جرائمه. الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 05-01-2024: كلّ جرائم العدو لن تُثني المقاومة عن القيام ‏بواجبها.

دوافع وأهداف الإفتراء والاساءة لشخصية النبي(ص) (2)

سلسلة الاساءات والاهانات التي تعرض لها النبي تحت ذريعة حرية التعبير لم تكن عملاً فردياً كما يحاول البعضُ أن يروج، بل هي عملٌ تقف وراءه دولٌ غربية وأجهزةُ استخبارات عالمية، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية التي سمحت بإنتاج هذا النوع من الأعمال وعرضِها ونشرِها بحجة حرية التعبير.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قلنا في الحلقة الماضية إن شخصية النبي(ص) وسيرتَه العطرة تعرضتا لكثير من الافتراء والتشويه والاساة قديما وحديثا .

وقد ذكرنا شواهد ونماذج من هذا الافتراء وتلك الاساءة سواء التي صدرت في التاريخ أو في الحاضر.

والسؤال الذي يطرح في هذا المجال هو: لماذا كل هذا الافتراء على شخصية النبي وسيرته؟ وما هي أهدافُه وغاياتُه ؟

بطبيعة الحال فان الاهداف تختلف من مرحلة الى مرحلة فاهداف الاساءة لدى بعض الحكام الامويين في التاريخ تختلف عن اهداف الاساءة لدى المستشرقين والغربيين التي صدرت مؤخراً وان كانت تلتقي اهداف هؤلاء مع اهداف اولئك عند نقطة واحدة ومشتركة هي تشويه صورة النبي(ص) كمقدمة للنيل من صورة الاسلام والعقيدة الاسلامية والقران.

والحقيقة : ان الافتراء على النبي(ص)  قديما لا سيما في العصر الاموي لم يكن عفوياً أو مرتجلاً, بل كان وليد خطة معدة مسبقاً ولعل من اهم اهدافها :

أولاً: تبرير انحرافات الحكام, فانهم من خلال تشويههم لمعالم شخصية رسول الله ونسبةِ ما لا يليق به إليه من المواقف والتصرفات يستطيعون من خلال ذلك تبريرَ كلِ انحرافاتهم وتفاهاتهم وتصرفاتهم وسياساتهم السيئة, ويقللون من خلال ذلك من بشاعة ما يرتكبونه من انحرافات في أعين الناس, على اعتبار أنه ليس هناك فرق كبير بين تصرفات هؤلاء وبين تصرفات ومواقف الرجل القدوةِ والأسوة.

وثانيا: أنه لم تكن لدى الكثيرين من الحكام القناعة الكافية بأن محمداً(ص) نبي مرسل حقاً. وإنما كانوا يعتبرونه ملكاً أو حاكماً تولى أمور الناس في مرحلة زمنية ثم رحل, وهذا ما عبر عنه صراحة يزيدُ بنُ معاوية عندما تمثل بقول الشاعر:

   لعبت هاشمُ بالملك فلا                     خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل

كما أن الوليدَ بنَ يزيد كان يقول وهو يشير إلى رسول الله وإلى عدم اقتناعه بما جاء به:

   تلعب بالخلافة هاشمي                     بلا وحي أتاه ولا كتاب

   فقل لله يمنعني طعامي                    وقل لله يمنعني شرابي

وثالثاً: أنه كان لديهم حقد كبير على رسول الله وبغضٌ حقيقي له, وذلك بسبب ما فعله بآبائهم وأخوانهم وعشائرهم الذين حاربوا الإسلام في بدر وأحد وغيرِها فأرادوا أن يشوهوا صورةَ النبي وسيرتَه تنفيساً عن أحقادهم الدفينة.

   هذه هي بعض الأسباب والدوافع التي جعلت بعض الحكام في التاريخ يُقدمون على ارتكاب خيانة الاساءة للنبي(ص).

اما سلسلة الاساءات والاهانات التي تعرض لها النبي في السنوات الاخيرة والتي كان اخرَهَا الفيلمُ المسيء الذي صدر في الولايات المتحدة الامريكية والرسومُ الكاركتورية التي نشرت في فرنسا تحت ذريعة حرية التعبير فهذه ايضا لم تكنعملاً فردياً كما يحاول البعضُ أن يروج، بل هي عملٌ تقف وراءه دولٌ غربية وأجهزةُ استخبارات عالمية، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية التي سمحت بإنتاج هذا النوع من الأعمال وعرضِها ونشرِها بحجة حرية التعبير.

لقد أسقطت هذه الأعمال القناع عن الوجه الحقيقي للغرب، وكشفت عن كنه العداء الذي يضمرونه للإسلام بل ولكل ما هو مقدس وديني.

ولعل من الأهداف الخطيرة لهذا النوع من الإهانات التي يُوضع في واجهتها ـ أحياناً ـ جمعياتٌ مسيحية ورجالُ دينٍ مسيحيون هو إيقاعَ الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وجرَّ المسلمين والمسيحيين إلى صراع ديني طائفي دموي، وإضعافَ الإيمان الديني لدى الشعوب، وإبعادَهم عن رموزهم ومقدساتهم حتى لا تبقى مصدر قوتهم ووحدتهم وتماسكهم.

