ماذا فعل الرسول (ص) بسبايا المشركين بعد معركة حنين ؟!..(50)
- المجموعة: لبيك يا رسول الله2
- 15 تشرين1/أكتوير 2013
- اسرة التحرير
- الزيارات: 3105
النبي يحاصر الطائف (50):
بعدما مُني المشركون من قبيلتي "هوازن" و"ثقيف" وغيرِهما بهزيمة نكراء على أيدي المسلمين في معركة "حنين" وفروا من ساحة المعركة توجه المشركون بقيادة مالكِ ابنِ عوف صوبَ الطائف, بينما تجمع بعضُهم في منطقة تدعى أوطاس, وتوجهت فئةٌ أخرى منهم نحو منطقة تسمى نخلة.
فقرر النبيُ (ص) ملاحقتهم ولم يتحْ لهم فرصةً يستردون فيها قِواهُم ويُعيدونَ تنظيمَ صفوفهم, فأرسل على الفور قوةً من فرسان المسلمين لمطاردة أولئك الذين توجهوا نحو منطقة نخلة, وأرسل قوةً ثانية كلفها بقتال المشركين في منطقة أوطاس. وفي أوطاس دارت معركةٌ بين المسلمين والمشركين تمكّنَ المسلمون بنتيجتها من أن يوقعوا بالمشركين شرَّ هزيمة.
المسلمون يغنمون ستة الآف من السبي :
وقد حصل المسلمون في معركة حنين وكذلك في أوطاس على غنائمَ كثيرة بلغت على حد بعض النصوص: ستةَ آلافٍ من السبي, وأربعةً وعشرين ألفَ بعير, وأربعين ألفَ شاةٍ واربعةَ آلافِ أُوقية من الفِضّة. وقد أمر رسول الله (ص) بحبس السبايا والأموال التي غنمها المسلمون في مكان يدعى "الجَعْرَانة", مجمّداً التصرفَ بها حتى يعودَ من مطاردة العدو الذي لجأ إلى الطائف, حيث تمكّنَ مالكُ بنُ عوف من الفرار مع جيش هوازن وثقيف إلى هناك, فانطلق النبيُ (ص) بجيش المسلمين نحو الطائف حيث اعتصم المنهزمون بحصونها القويةِ المنيعة وأعدوا العدةَ للقتال, فلما وصلها النبيُ (ص) نزل قريباً من تلك الحصون حيث اتخذ حولها مواقعَ للمقاتلين.
وجرت مناوشاتٌ بين الطرفين استشهد خلالها عددٌ من المسلمين بنبال العدو, الأمر الذي دفع بالنبي (ص) إلى إبعاد معسكره عن مدى النبال التي كانت تنطلقُ من حصون ثقيف, وفَرَضَ عليهم حصاراً محكماً حيث ظل يحاصرُهُم أكثرَ من عشرين يوماً وقد استمر القتال خلال هذه المدة - مدةِ الحصار - استمر القتال عنيفاً حيناً ومتقطعاً حيناً آخر, وقد استعمل المسلمون خلال حصارهم للمشركين آلات جديدة كالمنجنيق والدبابة لأول مرة وقد تمكّنتْ قوةٌ من المسلمين من الزحف بدباباتهم إلى جدار الطائف وبدأوا بخرقه لولا أن أرسلت عليه ثقيفٌ قِطَعاً من حديد محماةً بالنار اضطرتهم إلى الانسحاب. ورداً على المقاومة العنيفة التي أبداها المشركون, أمر النبيُ (ص) بتقطيع كروم قبيلة ثقيف المنتشرةِ في البساتين المجاورة لإرغامهم على الاستسلام ولكن من دون جدوى.
النبي (ص) يُوقف حصار الطائف :
عندها لم ير النبيُ (ص) ضرورة للاستمرار في حصار الطائف, وخاصة أنه (ص) أصبح على أبواب شهر ذي القعدة الذي هو من الأشهر الحرام, وكان (ص) يدرك أن الطائف ستجدُ نفسَها في يوم قريب أشبهَ بجزيرة منعزلة بعد أن بدأ الإسلام يعمُ المنطقة, وأنها ستسعى إليه عاجلاً أم آجلاً طالبةً الانتماء إلى الإسلام, إضافةً إلى أن النبي (ص) لم يعد يرى خطراً من ترك الطائف إلى فرصة أخرى ومعركةٍ حاسمة إن هي أصرت على موقفها المعادي للإسلام والمسلمين.
لهذه الأسباب وغيرِها, قرر النبي (ص) رفع الحصار عن الطائف وأمر بأن يُجهّز الناسُ أنفسهم للرحيل, فعاد المسلمون بعد أكثرَ من عشرين يوماً من حصارهم للمشركين عادوا إلى منطقة الجعرانة التي كانت قد جُمعتْ فيها السبايا والغنائمُ التي استولَوا عليها في معركة حنين.
مشركو الطائف يعلنون إسلامهم :
بعد رفع الحصار أدركت قبيلة هوازن حراجة الموقف وأن نساءهم وأموالهم ستصبحُ غنيمةً للمسلمين فيما لو أصروا على موقفهم المعادي للإسلام, وبنتيجة التداول فيما بينهم, إتفق رأيُ أكثريتهم على الاستسلام, فأرسلوا وفداً منهم إلى رسول الله (ص) وأعلنوا إسلامهم, وكان النبي (ص) لا يزال في منطقة الجَعرَانة, ثم تتابعت وفودُ هوازن معلنةً إسلامها أمام النبي (ص) فرد النبي (ص) عليهم نساءَهم وأموالهم, وجاء زعيمُهُم مالكُ بنُ عوف الذي كان قائدا لجيش المشركين في حنين والطائف, جاء إلى رسول الله (ص) فأسلم وردَّ عليه الرسولُ (ص) أهله وماله حيث كان قد وعده بذلك إن جاءه مسلماً.
بعد أن قسّم النبي (ص) غنائمَ معركة حنين على المقاتلين المسلمين في الجعرانة, رَجَعَ (ص) إلى مكة فأدى مناسك العمرة وولى عتَّابَ بنَ أُسَيدٍ أميراً على مكة, وأمر معاذَ بنَ جبل أن يبقى في مكة أيضاً من أجل تفقيهِ الناسَ في الدين وتعليمِهِم القرآن الكريم.
وعاد الرسول (ص) بالمهاجرين والأنصار إلى المدينة المنورة حيث دخلها في أواخر ذي القعدة من العام الثامن للهجرة بعد انتصارين من أعظم الانتصارات التي حققها في صراعه مع الوثنية والمشركين وهما: فتحُ مكة, وهزيمةُ جيشٍ مؤلفٍ من ثلاثينَ ألفَ مقاتل في معركة حنين, وبذلك قُضيَ على أكبر معاقل الشرك والوثنيةِ في المنطقة.
الشيخ علي دعموش