بعثة النبي(ص) وأول الناس إسلاماً
- المجموعة: 2015
- 15 أيار 2015
- اسرة التحرير
- الزيارات: 721
أن بعثة النبي (ص) كانت في السابع والعشرين من شهر رجب بعد عام الفيل، بأريعين عاما, وليس في شهر رمضان كما يعتقد بعض المسلمين, وكان عمره الشريف أربعين سنة, وكان قبل ذلك يتعبد لله في غار حراء، الذي يقع في أحد جبال مكة المكرمة
اعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن ما حققه المجاهدون في المقاومة في القلمون خلال الأيام القليلة الماضية هو إنجاز وانتصار كبير واستراتيجي حقق نتائج مهمة للبنان على صعيد مواجهة الإرهاب, فقد حمى بعض المناطق اللبنانية كالبلدات والقرى الممتدة بين الزبداني ويونين وحمى أهلنا فيها.. كما حمى العمق اللبناني الذي تشرف عليه التلال والجرود التي كان يسيطر عليها المسلحون، وحصن الأمن والاستقرارفي الداخل اللبناني الذي كان مهدداً بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة من قبل هذه الجماعات، وحرر بعض المناطق اللبنانية التي كانت تحت سيطرة التكفيريين الإرهابيين مثل خشعات وبعض الجرود اللبنانية.
وأشار: الى أن إسرائيل بعد الذي جرى في القلمون فهمت ان المقاومة في أتم جهوزيتها, وفي كامل قدرتها, وفي أفضل أوضاعها, وأن الحرب في سوريا لم تضعف المقاومة ولم تستنزف قدراتها بل زادت من قوتها وقدرتها وكفاءتها وخبرتها العسكرية.. وبرهنت على أنها قادرة على الهجوم والمباغتة واقتحام القلاع والجبال والتلال والوصول الى أعلى القمم بأقل الخسائر الممكنة.
ورأى: أن هذه الرسالة بليغة وعلى الإسرائيلي أن يدرك أبعادها ودلالاتها الاستراتيجية الكبيرة.
وأكد: ان الرسالة الأخرى التي يجب أن يفهمها كل من يعنيه الأمر في الداخل والخارج هي أنه ليس هناك من خطوط حمر أمام المقاومة في مواجهة المجموعات الإرهابية التي تهدد لبنان، وان المقاومة والمقاومين وحلفائهم سيكونون حيثما تقتضي معركة تحصين لبنان وحماية المقاومة..
نص الخطبة
يقول الله سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
المروي عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وأهل البيت أدرى بما فيه ، أن بعثة النبي (ص) كانت في السابع والعشرين من شهر رجب بعد عام الفيل، بأريعين عاما, وليس في شهر رمضان كما يعتقد بعض المسلمين, وكان عمره الشريف أربعين سنة, وكان قبل ذلك يتعبد لله في غار حراء، الذي يقع في أحد جبال مكة المكرمة, كان يمكث في هذا الغار طيلة شهر رمضان المبارك، من كل سنة، يتفرغ فيه للعبادة والتفكر والتأمل والتقرب الى الله سبحانه وتعالى,وكان بعبد الله على دين إبراهيم الخليل(ع) ويلتزم شريعته,وكانت زوجته السيدة خديجة (ع) تزوّده بما يحتاجه من طعام وشراب, وكان بدء نزول الوحي عليه في هذه الغار بواسطة الملاك الرسول جبرائيل الأمين (عليه السلام)، الذي بدأ يظهر للنبي (ص) بشكل مباشر في اللحظة التي بدأ فيها نزول الوحي عليه.
وأول ما نزل عليه من القرآن الكريم، كما يروي أهل البيت (ع) وغيرهم، هو قوله تعالى من سورة العلق :"اقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم". فرجع إلى بيته مطمئناً مستبشراً مسروراً فرحاً بما أكرمه الله به وبما شرفه الله به من النبوة والرسالة، ومطمئناً إلى المهمة الإلهية الموكلة إليه.
وكان النبي(ص) بمستوى هذا الحدث الإلهي الكبير، الذي أكرمه الله به، ولما دخل على السيدة خديجة أخبرها أن جبرائيل كلّمه وجها لوجه، وأخبرها بما أنزله الله سبحانه وتعالى عليه، وما سمعه من جبرائيل. فقالت له:"أبشر ، فوالله لا يفعل بك إلا خيرا، وأبشر فإنك رسول الله حقا".
وقد انتشر خبر نبوة النبي (ص) ونزول الوحي عليه في البداية في وسط محدود جداً، نظراً للسرية التي اتبعها النبي (ص) في المراحل الأولى من دعوته.
هذه السرية التي لم تكن بسبب الخوف والقلق على النفس, وإنما كانت من أجل حماية الدعوة, وتوفير المناخ الملائم لإنطلاقتها بعيداً عن تهديدات المشركين, لئلا يقضى عليها في مهدها.
وقد بادر عدد من الذين وصلهم خبر البعثة النبوية إلى تصديق النبي(ص) والإيمان برسالته.
ويوصف عادة الذين بادروا إلى اعتناق الإسلام قبل غيرهم بالسابقين. وقد كان السبق إلى الإسلام امتيازاً ومعياراً للفضل وللكرامة, فكان يقال عندما يراد مدح أحد :انه من السابقين.. ولذلك يجب أن نتعرّف عمن سبق الأخرين إلى الإيمان بالإسلام، أي من كان أول الناس إسلاما وإيمانا وتصديقاً برسول الله(ص)، من الرجال والنساء.
لقد اتفق المؤرخون والمحدّثون على أن علي بن أبي طالب (ع) هو أول الناس إسلاما وإيمانا وتصديقاً برسول الله محمد (ص), وكان عمره حين إسلامه عشر سنوات أو اثنتي عشر سنة، وقد ورد في بعض النصوص الصحيحة أن الرسول (ص) قد بعث نبياً يوم الإثنين وأن علياً أسلم وصلى معه يوم الثلاثاء.
وقد أورد العلامة الأميني في كتابه المعروف "الغدير" في الجزء الثالث وفي الجزء العاشر، أقوالاً عن عشرات من الصحابة والتابعين وغيرهم من العلماء, وعن العشرات من المصادر الإسلامية الشيعية والسنّية التي تؤكد أن علي بن أبي طالب(ع) هو أول إنسان إسلاما وإيمانا.
وقد روى الحاكم النيشابوري في كتابه "المستدرك عن الصحيحين" في الجزء الثالث في صفحة 136، بسند صحيح عن النبي الأعظم (ص) أنه قال : "أولكم وروداً علىَّ الحوض أولكم إسلاماً علي بن أبي طالب". وفي مسند أحمد بن حنبل، الجزء الخامس صفحة 126، أن النبي الأكرم قال :"علي بن أبي طالب أول أصحابي إسلاما".
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي حديد المعتزلي في جزء 13، في الصفحة 225، أن النبي (ص) أخذ بيد علي وقال :"هذا أول من آمن بي وصدقني وصلى معي". والإمام علي نفسه يصرّح في العديد من المناسبات بذلك.. فيقول عن نفسه: إنه لم يسبقه أحد في الصلاة مع النبي (ص)، وأنه أول من أسلم، وأنه الصدّيق الأكبر، وأنه لا يعرف أحداً في هذه الأمة عبد الله قبله غير النبي (ص)، وأنه صلى قبل أن يصلي الناس بسبع سنين.
أضافة إلى ذلك أن علياً (ع) احتج على خصومه السياسيين في أكثر من مناسبة بأنه أول من أسلم وآمن وصدّق بالنبي (ص), كما أن أصحابه من الصحابة والتابعين احتجوا على خصومهم في حرب صفين وغيرها بأن إمامهم علي بن أبي طالب (ع) أول الناس إسلاما, ولم نجد أحدا من أعدائه أو خصومه حاول إنكار ذلك أو التشكيك فيه. وهذا يدل دلالة واضحة على أن الإمام علي (ع) هو أول من أسلم وأمن وصدق بالرسول (ص) في هذه الأمة.
هذا على صعيد الرجال, أما على صعيد النساء فقد ذكر المؤرخون أن زوجة النبي السيدة خديجة بنت خويلد، هي المرأة الأولى التي آمنت وصدقت بالرسول (ص). وقد صلت مع رسول الله (ص) في اليوم الثاني من البعثة.
ويبدو من النصوص أن عليا سبق السيدة خديجة (ع) إلى الإسلام، وأسلم قبلها, وهذا ما يظهر من جملة "أول الناس إسلاماً" أو "أول الأمة إسلاماً"، الواردة في أحاديث النبي (ص)، التي ذكرناها, فانه ليس المقصود بالأمة أو الناس في تلك الأحاديث، خصوص الرجال، بل جميع المخلوقين رجالا ونساء.
فعندما يقال "أول الناس إسلاماً" يعني إنه لم يسبقه إلى الإسلام أحد لا من النساء ولا من الرجال, أم كيف يسبق علي حتى السيدة خديجة (ع) بالإسلام؟ وهي زوجة رسول الله التي يفترض أنها ألصق إنسان به؟ فيتضح ذلك لو عرفنا أن علياً (ع)كان ملازماً لرسول الله (ص) في كل مراحل حياته وفي كل خطواته لا يفارقه أبداً, ويبدو أنه كان معه حتى في اللحظة التي بعث فيه النبي (ص) .
وهذا ما يظهر من كلام الإمام علي (ع) وهو يصف أوضاعه مع رسول الله (ص) حيث يقول:"ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة؟.. فقال : هذا الشيطان قد آيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا إنك لست بنبي ولكنك لوزير وإنك لعلى خير".
وهذان السابقان الى الاسلام, علي وخديجة, كانا أيضاً من أكبر المساهمين في انتصار الاسلام وانتشاره ووصوله الى عقول وقلوب الناس.. وقدما التضحيات الكبيرة في سبيل ذلك, فقد قدمت خديجة كل مالها في سبيل الدين والعقيدة , ومن أجل تقوية المسلمين الفقراء ورفع الحرمان عنهم وتثبيتهم على الدين, أما علي(ع) فقد كان المجاهد الأول والمدافع الاول عن الاسلام, وقد وقف الى جانب النبي(ص) في كل المعارك وكان صاحب الراية فيها كلها.
نعم, لقد انتصر الإسلام بأموال خديجة(ع) وسيف علي(ع).
علي (ع) الذي كان بطل الإسلام, وشارك في كل معارك الإسلام, وقتل بسيفه فرسان المشركين واليهود في بدر وأحد والخندق وخيبر واقتلع حصونهم.. فصنع بذلك الفتح والانتصار للإسلام.
وهذا السيف نفسه الذي قاتل به علي (ع) المشركين, وقطع به رؤوس الشرك, وقضى به على فرسان اليهود, واقتحم به قلاعهم وحصونهم، هو نفسه الذي قاتل به علي (ع) فيما بعد الناكثين والقاسطين والمارقين الخوارج, وقطع به رؤوس الفتنة, وحمى به الإسلام والأمة من فتنهم وإرهابهم، لأن هؤلاء كانوا امتداداً لأولئك, فكانت المعركة هي المعركة, والسيف هو السيف, والذي تغير هو الزمان والمكان وبعض الوجوه والشعارات والشكليات ولكن الجوهر واحد والحقيقة واحدة.
واليوم المقاومة التي قاتلت العدو الصهيوني, وأخرجته مهزوماً من جزء عزيز وكبير من أرضنا, وواجهت عدوانه وإرهابه طيلة العقود الماضية.
والسلاح الذي قاتلنا به الإسرائيلي وقتلناه ولا زالنا نتوثب لقتاله به عند كل اعتداء.. هو نفسه الذي نقاتل به التكفيريين الإرهابيين في القلمون ونقطع به أدوات الفتنة ونحمي لبنان, لأن هؤلاء أيضاً هم امتداد لأولئك.. هم أدوات صغيرة في المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة.
ما حققه المجاهدون في المقاومة في القلمون خلال الأيام القليلة الماضية هو إنجاز وانتصار كبير واستراتيجي حقق نتائج مهمة للبنان على صعيد مواجهة الإرهاب. أقله أنه حمى بعض المناطق اللبنانية كالبلدات والقرى الممتدة بين الزبداني ويونين وحمى أهلنا فيها.. كما حمى العمق اللبناني الذي تشرف عليه التلال والجرود التي كان يسيطر عليها المسلحون، وحصن الأمن والاستقرارفي الداخل اللبناني الذي كان مهدداً بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة من قبل هذه الجماعات، وحرر بعض المناطق اللبنانية التي كانت تحت سيطرة التكفيريين الإرهابيين مثل خشعات وبعض الجرود اللبنانية، وقطع طرق إمداد المسلحين والمعابر التي كانوا يعبرون منها إلى لبنان, وألحق الهزيمة بالمسلحين الذين لم يبق أمامهم من خيار سوى الفرار من ساحة المواجهة.
ما جرى في القلمون يؤكد جهوزية المقاومة وقدرتها على الحسم في التوقيت المناسب برغم صعوبة المنطقة الجردية وتضاريسها المعقدة، ويوجه رسالة واضحة لإسرائيل التي استاءت مما حصل في القلمون, وكانت تتمنى أن تطول المعركة وأن لا تحقق المقاومة انتصاراً فيها.
إسرائيل بعد الذي جرى في القلمون فهمت ان المقاومة في أتم جهوزيتها, وفي كامل قدرتها, وفي أفضل أوضاعها, وأن الحرب في سوريا لم تضعف المقاومة ولم تستنزف قدراتها بل زادت من قوتها وقدرتها وكفاءتها وخبرتها العسكرية.. وبرهنت على أنها قادرة على الهجوم والمباغتة واقتحام القلاع والجبال والتلال والوصول الى أعلى القمم بأقل الخسائر الممكنة.
هذه هي الرسالة التي فهمها الإسرائيلي من الذي جرى في القلمون.. وهي رسالة بليغة عليه أن يدرك أبعادها ودلالاتها الاستراتيجية الكبيرة.
والرسالة الأخرى التي يجب أن يفهمها كل من يعنيه الأمر في الداخل والخارج هي أنه ليس هناك من خطوط حمر أمام المقاومة في مواجهة المجموعات الإرهابية التي تهدد لبنان، المقاومة والمقاومون وحلفاؤهم سيكونون حيثما تقتضي معركة تحصين لبنان وحماية المقاومة..
والحمد لله رب العالمين