وثمة خشية حقيقية من أن يكون الفيلمُ المسيء الذي صدر مؤخراً في الولايات المتحدة أداةً في استراتيجية الحرب الناعمة التي تقودها الإدارة الأميركية ضد الإسلام وشعوبِ المنطقة، ومقدمةً لسلسلة أخرى من الإساءات التي يمكن إدراجُها في سياق هذه الحرب بغية تحقيق الأهداف المذكورة وغيرها..

ولكن حتى الآن يمكننا القول إنه تم بحمد الله تعطيل هذه الأهداف بفعل طريقة تعاطي الناس والقادة الروحيين والسياسيين، من مسلمين ومسيحيين، مع هذا النوع من الإساءات.. حيث إن خروج الملايين على امتداد العالمين العربي والإسلامي للتعبير عن استنكارهم لتلك الإهانات من جهة واحترامِهم وتقديسِهم لنبي الإسلام من جهة أخرى، ومسارعةَ قادةٍ مسيحيين دينيين وسياسيين، وفي مقدمهم البطاركةُ الكبار في المشرق، إلى إدانة الفيلم المسيء، واعتبارهم أن الإساءة للإسلام ولنبي الإسلام هي إساءة للمسيح وللمسيحية،  ان كل هذا كان له أثر بالغ في تعطيل هذه الأهداف الخطيرة.

بل إن محاولة الإساءة من خلال الفيلم السينمائي الأميركي أعطت مفعولاً معاكساً للنيات والأهداف التي كان يضمرها الأمريكيون والصهاينة، بعدما جرى تحويل هذه القضية، بفعل وعي الناس والقادة، من مشروع انقسام وفتنة إلى مناسبة لتأكيد الوحدة على المستوى الإسلامي الاسلامي، وعلى المستوى الإسلامي المسيحي.

وخلافاً لكل ما قيل أو قد يقال في الغرب وفي غيره تحت عنوان حرية التعبير أو حرية الرأي للنيل من الشخصية الإنسانية لرسول الله (ص).. فإن سيرة هذا النبي العظيم (ص) تكشف عن كماله وسموه الإنساني، وعن سلوك حضاري لم يعرف التاريخ مثيلاً له.

فقد عُرفت هذه الشخصية برجاحة العقل، وأصالة الفكر، وقوة الحكمة، وحسن التدبير، واشتُهرت بالطهر، والصدق، والأمانة، والعفاف، وامتازت بالأخلاق الإنسانية السامية، وبحسن معاشرتها للناس ومعاملتهم بالرفق، واللين، والرحمة، والعفو، والتسامح، والتواضع، والترفع عن إساءاتهم وتجاوزاتهم.

بل إن من يلقي نظرة على تاريخ النبي سيجد أنه (ص) كان قمة في الرحمة، والعطف، والحنان، واللين، وأنه كان أشفق الناس على الناس وأرأف الناس بالناس، ولأجل ذلك فقد اعتبر القرآن هذه الخصائص والصفات من أبرز معالم شخصيته الرسالية.

وقد قال الله تعالى وهو يصف رحمة النبي : [فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك].

وقال سبحانه: [لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم].

وقال عز وجل: [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين].

ويقول النبي (ص) عن نفسه : "إنما أنا رحمة مهداة"(4).

وعندما قيل له (ص) ادع على المشركين قال: "إني لم أبعث لعّاناً وإنّما بعثت رحمة"(5).

وقد شملت رحمته الجميع.. الرجال والنساء، والكبار، والصغار، الأصحاب والأعداء، في السلم وفي الحرب، في الإدارة والسياسة وفي مختلف المواقع.

 ومن عظيم رحمته التي خلدها التاريخ أنه عفى عن أهل مكة يوم الفتح، ووقف منهم موقفاً رحيماً، بالرغم من كل العذاب والآلام والمعاناة وأنواع الأذى التي واجهته بها قريش قبل الهجرة وبعدها، وبالرغم من مؤامراتها وحروبها وعدوانها وإرهابها الذي مارسته بحق المسلمين.

فقد وقف (ص) على باب الكعبة بعد الفتح مخاطباً أهل مكة: ما ترون أني فاعل بكم؟

قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم.

قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف: لا تثريب عليكم، اليوم يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء.

وعندما قال أحد أصحابه: اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة.

قال (ص): اليوم يوم المرحمة، اليوم تراعى الحرمة.

بهذه النفس الرحيمة وبهذا الخلق الإنساني الرفيع يعامل رسول الله (ص) أشد الناس عداوة له بعد أن تمكن منهم ومن رقابهم.

إن هذا الخلق النبوي الأصيل، لم ولن تستطيع أن تنال منه لا محاولات التشويه التي جرت في التاريخ ولا كل الإساءات التي جرت في الحاضر أو تلك التي يمكن أن تصدر في المستقبل.

   وكما قال الله تعالى:"يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون".

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 


(4) ـ مستدرك الحاكم: ج1، ص 35.

(5) ـ صحيح مسلم: